ا
ابو زيد
Guest
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد00
نحت الألفاظ وصناعة المصطلحات000(مصطلح إسلامي نموذجا)[/align]
الإشكال هو عدم التفرقة بين الأسماء والمسميات ، فقد تنشأ التسمية متراخية عن المسمى ، فلا يعني عدم الاسم و نشوئه بعد ذلك لا يدل على عدم وجود المسمى ، فالمسمى غالبا قبل الاسم ، فكم من الأشياء/المسميات موجودة حين من الدهر لا أسماء لها ، ثم يوجد لها الناس أسماء تدل عليها فهذا مما فطر عليه الناس وهو ابتكار الأسماء للأشياء .
فليس إطلاق الاسم على مسمى يناسبه بدع من القول بل أمر طبيعي فطري ، فما بالنا ما إن يطرح لفظ /اسم ، يناسب معنى/مسمى موجود ومتوافر فإذا بالنقد غير البناء الذي لا يقوم على أس متين من العلم ، و إذ بالقضية تصبح وكأنها قضية القضايا من غير ما برهان و لا دليل ولا تحقيق علمي .
بل نرى تشنج عاطفي ينم عن طابع هجائي ، وكل يستطيع أن يقول قولا كهذا ، أما إيجاد تقعيد وتأصيل وتأنق في العبارة ، فهذا مالا سبيل إليه ، إلا أن يكون كل واحد منا طلعة في فن من الفنون خاصة العلوم التراثية يتقن مسائله ودلائله ومصطلحاته التي تخصه ، مع إدراك قضايا عصرنا ، ففقه الوقع مطلب شرعي.
فالأسماء و المصطلحات التي تطرح بإزاء هذا المعنى أو ذاك فهذا مما تتطلبه أي مرحلة من مراحل أمة تريد لنفسها العزة و الكرامة ، فلا إشكال إذن في صناعة المصطلح المناسب لتصف به الأمة كل مرحلة من مراحل نضجها ، وإن تبدأ في البدايات نقصان و تقصير فهذا مما لابد منه ، فمراحل الطفولة يعتوروها الضعف غالبا و لكن ما أن تلبث مليا حتى تشب عن الطوق في فتوة و اكتمال .
فإن نحن ثربنا وأكثرنا الهجاء كالاعتراض على ما استجد من ألفاظ تصف يقظة الأمة (كمصطلح الصحوة الإسلامية ، الأدب الإسلامي ، الشريط الإسلامي ، الفكر الإسلامي ....الخ ) فإننا نحمل الموضوع أكثر مما يحتمل بل هذا هو الداء العضال ، وهو عداوة الأمة لنفسها ، فانتقاص مصطلحات كهذه فهو في حقيقة الأمر ينصب أصالة على المحتوى شاء فاعل ذلك أو لم يشائه.
وصناعة المصطلحات وهو أن تنشأ مصطلحات جديدة في أي ثقافة ما فهذا ما لا سبيل إلى إنكاره بل أمر طبيعي لا يمكن أن تنهض أمة إلا بصناعة معجمها الذي هو محتوى ثقافتها أي اللغة العلمية التي تعبر بها تلك الأمة عن ذاتها وهويتها وعلومها وتاريخها.
فأمتنا كانت في غياب وتغييب عن دينها وثقافتها فلما كتب لها أن تفيق وتستيقظ كان من حقها أن تعبر عن إسلامها في شموليته و كماله ، وأنه الطريق الوحيد لحل أزمة العالم أجمع ، فضلا عن الأمة الإسلامية ذاتها ، وكان من المناسب أن تنحت من الألفاظ ما يناسب مرحلة استيقاظها .
فهذا الفن وهو صناعة المصطلح ظاهرة حضارية بل سمة فطرية فطر الله آدم عليها [ وعلم آدم الأسماء كلها ].
ونحن نعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مات و قد اكتمل النص القرآني و النص النبوي و هما النصان المركزيان في تأسيس العلوم كافة في الثقافة الإسلامية ، فكل علم نشأ- في ظل هذان النصان الشريفان- له مصطلحاته التي تخصه بل ظهرت ألفاظ و مصطلحات لم تأتي في النصان الشريفان ولم يقلها الصحابة ، و مع ذلك لم ينكرها فطاحلة العلم لأن دلالتها صحيحة ، وأتت متوافقة مع ما أتت به الشريعة ، فما موقفنا لو أن الشافعي بلور كتابه الرسالة في عصرنا و ما مصير الشاطبي لو ابتكر موفقاته في زماننا ونحن نعلم أن كتابهما مليآن بمبتكرات من الاصطلاح و دقائق من العلم تقصر هممنا أن تمثلها فضلا أن نبدع و نبتكر.
فهذا الإبداع و الابتكار من الشافعي و ألشاطبي فيما يخص الشريعة في صميمها أمر مما يحمد لهما .
فلما إذن ننكر مصطلحات معاصرة تعبر عن حالة أمتنا الراهنة في حال استيقاظها جذر تلك المصطلحات يضرب في عمق أصالتها ، ولم يخرج عن قانون لغتها.
فإذا ما وسعنا النقد لكل ما يجد من مصطلح و لفظ بأسلوب هجائي من غير ما تحقيق فهذه سطحية فكرية مفرطة تنم أنا نجتر الكلام اجترارا ، أما من كشف عن مصطلح مثقل بمضمون من المعنى لا استقامة فيه فهذا مطلب لا جدال في أهمية حصوله ،وجودة مثل هذا النقد .
أما إذا كان ديدننا الاستهزاء بمثل تلك المصطلحات فاستهزائنا أخطر مما تحمل تلك المصطلحات من أخطاء لو سلمنا جدلا بأن محتواها يحمل شيء من ذلك ، فالأمر جد خطير فيما لو سحب هذا الحكم على كل لفظ لم ترد به الشريعة على أنه بدع من القول خاصة مصطلحات العلوم الصحيحة
ونحن نعلم أن( السلف لم يكرهوا التكلم بالجوهر و الجسم و العرض و نحو ذلك لمجرد كونه اصطلاحا جديدا على معان صحيحة ، كالاصطلاح على ألفاظ العلوم الصحيحة ، ولا كرهوا أيضا الدلالة على الحق و المحاجة لأهل الباطل ، بل كرهوا لاشتماله على أمور كاذبة مخالفة للحق...). انظر/ شرح العقيدة الطاوية (ص/13)
فما هو الإشكال إذا كان اللفظ/المصطلح جديدا صحيحا يحمل معنا سليما؟! ، أم هي عقدة الخوف من الجديد مهما كان بسيطا ، أم هي اللوثة الفكرية التي يطرحها التيار اللبرالي النقدي الجديد و الذي يمثله كثر نذكر منهم على سبيل المثال أركون ، والجابري ، وحنفي ، وجلال العظم ... وغيرهم في نقد التراث الذي يعدونه هو الأساس المعرفي الذي رجعت له الأمة عند استيقاظها ، فكان لهم عدة منهجيات في كيفية التعامل مع الوقع الجديد وهو ظهور الصحوة الإسلامية ، وتعامل مع التراث الذي يعدون الرجوع إليه نكسة وردة إلى الوراء ، فكان ثمرة جهدهم الاتفاق على أنه يجب علينا تجاوز هذا التراث الذي يعبر عنه بأنه إسلامي ، و أن نعلن موته ، والانقطاع معه .
فالمصطلحات التي استجدت - إبان صحوة الأمة من رقدتها و رجوعها إلى الإسلام - لا مشكل فيها فإن ذلك مما تتطلبه المرحلة فكوننا لا نجد لهذه المصطلحات مثيلا في تراث الأمة قديما فإن يعود لطبيعة تلك المرحلة الماضية الزاهرة ، فالأمة كانت صاحبة القيادة و السيادة فلا تحتاج إلى أن تصف شيء بأنه إسلامي مثل ما هو حاصل في زماننا هذا لأن الأمة كانت تحيى دينها في كل شيء فكانت لهذا الدين الهيمنة المطلقة على كل شيء فهو محدث التغير ومعطي التفسير .
فأما المرحلة المعاصرة التي تمر بها الأمة الآن فهيا مرحلة تحدي خطير من جهات متعددة ما هو داخلي ممثلا في شعارات ( قومية ، واشتراكية ، ولبرالية ، وإحداثية ، وعلمانية ) التي ظهر زيفها بعد عام 1967م فكان هذا التاريخ نقطة تحول في تاريخ الأمة في أن تطرح مشروعها الإسلامي على يد كثير من أبنائها الذين تكشف لهم زيف تلك الشعارات ، ولعل سيد قطب – رحمه الله – نموذجا لمثل ذلك الجيل من أبناء الأمة .
فكان بدهيا أن ما كان يوصف بأنه قومي أو اشتراكي أو لبرالي أو حداثي أو علماني في ظل مثل هذا التحول أن توصف حيثيات المشروع الإسلامي بأنها إسلامية للبرهنة على الخصوصية ، وصناعة هوية الأمة من جديد.
أما التحدي الخارجي فما هو إلا نموذجا يبرهن على مصداقية ما نذهب إليه من أصالة المشروع الإسلامي ، فما إرادة الغرب الصارمة في وأده في مهده ، إلا أدل دليلا على أنه يمثل التحدي الحضاري للمشروع الديمقراطي الغربي في كافة مجالات الحياة ( في تصور الإنسان للكون و للإنسان ذاته و في تفاعل الإنسان مع الحياة في نشاطه المتعدد الأسري و الاجتماعي و السياسي والاقتصادي ... الخ ) كل ما ذكر أتى الإسلام بما يشفي ويقنع ، ويغني عن نتاج الحضارة الغربية ، خاصة في مجال الدين والقيم ، فلو صدق العزم منا لا أخرجنا من تراثنا كنوز من المعارف تحل مشاكلنا بل مشاكل عصرنا ، نصفها بأنها إسلامية في استمدادها وفي تطبيقها ، وما منازعة من ينازع في ذلك إلا هوى نفس غلب صاحبه، أو لم ينل من العلم ما يحقق به ما يرمي إليه .
وخاتمة ما قبل الخاتمة:
أن فتح سجالات باسم العلم أحيانا ، أو الفكر أحيانا أخرى ، مثل ما نحن بصدده فهذا مما نحن في غنا عنه ، فالأولى بنا نحن شباب الأمة أن نعد أنفسنا إعدادا علمي رصين بعيدا عن مهازل الأفكار التي قد تم لفظها ردحا من الزمان أما اجترار الأقوال و الأفكار التي لا سمين فيها ، فهذا مما ينبغي تجاوزه و الانقطاع عنه .
وختاما:
هذا والله أعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا.
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد00
نحت الألفاظ وصناعة المصطلحات000(مصطلح إسلامي نموذجا)[/align]
الإشكال هو عدم التفرقة بين الأسماء والمسميات ، فقد تنشأ التسمية متراخية عن المسمى ، فلا يعني عدم الاسم و نشوئه بعد ذلك لا يدل على عدم وجود المسمى ، فالمسمى غالبا قبل الاسم ، فكم من الأشياء/المسميات موجودة حين من الدهر لا أسماء لها ، ثم يوجد لها الناس أسماء تدل عليها فهذا مما فطر عليه الناس وهو ابتكار الأسماء للأشياء .
فليس إطلاق الاسم على مسمى يناسبه بدع من القول بل أمر طبيعي فطري ، فما بالنا ما إن يطرح لفظ /اسم ، يناسب معنى/مسمى موجود ومتوافر فإذا بالنقد غير البناء الذي لا يقوم على أس متين من العلم ، و إذ بالقضية تصبح وكأنها قضية القضايا من غير ما برهان و لا دليل ولا تحقيق علمي .
بل نرى تشنج عاطفي ينم عن طابع هجائي ، وكل يستطيع أن يقول قولا كهذا ، أما إيجاد تقعيد وتأصيل وتأنق في العبارة ، فهذا مالا سبيل إليه ، إلا أن يكون كل واحد منا طلعة في فن من الفنون خاصة العلوم التراثية يتقن مسائله ودلائله ومصطلحاته التي تخصه ، مع إدراك قضايا عصرنا ، ففقه الوقع مطلب شرعي.
فالأسماء و المصطلحات التي تطرح بإزاء هذا المعنى أو ذاك فهذا مما تتطلبه أي مرحلة من مراحل أمة تريد لنفسها العزة و الكرامة ، فلا إشكال إذن في صناعة المصطلح المناسب لتصف به الأمة كل مرحلة من مراحل نضجها ، وإن تبدأ في البدايات نقصان و تقصير فهذا مما لابد منه ، فمراحل الطفولة يعتوروها الضعف غالبا و لكن ما أن تلبث مليا حتى تشب عن الطوق في فتوة و اكتمال .
فإن نحن ثربنا وأكثرنا الهجاء كالاعتراض على ما استجد من ألفاظ تصف يقظة الأمة (كمصطلح الصحوة الإسلامية ، الأدب الإسلامي ، الشريط الإسلامي ، الفكر الإسلامي ....الخ ) فإننا نحمل الموضوع أكثر مما يحتمل بل هذا هو الداء العضال ، وهو عداوة الأمة لنفسها ، فانتقاص مصطلحات كهذه فهو في حقيقة الأمر ينصب أصالة على المحتوى شاء فاعل ذلك أو لم يشائه.
وصناعة المصطلحات وهو أن تنشأ مصطلحات جديدة في أي ثقافة ما فهذا ما لا سبيل إلى إنكاره بل أمر طبيعي لا يمكن أن تنهض أمة إلا بصناعة معجمها الذي هو محتوى ثقافتها أي اللغة العلمية التي تعبر بها تلك الأمة عن ذاتها وهويتها وعلومها وتاريخها.
فأمتنا كانت في غياب وتغييب عن دينها وثقافتها فلما كتب لها أن تفيق وتستيقظ كان من حقها أن تعبر عن إسلامها في شموليته و كماله ، وأنه الطريق الوحيد لحل أزمة العالم أجمع ، فضلا عن الأمة الإسلامية ذاتها ، وكان من المناسب أن تنحت من الألفاظ ما يناسب مرحلة استيقاظها .
فهذا الفن وهو صناعة المصطلح ظاهرة حضارية بل سمة فطرية فطر الله آدم عليها [ وعلم آدم الأسماء كلها ].
ونحن نعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مات و قد اكتمل النص القرآني و النص النبوي و هما النصان المركزيان في تأسيس العلوم كافة في الثقافة الإسلامية ، فكل علم نشأ- في ظل هذان النصان الشريفان- له مصطلحاته التي تخصه بل ظهرت ألفاظ و مصطلحات لم تأتي في النصان الشريفان ولم يقلها الصحابة ، و مع ذلك لم ينكرها فطاحلة العلم لأن دلالتها صحيحة ، وأتت متوافقة مع ما أتت به الشريعة ، فما موقفنا لو أن الشافعي بلور كتابه الرسالة في عصرنا و ما مصير الشاطبي لو ابتكر موفقاته في زماننا ونحن نعلم أن كتابهما مليآن بمبتكرات من الاصطلاح و دقائق من العلم تقصر هممنا أن تمثلها فضلا أن نبدع و نبتكر.
فهذا الإبداع و الابتكار من الشافعي و ألشاطبي فيما يخص الشريعة في صميمها أمر مما يحمد لهما .
فلما إذن ننكر مصطلحات معاصرة تعبر عن حالة أمتنا الراهنة في حال استيقاظها جذر تلك المصطلحات يضرب في عمق أصالتها ، ولم يخرج عن قانون لغتها.
فإذا ما وسعنا النقد لكل ما يجد من مصطلح و لفظ بأسلوب هجائي من غير ما تحقيق فهذه سطحية فكرية مفرطة تنم أنا نجتر الكلام اجترارا ، أما من كشف عن مصطلح مثقل بمضمون من المعنى لا استقامة فيه فهذا مطلب لا جدال في أهمية حصوله ،وجودة مثل هذا النقد .
أما إذا كان ديدننا الاستهزاء بمثل تلك المصطلحات فاستهزائنا أخطر مما تحمل تلك المصطلحات من أخطاء لو سلمنا جدلا بأن محتواها يحمل شيء من ذلك ، فالأمر جد خطير فيما لو سحب هذا الحكم على كل لفظ لم ترد به الشريعة على أنه بدع من القول خاصة مصطلحات العلوم الصحيحة
ونحن نعلم أن( السلف لم يكرهوا التكلم بالجوهر و الجسم و العرض و نحو ذلك لمجرد كونه اصطلاحا جديدا على معان صحيحة ، كالاصطلاح على ألفاظ العلوم الصحيحة ، ولا كرهوا أيضا الدلالة على الحق و المحاجة لأهل الباطل ، بل كرهوا لاشتماله على أمور كاذبة مخالفة للحق...). انظر/ شرح العقيدة الطاوية (ص/13)
فما هو الإشكال إذا كان اللفظ/المصطلح جديدا صحيحا يحمل معنا سليما؟! ، أم هي عقدة الخوف من الجديد مهما كان بسيطا ، أم هي اللوثة الفكرية التي يطرحها التيار اللبرالي النقدي الجديد و الذي يمثله كثر نذكر منهم على سبيل المثال أركون ، والجابري ، وحنفي ، وجلال العظم ... وغيرهم في نقد التراث الذي يعدونه هو الأساس المعرفي الذي رجعت له الأمة عند استيقاظها ، فكان لهم عدة منهجيات في كيفية التعامل مع الوقع الجديد وهو ظهور الصحوة الإسلامية ، وتعامل مع التراث الذي يعدون الرجوع إليه نكسة وردة إلى الوراء ، فكان ثمرة جهدهم الاتفاق على أنه يجب علينا تجاوز هذا التراث الذي يعبر عنه بأنه إسلامي ، و أن نعلن موته ، والانقطاع معه .
فالمصطلحات التي استجدت - إبان صحوة الأمة من رقدتها و رجوعها إلى الإسلام - لا مشكل فيها فإن ذلك مما تتطلبه المرحلة فكوننا لا نجد لهذه المصطلحات مثيلا في تراث الأمة قديما فإن يعود لطبيعة تلك المرحلة الماضية الزاهرة ، فالأمة كانت صاحبة القيادة و السيادة فلا تحتاج إلى أن تصف شيء بأنه إسلامي مثل ما هو حاصل في زماننا هذا لأن الأمة كانت تحيى دينها في كل شيء فكانت لهذا الدين الهيمنة المطلقة على كل شيء فهو محدث التغير ومعطي التفسير .
فأما المرحلة المعاصرة التي تمر بها الأمة الآن فهيا مرحلة تحدي خطير من جهات متعددة ما هو داخلي ممثلا في شعارات ( قومية ، واشتراكية ، ولبرالية ، وإحداثية ، وعلمانية ) التي ظهر زيفها بعد عام 1967م فكان هذا التاريخ نقطة تحول في تاريخ الأمة في أن تطرح مشروعها الإسلامي على يد كثير من أبنائها الذين تكشف لهم زيف تلك الشعارات ، ولعل سيد قطب – رحمه الله – نموذجا لمثل ذلك الجيل من أبناء الأمة .
فكان بدهيا أن ما كان يوصف بأنه قومي أو اشتراكي أو لبرالي أو حداثي أو علماني في ظل مثل هذا التحول أن توصف حيثيات المشروع الإسلامي بأنها إسلامية للبرهنة على الخصوصية ، وصناعة هوية الأمة من جديد.
أما التحدي الخارجي فما هو إلا نموذجا يبرهن على مصداقية ما نذهب إليه من أصالة المشروع الإسلامي ، فما إرادة الغرب الصارمة في وأده في مهده ، إلا أدل دليلا على أنه يمثل التحدي الحضاري للمشروع الديمقراطي الغربي في كافة مجالات الحياة ( في تصور الإنسان للكون و للإنسان ذاته و في تفاعل الإنسان مع الحياة في نشاطه المتعدد الأسري و الاجتماعي و السياسي والاقتصادي ... الخ ) كل ما ذكر أتى الإسلام بما يشفي ويقنع ، ويغني عن نتاج الحضارة الغربية ، خاصة في مجال الدين والقيم ، فلو صدق العزم منا لا أخرجنا من تراثنا كنوز من المعارف تحل مشاكلنا بل مشاكل عصرنا ، نصفها بأنها إسلامية في استمدادها وفي تطبيقها ، وما منازعة من ينازع في ذلك إلا هوى نفس غلب صاحبه، أو لم ينل من العلم ما يحقق به ما يرمي إليه .
وخاتمة ما قبل الخاتمة:
أن فتح سجالات باسم العلم أحيانا ، أو الفكر أحيانا أخرى ، مثل ما نحن بصدده فهذا مما نحن في غنا عنه ، فالأولى بنا نحن شباب الأمة أن نعد أنفسنا إعدادا علمي رصين بعيدا عن مهازل الأفكار التي قد تم لفظها ردحا من الزمان أما اجترار الأقوال و الأفكار التي لا سمين فيها ، فهذا مما ينبغي تجاوزه و الانقطاع عنه .
وختاما:
هذا والله أعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا.