محمد العبادي
مشارك فعال
- إنضم
- 30/09/2003
- المشاركات
- 2,157
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 38
- الإقامة
- الخُبر
- الموقع الالكتروني
- www.tafsir.net
[align=justify]
يتفاوت الكُتاَّب في طريقة عرضهم لأفكارهم، كما يتفاوت المتلقون في قدرتهم على الاستيعاب، وبقدر هذا التفاوت يكون الأثر المترتب عليه ابتعادا واقترابا من فهم المراد، وتحديدا لاتجاه الكاتب الذي يسير عليه ويدعو إليه، والأفكار التي يؤمن بها.
وتبرز أهمية الحديث عن هذا الأمر من خلال ما نشهده في حراكنا العلمي والثقافي من سوء فهم كثير من الأفكار، ووقوع كثير من الاعتراضات والاختلافات، بسبب فهم الفكرة فهما مشوها أو منقوصا، وتصنيف الكاتب وتحديد اتجاهه على أساس هذا الفهم، مما يدعو إلى الحديث عن ضرورة ضبط الطريقة التي نعرض بها أفكارنا، والمنهج الذي ينبغي أن نتلقى به الأفكار.
1/ فيما يخص طريقة عرض الأفكار فإن هناك جملة من الأسباب تجعل أفكارنا واضحة، ومقاصدنا جلية أمام المتلقي.
وأذكر هنا سببا من هذه الأسباب، له أهميته الكبرى، وهو: الالتزام بتقديم فكرة مكتملة عما نريد طرحه.
إن من أكثر أسباب سوء الفهم والخطأ في تحديد اتجاه الكاتب هو إغفاله لبعض جوانب الموضوع الذي يتحدث فيه، فيتوهم المتلقي أن هذا الكاتب منكر أو معارض لهذه الجوانب التي أغفلها.
ويظهر هذا الأمر جليا حينما يكون الهدف من الكتابة في الأصل هو الرد والتصحيح لخطأ شائع في أمر معين، فيُصنَّف الكاتب على أنه ينكر الاتجاه المقابل، أو ينتقص منه، بينما الحقيقة خلاف ذلك (1).
وهذا يحتم أن نقدم فكرة مكتملة عما نود الحديث عنه، فتصحيح الخطأ، والرد عليه لا ينبغي أن يكون مستأثرا بحديثنا، بل يجب مع هذا التصحيح أن نتبعه بأوجه الصواب والحق في الأمر المقابل، ولو على وجه الإجمال، حتى لا يفهم منا ما لا نقصد.
قد يقول قائل: وهل يلزمنا هذا في كل أمر نريد تصحيحه وانتقاده؟
الجواب: إن هذا لا يلزم، بل المقصود هو أن يكون حديثنا متنوعا، فإذا خصصنا موضوعا للرد والتصحيح على خطأ ما في جانب ما، فإنه يجب أن يكون لنا موضوع آخر بالمقابل يبين أوجه الحق والصواب في هذا الجانب، بحيث لا تغلب على كلامنا النزعة النقدية وحدها فُنصنَّف كنُقَّاد، بل المطلوب هو أن نسلك سبيل العلماء ونكون منظِّرين جيدين للأمور التي نؤمن بها، وهذا لا يتأتى إلا بسلوك منهج متوازن يجيد بيان الحق والمثال الصحيح كما يجيد النقد وتصحيح الأخطاء.
2/ أما ما يخص سوء الفهم العائد إلى المتلقي، فإن من أهم ما يجب أن يتحلى به الشخص في نفسه هو الحياد التام عند سماع أي رأي، بمعنى عدم التسرع بالحكم قبل أخذ الصورة مكتملة وضم أجزاء الكلام إلى بعضها.
فمن أكبر قوادح التلقي الصحيح: الحكم على الكاتب من خلال موقف معين.
وهذا يستوجب التحرر من ربقة الأفكار المسبقة، والسماع من المقابل بحياد تام، وعدم اجتزاء شيء من كلامه وجعله حكما على جميعه، بل نأخذ الكلام بعمومه، ونفهم كل مفردة منه بسياقها الخاص، حتى نضمن فهما صحيحا مطابقا للواقع ولمراد المقابل دون حيف أو شطط.
إذا تم لنا هذا الأمران: العرض المتوازن فيما نطرح، والفهم المحايد لما نتلقى فإن النتيجة ستكون إيجابية جدا، وسنجد أننا قد تخلصنا من كثير من الخلافات، واكتسبنا العقلية المثالية للتعامل مع الأفكار والأشخاص..
والله الموفق.
ـــــــ
(1) من الأمثلة على هذا ما نشهده من سجال حول التفسير العلمي للقرآن الكريم، حيث تصدى فريق لبيان هذا النوع من التفسير وسرد أمثلته والتأكيد على ثبوته، وانبرى فريق آخر لبيان الثغرات التي وقع فيها الفرق الأول: تصحيحا وتقويما.
والواقع أن أصل هذا النوع من التفسير وكثير من تطبيقاته هو مما يتفق عليه الفريقان، ولكن بسبب تفرغ كل منهما لنوع واحد من الطرح (التأكيد أو النقد) أصبح المتابع يصنف الأول على أنه مؤيد والآخر على أنه معارض، وليس هذا هو الواقع.
فقد يكون الأول متحمسا حقا، لكن انتقاد الآخر لا يعني أنه منكر (مباين) لهذا الاتجاه جملة وتفصيلا.
وعليه فينبغي أن يعتدل الأول في طرحه، ويتوخى الحق والصواب، كما ينبغي للثاني ألا يستأثر النقد بطروحاته، بل ينوع فيها، بحيث تكون له موضوعات يبين فيها ما يؤيده ويصححه من أمثلة هذا الموضوع..
وعلى هذا المثال تقاس الموضوعات الأخرى التي يكثر حولها النقاش والسجال.
الخميس 2 جمادى الأولى 1431
[/align]
يتفاوت الكُتاَّب في طريقة عرضهم لأفكارهم، كما يتفاوت المتلقون في قدرتهم على الاستيعاب، وبقدر هذا التفاوت يكون الأثر المترتب عليه ابتعادا واقترابا من فهم المراد، وتحديدا لاتجاه الكاتب الذي يسير عليه ويدعو إليه، والأفكار التي يؤمن بها.
وتبرز أهمية الحديث عن هذا الأمر من خلال ما نشهده في حراكنا العلمي والثقافي من سوء فهم كثير من الأفكار، ووقوع كثير من الاعتراضات والاختلافات، بسبب فهم الفكرة فهما مشوها أو منقوصا، وتصنيف الكاتب وتحديد اتجاهه على أساس هذا الفهم، مما يدعو إلى الحديث عن ضرورة ضبط الطريقة التي نعرض بها أفكارنا، والمنهج الذي ينبغي أن نتلقى به الأفكار.
1/ فيما يخص طريقة عرض الأفكار فإن هناك جملة من الأسباب تجعل أفكارنا واضحة، ومقاصدنا جلية أمام المتلقي.
وأذكر هنا سببا من هذه الأسباب، له أهميته الكبرى، وهو: الالتزام بتقديم فكرة مكتملة عما نريد طرحه.
إن من أكثر أسباب سوء الفهم والخطأ في تحديد اتجاه الكاتب هو إغفاله لبعض جوانب الموضوع الذي يتحدث فيه، فيتوهم المتلقي أن هذا الكاتب منكر أو معارض لهذه الجوانب التي أغفلها.
ويظهر هذا الأمر جليا حينما يكون الهدف من الكتابة في الأصل هو الرد والتصحيح لخطأ شائع في أمر معين، فيُصنَّف الكاتب على أنه ينكر الاتجاه المقابل، أو ينتقص منه، بينما الحقيقة خلاف ذلك (1).
وهذا يحتم أن نقدم فكرة مكتملة عما نود الحديث عنه، فتصحيح الخطأ، والرد عليه لا ينبغي أن يكون مستأثرا بحديثنا، بل يجب مع هذا التصحيح أن نتبعه بأوجه الصواب والحق في الأمر المقابل، ولو على وجه الإجمال، حتى لا يفهم منا ما لا نقصد.
قد يقول قائل: وهل يلزمنا هذا في كل أمر نريد تصحيحه وانتقاده؟
الجواب: إن هذا لا يلزم، بل المقصود هو أن يكون حديثنا متنوعا، فإذا خصصنا موضوعا للرد والتصحيح على خطأ ما في جانب ما، فإنه يجب أن يكون لنا موضوع آخر بالمقابل يبين أوجه الحق والصواب في هذا الجانب، بحيث لا تغلب على كلامنا النزعة النقدية وحدها فُنصنَّف كنُقَّاد، بل المطلوب هو أن نسلك سبيل العلماء ونكون منظِّرين جيدين للأمور التي نؤمن بها، وهذا لا يتأتى إلا بسلوك منهج متوازن يجيد بيان الحق والمثال الصحيح كما يجيد النقد وتصحيح الأخطاء.
2/ أما ما يخص سوء الفهم العائد إلى المتلقي، فإن من أهم ما يجب أن يتحلى به الشخص في نفسه هو الحياد التام عند سماع أي رأي، بمعنى عدم التسرع بالحكم قبل أخذ الصورة مكتملة وضم أجزاء الكلام إلى بعضها.
فمن أكبر قوادح التلقي الصحيح: الحكم على الكاتب من خلال موقف معين.
وهذا يستوجب التحرر من ربقة الأفكار المسبقة، والسماع من المقابل بحياد تام، وعدم اجتزاء شيء من كلامه وجعله حكما على جميعه، بل نأخذ الكلام بعمومه، ونفهم كل مفردة منه بسياقها الخاص، حتى نضمن فهما صحيحا مطابقا للواقع ولمراد المقابل دون حيف أو شطط.
إذا تم لنا هذا الأمران: العرض المتوازن فيما نطرح، والفهم المحايد لما نتلقى فإن النتيجة ستكون إيجابية جدا، وسنجد أننا قد تخلصنا من كثير من الخلافات، واكتسبنا العقلية المثالية للتعامل مع الأفكار والأشخاص..
والله الموفق.
ـــــــ
(1) من الأمثلة على هذا ما نشهده من سجال حول التفسير العلمي للقرآن الكريم، حيث تصدى فريق لبيان هذا النوع من التفسير وسرد أمثلته والتأكيد على ثبوته، وانبرى فريق آخر لبيان الثغرات التي وقع فيها الفرق الأول: تصحيحا وتقويما.
والواقع أن أصل هذا النوع من التفسير وكثير من تطبيقاته هو مما يتفق عليه الفريقان، ولكن بسبب تفرغ كل منهما لنوع واحد من الطرح (التأكيد أو النقد) أصبح المتابع يصنف الأول على أنه مؤيد والآخر على أنه معارض، وليس هذا هو الواقع.
فقد يكون الأول متحمسا حقا، لكن انتقاد الآخر لا يعني أنه منكر (مباين) لهذا الاتجاه جملة وتفصيلا.
وعليه فينبغي أن يعتدل الأول في طرحه، ويتوخى الحق والصواب، كما ينبغي للثاني ألا يستأثر النقد بطروحاته، بل ينوع فيها، بحيث تكون له موضوعات يبين فيها ما يؤيده ويصححه من أمثلة هذا الموضوع..
وعلى هذا المثال تقاس الموضوعات الأخرى التي يكثر حولها النقاش والسجال.
الخميس 2 جمادى الأولى 1431
[/align]