موطن مشكل في ترجيح أبي حيان في قوله : ( فزع عن قلوبهم )

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,698
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
ترجيح أبي حيان في عود الضمير في قوله تعالى ( فزع عن قلوبهم ) من سياق قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآَخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) سبأ
قال أبو حيان : ( والظاهر أن الضمير في قوله : { قلوبهم } (آية : 23) عائد على ما عادت عليه الضمائر التي للغيبة في قوله : { لا يملكون } (آية:22) ، وفي { ما لهم } (آية:22) ، و { ما لهم منهم } (آية:22) ، وهم الملائكة الذين دعوهم آلهة وشفعاء ، ويكون التقدير : إلا لمن أذن له منهم ) .
ثم نقل نقولاً عن بعض المفسرين ، ثم قال :
( وهذه الأقوال والتي قبلها لا تكاد تلائم ألفاظ القرآن ، فالله أسأل أن يرزقنا فهم كتابه ، وأقر بها عندي أن يكون الضمير في { قلوبهم } (آية:23)عائداً على من عاد عليه {اتبعوه} (آية:20) و{عليهم} (آية:21)، و{ممن هو منها في شك} (آية:21)، وتكون الجملة بعد ذلك اعتراضاً . وقوله : { قالوا } ، أي الملائكة ، لأولئك المتبعين الشاكين يسألونهم سؤال توبيخ : { ماذا قال ربكم } ، على لسان من بعث إليكم بعد أن كشف الغطاء عن قلوبهم ، فيقرون إذ ذاك أن الذي قاله ، وجاءت به أنبياؤه ، وهو الحق ، لا الباطل الذي كنا فيه من اتباع إبليس . وشكنا في البعث ...)
وهذه الضمائر تعود إلى الكفار كما هو ظاهر ، ويكون الضمير في ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) أي : عن قلوب الكفار ، قالت الملائكة لهم : ماذا قال ربكم ؟ ...
أما على ترجيحه الاول الذي بدأه بقوله : ( والظاهر ... ) فإن الذين فزع عن قلوبهم هم الملائكة لا الكفار .
وعلى هذا يكون أبو حيان ـ رحمه الله ـ قد رجَّح في أول كلامه ما ردَّه في آخر كلامه ، فهل هذا هو الواقع ، أم ماذا؟
أرجو من الإخوة مدارسة هذا الموضع عند أبي حيان، وينظرون هل ما فهمته من كلامه ـ رحمه الله ـ صواب أو هو خطأ ، ولكم من الله الجزاء الأوفى ؟
تنبيه : ذكر أبو حيان في النهر الماد من البحر قول ابن عطية الأندلسي أن الضمير يعود إلى الملائكة ، ولم يزد على ذلك ، واقتصاره على هذا القول ـ في هذا المختصر ـ دون غيره نوع من الاختيار .
 
استحسن السمين الحلبي ما اختاره شيخه في البحر ، فقال في الدر المصون : ( قوله: "حتى إذا" هذه غايةٌ لا بُدَّ لَها مِنْ مُغَيَّا. وفيه أوجهٌ، أحدُها: أنه قولُه: {فَٱتَّبَعُوهُ} [سبأ: 20] على أَنْ يكونَ الضميرُ في عليهم من قولِه: {صَدَّقَ عَلَيْهِمْ} [سبأ: 20] وفي "قلوبِهم" عائداً على جميع الكفار، ويكون التفزيعُ حالةَ مفارقةِ الحياةِ، أو يُجْعَلُ اتِّباعُهم إياه مُسْتصحِباً لهم إلى يوم القيامة مجازاً. والجملةُ مِنْ قوله: "قل ادْعُوا" إلى آخرها معترضةٌ بين الغايةِ والمُغَيَّا. ذكره الشيخ. وهو حسنٌ.)

وأما الألوسي فقد علق على اختيار أبي حيان بقوله : ( ولا يخفى بعده، والوجه عندى ما ذكر أولاً .)


ولا يخفى أن ختيار أبي حيان الأخير لا يتفق ما ما ذكره في أول كلامه.

وقد يقال بأن ما ذكره أولاً هو الظاهر المتبادر إلى الذهن ، وهذا الظاهر لم يرتضه أبو حيان ؛ فاختار ما قرره في آخر كلامه.
 
[mark=FFFFFF]ويكون الضمير في ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) أي : عن قلوب الكفار ، قالت الملائكة لهم : ماذا قال ربكم ؟ ...
أما على ترجيحه الاول الذي بدأه بقوله : ( والظاهر ... ) فإن الذين فزع عن قلوبهم هم الملائكة لا الكفار . [/mark]
أليس معنى أو دلالة الأول أن الكفار قد كلمهم الله وسألتهم الملائكة عما قال لهم الله وهو ماينافى صريح القرآن" لايكلمهم الله .."
اذا كان الثانى فمعناه أن الملائكة ذهبت تشفع وسبب الرد لهم فزع الى حين ,وهو أيضا ضعيف أيشفعون للكفار !
.وأمر آخر هل للملائكة قلوب ؟
وربما كان الأصح أنه لا ذكر للملائكة فى الآيات ,بل " الذين زعمتم "كل المزعومين آلهة
والشفاعة فى الآية للشافع أم للمشفوع فيه .!!فلا آلهتهم المزعومة ممن أذن له أن يشفع ولاهم ممن أذن أن يشفع لهم ,فمن سأل ؟ المشفوع لهم سألوا من ظنوهم شافعين فأجابوهم أن ما قال الله هو الحق وهو أنه لن يؤذن لنا وهو ما أبلغتم به فى الدنيا ."وهو العلى الكبير "هو أعلى وأكبر من أن يكلمه أمثالنا وعليه فأيقنوا أن لاشفاعة لنا ولا لكم هذا اذا كانت الشفاعة فى الآخرة.
وقد تكون هذه الشفاعة فى الدنبا فى الرزق والملك والمظاهرة.و ربما كان السياق انها الأولى .فاذا شفع أحدهم إلهه المزعوم فى رزق ولم تنفع شفاعته فعندما ييقن بذلك يسأل نفسه أومن حوله "ماذا قال ربكم " ويعود الى الحق ولو مؤقتا مثل " واذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون الا إياه "والله أعلم
 
ترددُ أبي حيان في الاختيار في مرجع الضمير في قوله :(فُزِّعَ عن قلوبهم) ظاهرٌ كما تفضلتم، ولا غرابة أن يقع الترددُ من المفسِّرِ في مسألةٍ من المسائل، وهذه مسألةٌ جديرة بالبحث وهي (تردد المفسرين في الترجيح وأسبابه) . وقد مرَّ بي كثير من المواضع التي يُصرِّحُ المفسرُ فيها بالتردد والمواضع التي يظهر فيها تردده وإن لم يصرح كما هنا، وأسباب التردد كثيرة ، وبحثه في أسباب اختلاف المفسرين وكتبه، ولا أذكر أنه مر بي بحث مفصل لمواضع هذا التردد عند أهل التفسير.
وأما مرجع الضمير في قوله :(فُزِّعَ عن قلوبهم) فالذي يبدو – والله أعلم – أنه يعود على الشافعين والمشفوع لهم جميعاً، حيث إنه مفهوم الكلام، وسياق الآية يدل عليه ولا يرده، وفيه جمعٌ بين القولين التي قال بها المفسرون.
ولذلك قال الزمخشري :( فإن قلت : بما اتصل قوله : { حتى إِذَا فُزّعَ عَن قُلُوبِهِمْ } ولأي شيء وقعت حتى غاية ؟
قلت : بما فُهم من هذا الكلام من أنّ ثم انتظاراً للإذن وتوقعاً وتمهلاً وفزعاً من الراجين للشفاعة والشفعاء ، هل يؤذن لهم أو لا يؤذن؟ وأنه لا يطلق الإذن إلاّ بعد مليِّ من الزمان ، وطول من التربص ، ومثل هذه الحال دلّ عليه قوله عزّ وجلّ { رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا الرحمن لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقَالَ صَوَاباً } [ النبأ : 37- 38 ] كأنه قيل : يتربصون ويتوقفون كلياً فزعين وهلين ، حتى إذا فزع عن قلوبهم ، أي : كشف الفزع عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزّة في إطلاق الإذن : تباشروا بذلك وسأل بعضهم بعضاً { مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ } قال { الحق } أي القول الحق ، وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى ).
وأما الإمام الطبري رحمه الله فقد رجح أن الضمير يعود على الملائكة لورود الخبر بذلك عن عدد من السلف ، مع أنه نقل القول : إنهم المشركون وهم المشفوع لهم ، عن عدد من المفسرين . غير أنه ختم الأقوال بقوله :
(وأولى الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي ذكره الشعبي عن ابن مسعود – أي أنهم الملائكة- لصحة الخبر الذي ذكرناه عن ابن عباس عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بتأييده. وإذ كان ذلك كذلك، فمعنى الكلام: لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له أن يشفع عنده، فإذا أذن الله لمن أذن له أن يشفع فزع لسماعه إذنه، حتى إذا فزِّع عن قلوبهم فجلِّيَ عنها، وكشف الفزع عنهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالت الملائكة: الحق،(وَهُوَ الْعَلِيُّ) على كل شيء(الْكَبِيرُ) الذي لا شيء دونه.
والعرب تستعمل "فزِّع" في معنيين فتقول للشجاع الذي به تنزل الأمور التي يفزع منها: هو مفزَّع، وتقول للجبان الذي يفزَع من كل شيء: إنه لمفزَّع، وكذلك تقول للرجل الذي يقضي له الناس في الأمور بالغلبة على من نازله فيها: هو مغلِّب، وإذا أريد به هذا المعنى كان غالبًا، وتقول للرجل أيضًا الذي هو مغلوب أبدًا: مغلَّب).
 
للطاهر ابن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير) حديث طويل عن هذا المقطع من الآية، أنقله هنا كاملا:

"....

وقوله: { حتى إذا فزع عن قلوبهم } { حتى } ابتدائية وهي تفيد ارتباط ما بعدها بما قبلها لا محالة فالضمائر التي في الجملة الواقعة بعد { حتى } عائدة على ما يصلح لها في الجُمل التي قبلها. وقد أفادت { حتى } الغاية بأصل وضعها وهي هنا غاية لما أفهمه قوله: { إلا لمن أذن له } من أن هنالك إذناً يصدر من جانب القدس يأذن الله به ناساً من الأخيار بأن يشفعوا كما جاء تفصيل بعض هذه الشفاعة في الأحاديث الصحيحة وأن الذين يرجون أن يشفع فيهم ينتظرون ممن هو أهل لأن يشفع وهم في فزع من الإِشفاق أن لا يؤذن بالشفاعة فيهم، فإذا أذن الله لمن شاء أن يشفع زال الفزع عن قلوبهم واستبشروا إذ أنه فزع عن قلوب الذين قبلت الشفاعة فيهم، أي وأيس المحرومون من قبول الشفاعة فيهم. وهذا من الحذف المسمى بالاكتفاء اكتفاء بذكر الشيء عن ذكر نظيره أو ضده، وحسنه هنا أنه اقتصار على ما يسرّ المؤمنين الذين لم يتخذوا من دون الله أولياء.

وقد طويت جمل مِن وراء { حتى } ، والتقدير: إلا لمن أذن له ويومئذٍ يبقى الناس مرتقبين الإِذن لمن يشفع، فَزعين من أن لا يؤذن لأحد زمناً ينتهي بوقت زوال الفزع عن قلوبهم حينَ يؤذن للشافعين بأن يشفعوا، وهو إيجاز حذف.

{قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ }* { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ}

و{ إذا } ظرف للمستقبل وهو مضاف إلى جملة { فزع عن قلوبهم } ومتعلق بــــ { قالوا }.

و { فزع } قرأه الجمهور بضم الفاء وكسر الزاي مشددة، وهو مضاعف فزع. والتضعيف فيه للإِزالة مثل: قشّر العود، ومَرَّض المريض إذا باشر علاجَه، وبُني للمجهول لتعظيم ذلك التفزيع بأنه صادر من جانب عظيم، ففيه جانب الآذن فيه، وجانب المبلغ له وهو الملك.

والتفزيع يحصل لهم بانكشاف إجمالي يلهمونه فيعلمون بأن الله أذن بالشفاعة ثم يتطلبون التفصيل بقولهم: { ماذا قال ربكم } ليعلموا من أُذِن له ممن لم يؤذن له، وهذا كما يكَرِّر النظَرَ ويُعَاوِد المطالعَةَ مَن ينتظر القبول، أو هم يتساءلون عن ذلك من شدة الخَشية فإنهم إذا فُزِّع عن قلوبهم تساءلوا لمزيد التحقق بما استبشروا به فيجابون أنه قال الحق.

فضمير { قالوا ماذا قال ربكم } عائد على بعض مدلول قوله: { لمن أذن له }. وهم الذين أذن للشفعاء بقبول شفاعتهم منهم وهم يوجهون هذا الاستفهام إلى الملائكة الحافّين، وضمير { قالوا الحق } عائد إلى المسؤولين وهم الملائكة.

ويظهر أن كلمة { الحق } وقعت حكاية لمقول الله بوصف يجمع متنوع أقوال الله تعالى حينئذٍ من قبول شفاعة في بعض المشفوع فيهم ومن حرمان لغيرهم كما يقال: ماذا قال القاضي للخصم؟ فيقال: قال الفصلَ. فهذا حكاية لمقول الله بالمعنى.

وانتصاب { الحق } على أنه مفعول { قالوا } يتضمن معنى الكلام، أي قال الكلام الحق، كقوله:
وقصيدةٍ تأتي الملوك غريبة قد قلتُها ليقال من ذا قالها
هذا هو المعنى الذي يقتضيه نظم الآية ويلتئم مع معانيها. وقد ذهبت في تفسيرها أقوال كثير من المفسرين طرائق قدداً، وتفرقوا بَدَداً بَدَداً.

و (ذا) من قوله: { ماذا } إشارة عوملت معاملة الموصول لأن أصل: { ماذا قال }: ما هذا الذي قال، فلما كثر استعمالها بدون ذِكر اسم الموصول قِيل إن (ذا) بعد الاستفهام تصير اسم موصول، وقد يذكر الموصول بعدها كقوله تعالى:
{ من ذا الذي يشفع عنده }
[البقرة: 255].

وقرأ ابن عامر ويعقوب { فزع } بفتح الفاء وفتح الزاي مشددة بصيغة البناء للفاعل، أي فَزّع الله عن قلوبهم.

وقد ورد في أحاديث الشفاعة عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري " أن الله يقول لآدم: «أخرج بعث النار من ذريتك» " ، وفي حديث أنس في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المحشر كلهم " ليدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار " وفيه أن الأنبياء أبوا أن يشفعوا وأن أهل المحشر أتوا محمداً صلى الله عليه وسلم وأنه استأذن ربه في ذلك فقال له: «سل تُعْطَ واشفع تُشَفّع»، وفي حديث أبي سعيد «أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لعمه أبي طالب فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه تغلي منه أم دماغه».

وجملة { وهو العلي الكبير } تتمة جواب المجيبين، عطفوا تعظيم الله بذكر صفتين من صفات جلاله، وهما صفة { العلي } وصفة { الكبير }.

{قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ } * { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ}
والعلو: علوّ الشأن الشامل لمنتهى الكمال في العلم.

والكبر: العظمة المعنوية، وهي منتهى القدرة والعدل والحكمة، وتخصيص هاتين الصفتين لمناسبة مقام الجواب، أي قد قضى بالحق لكل أحد بما يستحقه فإنه لا يخفى عليه حال أحد ولا يعوقه عن إيصاله إلى حقه عائق ولا يجوز دونه حائل. وتقدم ذكر هاتين الصفتين في قوله: { وأن الله هو العلي الكبير } في سورة الحج (62).

واعلم أنه قد ورد في صفة تلقّي الملائكة الوحي أن من يتلقى من الملائكة الوحي يسأل الذي يبلغه إليه بمثل هذا الكلام كما في حديث أبي هريرة في صحيح البخاري وغيره: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خُضْعَاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فُزّع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال الحقّ وهو العلي الكبير " ا هــــ. فمعنى قوله في الحديث: قضَى صدَر منه أمر التكوين الذي تتولى الملائكة تنفيذه، وقوله في الحديث: " في السماء " يتعلق بــــ «قضى» بمعنى أوصل قضاءه إلى السماء حيث مقرّ الملائكة، وقوله: «خُضْعَاناً لقوله» أي خوفاً وخشية، وقوله: { فزع عن قلوبهم } أي أزيل الخوف عن نفوسهم.

وفي حديث ابن عباس عند الترمذي " «إذا قضى ربنا أمراً سبح له حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» قال: «ثم أهل كل سماء» " الحديث. وذلك لا يقتضي أنه المراد في آية سورة سبأ وإنما هذه صفة تلقي الملائكة أمر الله في الدنيا والآخرة فكانت أقوالهم على سنة واحدة.

وليس تخريج البخاري والترمذي هذا الحديث في الكلام على تفسير سورة سبأ مراداً به أنه وارد في ذلك، وإنما يريد أن من صور معناه ما ذكر في سورة سبأ.

وهذا يغنيك عن الالتجاء إلى تكلفات تعسّفوها في تفسير هذه الآية وتعَلّقها بما قبلها.

..."
 
[mark=FFFFFF]ويكون الضمير في ( حتى إذا فزع عن قلوبهم ) أي : عن قلوب الكفار ، قالت الملائكة لهم : ماذا قال ربكم ؟ ...
أما على ترجيحه الاول الذي بدأه بقوله : ( والظاهر ... ) فإن الذين فزع عن قلوبهم هم الملائكة لا الكفار . [/mark]
أليس معنى أو دلالة الأول أن الكفار قد كلمهم الله وسألتهم الملائكة عما قال لهم الله وهو ماينافى صريح القرآن" لايكلمهم الله .."
ا


فائدة:
قال الشيخ الشنقيطي رحمة الله عليه في إجابته على هذا الإشكال:وهو توهم تعارض (ولا يكلمهم الله) مع صريح القرآن الوارد بكلام الله إياهم مثل (قال رب ارجعون ومثل (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسئوا فيها ولا تكلمون) وغير هذه الآيات..:
)
والحق أن الكلام الذي نفى الله أن يكلمهم به هو الكلام الذي فيه خير وأما التوبيخ والتقريع والإهانة فكلام الله لهم به من جنس عذابه لهم, ولم يُقصَد بالنفي في قوله (ولا يكلمهم)انتــهى
دفع إيهام الاضطراب
 
بارك الله فيك ورحم الله الشيخ رحمة واسعة .
ويبقي سؤلا مطروحا للجميع : لما لايكون الكلام في الدنيا وليس في الآخرة ؟ والسياق في الرزق وملك ذرات السموات والأرض ومظاهرة علي أسباب الدنيا .
 
عودة
أعلى