مواقف من باريس

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع Amara
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

Amara

New member
إنضم
03/02/2009
المشاركات
576
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما
أحباء قلبي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربما هي الزيارة الأولى إلى باريس.. مع أني كثير السفر إلى فرنسا بحكم الابحاث العلمية المشتركة مع بعض الزملاء الرياضيين هناك.. وقد قضيت الثلث الأول من رمضان هناك وكنت أفكر فقد أكون وحيدا بين الملايين الملحدة التي لا تعرف الله.. لكن أشياء عجيبة يشهدها كل مسلم يدخل باريس..
ربما تكون نظرتك الأولى على مشاهد الحيوانية حيث أدرت وجهك.. وأعجب أنك كلما أطرقت إلى الأرض وقلت أستغفر الله عرفوا أنك مسلم.. حتى من لا يتكلم العربية .. كلهم يعرفونها إذا ما سمعوها.. ويعرفون أنه لا ينطق بها إلا المسلم.. ويحدث هذا كلما جلست وسميت أو ذكرت بشفتيك محمدا صلى الله عليه وسلم.. فهذه من الأمور التي عجبت لها كلما ركبت الحافلة أو المترو.. لكن بمجرد أن تمضي يوما أو يومين وتسأل الناس عن المساجد .. وترى وجوها يملؤها نور الإيمان .. وتعرف المسلمين بسيماهم .. يرتاح قلبك وتراجع نفسك ..
أنا سأحدثكم عن موقفين عجيبين أثرا في كثيرا..

- في ذات صباح.. توجهت كعادتي أريد الباص في رحلة جديدة.. وفي محطة الباص لفت نظري امرأة سوداء متحجبة وتحمل في يدها كتاب خطه بالعربية تراجعه.. عرفت أنها مسلمة فسلمت عليها أريد أن أستوضحها ماذا تفعل بالكتاب.. فإذا هي أحد المشاركين في دورة تكوينية في اللغة العربية.. سألتها عن عمرها كم هو فقالت أنها تبلغ الخامسة والخمسين من العمر.. من جمهورية مالي.. وهي تعمل بفرنسا ووجدت الفرصة كي تتعلم اللغة العربية حتى يسهل عليها حفظ كتاب الله.. استوضحتها إن كانت الدورة بالمجان أم لا فقالت لا.. هنا كل شيء بمقابل.. حتى المسلمون نسوا العمل في سبيل الله.. يأتينا أساتذة أصحاب تجربة من كل مكان لكن بمقابل.. صحيح أننا نستفيد.. لكن قليل هي ثقافة الجهاد بالدرهم وبالمال.. ونحن ملزمون أن ندفع حتى إن كنا في حاجة إلى هذا المال.. فالحاجة للدين أكبر وأهم يا أخي... كانت كلماتها ضربات موجعة لقلبي.. أبواب الجهاد مفتوحة في كل بلد لمن أراد.. أهم من كل شيء أن تنتشر ثقافة المحبة بين المسلمين.. أن يظهر اليقين في أننا كالجسد الواحد.. أعرف أنها مسؤوليتي ومسؤولية كل مسلم يستطيع الذهاب إلى هناك أن يدرس هؤلاء العربية ويحفظ القرآن مجانا في سبيل الله.. لعل الله ييسر.
- وكنت في كل ليلة من ليالي رمضان التي قضيتها هناك، أفطر ثم أخرج للصلاة ولحضور التراويح.. كان المترو والباصات شبه مخصص للمسلمين.. ترى ذلك في المحطات.. بعد الفطور كل المحطات مكتظة بالمسلمين يريدون صلاة التراويح في المساجد.. كنت أسلم على المسلمين وأحادثهم.. من الجزائر والمغرب وتونس وكل مكان.. وفي احدى هذه الليالي.. ونحن خارجون من المسجد إثر صلاة التراويح.. لفت نظري امرأة أخرى من مالي كانت تتحدث عن الاسلام.. وقفت أستمع إليها.. فسلمت.. قلت لها أتجيدين العربية.. فقالت لي بالفرنسية.. لا.. ولكني أقرأ القرآن بالعربية.. قلت لها وهل تفهمين كلماته.. قالت أجل.. وكيف أقرؤه إن لم أكن أفهمه.. قلت لها وهل تقرئين غيره.. قالت لا أجيد غيره.. أنا لا أجيد العربية في الأصل.. قلت لها : اريد أن اسألك.. مالذي يجعل أهل العربية من المسلمين يغفلون عن القرآن.. ويهتم به الأعاجم.. فقالت كلاما عجيبا سأحاول ترجمته : يا أخي.. القرآن نزل بالعربية لكنه لم ينزل للعرب.. المعني به الناس كلهم وليس فقط العرب.. والعرب هم جزء من الذين أنزل إليهم القرآن.. وقد لا يستوعبوه مع أنه بلغتهم.. وقد يستوعبه ويفقهه غيرهم مع أنه ليس بلغتهم.. أنا سأعطيك الدليل من القرآن.. ثم سألتني مبتسمة : أقرأت القرآن ؟؟؟ قلت لها : أكيد.. قالت : لابد أنك قرأت أنه نور.. والنور ينفذ إلى القلوب لا إلى الألسن.. فمن نفذ نور القرآن إلى قلبه اهتم به وفهمه حتى إن لم يكن ينطق العربية.. ومن لم ينفذ ذلك النور إلى قلبه فنسأل الله لنا وله الهداية... لكم التعليق

يغفر الله لي ولكم
 
من الجميل إحساسك بحال المسلمين هناك ومن الجميل أن تزرع أفكارك الطيبة والمبدعة في الدعوة - كالتي ذكرتها في مقالك - هناك، وستجد لها أثراً بحول الله.
أسأل الله أن يجعلك ممن يشملهم قول الرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ , وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ , أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً , أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا , أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا , وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ شَهْرًا , وَمَنَ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ , وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ)). أخرجه الطبراني في المعجم الكبير[ 11/ 84].
 
أولا أحييك أخي الحبيب الدكتور عمارة، وهذه فرصة لي لأنفرد بتهنئتك بالمرتبة الجديدة التي فرحنا بها حقا، أسأل الله أن يجعلها لك وسيلة إلى مرضاته.
وما ذكرتَه من مواقف عجيبٌ حقا، ولكن لا عجب حين يكون الحديث عن كلام الله تعالى، الذي جعله حجة للعالمين، ونورا وهدى وبشرى ورحمة للمسلمين.
وهذا هو الإعجاز الحقيقي لكتاب الله، إذ يشترك في إدراكه كل من قرأه، كما يشتركون في إدراك أنه بلغ من الفصاحة والبيان ما لا يمكن أن يكون إلا من عند رب العالمين.
ولقد حمل علوم القرآن أقوام لم تكن ألسنتهم عربية في الأصل، لكنهم أصبحوا عربا حين جعلوا العربية لسانهم من أجل كتاب الله، فأصبحوا هم علماء العربية وإليهم يرجعون.
وبقدر علم القارئ باللسان العربي يكون مقدار الفهم لكتاب الله الذي قال تعالى عنه:
فهما إذاً أمران:
- قلب متهيئ لاستقبال النور .
- ولسان يدرك أسرار البيان.
وباجتماع الأمرين ومقدارهما تفاوت الناس بعدا وقربا من كتاب الله تعالى.

وفقك الله وسددك، وجعلك مباركا أينما كنت.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم تسليما
جزاكم الله خيرا أيها الكرام
ربما تعب السفر أنساني كثيرا من المواقف العجيبة..
كنا نستقل الباص والمترو.. وفي كل مرة أقف على أشياء لا تعهدها في بقية الدول خاصة العربية.. حتى المتسولون هناك يتسولون بطرق غريبة.. صحيح أن فيهم من يقف أمام مساجد المسلمين.. وبعضهم يركن في المحطات فيجلس ويجعل أمامه بطاقة مكتوب عليها " أعينوني إني جائع".. وربما تستغرب حين ترى كثرة المتسولين في بلد يحسب على أنه من الدول المتقدمة.. تماما كما تستغرب أن تجد متسولين على بعد عشرات الأمتار من الكعبة.. ووجه غريب أيضا ربما أحسبه من الأمور العجيبة بفرنسا هي تلك الأكواخ الموجودة في أزقتها وبعض طرقاتها.. الأكواخ التي بناها أهلها من الألواح والمزابل ليسكنوها.. وعجب أكبر أن تقف في موضع فترى على يمينك بنايات شاهقة وسيارات وترى على شمالك أكواخ بين الأشجار ومزابل مبعثرة وأناس تحت مستوى الفقر قد يسأل الواقف عليهم : هل تعلم بهم الدولة الفرنسية.. ويقيني أنها تعلم لكنها الحضارة التي بنتها فرنسا..
ربما تتذكر وأنت تراهم وترى بعض الناس حين يجن الليل يتوسدون الارض فراشا كلاما لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : اعطوا كل متسول وتابعوه إلى منزله فإن وجدتموه صاحب حاجة فاجعلوا له جراية من بيت مال المسلمين وإن كان غنيا فأدبوه.. لكنه ساركوزي وليس عمر بن عبد العزيز والديموقراطية وليست الشورى والطبقية وليست المساواة والشعارات وليس التطبيق والعمل للناس وليس العمل لله..
قلت أن الغرابة تجدها حتى في طرق التسول عند بعضهم فمنهم وخاصة النساء من تلبس حجابا وتجلس وتمد يدها وتنادي بلكنة الأعاجم " السلام عليكم صدقة " ولعلك تجد فيها خير تعبير أن الإسلام وحده من صنع هذه الرحمة والإسلام وحده من حكم بهذه الصدقة حتى جعل غير المسلمين يلبسون لباسه لينالوا من رحمة أهله.. وطريقة ثانية هي الموسيقى.. فليس غريبا هناك أن يصعد الباص أو المترو من يغني أو يتفنن على آلات الموسيقى ليطلب بعد ذلك أجره من السامعين.. وطبعا لست مجبرا على الدفع.. ولعلها الطريقة التي اتخذتها أنا وبعض أحبتي هناك في آخر أيام رحلتي، لكن ليس من أجل التسول بل من أجل الدعوة والتذكير.. فقد كنا نجلس في مؤخرة الباص.. وطبعا بما أنه ليس غريبا أن يغني أي شخص ويرفع صوته بالغناء أختار بعضنا أن يقرأ القرآن ويرفع به صوته.. وكان الصوت جميلا.. فكان الكل يطربون معنا لسماع كلمات الله .. ومنهم من تكون في أذنيه سماعة للأغاني من هاتفه.. فينزعها عن أذنيه ويقترب منا ليسمع..
لعل الله يفتح لنا في رحلة قادمة
يغفر الله لي ولكم
 
عودة
أعلى