مَثَلُ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ لِابْنِ الْجَّوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
مَثَلُ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ

جَاءَ فِي كِتَابِ بُسْتَانِ الْوَاعِظِينَ وَرِيَاضِ السَّامِعِينَ" لِابْنِ الْجَّوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ..


" مَثَلُ الشُّهُورِ الاثْنَيّ عَشَر، كَمَثَلِ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَمَا أَنَّ يُوسُفَ أحبُّ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ إِلَيْهِ، كَذِلَكَ رَمَضَانُ أَحَبُّ الشُهُورِ إِلَى اللهِ, وَكَمَا غَفَرَ لَهُم بِدَعْوَةِ وَاحِدٍ مِنْهُم وَهُوَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَذَلِكَ يَغْفِرُ اللهُ ذُنُوبَ أَحَدَ عَشَرَ شَهْراً بِبَركَة ِرَمَضَان".


تَمْثِيلُ الشُّهُور كَإِخْوَةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ...........


قِيلَ- الشُّهُورُ الاثْنَيّ عَشَر، كَمَثَلِ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَشَهْرُ رَمَضَانَ بَيْنَ الشُّهُورِ كَيُوسُفَ بَيْنَ إخْوَتِهِ , فَكَمَا أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَبُّ الْأَوْلَادِ إِلَى يَعْقُوبَ, كَذِلَكَ رَمَضَانُ أَحَبُّ الشُهُورِ إِلَى عَلَّامِ الُغُيُوبِ .

نُكَتٌ فِي ذَلِكَ .............

نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلم- إِنْ كَانَ فِي يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْحِلْمِ وَالْعَفْوِ مَا غَمَرَ جَفَاْهَم حِينَ قَالَ { لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ } فَذَلِكَ شَهْرُ رَمَضَان فِيهِ مِنَ الرَّأْفَةِ وَالْبَرَكَاتِ وَالنِّعْمَةِ وَالْخَيْرَاتِ وَالْعِتْقِ مِنَ النَّارِ وَالْغُفْرَانِ مِنَ الْمَلِكِ الْقَهَّارِ مَا يَغْلِبُ جَمِيعَ الشُّهُورِ وَمَا اكْتَسَبْنَا فِيهِ مِنَ الآثَامِ وَالْأَوْزَارِ .
نُكْتَةٌ حَسَنَةُ الْإِشَارَةِ فِيهِ...

جَاءَ إخْوَةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُعْتَمِدِينَ عَلَيْهِ فِي سَدِّ الْخَلَلِ وَإِزَاحَةِ الْعِلَلِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا أَصْحَابَ الْخَطَايَا وَزَلَلٍ, فَأحْسَنَ لَهُم الْإِنْزَالَ وَأَصْلَحَ لَهُم الْأَحْوَالَ وَبَلَّغَهُم غَايَة الْآمَالِ وَأَطْعَمَهُم فِي الْجُوع وَأَذِنَ لَهُم فِي الرُّجُوعِ – {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا} فَسَدَّ الْوَاحِدُ خَلَلَ أَحَدَ عَشَرَ .
كَذَلِكَ شَهْرُ رَمَضَانَ وَاحِدٌ, وَالشُّهُورُ أَحَدَ عَشَرَ , وَفِي أَعْمَالِنَا خَلَلٌ- وَأَيُّ خَلَلٍ وَتَقْصِيرٍ وَأَيُّ تَقْصِيرٍ وَتَفْرِيطٍ فِي طَاعَةِ الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ.

وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ نَتَلَافَى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا فَرَّطْنَا فِيهِ فِي سَائِر الشُّهُورِ وَنُصْلِحُ فِيهِ فَاسِدَ الْأُمُورِ وَيَخْتِمُهُ عَلَيْنَا بِالْفَرَحِ وَالسُّرُورِ وَنَعْتَصِمُ فِيهِ بِحَبل الْمَلِكِ الْغَفُورِ.

إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَإِحْسَانِهِ وَعَفْوِهِ وَغُفْرَانِهِ- سَمِيعٌ بَصِيرٌ وَهُوَ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ.

- أَوْلَادُ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَمَضَان...........

وَإِشَارَة أُخْرَى كَانَ لِيَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحَدَ عَشَر وَلَدَا ذُكُورَا وَبَينَ يَدَيْهِ حَاضِرِينَ يَنْظُرُ إِلَيْهِم وَيَرَاهُم وَيَطَّلِعُ عَلَى أَحْوَالِهِم وَمَا يَبْدُوا مِنْ أَفْعَالِهِم, وَلَمْ يرْتَدَّ بَصَرُه بِشَيْءٍ مِنْ ثِيَابِهِمْ وَارْتَدَّ بِقَمِيصِ يُوسُف بَصِيرًا وَصَارَ بَصَرُه مُنِيرَا وَصَارَ قَوِيَّا بَعْدَ الضَّعْفِ, بَصِيرًا بَعْدَ الْعَمَى- فَكَذَلِكَ الْمُذْنِبُ العَاصِي إِذَا شَمَّ رَوَائِحَ رَمَضَانَ وَجَلَسَ فِيهِ مَعَ الْمَذَكِّرِينَ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَصَحِبَهُم بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَتَرْكِ الْغِيْبَةِ وَقَوْلِ الْبُهْتَانِ , يَصِيرُ إِنْ شَاءَ اللهُ مَغْفُورَا لَهُ بَعْدَ مَا كَانَ عَاصِيَا وَقَرِيبَا بَعْدَ مَا كَانَ قَاصِيَا, يَنْظُرُ بِقَلْبِهِ بَعْدَ الْعَمَى وَيَسْعَدُ بِقُرْبِهِ بَعْدَ الشَّقَا, وَيُقَابَلُ بِالرَّحْمَةِ بَعْدَ السُّخْطِ , وَيُرْزَقُ بِلَا مَؤُونَةٍ وَلَا تَعَبٍ, وَيُوُفَّقُ طُولَ حَيَاتِهِ, وَيُرْفَقُ بِقَبْضِ رُوحِهِ عِنْدَ الْوَفَاةِ , وَيُفَضَّلُ بِالْمَغْفِرَةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ, وَيَحْظَى فِي الْجِنَانِ بِدَرَجَاتِ الالْتِقَاءِ .
فَاللهَ اللهَ- اغْتَنِمُوا هَذِهِ الْفَضِيلَةَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْقَلِيلَةِ- تَعْقُبُكُم النِّعْمَةُ الْجَزِيلَةُ وَالدَّرَجَةُ الْجَلِيلَةُ وَالرَّاحَةُ الطَّوِيلَةُ إِنْ شَاءَ اللهُ .

هَذِه وَاللهِ الرَّاحَةُ الْوَافِرَةُ وَالْمَنْزِلَةُ السَّائِرَةُ وَالْحَالَةُ الرَّضِيَّةُ وَالْجنَّةُ السّريَّةُ وَالنِّعْمَةُ الْهَنِيَّةُ وَالْعِيشَةُ الرَّضِيَّةُ لَا تُنَالُ إِلَّا بِالْوَقَارِ لِهَذَا الشَّهْرِ الَّذِي عَظَّمَهُ الْجَبَّارُ وَفُضِّلَ بِهِ مُحَمَّدٌ الْمُخْتَارُ وَمَنْ لَا يُوَقِّرُهُ كَانَ مَصِيرُهُ إِلَى النَّارِ.
 
عودة
أعلى