إيضاحا لمواضع الإشكالات سأسردها وأترك التوفيق بينها أو ترجيح بعضها بقرينة لمشايخنا الكرام..!
1- موضع آل عمران:
{قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ] قال علماؤنا رحمة الله عليهم : الكمال هو التناهي والتمام ح ويقال في ماضيه كمل بفتح الميم وضمها ويكمل في مضارعه بالضم ن وكمال كل شيء بحسبه والكمال المطلق إنما هو لله تعالى خاصة ولا شك أن أكمل نوع الإنسان الأنبياء ثم يليهم الأولياء من الصديقين والشهداء والصالحين وإذا تقرر هذا فقد قيل : إن الكمال المذكور في الحديث يعني به النبوة فيلزم عليه أن تكون مريم عليها السلام وآسية نبيتين وقد قيل بذلك والصحيح أن مريم نبية لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك كما أوحى إلى سائر النبيين حسب ما تقدم ويأتي بيانه أيضا في مريم وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها دلالة واضحة بل على صديقتها وفضلها ن على ما يأتي بيانه في التحريم}
ثم قال بُعيد ذلك:{فظاهر القرآن والأحاديث يقتضي أن مريم أفضل من جميع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة تقوم عليها الساعة فإن الملائكة قد بلغتها الوحي عن الله عز وجل بالتكليف والإخبار والبشارة كما بلغت سائر الأنبياء فهي إذا نبية والنبي أفضل من الولي فهي أفضل من كل النساء : الأولين والآخرين مطلقا }
إلى أن قال رحمه الله: {وكذلك شأن مريم لم تنل شهادة الله في التنزيل بالصديقية والتصديق بالكلمات إلا بالمرتبة قريبة دانية ومن قال لم تكن نبية قال : إن رؤيتها للملك كما رؤي جبريل عليه السلام في صفة دحية الكلبي حين سؤاله عن الإسلام والإيمان ولم تكن الصحابة بذلك أنبياء والأول أظهر وعليه الأكثر والله أعلم}
2- موضع المائدة:
{وقد استدل من قال : إن مريم عليها السلام لم تكن نبية بقوله تعالى : { وأمه صديقة }
قلت : وفيه نظر فإنه يجوز أن تكون صديقة مع كونها نبية كإدريس عليه السلام وقد مضى في آل عمران ما يدل على هذا والله أعلم وإنما قيل لها صديقة لكثرة تصديقها بآيات ربها وتصديقها ولدها فيما أخبرها به عن الحسن وغيره الله أعلم}
3- موضع مريم:
{واختلف الناس في نبوة مريم فقيل كانت نبية بهذا الإرسال والمحاورة للملك وقيل : لم تكن نبية وإنما كلمها مثال بشر ورؤيتها للملك ما رؤي جبريل في صفة دحية حين سؤاله عن الإيمان والإسلام والأول أظهر وقد مضى الكلام في هذا المعنى مستوفى في ( آل عمران ) والحمد لله}
هذه المواضع الثلاث أثبت لها فيها النبوة,وفي موضع آية (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون}
قال: أي أرسلنا رجالا ليس فيهم امرأة ولا جني ولا ملك وهذا يرد ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ إن في النساء أربع نبيات حواء وآسية وأم موسى ومريم ] وقد تقدم في ( آل عمران ) شيء من هذا ..
وعند آية { وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا}
استشهد بقول الحسن ولم ينكره أو يرد عليه كما فعل سابقاً, إذ يقول في هذه الآية:
وكان صلى الله عليه وسلم مبعوثا الى الإنس والجن قال الحسن : بعث ا لله محمدا صلى الله عليه وسلم الى الإنس والجن ولم يبعث قط رسولا من الجن ولا من أهل البادية ولا من النساء وذلك قوله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى } [ يوسف : 109 ] وقد تقدم هذا المعنى