أبو إبراهيم قوانيش
New member
بسم1
قال ابن جرير: "حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا محمد بن كثير، عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، قال: إنما نزل القرآن على قدر معرفتهم [1]، ألا ترى إلى قول الله تعالى ذكره: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا) وما جعل لهم من السهول أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب جبال، ألا ترى إلى قوله (وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ) ؟ وما جعل لهم من غير ذلك أعظم منه وأكثر، ولكنهم كانوا أصحاب وَبَر وَشَعر ألا ترى إلى قوله (وَيُنزلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ) يعجِّبهم من ذلك؟ وما أنزل من الثلج أعظم وأكثر، ولكنهم كانوا لا يعرفون به، ألا ترى إلى قوله (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) وما تقي من البرد، أكثر وأعظم؟ ولكنهم كانوا أصحاب حرّ " [2].هذا الأثر يؤخذ منه القاعدة: "نزل القرآن على قدر معرفة العرب" – على تعبير عطاء الخراساني - , و هي معروفة كالقاعدة: "تحمل نصوص الكتاب على معهود الأميين في الخطاب" [3] .
إنما نقلتُ هذا الأثر لأني أفرح فرحاً شديداً إذا عثرت على نصٍّ أثريٍّ فيه بيان لأصل من أصول التفسير, أو تقعيد لقواعده, و لا أدري هل هناك من حاول أن يجمع مثل هذه الآثار أم لا ؟
[1] في تفسير ابن كثير و الدر المنثور: "على قدر معرفة العرب"
[2] تفسير الطبري (17|271, تحقيق أحمد شاكر)
[3] انظر" قواعد التفسير" لخالد السبت (1|217 و ما بعدها)