مَنْ هو الذي عَبَسَ وتولى في قوله تعالى :(عبس وتولى) ؟

إنضم
11/06/2008
المشاركات
17
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
رد الدكتور محمد أبو زيد الفقي على من ينسبون العبوس والتولى للرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه فى سورة عبس

(1)
[M]http://www.youtube.com/watch?v=ZmIo0jj5gBI[/M]

(2)
[M]http://www.youtube.com/watch?v=AGrYaeKZJmM[/M]

(3)
[M]http://www.youtube.com/watch?v=jLp1FkdLoRM[/M]​
 
(4)
[M]http://www.youtube.com/watch?v=1BIL-ExJeIQ[/M]

(5)
[M]http://www.youtube.com/watch?v=_NtuDcHQdfo[/M]

(6)
[M]http://www.youtube.com/watch?v=E5EvMIQUbaM[/M]​
 
ربنا يهدينا ويهديه
ما ترك أحدا من المفسرين.........
ثم جاء بهذا الكلام الملتوي الذي لا يستقيم
إذا كان الأعمى لا يرى وجه الرسول صل1
فإن الله يرى وجه الرسول صل1
وليس في السورة ما يقدح في خلق النبي صل1 إطلاقا
وإنما كان القرآن يوجه النبي صل1 في جميع مراحل الدعوة إلى ما هو الأكمل
ويكفي في ثبوت الحادثة إجماع المفسرين عليها
والله أعلم
 
قال الرازي:
"( عبس وتولى أن جاءه الأعمى ) وفي الآية مسائل :

المسألة الأولى : أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن أم مكتوم - وأم مكتوم أم أبيه واسمه عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري من بني عامر بن لؤي - وعنده صناديد قريش : عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل بن هشام ، والعباس بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة يدعوهم إلى الإسلام، رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم، فقال للنبي -صلى الله عليه وسلم- : أقرئني وعلمني مما علمك الله، وكرر ذلك، فكره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطعه لكلامه، وعبس وأعرض عنه فنزلت هذه الآية، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكرمه، ويقول إذا رآه : " مرحبا بمن عاتبني فيه ربي " ويقول : هل لك من حاجة، واستخلفه على المدينة مرتين، وفي الموضع سؤالات :

الأول : أن ابن أم مكتوم كان يستحق التأديب والزجر، فكيف عاتب الله رسوله على أن أدب ابن أم مكتوم وزجره؟ وإنما قلنا : إنه كان يستحق التأديب لوجوه :

أحدها : أنه وإن كان لفقد بصره لا يرى القوم، لكنه لصحة سمعه كان يسمع مخاطبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أولئك الكفار ، وكان يسمع أصواتهم أيضا، وكان يعرف بواسطة استماع تلك الكلمات شدة اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بشأنهم، فكان إقدامه على قطع كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- وإلقاء غرض نفسه في البين قبل تمام غرض النبي إيذاء للنبي عليه الصلاة والسلام، وذلك معصية عظيمة .

وثانيها : أن الأهم مقدم على المهم، وهو كان قد أسلم وتعلم ما كان يحتاج إليه من أمر الدين، أما أولئك الكفار فما كانوا قد أسلموا، وهو إسلامهم سببا لإسلام جمع عظيم، فإلقاء ابن أم مكتوم ذلك الكلام في البين كالسبب في قطع ذلك الخير العظيم، لغرض قليل وذلك محرم .


وثالثها : أنه تعالى قال : ( إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ) [الحجرات : 4] فنهاهم عن مجرد النداء إلا في الوقت، فهاهنا هذا النداء الذي صار كالصارف للكفار عن قبول الإيمان وكالقاطع على الرسول أعظم مهماته، أولى أن يكون ذنبا ومعصية، فثبت بهذا أن الذي فعله ابن أم مكتوم كان ذنبا ومعصية، وأن الذي فعله الرسول كان هو الواجب، وعند هذا يتوجه السؤال في أنه كيف عاتبه الله تعالى على ذلك الفعل؟

السؤال الثاني : أنه تعالى لما عاتبه على مجرد أنه عبس في وجهه، كان تعظيما عظيما من الله سبحانه لابن أم مكتوم، وإذا كان كذلك فكيف يليق بمثل هذا التعظيم أن يذكره باسم الأعمى مع أن ذكر الإنسان بهذا الوصف يقتضي تحقير شأنه جدا؟

السؤال الثالث : الظاهر أنه -عليه الصلاة والسلام- كان مأذونا في أن يعامل أصحابه على حسب ما يراه مصلحة، وأنه -عليه الصلاة والسلام- كثيرا ما كان يؤدب أصحابه ويزجرهم عن أشياء، وكيف لا يكون كذلك وهو -عليه الصلاة والسلام- إنما بعث ليؤدبهم وليعلمهم محاسن الآداب، وإذا كان كذلك كان ذلك التعبيس داخلا في إذن الله تعالى إياه في تأديب أصحابه، وإذا كان ذلك مأذونا فيه، فكيف وقعت المعاتبة عليه؟ فهذا جملة ما يتعلق بهذا الموضع من الإشكالات .

والجواب عن السؤال الأول من وجهين : الأول : أن الأمر وإن كان على ما ذكرتم إلا أن ظاهر الواقعة يوهم تقديم الأغنياء على الفقراء وانكسار قلوب الفقراء؛ فلهذا السبب حصلت المعاتبة، ونظيره قوله تعالى : (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ) [الأنعام : 52]

. الوجه الثاني :* لعل هذا العتاب لم يقع على ما صدر من الرسول عليه الصلاة والسلام من الفعل الظاهر، بل على ما كان منه في قلبه، وهو أن قلبه -عليه الصلاة والسلام- كان قد مال إليهم بسبب قرابتهم وشرفهم وعلو منصبهم، وكان ينفر طبعه عن الأعمى بسبب عماه وعدم قرابته وقلة شرفه، فلما وقع التعبيس والتولي لهذه الداعية وقعت المعاتبة، لا على التأديب بل على التأديب لأجل هذه الداعية .
والجواب عن السؤال الثاني أن ذكره بلفظ الأعمى ليس لتحقير شأنه، بل كأنه قيل إنه بسبب عماه استحق مزيد الرفق والرأفة، فكيف يليق بك يا محمد أن تخصه بالغلظة .
والجواب عن السؤال الثالث أنه كان مأذونا في تأديب أصحابه لكن هاهنا لما أوهم تقديم الأغنياء على الفقراء، وكان ذلك مما يوهم ترجيح الدنيا على الدين، فلهذا السبب جاءت هذه المعاتبة .

المسألة الثانية : القائلون بصدور الذنب عن الأنبياء عليهم السلام تمسكوا بهذه الآية وقالوا لما عاتبه الله في ذلك الفعل، دل على أن ذلك الفعل كان معصية، وهذا بعيد فإنا قد بينا أن ذلك كان هو الواجب المتعين لا بحسب هذا الاعتبار الواحد، وهو أنه يوهم تقديم الأغنياء على الفقراء، وذلك غير لائق بصلابة الرسول عليه الصلاة والسلام، وإذا كان كذلك، كان ذلك جاريا مجرى ترك الاحتياط، وترك الأفضل، فلم يكن ذلك ذنبا البتة .

المسألة الثالثة : أجمع المفسرون على أن الذي عبس وتولى، هو الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وأجمعوا [ على ] أن الأعمى هو ابن أم مكتوم، وقرئ عبس بالتشديد للمبالغة ونحوه كلح في كلح، أن جاءه منصوب بتولى أو بعبس على اختلاف المذهبين في إعمال الأقرب أو الأبعد ومعناه : عبس لأن جاءه الأعمى، وأعرض لذلك، وقرئ أن جاءه بهمزتين وبألف بينهما ، وقف على ( عبس وتولى ) ثم ابتدأ على معنى ألأن جاءه الأعمى، والمراد منه الإنكار عليه . واعلم أن في الإخبار عما فرط من رسول الله ثم الإقبال عليه بالخطاب دليل على زيادة الإنكار، كمن يشكو إلى الناس جانيا جنى عليه، ثم يقبل على الجاني إذا حمي في الشكاية مواجها بالتوبيخ وإلزام الحجة ."

* لا شك أن ما ذكره الرازي في الوجه الثاني لا يصح أن يقال في حق النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان ذكره على سبيل الاحتمال ، وربما أنه بناه على بعض الروايات التي ذكرت حرص النبي صل1على إسلام أشراف قومه وذلك من أجل الإسلام لا لشيء آخر.
 
قال بن حجر في الفتح:
"وَلَمْ يَخْتَلِف السَّلَف فِي أَنَّ فَاعِل عَبَسَ هُوَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيّ فَقَالَ . هُوَ الْكَافِر . وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن سَعِيد الْأُمَوِيّ وَابْن حِبَّان مِنْ طَرِيق عَبْد الرَّحِيم بْن سُلَيْمَان كِلَاهُمَا عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ " نَزَلَتْ فِي اِبْن أُمّ مَكْتُوم الْأَعْمَى فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَرْشِدْنِي - وَعِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُل مِنْ عُظَمَاء الْمُشْرِكِينَ - فَجَعَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرِض عَنْهُ وَيُقْبِل عَلَى الْآخَر فَيَقُول لَهُ : أَتَرَى بِمَا أَقُول بَأْسًا ؟ فَيَقُول : لَا . فَنَزَلَتْ عَبَسَ وَتَوَلَّى " قَالَ التِّرْمِذِيّ : حَسَن غَرِيب ، وَقَدْ أَرْسَلَهُ بَعْضهمْ عَنْ عُرْوَة لَمْ يَذْكُر عَائِشَة . وَذَكَرَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمهُ أُبَيّ بْن خَلَف . وَرَوَى سَعِيد بْن مَنْصُور مِنْ طَرِيق أَبِي مَالِك أَنَّهُ أُمَيَّة بْن خَلَف . وَرَوَى اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيث عَائِشَة أَنَّهُ كَانَ يُخَاطِب عُتْبَة وَشَيْبَة اِبْنَيْ رَبِيعَة . وَمِنْ طَرِيق الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : عُتْبَة وَأَبُو جَهْل وَعَيَّاش . وَمِنْ وَجْه آخَر عَنْ عَائِشَة : كَانَ فِي مَجْلِس فِيهِ نَاس مِنْ وُجُوه الْمُشْرِكِينَ مِنْهُمْ أَبُو جَهْل وَعُتْبَة ، فَهَذَا يَجْمَع الْأَقْوَال ."

وقد صحح الألباني رحمه الله تعالى حديث عائشة رضي الله عنها الذي أخرجه الترمذي رحمه الله تعالى.
وأقول مرة أخرى ليس في الأمر انتقاص من قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مطعن في خلقه صلى الله عليه وسلم ، بل إن فيه بيان لقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنزلته عند الله ، حيث تولاه بالتربية والهداية إلى أكمل الأخلاق وأجملها ، فكان على ما أراد الله على "خلق عظيم" ، هكذا نرى القضية ، أم الذين يرون خلاف ذلك وأن فيه طعن في أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فهؤلاء لم يعرفوا قدر الله تبارك وتعالى ولا قدر رسوله صلى الله عليه وسلم ولا فهموا القرآن على وجهه الصحيح.
يقول صاحب الظلال رحمه الله تعالى وهو يبين القضية ويحملها على أحسن محاملها وأصحها:
"إن هذا التوجيه الذي نزل بشأن هذا الحادث هو أمر عظيم جداً . أعظم بكثير مما يبدو لأول وهلة . إنه معجزة ، هو والحقيقة التي أراد إقرارها في الأرض ، والآثار التي ترتبت على إقرارها بالفعل في حياة البشرية . ولعلها هي معجزة الإسلام الأولى ، ومعجزته الكبرى كذلك . ولكن هذا التوجيه يرد هكذا تعقيباً على حادث فردي على طريقة القرآن الإلهية في اتخاذ الحادث المفرد والمناسبة المحدودة فرصة لتقرير الحقيقة المطلقة والمنهج المطرد .
وإلا فإن الحقيقة التي استهدف هذا التوجيه تقريرها هنا والآثار الواقعية التي ترتبت بالفعل على تقريرها في حياة الأمة المسلمة ، هي الإسلام في صميمه . وهي الحقيقة التي أراد الإسلام وكل رسالة سماوية قبله غرسها في الأرض .
هذه الحقيقة ليست هي مجرد : كيف يعامل فرد من الناس؟ أو كيف يعامل صنف من الناس؟ كما هو المعنى القريب للحادث وللتعقيب . إنما هي أبعد من هذا جداً ، وأعظم من هذا جداً . إنها : كيف يزن الناس كل أمور الحياة؟ ومن أين يستمدون القيم التي يزنون بها ويقدرون؟
والحقيقة التي استهدف هذا التوجيه إقرارها هي : أن يستمد الناس في الأرض قيمهم وموازينهم من اعتبارات سماوية إلهية بحتة ، آتية لهم من السماء ، غير مقيدة بملابسات أرضهم ، ولا بموضوعات حياتهم ، ولا نابعة من تصوراتهم المقيدة بهذه المواضعات وتلك الملابسات .
وهو أمر عظيم جداً ، كما أنه أمر عسير جداً . عسير أن يعيش الناس في الأرض بقيم وموازين آتية من السماء . مطلقة من اعتبارات الأرض . متحررة من ضغط هذه الاعتبارات .
ندرك عظمة هذا الأمر وعسره حين ندرك ضخامة الواقع البشري ، وثقله على المشاعر ، وضغطه على النفوس ، وصعوبة التخلي عن الملابسات والضغوط الناشئة من الحياة الواقعية للناس ، المنبثقة من أحوال معاشهم ، وارتباطات حياتهم ، وموروثات بيئتهم ، ورواسب تاريخهم ، وسائر الظروف الأخرى التي تشدهم إلى الأرض شداً ، وتزيد من ضغط موازينها وقيمها وتصوراتها على النفوس .
كذلك ندرك عظمة هذا الأمر وعسره حين ندرك أن نفس محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قد احتاجت كي تبلغه إلى هذا التوجيه من ربه؛ بل إلى هذا العتاب الشديد ، الذي يبلغ حد التعجيب من تصرفه!
وإنه ليكفي لتصوير عظمة أي أمر في هذا الوجود أن يقال فيه : إن نفس محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قد احتاجت كي تبلغه إلى تنبيه وتوجيه!
نعم يكفي هذا . فإن عظمة هذه النفس وسموها ورفعتها ، تجعل الأمر الذي يحتاج منها كي تبلغه إلى تنبيه وتوجيه أمراً أكبر من العظمة ، وأرفع من الرفعة! وهذه هي حقيقة هذا الأمر ، الذي استهدف التوجيه الإلهي إقراره في الأرض ، بمناسبة هذا الحادث المفرد .

أن يستمد الناس قيمهم وموازينهم من السماء ، طلقاء من قيم الأرض وموازينها المنبثقة من واقعهم كله . . وهذا هو الأمر العظيم . .
إن الميزان الذي أنزله الله للناس مع الرسل ، ليقوّموا به القيم كلها ، هو { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } هذه هي القيمة الوحيدة التي يرجح بها وزن الناس أو يشيل! وهي قيمة سماوية بحتة ، لا علاقة لها بمواضعات الأرض وملابساتها إطلاقاً . .
ولكن الناس يعيشون في الأرض ، ويرتبطون فيما بينهم بارتباطات شتى؛ كلها ذات وزن وذات ثقل وذات جاذبية في حياتهم . وهم يتعاملون بقيم أخرى . . فيها النسب ، وفيها القوة ، وفيها المال ، وفيها ما ينشأ عن توزيع هذه القيم من ارتباطات عملية . . اقتصادية وغير اقتصادية . . تتفاوت فيها أوضاع الناس بعضهم بالنسبة لبعض . فيصبح بعضهم أرجح من بعض في موازين الأرض . .
ثم يجيء الإسلام ليقول : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } فيضرب صفحاً عن كل تلك القيم الثقيلة الوزن في حياة الناس ، العنيفة الضغط على مشاعرهم ، الشديدة الجاذبية إلى الأرض . ويبدل من هذا كله تلك القيمة الجديدة المستمدة مباشرة من السماء ، المعترف بها وحدها في ميزان السماء!
ثم يجيء هذا الحادث لتقرير هذه القيمة في مناسب واقعية محددة . وليقرر معها المبدأ الأساسي : وهو أن الميزان ميزان السماء ، والقيمة قيمة السماء . وأن على الأمة المسلمة أن تدع كل ما تعارف عليه الناس ، وكل ما ينبثق من علاقات الأرض من قيم وتصورات وموازين واعتبارات ، لتستمد القيم من السماء وحدها وتزنها بميزان السماء وحده!
ويجيء الرجل الأعمى الفقير . . ابن أم مكتوم . . إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشغول بأمر النفر من سادة قريش . عتبة وشيبة ابني ربيعة ، وأبي جهل عمرو بن هشام ، وأمية بن خلف ، والوليد بن المغيرة ، ومعهم العباس بن عبد المطلب . . والرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الإسلام؛ ويرجو بإسلامهم خيراً للإسلام في عسرته وشدته التي كان فيها بمكة؛ وهؤلاء النفر يقفون في طريقه بمالهم وجاههم وقوتهم؛ ويصدون الناس عنه ، ويكيدون له كيداً شديداً حتى ليجمدوه في مكة تجميداً ظاهراً . بينما يقف الآخرون خارج مكة ، لا يقبلون على الدعوة التي يقف لها أقرب الناس إلى صاحبها ، وأشدهم عصبية له ، في بيئة جاهلية قبلية ، تجعل لموقف القبيلة كل قيمة وكل اعتبار .
يجيء هذا الرجل الأعمى الفقير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشغول بأمر هؤلاء النفر . لا لنفسه ولا لمصلحته ، ولكن للإسلام ولمصلحة الإسلام . فلو أسلم هؤلاء لانزاحت العقبات العنيفة والأشواك الحادة من طريق الدعوة في مكة؛ ولانساح بعد ذلك الإسلام فيما حولها ، بعد إسلام هؤلاء الصناديد الكبار .

يجيء هذا الرجل ، فيقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله . . ويكرر هذا وهو يعلم تشاغل الرسول صلى الله عليه وسلم بما هو فيه من الأمر . فيكره الرسول قطعه لكلامه واهتمامه . وتظهر الكراهية في وجهه الذي لا يراه الرجل فيعبس ويعرض . يعرض عن الرجل المفرد الفقير الذي يعطله عن الأمر الخطير . الأمر الذي يرجو من ورائه لدعوته ولدينه الشيء الكثير؛ والذي تدفعه إليه رغبته في نصرة دينة ، وإخلاصه لأمر دعوته ، وحبه لمصلحة الإسلام ، وحرصه على انتشاره!
وهنا تتدخل السماء . تتدخل لتقول كلمة الفصل في هذا الأمر؛ ولتضع معالم الطريق كله ، ولتقرر الميزان الذي توزن فيه القيم بغض النظر عن جميع الملابسات والاعتبارات . بما في ذلك اعتبار مصلحة الدعوة كما يراها البشر . بل كما يراها سيد البشر صلى الله عليه وسلم .
وهنا يجيء العتاب من الله العلي الأعلى لنبيه الكريم ، صاحب الخلق العظيم ، في أسلوب عنيف شديد . وللمرة الوحيدة في القرآن كله يقال للرسول الحبيب القريب : { كلا! } وهي كلمة ردع وزجر في الخطاب! ذلك أنه الأمر العظيم الذي يقوم عليه هذا الدين!
والأسلوب الذي تولى به القرآن هذا العتاب الإلهي أسلوب فريد ، لا تمكن ترجمته في لغة الكتابة البشرية . فلغة الكتابة لها قيود وأوضاع وتقاليد ، تغض من حرارة هذه الموحيات في صورتها الحية المباشرة . وينفرد الأسلوب القرآني بالقدرة على عرضها في هذه الصورة في لمسات سريعة . وفي عبارات متقطعة . وفي تعبيرات كأنها انفعالات ، ونبرات وسمات ولمحات حية!
{ عبس وتولى . أن جاءه الأعمى } . . بصيغة الحكاية عن أحد آخر غائب غير المخاطب! وفي هذا الأسلوب إيحاء بأن الأمر موضوع الحديث من الكراهة عند الله بحيث لا يحب سبحانه أن يواجه به نبيه وحبيبه ، عطفاً عليه ، ورحمة به ، وإكراماً له عن المواجهة بهذا الأمر الكريه!
ثم يستدير التعبير بعد مواراة الفعل الذي نشأ عنه العتاب يستدير إلى العتاب في صيغة الخطاب . فيبدأ هادئاً شيئاً ما : { وما يدريك لعله يزكى؟ أو يذكر فتنفعه الذكرى؟ } . . ما يدريك أن يتحقق هذا الخير الكبير . أن يتطهر هذا الرجل الأعمى الفقير الذي جاءك راغباً فيما عندك من الخير وأن يتيقظ قلبه فيتذكر فتنفعه الذكرى . ما يدريك أن يشرق هذا القلب بقبس من نور الله ، فيستحيل منارة في الأرض تستقبل نور السماء؟ الأمر الذي يتحقق كلما تفتح قلب للهدى وتمت حقيقة الإيمان فيه . وهو الأمر العظيم الثقيل في ميزان الله . .
ثم تعلو نبرة العتاب وتشتد لهجته؛ وينتقل إلى التعجيب من ذلك الفعل محل العتاب : { أما من استغنى ، فأنت له تصدى؟! وما عليك ألا يزكى؟! وأما من جاءك يسعى وهو يخشى ، فأنت عنه تلهى؟! } .

أما من أظهر الاستغناء عنك وعن دينك وعما عندك من الهدى والخير والنور والطهارة . . أما هذا فأنت تتصدى له وتحفل أمره ، وتجهد لهدايته ، وتتعرض له وهو عنك معرض! { وما عليك ألا يزكى؟ } . . وما يضيرك أن يظل في رجسه ودنسه؟ وأنت لا تسأل عن ذنبه . وأنت لا تُنصر به . وأنت لا تقوم بأمره . . { وأما من جاءك يسعى } طائعاً مختاراً ، { وهو يخشى } ويتوقى { فأنت عنه تلهى! } . . ويسمي الانشغال عن الرجل المؤمن الراغب في الخير التقي تلهياً . . وهو وصف شديد . .
ثم ترتفع نبرة العتاب حتى لتبلغ حد الردع والزجر : { كلا! } . . لا يكن ذلك أبداً . . وهو خطاب يسترعي النظر في هذا المقام .
ثم يبين حقيقة هذه الدعوة وكرامتها وعظمتها ورفعتها ، واستغناءها عن كل أحد . وعن كل سند . وعنايتها فقط بمن يريدها لذاتها ، كائناً ما كان وضعه ووزنه في موازين الدنيا : { إنها تذكرة . فمن شاء ذكره . في صحف مكرمة . مرفوعة مطهرة . بأيدي سفرة . كرام بررة } . . فهي كريمة في كل اعتبار . كريمة في صحفها ، المرفوعة المطهرة الموكل بها السفراء من الملأ الأعلى ينقلونها إلى المختارين في الأرض ليبلغوها . وهم كذلك كرام بررة . . فهي كريمة طاهرة في كل ما يتعلق بها ، وما يمسها من قريب أو من بعيد . وهي عزيزة لا يُتصدى بها للمعرضين الذين يظهرون الاستغناء عنها؛ فهي فقط لمن يعرف كرامتها ويطلب التطهر بها . .
هذا هو الميزان . ميزان الله . الميزان الذي توزن به القيم والاعتبارات ، ويقدر به الناس والأوضاع . . وهذه هي الكلمة . كلمة الله . الكلمة التي ينتهي إليها كل قول ، وكل حكم ، وكل فصل .
وأين هذا؟ ومتى؟ في مكة ، والدعوة مطاردة ، والمسلمون قلة . والتصدي للكبراء لا ينبعث من مصلحة ذاتية؛ والانشغال عن الأعمى الفقير لا ينبعث من اعتبار شخصي . إنما هي الدعوة أولاً وأخيراً . ولكن الدعوة إنما هي هذا الميزان ، وإنما هي هذه القيم ، وقد جاءت لتقرر هذا الميزان وهذه القيم في حياة البشر . فهي لا تعز ولا تقوى ولا تنصر إلا بإقرار هذا الميزان وهذه القيم . ."
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وآله وصحبه، وبعد:
فقد استمعت لهذه المقاطع التي وضعتها الأخت الفاضلة للدكتور محمد أبو زيد الفقي، والحقيقة أن مناقشة ما ورد فيها يطول، ولكني أكتفي بثلاثة محاور مختصرة، وهي:
المحور الأول: ملاحظات عامة على المقطع.
المحور الثاني: أقوال الدكتور عن المفسرين.
المحور الثالث: أدلة الدكتور على ما ذهب إليه، وأدلته على رد أقوال المفسرين.
المحور الأول: ملاحظات عامة على المقطع.
هناك عدد من الأمور والملاحظات العامة التي يمكن للمشاهد للمقطع ملاحظتها، ومنها:
أولاً: البدء عند عرض أقوال المفسرين بأقوال المتأخرين منهم مثل ابن عاشور والبروسوي، وربما توهم المشاهد للمقطع أنه لم يقل بهذا القول أحد إلا هؤلاء، مع أن الأصل في عرض المسألة أن يحكي إجماع المفسرين على هذا القول.
ثانياً: نظرية المؤامرة والخوف من أن يأخذ المستشرقون مثل هذا القول تهمة على المسلمين سيطرت على جزء كبير من الحلقة، والأصل أن ننظر إلى النصوص الشرعية ونصدر منها ثم ننظر في شبهات الآخرين.
ثالثاً: انتقاد العلماء للتوصل إلى نقد أقوالهم، ووصف المفسرين بالناس المصممين على اتهام الرسول، ونحوه وهو كثير في المقطع للتوصل إلى نقد القول، وهذا مسلك باطل في نقد الأقوال ومناقشتها.
رابعاً: الطعن في علمية المفسرين وغيرهم وأن اختيارهم لهذا القول قادح في الدين والعقل، وعدم الانطلاق مع هذه الطعون الكبيرة من منطلق علمي في النقد، ويكفي لظهور هذا الأمر أن النقد بدأ بذكر دليل واحد مع قاعدة تفسيرية تبطل ما ذهب إليه هذا المفسر.
المحور الثاني: أقوال الدكتور عن المفسرين.
أثناء سماعي لهذه المقاطع تعجبت من مقدار النقد الذي وجهه الدكتور للمفسرين وغيرهم، وهذا طرف من أقواله، وقد حرصت على نقلها كما تلفظ بها باللهجة الدارجة:
1. الناس المصممين على اتهام الرسول!
2. مزاج غريب عند بعض الناس.
3. أنا مش عارف ابن عاشور جابو منين!! ( طبعا حكي الإجماع على هذا القول عند المفسرين!).
4. احنا حنبذل مجهود علشان نتهم النبي صلى الله عليه وسلم إنو خلى الأعمى دخل عليه وكشر في وجهه!
5. احنا بنجتهد بعلمنا علشان نلصق تهمة بالرسول علشان المستشرقين يمسكوها ويضربونا بيها كل وقت وحين!
6. هذا الكلام من الناحية العلمية كلام ابن عاشور والبروسوي كلام مالوش أي أصل ويسبب لنا مشاكل لا حصر لها في الدعوة الاسلامية.
7. عن الرازي يقول بعد نقل كلام له: إحنا كعرب (!) بنألف والناس بتسمع وبيبقى علم وبيقابلنا بيه مشاكل بعد كذا.
8. عن الرازي: يا سلام على العلم يا ولاد إيه العظمه ديه!
9. عن الرازي: الراجل ده مسح المبادئ الدينينه خالص عن الرسول ( صلى الله عليه وسلم )
10. عن الرازي: والإمام الرازي بيعتبروه حجه في التفسير يسموه العالم العلامه الحبر البحر الفهامه.
11. عن الرازي: الرازي ده لو موجود يحاسب على هذا الكلام!
12. عن الرازي: رأي الرازي أشد خطأ من رأي العالم الروسي ( المراد مستشرق روسي طعن في النبي صلى الله عليه وسلم من خلال قصة ابن أم مكتوم )
13. ابن كثير: الامام ابن كثير برضه شار في الزفه ديه!
14. احنا بنتهم الرسول تهمة تشيل عنه الرسالة ونبنيها على حديث مالوش وجود في كتب السنه المعتبره أمال علماء التفسير – دحنا عندنا في العالم العربي أكثر من ألف دكتوراه في التفسير – الناس دي بيعملوا إيه بيشتغلوا إيه إيه قدموا للأمة!
15. لا أدري لم الفسرون سابوا القاعده علشان يسارعوا في اتهام النبي بالعبوس والتولي وربما أموت وألقى الله وأنا لا أفهم ليه المفسرين ضربوا بهذه القاعدة – عدم صرف اللفظ عن الظاهر – وأجمعوا على اتهام الرسول بهذه التهمة التي لا دليل عليها.
16. الكلام ده قادح في دينهم وفي عقولهم أيضاً
المحور الثالث: أدلة الدكتور على ما ذهب إليه، وأدلته على رد أقوال المفسرين.
هذا بيت القصيد، وتلخيص الأمر ان الدكتور قد قسم حلقته إلى قسمين الأول الرد والثاني بيان المعنى الحق
القسم الأول: الرد على من فسر (عبس وتولى) بأنه النبي صلى الله عليه وسلم:
وقد جعل الدكتور رده في نقاط ثلاث:
النقطة الأولى: الرد على تفسير الآية من خلال القاعدة التفسيرية: عدم صرف اللفظ عن الظاهر إلا بدليل يدل عليه.
واعتبر الدكتور أن ( عبس وتولى ) ظاهرها ضمير غائب ولو كان للنبي صلى الله عليه وسلم لقال: عبست وتوليت بضمير المخاطب!!!
والجواب/ أن هذا من أعجب الأقوال سواء في الدليل أو في النتائج
أما الدليل وهو القاعدة التفسيرية فلا علاقة لها بموضوع الالتفات أصلاً بل هي واردة في رد قول الدكتور ومؤيدة لقول المفسرين إذ الظاهر أن الآيات كلها في النبي صلى الله عليه وسلم فيقال الأصل عدم صرفها عن الظاهر.
وأما نتائج استدلاله بالقاعدة التفسيرية فقد ذهب إلى أن الأصل لو كانت خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم أن تكون الآية: عبست وتوليت! بالخطاب وغفل عن سر العدول إلى الغيبة الذي فيه تأنيس لفوأده صلى الله عليه وسلم، وهنا يستقيم قول ابن عاشور رحمه الله تعالى: "ولما كان صدور ذلك من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم لم يشأ الله أن يفاتحه بما يتبادر منه أنه المقصود بالكلام ، فوجهه إليه على أسلوب الغيبة ليكون أول ما يقرع سمعه باعثاً على أن يترقب المعنيَّ من ضمير الغائب فلا يفاجئه العتاب".
النقطة الثانية: رد الدكتور على أقوال المفسرين: والحق أني لم أجد رداً سوى ما ذكرته في أقواله عن المفسرين سابقاً ولم يستدل بدليل صحيح أو ضعيف في الرد على مفسرٍ أصلاً!
النقطة الثالثة: رد الدكتور على الروايات الواردة في ذلك:
اقتصر الدكتور على لفظ ( أهلا بالذي عاتبني فيه ربي ) وذكر انه لم يرد في كتاب من كتب السنة المعتبرة وأنه ضعيف وعليه فلا تصح الروايات الواردة!!
الجواب/ هذا من المنهجية العلمية الخاطئة في الرد حيث عمد الدكتور إلى أضعف الروايات وردها وزعم أنه لا توجد رواية أخرى مع أن هناك عدة روايات وردت في كتب السنة وهي صحيحة وتفيد إثبات قصة ابن أم مكتوم ، ومن هذه الروايات الصحيحة:
1. عن عائشة قالت أنزل ( عبس وتولى ) في ابن أم مكتوم الأعمى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول يا رسول الله أرشدني وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول أترى بما أقول بأسا فيقول لا ففي هذا أنزل، رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي، وشعيب الأرنؤوط في صحيح ابن حبان.
2. في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال :أنزلت عبس وتولى في عبد الله بن أم مكتوم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل يقول يا محمد استدنيني وعند النبي صلى الله عليه و سلم رجل من عظماء المشركين فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يعرض عنه ويقبل على الآخر ويقول يا أبا فلان هل ترى بما أقول بأسا فيقول لا والدماء ما أرى بما تقول بأسا فأنزلت { عبس وتولى أن جاءه الأعمى }.
وهكذا نرى أن هناك روايات صحيحة تثبت الأمر تركها الدكتور وذهب إلى رواية ضعيفة وهذا خلاف المنهجية العلمية ولا وجه للقول هنا إنه لم يقف عليها فنحن في عصر الحاسوب ويمكن الوقوف عليها بضغطة زر!
القسم الثاني: القول الحق عند الدكتور:
سأجعل هذا القسم في نقاط كالتالي:
1. يرى الدكتور أن القول الحق هو أن الذي عبس وتولى هو الوليد بن المغيرة!! وقد سبق أن نقل الشيخ الكريم أبو سعد الغامدي وفقه الله أن هذا القول شاذ لم يقل به أحد من العلماء ويكفي في رد شواذ الأقوال حكاية الشذوذ عنها، وما كل قول يحتفى به أصلاً!
2. أن القول بأن المراد النبي صلى الله عليه وسلم يلزم منه أنه المراد ب (قتل الانسان ما أكفره ) وهذا اللازم لم يقل به أحد من المفسرين أصلاً فلا معنى لإلزام مالا يلزم، وهنا ملاحظة فنية وهي أن الدكتور ذكر هذا الكلام في قسم القول الحق، وحقه أن يورده في قسم الرد !
3. أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف بالخلق العظيم والرأفة والرحمة في القرآن وأن العبوس ينافي ذلك!
والجواب / أن في هذا الموقف حدثت بسببه فوائد عظيمه هي أكبر من جلوس النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن أم مكتوم في تلك الساعة بعينها، ومنها:
1. ثبوت مصدر القرآن الكريم وأنه من الله تعالى لا من النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من ذكر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم عموماً.
2. معرفة أنه لا مجال للامتيازات في دعوة الحق بسبب الحسب والنسب، أو المال والجاه، فهي إنما جاءت لتأصيل النظرة إلى الإنسان وبيان وحدة الأصل، وما تقتضيه من المساواة والتكافؤ ( انظر السيرة النبوية تحليل وقائع للصلابي ).
وختاماً فإن صدق المقصد وصلاح النية لا يعنيان بالضرورة صحة القول، وأحسب أن الدكتور قال ما قال بحسن نية ولكن: كم من مريد للخير لا يدركه!!
وفق الله الجميع للقول النافع والعمل الصالح.
 
الأخوين : أبا سعد ومحمود . وفقكما الله وجزاكما خيراً فقد أفدتما وكفيتما بارك الله فيكما .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :
لقد سبقني أخي أبا سعد جزاه الله خيرا وقد أحسن وأفاد .
ومع هذه القضية لي وقفة سابقة ، حيث أني حاولت فهم الآيات الكريمات وما ورد في الآثار .
المسألة عبارة عن " عتــــاب "
عاتب رب العالمين رسوله صلى الله عليه وسلم في هذه السورة ، والعتاب يكون بين المحب ومحبوبه ، فالله تعالى يحب رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وقد ورد مايدل على أن الأمر عبارة عن عتاب .
قال تعالى :
((( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )))
فلا تفهم آية أبدا على خلاف ما ورد في هذه الكريمة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم ذو خلق عظيم كما تبين لنا سورة عبس.
لكن كيف ذلك :
1- قال تعالى :
((( عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى )))
الموقف حصل أمام إنسان لايرى فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يعبس أمام مبصر فتجرح مشاعره ، وقد قاطع الرسول صلى الله عليه وسلم .
((( وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى )))
ما معنى هذا ، معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم هدفه أن يهتدي الجميع وينجوا الجميع .

2- وقال تعالى:
((( أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى )))
وأرجو ملاحظة معنى كلمة " استغنى "
ورد في زاد المسير :
{ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى } قال ابن عباس: عن الله وعن الإيمان بما له من المال."
هذه صفة من كان يدعوه الرسول صلى الله عليه وسلم ، رغبة في هدايته ، وليس لأنه بهذه الصفة أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يهتدي ذلك الرجل ، وبين الله تعالى شدة حرصه صلى الله عليه وسلم على ذلك فقال :
((( وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى )))
قل ابن كثير:
قوله تعالى : { وما عليك } أي : أي شيءٍ عليك في أن لا يُسْلِمَ مَنْ تدعوه إلى الإسلام؟ يعني : أنه ليس عليه إلا البلاغ ." أهـ
انظروا كيف كان صلى الله عليه وسلم حريصا فداه أبي وأمي على أن يهتدي البشر.

3- وقال تعالى :
((( وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى )))
وهنا يبين الله تعالى حال ابن أم مكتوم ، والله تعالى هو وحده الذي يعلم الغيب وواقع ما في نفس ابن أم مكتوم ، وقد قال تعالى :
((( فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى )))
قال صاحب البحر المحيط :
( تلهى ) : تشتغل ، يقال : لها عن الشيء يلهى ، إذا اشتغل عنه . " أهـ
وكأنه قد عبر " بالتلهي " عن الانشغال الذي كان فيه الرسول صلى الله عليه وسلم كما بينت السورة ، لما علم الله تعالى من واقع الكافر أو الكفار الذين تصدى لهم الرسول صلى الله عليه وسلم .
فتقديم أهل الإسلام والإيمان عند حاجتهم للرسول صلى الله عليه وسلم هو الأولى كما بين تعالى لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، فالله تعالى هو أعلم بالغيب ، والتشريع وحي وما كان نبينا صلى الله عليه وسلم إلا بشر يوحى إليه .
هذا والله أعلم وأحكم.
 
ملاحظة : كتبت ما سبق قبل أن أقرأ كلام أخوي محمود البعداني وعبدالرحمن الشهري المكرمين.
 

رقـم الفتوى : 98106
عنوان الفتوى : تفسير قوله تعالى: (عبس وتولى)



السؤال

شاهدت ما ورد في تفسير عبس وتولى في هذا الموقع في تفسير سورة عبس وتولى أنها نزلت على رسول الله وأن رسول الله هو الذي عبس وتولى وهذا كلام غير صحيح وإنما الذي عبس وتولى هو عمر بن الخطاب والدليل كالتالي:

1- الوحي كان ينزل على رسول الله وكان يخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام إذا المفروض تأتي الآية التي نزلت على الرسول كالتالي (عبست وتوليت) وليس عبس وتولى هذا إذا كانت الآيه نزلت على الرسول ونضرب بعض الأمثله على الآيات التي كانت تخاطب الرسول (يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) (أنا أعطيناك الكوثر) الكاف هو ضمير يعود إلى الرسول.

2- الله سبحانه وتعالى يقول: (وإنك لعلى خلق عظيم) كيف يكون على خلق عظيم إذا كان يعبس في وجه الغير 3- كذلك الله سبحانه وتعالى يقول: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثير)، إذاً رسول الله أفضل الخلق والأخلاق فكيف يعبس هذا؟ وجزاكم الله كل خير.


الفتوى




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما شاهدته في هذا الموقع هو ما اتفق عليه المفسرون عن بكرة أبيهم وهو ما جاء في دواوين السنة ومراجع السيرة النبوية الشريفة، ولم نقف على من قال إنها نزلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وإليك التفصيل..

قال الشوكاني في فتح القدير: وقد أجمع المفسرون على أن سبب نزول الآية أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أم مكتوم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطع عليه ابن أم مكتوم كلامه، فأعرض عنه فنزلت. انتهى.

وقال ابن كثير بعدما ساق الأحاديث الواردة في سبب النزول وأنها في ابن أم مكتوم: وهكذا ذكر غير واحد من السلف والخلف أنها نزلت في ابن أم مكتوم، والمشهور أن اسمه عبد الله ويقال عمرو. والله أعلم. انتهى.

وقال صاحب كتاب محمد رسول الله: أجمع المفسرون على أن الذي عبس وتولى هو الرسول عليه الصلاة والسلام وأجمعوا على أن الأعمى هو ابن أم مكتوم.. أتى رسول الله ابن أم مكتوم وعنده صناديد قريش يدعوهم إلى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم أقرئني وعلمني مما علمك الله وكرر ذلك فكره رسول الله قطعه لكلامه وأعرض عنه فنزلت هذه الآية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآه يقول مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، ويقول هل لك من حاجة ولا شك أن في استخلافه للمدينة إكراماً له. انتهى.

وأما توجيه الكلام إليه صلى الله عليه وسلم بأسلوب الغيبة فإنه لحكم ونكت بلاغية ربما تغيب عن ذهن من لم يتذوق أساليب اللغة العربية وبلاغتها... فقوله تعالى (عبس وتولى) بأسلوب الإخبار عن الغائب فيه تعظيم له وتكريم فكأن الكلام موجه لغيره... ثم يلتفت ويأتي بأسلوب الخطاب (وما يدريك لعله يزكى..) تأنيساً له صلى الله عليه وسلم، قال صاحب روح المعاني: وضمير عبس وما بعده للنبي صلى الله عليه وسلم وفي التعبير عنه عليه الصلاة والسلام بضمير الغيبة إجلال له صلى الله عليه وسلم لإيهام أن من صدر عنه ذلك غيره لأنه لا يصدر عنه صلى الله عليه وسلم كما أن في التعبير عنه صلى الله عليه وسلم بضمير الخطاب في قوله سبحانه وما يدريك لعله يزكى ذلك لما فيه من الإيناس بعد الإيحاش والإقبال بعد الإعراض والتعبير عن ابن أم مكتوم بالأعمى للإشعار بعذره في الإقدام على قطع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وتشاغله بالقوم. انتهى.

وقال ابن عاشور: ولما كان صدور ذلك من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم لم يشأ الله أن يفاتحه بما يتبادر منه أنه المقصود بالكلام فوجهه إليه على أسلوب الغيبة ليكون أول ما يقرع سمعه باعثاً على أن يترقب المعنى من ضمير الغائب فلا يفاجئه العتاب وهذا تلطف من الله برسوله صلى الله عليه وسلم ليقع العتاب في نفسه مدرجاً وذلك أهون وقعاً... ثم جيء بضمائر الخطاب على طريقة الالتفات.

ثم ذكر رحمه الله بحثاً طويلاً في هذا الموضوع غاية في الأهمية بالنسبة للدعاة وطلبة العلم، نرجو منك أن تطلع عليه، ثم قال في آخره: والحاصل أن الله تعالى أعلم رسوله صلى الله عليه وسلم أن ذلك المشرك الذي محضه نصحه لا يرجى منه صلاح وأن ذلك المؤمن الذي استبقى العناية به إلى وقت آخر يزداد صلاحاً تفيد المبادرة به لأنه في حالة تلهفه على التلقي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد استعداداً منه في حين آخر...

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ويكرمه ويقول له مرحباً بمن عاتبني فيه ربي وقد استخلفه على المدينة في خروجه إلى الغزوات ثلاث عشرة مرة وكان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم هو وبلال بن رباح. انتهى.

ثم إن عبوس وجه النبي صلى الله عليه وسلم بسبب هذه الحادثة أو غيرها لا يتنافى مع ما جاء في حسن خلقه والأمر بالاقتداء به، فهو صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وهو وحده الأسوة الحسنة، لكنه بشر يعتريه ما يعتري البشر من الأعراض كالغضب والسرور والمرض والصحة... ويظهر ذلك على جسده وملامح وجهه، فكان صلى الله عليه وسلم يتغير وجهه عندما يرى ما يكره... ويظهر عليه السرور عندما يرى ما يحب..

وقد ورد ذلك في أحاديث كثيرة صحيحة، وسبب عبوس وجهه صلى الله عليه وسلم إلحاح ابن أم مكتوم وهو معذور -طبعاً- لأنه لا يرى حال النبي صلى الله عليه وسلم وانشغاله عنه، فهذه الحادثة وما نزل فيها من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودليل على صدقه وأنه -كما قال بعض السلف-: لو كتم محمد صلى الله عليه وسلم شيئاً مما أوحي إليه لكتم هذه الآيات.

وبإمكانك أن تطلع على المزيد من الفائدة في الفتوى رقم: 66269، والفتوى رقم: 38915 وما أحيل عليه فيهما.هذا وننبه إلى التحذير الأكيد والوعيد الشديد لمن تكلم في القرآن بغير علم فقد أخرج الترمذي وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب علي متعمداً فليتبؤا مقعده من النار، ومن قال في القرآن برأيه فليتبؤا مقعده من النار. وفي رواية: من قال في القرآن بغير علم...

والله أعلم.


المفتـــي: مركز الفتوى
منقول للفائدة .

 
جزاكم الله خيرا
وأتمنى تغيير عنوان الموضوع بألا يكون مجزوما به وأن يصاغ على صورة استشكال أو ينسب القول لقائله في العنوان ,,
 
" عبس و تولّى " من أدلّة الإعجاز النفسي ! أي أنه مثال على أصل من أصول هذا الإعجاز !؟
و كنت قد قرأت رسالة ماجستير أو دكتوراة تحاول المشي على منوال قريب من منوال د. الفقي " دفاعاً عن حرمة رسول الله صل1 !
و الحال أن جميع ما ذكره ليدافعه هو من أصول إثبات نبوة سيدنا محمد صل1 من باب الإعجاز النفسي هذا !
 
لاحظوا - إخواني- بلاغة القرآن
حيث لم يقل الله لنبيه صل1 عَبَستَ وتولَّيتَ، ولكن قال: (((عبس وتولى أن جاءه الأعمى))) وكأن الذي وقع منه ذلك شخصٌ آخر.
ثم التفت السياق من الغائب إلى المخاطب ((( وما يدريك لعله يزكى)))
فالمقصود هو رسول الله صل1 الذي وقع منه ذلك بسبب حرصه على إسلام صناديد قريش.​
 
كنتُ قد نويتُ عدم سماع الدكتور بعد قراءة الفقرات التي نقلها الفاضل (محمود البعداني)، ونفرتُ أن أسمع هذا الكلام.
ثم أخذني الاستشراف وحب التطلع إلى سماع الصوت حيًّا، فسمعته، ولم أندم.
طبعًا ضحكتُ ما شاء الله أن أضحك؛
فالرجل يتكلم بثقة زائدة وكأنَّه يرد على قول شاذّ.
ويرمي جَمع المفسرين، وخصوصًا الإمام الرازي، نافذا إلى أن تسميته للكتاب فيها مخالفة شرعية.
ويدَّعي أن كلام الشيخ الطاهر ابن عاشور غير مستقيم في القياس، مع أن الآفة في الفهم السقيم للكلام، يقول الشيخ ابن عاشور:
(فوجَّهه إليهِ على أسلوب الغيبة؛ ليكون أوَّلُ ما يقرع سمعه باعثًا على أن يترقَّب المعنيَّ من ضمير الغائب فلا يفاجئه العتاب، وهذا تلطُّف من الله برسوله - صلَّى الله عليه وسلم - ليقع العتاب في نفسه مدرجًا وذلك أهون وقعًا، ونظير هذا قوله: (عفا اللَّهُ عنك لم أذنت لهم).
فالرجل لم يفهم وجه التشبيه، ولا علة القياس، ثم يتفوه بما تفوه به.
وتكرر من الدكتور أن يقارن بين الروسي والرازي، ويقول: أخونا الروسي !!!
لكنه يُحسَب له أنه خفيف الظل ومُضحك، لكن - للأسف والحسرة - عندما يسخر من علماء المسلمين.
 
بارك الله فيكم أساتذتى ،وبارك فى علمكم فكم تعلمتُ منكم ومازلت أتعلم أدب الحوار والمنهجية التأصيلية فى العرض والتقديم
نفعنى الله وإياكم بما علمكم وزادكم علماً .

ابنتكم​
 
هل تسمحوا لى أن أقوم بعرض فيديو آخر للدكتور يوجه فيه أيضاً انتقاداً لبعض روايات المفسرين وبالأخص الإمام القرطبى فيما يتعلق بقصة زواج النبى " صلى الله عليه وسلم " من أم المؤمنين زينب بنت جحش ، مع العلم إحقاقاً للحق أنه أراد نفى أى تهم موجه للإمام القرطبى بأن يكون قاصداً أو متعمدأ ذكر الرواية المتعلقة بالقصة فى تفسيره ولكنه قال رُبما دُست له فى كتابه كما ستروا إن شاء الله فى الحلقة هذا إذا سمحتم لى بعرضها ، فأنا أريد الإستفاد من ردودكم والإستزادة من المناقشة والمزيد من التخلق بأخلاق أهل العلم .
 
هل تسمحوا لى أن أقوم بعرض فيديو آخر للدكتور يوجه فيه أيضاً انتقاداً لبعض روايات المفسرين وبالأخص الإمام القرطبى فيما يتعلق بقصة زواج النبى " صلى الله عليه وسلم " من أم المؤمنين زينب بنت جحش ، مع العلم إحقاقاً للحق أنه أراد نفى أى تهم موجه للإمام القرطبى بأن يكون قاصداً أو متعمدأ ذكر الرواية المتعلقة بالقصة فى تفسيره ولكنه قال رُبما دُست له فى كتابه كما ستروا إن شاء الله فى الحلقة هذا إذا سمحتم لى بعرضها ، فأنا أريد الإستفاد من ردودكم والإستزادة من المناقشة والمزيد من التخلق بأخلاق أهل العلم .
أختنا وابنتنا أمنية
ما دام الأمر يخص القرآن وتفسيره وفيه إظهار للبس أو التباس أو إحقاق حق وإبطال باطل فما المانع في ذكره وعرضه . فالاستفادة حاصلة إن شاء الله . وبارك الله بمجهودك أولاً وآخراً .
 
بيان

بيان

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره 22/69-73: "...فروى أهل التفسير أجمع أن قوما من أشراف قريش كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أم مكتوم، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطع عبد الله عليه كلامه، فأعرض عنه، ففيه نزلت هذه الآية.
قال مالك: إن هشام بن عروة حدثه عن عروة، أنه قال: نزلت " عبس وتولى " في ابن أم مكتوم، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: يا محمد استدنني، وعند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول: [ يا فلان، هل ترى بما أقول بأسا ] ؟ فيقول: [ لا والدمي ما أرى بما تقول بأسا ]، فأنزل الله: " عبس وتولى "....
الثانية - الآية عتاب من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في إعراضه وتوليه عن عبد الله ابن أم مكتوم.....
ومع هذا أنزل الله في حقه على نبيه صلى الله عليه وسلم: " عبس وتولى " بلفظ الإخبار عن الغائب، تعظيما له ولم يقل: عبست وتوليت.ثم أقبل عليه بمواجهة الخطاب تأنيسا له فقال: " وما يدريك "...
السادسة - نظير هذه الآية في العتاب قوله تعالى في سورة الأنعام: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي " [ الأنعام: 52 ] وكذلك قوله في سورة الكهف: " ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا " [ الكهف: 28 ] وما كان مثله، والله أعلم...." أ.هـ
فماذا نفعل بإجماع أهل التفسير ...وماذا نصنع بالآيات الأخرى التي فيها عتاب للنبي صلى الله عليه وسلم ...
ثم هل هذا العتاب يقدح في قدره عليه الصلاة والسلام ؟ هل ينقص من مكانته صلى الله عليه وسلم ؟ لا أظن ذلك أبدا ...وكلنا يقول ذلك...
ثم إذا كان الخطأ وقع من الحبيب صلى الله عليه وسلم فقد وقد من أبينا آدم عليه الصلاة والسلام ومن نوح ومن موسى ...وذكر الله خطأهم وتوبتهم ؛ لنقتدي بهم في الرجوع عن الخطأ والذنب ونقتدي بهم في سرعة الإنابة إلى الله تعالى فهذا من أعظم ثمرات المحبة لهم عليهم الصلاة والسلام ....
 
أختنا وابنتنا أمنية
ما دام الأمر يخص القرآن وتفسيره وفيه إظهار للبس أو التباس أو إحقاق حق وإبطال باطل فما المانع في ذكره وعرضه . فالاستفادة حاصلة إن شاء الله . وبارك الله بمجهودك أولاً وآخراً .

أنار الله دربك وأراح قلبك أستاذ تيسير ،
سأقوم بعرض الحلقة بإذن الله فى موضوع مستقل حتى لا يلتبس الأمر ، وسأنتظر منك أستاذى المشاركة والمناقشة ومن كل أساتذتى الكرام الذين شاركونى هذا الموضوع .
 
ولعلك -أختي الكريمة- استفدتِ من تغيير العنوان الذي قام به المشرفون، حتى تتمكني لاحقا من وضع العنوان المناسب الدال على الاستفسار لا التقرير..
وفقك الله.
 
بارك الله فيكم جميعاً .
ليت أحد الإخوة أو الأخوات وخاصة الأخت أمينة صاحبة الموضوع تنشر هذا الموضوع بكل ردوده العلمية في المنتديات ، كما انتشرت هذه المحاضرة المرئية؛ فبيان مثل هذا الحق فيه خيرٌ وأجرٌ كثيرٌ. ومثل هذا الخطأ لا يروج في مثل ملتقى أهل التفسير وأمثاله من الملتقيات العلمية ، ولكنه قد يروج في كثير من المنتديات التي يغشاها عامة الناس وليس بينهم من يبين لهم الصواب .
وفقكم الله وأنار بصائرنا وبصائركم بالحق والهدى .
 
تم نشر هذه المقاطع على (فيسبوك)، وقد قمت مباشرة بإدراج هذا الموضوع تحته منذ ذلك اليوم.
 
ولعلك -أختي الكريمة- استفدتِ من تغيير العنوان الذي قام به المشرفون، حتى تتمكني لاحقا من وضع العنوان المناسب الدال على الاستفسار لا التقرير..
وفقك الله.

أكيد أخى الفاضل وقد قمت بوضع الموضوع الجديد على هذا الرابط
http://vb.tafsir.net/showthread.php?p=124706#post124706

ولا مانع من تغيره - إن أحتاج لذلك - فيما يتناسب مع قنوانين الملتقى ، ومضمون الموضوع .​
 
الأخ الدكتور محمد الفقي أستاذ في الدعوة والثقافة الإسلامية وليس أستاذا في التفسير وعلوم القرآن ، وله آراء جيدة في فنه الدقيق لكنه ليس حجة في غير تخصصه الدقيق ولو أنه عرض فكرته دون جزم بل للنقاش فحسب لأصاب ، لكن لكل جواد كبوة ولكل صارم نبوة ولكل عالم هفوة .
وفيما كتبه الأحبة خير كثير وتحقيق مفيد والله من وراء القصد.
 
أهل الاختصاص أولي بالكلام فيه

أهل الاختصاص أولي بالكلام فيه

فعلا أهل الاختصاص هم أولي الناس بالسؤال وأجدرهم علي الإجابة.

والنية الصالحة غير كافية عند الحديث عن كتاب الله

في كتاب النبأ العظيم للدكتور عبد الله دراز يقول في بيان مصدر القرآن:
مخالفة القرآن لطبع الرسولصل1 وعتابه الشديد له في المسائل المباحة:
وأخري كان يجيئ القول فيها علي غير ما يحبه ويهواه . فيخطئه في الرأي يراه،
ويأذن له في الشيء لا يميل إليه، فإذا تلبث فيه يسيرا تلقاه بالتعنيف الشديد ، والعتاب القاسي ، والنقد المر ، حتي في أقل الأشياء خطرا:[FONT=&quot](((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ [/FONT])))
[FONT=&quot](((وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ [/FONT])))
[FONT=&quot](((عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ [/FONT])))
[FONT=&quot](((مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [/FONT])))
[FONT=&quot](((مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [/FONT])))
[FONT=&quot](((أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى[/FONT])))
أرأيت لو كانت هذه التقريعات المؤلمة صادرة عن وجدانه ، معبرة عن ندمه ووخز ضميره حين بدا له خلاف ما فرط من رأيه. أكان يعلنها عن نفسه بهذا التهويل والتشنيع ؟ ألم يكن له في السكوت عنها ستر علي نفسه ، واستبقاء لحرمة آراؤه؟
إن الذي يفهمه علماء النفس من قراءة النص أن -ها هنا- البتة شخصيتين منفصلتين ، وأن هذا صوت سيد يقول لعبده:لقد أسأت ولكني عفوت عنك وأذنت لك.
بتصرف
اذن من إعجاز القرآن ورود العتاب فيه للرسول صل1ولا ينقص ذلك من قدر النبي صل1
 
ارتئى هؤلاء أن الذي عبس ليس النبي بل هو الوليد بن المغيرة الذي كان جالساً مع النبي
فقالوا أن السياق هو أن الله يخبرنا عن قصة جرت بصيغة الغائب ( عبس الوليد وتولى عندما رأى أن الأعمى جاء للنبي ) جاءه الأعمى أي جاء للنبي
وقالوا أن الخطاب هنا رواية قصة بصيغة الغائب وليس مخاطب
ثم قالوا – ( وما يدريك لعله يزكى ) أن الله انتقل من رواية الغائب إلى المخاطب فهنا انتقل لمخاطبة النبي
فالسياق عبس الوليد وتولى عندما رأى أن النبي جاء للأعمى
وما يدريك يا محمد لعل الأعمى يزكى
( والحقيقة في هذا ركاكة كبيرة واللغة العربية لا تساعدهم في ذلك لمن أخذ هذا الرأي)

لأن قوله (وما يدريك لعله يزكى) هي معاتبة بسبب العبس ؟؟؟؟؟؟؟
إذا كان قوله تعالى : (( عبس وتولى * أن جاءه الأعمى )) خطابا للوليد بن المغيرة , فعلى أي القواعد العلمية ،والبراهين المنطقية نحمل قوله تعالى في الآية التي تليها – مباشرة – : (( وما يدريك لعله يزكى )) فالسياق واحد والموضوع متحد , والعتاب هو هو , لم ينتقل بعد إلى أمر آخر , فإما أن يكون المخاطب في قوله تعالى : ((وما يدريك لعله يزكى)) هو :
* النبي وهو الصواب فيكون هو المخاطب أيضا بما قبلها ((عبس وتولى)) إذ النص لا زال متصلا بالعتب الرقيق ...

* أو يكون المخاطب في قوله تعالى : ((وما يدريك لعله يزكى)) هو الوليد بن المغيرة , حملا لها على ما قبلها , - عند من يقول أن الذي عبس هو الوليد - , إذ السياق لا زال متحدا موضوعيا , وهنا السؤال : هل يصلح أو يستقيم أن يخاطب ربنا الوليد – المشرك – بقول ((وما يدريك لعله يزكى)) !! قطعا لا يستقيم , فلذلك إما أن يكون سياق صدر الآيات ((عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعله يزكى ..)) خطابا للنبي وهو الصواب , أو تكون خطابا للوليد , وبالتالي نجعل النص غير متراكب ولا متماسك

راجعوا هذا الموضوع ففيه كلام جميل

https://vb.tafsir.net/tafsir47841/#.XV8_4-PXKM8

----------------------------------------------
لكن لتوضيح قصة العبس والتوفيق بين الطرفين

أصل الأمر في عتاب النبي ليس العبس
سأوضح بمثال
كان معلم يجلس مع طلابه في حلقه، فقام أحد الطلاب دون إذن المعلم وذهب ليشرب ماء ثم عاد وجلس
فلما جلس قال المعلم لكل الطلاب بصيغة التعريض
قام وذهب ثم شرب وعاد وجلس أولى له فأولى لو استأذن
أصل معاتبة المعلم ليس القيام ولا الشرب وإنما فعل كل هذه الأمور دون استئذان
ولو أن الطالب استئذن لم يكن هناك عتاب ولوم لقيامه وذهابه وشربه

وفي سورة عبس أصل الأمر في العتاب ليس العبس، والذي يوضح السبب الحقيقي من العتاب هو بعد كلمة (أما ) لأنها تعرب أما تفصيلية
قال الله (أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى كلا إنها تذكرة)
عوتب النبي في كل تصرفاته بسبب أن تصدى للكافر وتلهى عن الأعمى
لأن الإسلام عزيز، ومن لا يريد الدخول فيه فالله غني عنه
قال الله (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا)

إذا عوتب النبي في عبسه لأنه تصدى للمشرك وتلهى عن الأعمى، ولا يخفى علينا أن النبي لم يكن يعلم بإيمان الأعمى الذي جاءه (ويدريك لعله يزكى)، ولكن عليك يا أيها النبي أن تقبل على من أقبل عليك ولا يهمك من تولى (إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل..)

لنفرض لو أن النبي كان يجلس عنده أبو بكر وعمر في موضوع مهم وجاء الأعمى يريد النبي، وتلهى عنه النبي قليلا
هل سيكون هناك معاتبة الجواب لا، لأن النبي هنا لم يخطئ وواجب على الأعمى أدبا أن ينتظر ليخرج له النبي
ولكن في قصة عبس عوتب النبي لأنه أخطئ في حرصه على المدبر وتلهيه عن المقبل
والله أعلم


ولا مشكلة في عبس النبي فقد كان النبي يزجر أصحابه ويغضب
وعبس النبي لمجيء الأعمى في وقت غير مناسب لا مشكلة فيه
 
عودة
أعلى