مواقف المستشرقين من عملية جمع القرآن وتدوينه - الحلقة الأولى

إنضم
05/01/2013
المشاركات
579
مستوى التفاعل
6
النقاط
18
العمر
63
الإقامة
تارودانت المغرب
مواقف المستشرقين من عملية جمع القرآن وتدوينه
- الحلقة الأولى-
أ.د. محمد خروبات، أستاذ التعليم العالي
بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش
[email protected]

0021266944441​

الفهرس التفصيلي للمقال:
1 – مقدمة عامة
2 – مدخل
3 – ما أُثير حول عملية جمع القرآن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
4 – ما أُثير حول عملية جمع القرآن وتدوينه في عهد أبي بكر.
5 – ما أُثير حول عمر بن الخطاب في عملية الجمع.
6 – ما أُثير حول عملية جمع القرآن وتدوينه في عهد عثمان بن عفان.
7 – ما أُثير حول حرق مصحف ابن مسعود من قبل عثمان بن عفان.
8 – ما أُثير حول مواقف عبد الله بن مسعود من زيد بن ثابت.
9 – ما أُثير حول مواقف علي بن أبي طالب من عثمان في عملية الجمع.
10- خاتمة.

******************************************

1- مقدمة عامة:
لا أُريد أن أُثبت في هذا العرض سوى (بعض) الآراء المتداولة والتي تَمَّ الاتفاق عليها بين المستشرقين حول مسألة توثيق النص القرآني، وقَدَّرت أن تكون هذه الآراء مما يمكن أن يحسبها المرءُ من قبيل الخلاصات العلمية والاستنتاجات التي تَمَّتْ عن طريق البحث والاستقصاء والمتابعة ، وذلك حتى نضمن جَوََّا من الحوار العلمي، وقدرا من السجال النظري الهادف إلى تحقيق المادة العلمية في مرجعياتها الأصلية.
كنت أعتقد منذ مدة –لاسيما في دراستنا المبكرة- أن كتابات المسلمين عن الاستشراق تنطوي على مغالطات كبيرة، وتتم بروح التعصب والانفعال مع التسرع في إصدار الحكام والنعوت ، لكن بعد مضي مدة اتضح أن ما كنتُ أعتقده تعصبا هو حكم موضوعي، وما كنت أحسبُهُ انفعالا هو حالة لها مبرراتها، وما كنت أظنه تسرعا في الحكم هو نتيجة مستخلصه من مادة غير موهومة، لهذه الاعتبارات ضربت صفحا عن آراء المستشرقين الناسفة لأصول الإسلام – وهي كثيرة جدا- لسبب واحد هو أنها لا تعين على المتابعة في البحث، ولا تخول لك فرصة التنقيب والحفر، ولا تضمن لك الهدوء المعرفي، والسكينة العلمية اللازمتين في لإنجاز.
إنني أُسائل القارئ –غربيا كان أم شرقيا- عَمَّا يمكن أن يقوله وهو يسمع أن محمدا – صلى الله عليه وسلم -كان ساحرا صغيرا يُضحك أتباعه بأن درب حمامات على التقاط الزرع من أذنيه[1] ، وأنه وضيع الأصل، ونبي مزيف، عُرف بالنهم في شرب الخمرة فوقع في بركة وأكلته الخنازير[2].
إنني أُسائله عَمَّا يمكن أن يحكم به وهو يقرأ لكارل بروكلمان[3] في (تاريخ الشعوب)[4] حيث ينكر هناك الوحي أصلا، ويقرر في كتابه هذا أن شعائر الإسلام ما هي إلا اقتباس صرف من الديانتين، اليهودية والمسيحية[5]، أما ما قرره في (تاريخ الأدب العربي) فظلمات بعضها فوق بعض[6]، وحكم كولد زيهر[7] على القرآن في كتابه (مذاهب التفسير الإسلامي)[8] بالاضطراب وعدم الثبات[9] ، وقرر في كتابه (العقيدة والشريعة في الإسلام)[10] ما تجاوز به حد المعقول!، والقرآن عند كارلايل[11] هو (خليط مهلهل، مشوش، ممل، خام، مستغلق، تكرار لا نهاية له وإسهاب وإطناب، ومعاظلة، خام إلى أقصى الدرجات ، ومستغلق، وبإيجاز غباء فارغ لا يطاق)[12].
ومعرفة بعضهم للغة العربية جعلتهم يترجمونه إلى اللغات الأجنبية ملحقين بمعانيه أضرارا فادحة وأخطاء لائحة، السبب في ذلك أنهم غضوا الطرف عن (علم التفسير) بقواعده ومصادره ومناهجه ومختلف آلياته التي رافقت النص القرآني منذ ظهوره، وفَصْل النص القرآني عن هذه الآليات والقواعد لا مبرر له في سياق البحث العلمي الذي يتحرى الدقة والنزاهة[13]، بل وصل الغرور ببعضهم إلى معارضة القرآن، ومن هؤلاء ريموندو مارتين[14] الذي كتب (سورة معارضة للقرآن) تقول كتب التراجم أن هذه المعارضة بقيت في مخطوط كتاب Vocabuliste in Arabico ونشرها اسكيابارلي سيلستنو[15] بعد أن ترجمها إلى الإيطالية عن الإسبانية، وقدم الدكتور عبد الرحمان بدوي –في ترجمة ريموندو- صورة فوتوغرافية عن هذه المعارضة كما طبعها اسكيابارلي لكن الناشر للموسوعة اعتذر عن عدم نشر الصورة لما اشتملت عليه –كما قال – من سخافة فاضحة، وتطاول غير مهذب على الإسلام.[16].
إن مثل هذه الآراء القدحية، والنعوت ذات الدلالات الفظيعة هي كثيرة جدا، وهي لست من قبيل الخيال والرمنسة بل نسجت عن قصد، وافتعلت لأهداف معينة وكيفما كان التأويل فإنها تجذرت بقوة هائلة في الإنشاء الاستشراقي المستحدث للإسلام، وهو الإنشاء الذي يلقن لأجيال (الغرب) خلفا عن سلف، ولا أريد أن أثقل كاهل هذه المعالجة بمثل هذه (البطاقات) الاعتباطية التي أسميها دوما بـ(اللامعقول) لسبب أول هو أنها تثير لدى الباحث تقززا بفعل حدة وخز الملصقات اللفظية –ولسبب آخر- هو أن العقل لا يعقلها لأنها غير قابلة لأن تعقل!.


2- مدخل
ضُبط القرآن الكريم بعاملين لا ثالث لهما: العامل الأول حفظه في الصدور، والعامل الثاني حفظه في السطور.
وكون القرآن محفوظ في الصدور هو حقيقة لا جدال فيها بين المستشرقين، ولا خلاف فيها بين أهل العلم، ولم تثر بشأنها أية شبهة فيما نظن[17] إلا ما كان من بعض المستشرقين الذين ناقشوا عدد حفاظ القرآن فحصروهم في عدد قليل جدا، ومن هؤلاء المستشرقين الفرنسي ريجيس بلاشير[18] الذي حصر الحفظ في عبد الله بن مسعود وسالم ومعاذ بن جبل وأُبي ن كعب وزيد بن ثابت وأبي زيد[19].
ونسي هؤلاء أو تناسوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هو الحافظ الأول للقرآن الكريم، وفي سورة القيامة ما يشهد لذلك: (لا تحرك به لسانك لتعجل به، إنا علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ، ثم إن علينا بيانه)[20].
صحيح أنَّ من ذهب إلى حصر عدد الحفاظ في عدد قليل إنما اعتمد على بعض الروايات بعضها يقول بأربعة، وبعضها جاء بسبعة وبعضها بواحد، والمنهج الأسلم في هذه القضية هو أن كل رواية على حدة لا تفيد الحصر، والجمع بينها هو الأولى ويمكن للباحث إذا تفرغ لذلك أن يوسع الحكم ليشمل طائفة من الصحابة الذين كانوا يحفظون القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء لم تشملهم الروايات المنقولة في الموضوع ،لأن وضعهم معلوم من الحالة من دون تأويل.
وأما ضبط القرآن في السطور –وهو العامل الثاني- فهو الذي نعنيه في هذا المقال بـ (جمع القرآن وتدوينه)، وهو ما يعالجه المستشرقون تحت موضوع collecte du Coron ou Koran Laهذا العامل هو الذي نجوز البحث فيه، والتعامل معه ومناقشته، فقد جاءت آراؤهم متحدة حول بعض القضايا وغير متباينة، وهذا له أكثر من دلالة إذ أنهم بنوا تصورات معينة على مجموعة من الأدلة عثروا عليها في بعض المصادر فبنوا عليها أحكاما أصبحت مطلقة وثابتة، والسبب في ذلك هو أنهم يحافظون على نمط معين من المعرفة، ويتوارثونها خلفا عن سلف.
وطالعتنا في الأعوام الماضية الطبعة الثانية لموسوعة الإسلام باللغة الفرنسية وامتازت هذه الطبعة بكون معظم موادها أعيدت كتابتها من جديد بعدما مر على الطبعة الأولى زهاء أكثر من ثمانين سنة، وساهم في هذا المجلد[21]عدد من المفكرين العرب، وهذا شيء إيجابي لأن بعض المواد التي تولى المستشرقون بحثها قد أُسندت إلى هؤلاء، ومن الملفت للانتباه أن مادة (القرآن) لم تُسند إلى أحد من هؤلاء بل أسندت إلى أحد المستشرقين الذي بنى رأيه على أقوال من سبقه، وأطلق لنفسه العنان في الحديث عن القرآن ، وطبعا إذا كانت الدراسات السابقة وقعت في أخطاء فكتابات هذا المستشرق هي من نوع الخطأ المركب لأنه ورث أخطاء أسلافه وحافظ عليها، وبنى أحكامه عليها بل في غالب الأحيان – وهذا هو السائد- يجتر نفس الأحكام بكل يسر وسهولة ، فجاءت أحكامه قارة ومجحفة، فالبحث المخصص للقرآن في الموسوعة لا يتجاوز 35 صفحة، شغلت النقطة الفرعية المتعلقة بـ (توثيق القرآن)Collection du Coran أو Coran كما كتبوه، صفحة ونصف[22] ، وهي قليلة إذا ما قورنت بأهمية الموضوع وشساعته، لكن الكاتب ركز على بعض القضايا التي تهمه في الموضوع، وهي قضايا كُتب لها أن تكون محددة ومعروفة، وأول هذه القضايا رواية الإمام محمد بن إسماعيل البخاري التي تقضي بأن أبا بكر أمر زيد بن ثابت بجمع القرآن، فيترجمها صاحب المادة بطريقته المقتضبة، ويعلق عليها بعد ذلك بقوله:
(la tradition Islamique à accepté ce récit comme historique, et les différents points comme des faits, mais il soulève de graves problèmes)[23].
وفحوى هذا التعليق هو التشكيك في سلامة نص البخاري، والاعتقاد بأن المسلمين قبلوا هذا النص كحقيقة تاريخية ومسلمة واقعية، وفات هذا المستشرق أن يعرف أنه يتعامل مع أصح كتاب –عند المسلمين- بعد كتاب الله، كما فاته أن يعرف شخصية البخاري وقيمة جامعه الصحيح، ومنهجه في تخريج الآثار، وضبط المرويات، وهي قضية يطول بنا المقال إن فصلنا في أمرها الآن!.
وأقدم وثيقة معتمدة عند المستشرقين قاطبة في تاريخ القرآن هو كتاب تيودور نولدكه الألماني[24] الذي ألفه سنة 1856م فحصل به على الدكتوراه الأولى وفي سنة 1856 – أي بعد عامين- أعلنت أكاديمية باريس عن جائزة لبحث يكتب في الموضوع فتقدم له نولدكه ببحث بعنوان : (تاريخ القرآن) ، وتقاسم هو ولويس شبرنجر[25] وميشيل أماري[26] الظفر بالجائزة.
وكان أماري قد ساهم بمعية نولدكه بحث عن الترتيب الزماني لآيات القرآن بعنوان : (Mémoire sur la chronologie du Coran)، وبسبب هذا البحث عُين عضوا مراسلا لهذا المعهد .
أما نولدكه فإنه بعد عامين من ذلك التاريخ – أي في سنة 1860م – نشر الترجمة الألمانية للكتاب، وكانت عن اللاتينية التي كتب بها رسالته في البداية، وهذه الطبعة توسع فيها جدا بالتعاون مع تلميذه شفالي[27].
وتشير بعض المصادر أن شفالي كتب القسم الثاني من الكتاب بعد موت نولكه، ثم جاء برجستراس Bergestrosser[28] فكتب القسم الثالث من الكتاب الذي صدر بالفرنسية سنة 1938م، ثم جاء برتسل Prtzl[29] فكتب القسم الأخير الذي صدر سنة 1937 م[30].
وتشير دراسات أخرى أن برجستراس وبرسل أتما الجزء الثالث ما بين سنة 1926 و1935 [31] ، ويعتمد المستشرقون على كتاب (تاريخ القرآن) الذي بدأه نولدكه اعتمادا كبيرا ، وهو محاط عندهم بهالة من العظمة والقداسة لا يحضاها عندهم لا الإتقان ولا البرهان ولا مناهل العرفان ولا أي مصدر من المصادر الإسلامية التي تعنى بتاريخ القرآن وعلومه، يقول كولد زهير وهو يتحدث عن تاريخ القرآن : (وقد عالج هذه الظاهرة علاجا وافيا وبين علاقتها بفحص القرآن زعيمنا الكبير تيودور نولدكه Théodor Noldeke في كتابه الأصيل البكر (تاريخ القرآن) الذي نال جائزة أكاديمية النقوش الأثرية باريس سنة 1860)[32].
ويقول الدكتور آرثر جيفري في مقدمة تحقيقه لكتاب المصاحف لابن أبي داود ما نصه :(بدأ نولدكه (Noldeke) الألماني باستعمال طريقة البحث هذه في [33]نص القرآن الشريف في كتابه المشهور الجليل المسمى تاريخ القرآن (....) وهو الآن أساس كل بحث في علوم القرآن في أوربا)[34] .
لن أتوقف عند هذا الكتاب كثيرا لأنني علقت عليه حال صدوره مترجما إلى اللغة العربية بما يكفي في إحدى مشاركاتي العلمية والتي تم نشرها في هذا الموقع[35].
لم تتوقف لحظات النيل من القرآن الكريم فقد طلعت علينا في الأعوام الماضية ترجمة جديدة للمستشرق الفرنسي جاك بيرك[36]، هذه الترجمة تحتوي على مقدمة في زهاء 82 صفحة ، وهي من وجهة نظر الباحث الإسلامي تحتوي على طامات هائلة وأخطاء فادحة من ذلك أنه تشكك في نزول وترتيب وتجميع القرآن، وأقر في هذه المقدمة بأن القرآن تأثر بالشعر الجاهلي وبالفكر اليوناني القديم - وهذه شبهة قديمة[37] - وأنه متأثر بمزامير داود، كما زعم أن القرآن يحتوي على خط أسطوري ميثولوجي لفلسفة كوارثية النزعة للتاريخ، كما أن صورة الله عز وجل في القرآن هي عنده فظيعة جدا.
وتمكن جاك بيرك بفعل تطبيق المناهج اللغوية الحديثة من أن ينتقد معيارية القرآن ليحكم عليها بأنها أبعد ما تكون عن التقنين، وأن غموض تعبير الأحكام سمح للنص من أن يُفسر بطرق مختلفة، وحكم على الشريعة بالتناقض، وهاجم الصحوة لإسلامية فيما ذهبت إليه من عدم فصل الدين عن السياسة، كما ذهب إلى أن القرآن حرف الأساطير ثم حكم عليه بأنه لا يساير حضارة اليوم[38].

3- ما أُثير حول عملية جمع القرآن في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم).
أُثيرت حول القرآن الكريم في هذه المرحلة قضيتان:
- الأولى أن القرآن لم يكتب كله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بل كُتبت منه شذرات فقط ، وهي شبهة وَقَعَ عليها شبه اتفاق بين جماعة من المستشرقين منهم E.Montet[39] في كتابه (محمد والقرآن) ، و[40] H.Mossé[41] في كتابه (الإسلام)[42] ، وريجيس بلاشير في كتابه (القرآن)[43]، بل ذهب الأمر بالمستشرق Casanova[44] إلى الاعتقاد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك لأنه كان يتوقع قرب نهاية العالم[45].
- الثانية: أن كَتَبَةَ الوحي كانوا قليلين جدا.[46]
وهما شبهتان متلازمتان وقديمتان في نفس الوقت، كان بلاشير –وهو من أكثر المستشرقين تناولا للقرآن بعد تيودور نولدكه- يؤكد أن القرآن لم تكتب بعض شذراته إلا في المدينة ، أي بعد 13 سنة من نزول قسم منه ، وهي شبهة مردودة، لأن القرآن كان يُكتب في مكة، وفي قصة إسلام عمر بن الخطاب من سيرة ابن هشام ما يؤكد أنه دخل على أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد بن عمرو فوجد عندهما صحيفة فيها سورة طه كان خباب بن الأرث يقرئهما منها، وإسلام عمر كان في السنة السادسة من البعثة[47].
ومما يؤكد أن القرآن كُتب في مكة عاملان آخران :
الأول: وجود كتبة للوحي في مكة، ومن هؤلاء عبد الله بن سعد بن أبي سرح الذي ارتد ثم عاد إلى الإسلام يوم الفتح[48].
الثاني: القرآن نفسه، فإنه ناطق بنفسه، يفسر بعضه، ويشرح غوامض بعضه، يقول تعالى:( كلا إنها تذكرة، فمن شاء ذكره، في صحف مكرمة، مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة، كرام بررة)[49].
ويقول تعالى: (إنه لقرآن كريم، في كتاب مكنون، لا يمسه إلا المطهرون، تنزيل من رب العالمين)[50].
وهذا كله من القرآن المكي.
ثم بنى بلاشير على ذلك حكما آخر حين زعم أن الكتابة نشأت عن تحمس شخصي من محمدصلى الله عليه وسلم لبعض نصوص القرآن، ولم يجعلها واجبة،[51] وهو قول مردود ، لأن المواد العلمية التي تدحضه كثيرة جدا[52] ، منها أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعل ذلك بإرادته، وفي القرآن وعيد غليظ على ذلك: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل ن لأخذنا منه باليمن ، ثم لقطعنا منه الوتين)[53].
أما بخصوص كتبة الوحي فبعض المستشرقين لم يكلفوا أنفسهم عناء التوسع في هذا الموضوع ، ذلك أن العلماء ذكروا طائفة من الكتاب يفوق عددهم العشرة،[54] وقد أحصى بلاشير منهم أربعين رجلا.[55]
وتبقى شبهة المستشرق كازانوفا فريدة وغريبة، فهذا الرجل هاله ما وجد في القرآن من مثل قوله تعالى: ( اقتربت الساعة وانشق القمر)[56]، ومن مثل قوله : (اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون)[57] ، ومن مثل قوله: (واقترب الوعد الحق)[58] فعلل عدم جمع القرآن بأن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يتوقع قرب نهاية العالم.

4- ما أُثير حول عملية جمع القرآن وتدوينه في عهد أبي بكر (رضي الله عنه)
تولى أبو بكر خلافة المسلمين بعد قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وكان قد تولاها في جو من الفتن القلاقل والاضطرابات السياسية التي أحدثها المرتدون عن أداء الزكاة، والمتنبئون في كافة أرجاء الجزيرة العربية[59]، وكان من نتائج حركة الردة وقوع معركة اليمامة التي أتت على آخر رأس مرتد، وهو مسيلمة الكذاب متنبئ بني حنيفة؛ وإذا جنى المسلمون القضاء النهائي على مسيلمة فإنهم استرخصوا أرواحا كثيرة في هذا السبيل، وكانت غالبية هذه الأرواح من أراح الصحابة الذين يحفظون القرآن وعددهم سبعمائة صحابي حافظ لكتاب الله[60]، فهال هذا الأمر الصحابي الجليل عمر بن الخطاب الذي اقترح فكرة جمع القرآن على أبي بكر، وألح عليه في ذلك حتى أقنعه، ونحن نسوق الخبر في الرواية التي أخرجها البخاري في جامعه الصحيح، وهي الرواية التي تعلق بها المستشرقون أيما تعلق، فبعضهم ترجمها وبنى عليها أحكاما غليظة ، وبعضهم شك في صحتها واتهم المسلمين بالسذاجة في قبولها والتساهل في الاعتماد عليها، أخرج البخاري بسنده المتصل إلى عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت رضي الله عنه [قال: (أرسل إلي أبو بكر الصديق مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده ، قال أبو بكر رضي الله عنه: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى إن استحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف نفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه سلم؟ قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر، قال زيد: قال أبو بكر، إنك رجل شاب عاقل لانتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتتبع القرآن فأجمعه.
فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله علي وسلم؟ قال: هو والله خير. فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره " لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم" حتى خاتمة براءة، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه)[61]].
هذا هو النص الأساس في عملية جمع القرآن في العهد السياسي لأبي بكر رضي الله تعالى عنه، فالنص يشير إلى المرحلة الأولى لعملية الجمع، وهي في نفس الوقت: المرحلة الثانية من مرحلة كتابة النص القرآني، وهذه العملية هي نقل القرآن من المواد المتفرقة التي كتب عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي لم تكن تساعد على الجمع إلى مواد هي أيسر وأسهل في الجمع، فجمع لذلك في مصحف واحد مرتب الآيات والسور وربط المصحف برباط قوية حتى لا يضيع، وحتى لا يبقى في مواد متفرقة يعسر جمعها[62].
وتأول بلاشير وغيره هذا المصحف الذي جمعه أبو بكر بأنه لم يكن مصحفا إماما بل كان يخص أبا بكر وعمر وحدهما، وتعلل بوجود مصاحف أخرى بيد الصحابة، وهي مصاحف شخصية، وما ذكره من جهة المصاحف الفردية هو صحيح، فقد كان لبعض الصحابة مصاحف يُقيدون فيها القرآن، وبعضهم يُقيد فيها القرآن مصحوبا بالتفسير بالفقه والحديث: فكان لأبي بن كعب مصحف، وكان لعبد الله بن مسعود مصحف ، ولمعاذ بن جبل مصحف، ولأبي الدرداء مصحف ولعلي مصحف...، هذه المصاحف لم تكن كاملة ومرتبة فهي إذن مصاحف شخصية، والمقارنة بين هذه المصاحف والمصحف المجموع تبقى غير لائقة، أما تأويل المصحف المجموع من موقع المصاحف الفردية فلا أساس له على المستوى العلمي والمنهجي لأن المصحف المجموع هو مصحف إمام، قام به الخليفة الذي يمثل إمامة الأمة بمعية الصحابة، وبقي المصحف في دار الخلافة خوفا من الضياع والانتحال.[63]
وإذا أرنا أن نستأنس بوصف آخر من الأوصاف ، وبنعوت أخرى من نعوت البحث والتصنيف فلنقرأ ما كتبه بودلي[64]، وهو يتكلم عن قضية الجمع في هذه المرحلة فيقول: (فلما جمع زيد كل كلمة كتبها محمد أو أملاها أو حفظها لأصحابه، نشرها دون أن يتبع أية طريقة، فما كان يفعل إلا أن يخرج الرقاع من الصندوق كيفما اتفقت، ثم يكتب الوحي دون النظر إلى الترتيب الزمني، وعلى ذلك وضعت السور المدينة الأخيرة قبل السور المكية التي نزلت أولا، وبعدت المواضيع التي كان من الواضح اتصالها بعضها ببعض، والظاهر أن الطريقة التي اتبعها زيد هي أن يضع السور الطويلة أولا والسور القصيرة في آخر القرآن، وأن المرء لغالبا ما يتصوره يقيسها بشريط قياس كأنما يدرجها كأنابيب الأرغول، فلم ينظر إلى استمرار الموضوع ، ومطابقة الأسلوب الذي كان يرتقي كلما نضج محمد، فكانت النتيجة عملا مرقعا مفككا ولا يحمل أية فكرة عن تكون أية خطة في رأس محمد، أو عن الظروف التي كانت تحيط به وتؤثر فيه، فكان الارتباك عاما حتى أن فولتير قال بعد أن قرأ القرآن: " كتاب لا يمكن إدراكه، يخالف عقولنا في صفحة " )[65].
كان من الضروري أن نستحضر بنود هذا النص قبل الحكم عليه، لأن ربط الحكم به يطرد ما يمكن أن يتخيله القارئ من أن بعض الأحكام هي من قبيل التحامل على الاستشراق.
إن بودلي ليس ملزما هنا أن يمدح عملية الجمع، ولا أن يثني على زيد بن ثابت كما أنه ليس مجبرا أن يقول كلمة خير في نبي الإسلام لسبب واحد هو أن اختلاف التوجه العقدي وتباين التدين لا يُشجع بودلي أوغيره على ذلك، لكن الذي يسترعي الانتباه هو غياب طرق البحث العلمي وقواعد المتابعة الدقيقة، ومعلوم أن هذه الأخيرة هي القاسم المشترك بين الشرق والغرب جميعا، وإلا سادت الفوضى في البحث وعمت موجة من الشكوك في كل ما يُكتب ويُنشر، إن الباحث شرقي كان أم غربي هو مدعو إلى أن يتساءل عن سبب غياب توثيق المعلومات التي استحضرها بودلي في كلامه، وهي بلا شك تحتاج إلى ذلك لأن التوثيق من الوثيقة، والوثيقة من الثقة، فالمرء لا يمكنه أن يثق في عمل ما –لاسيما في الذي يعود إلى قرون ماضية- إلا إذا كان موثقا من مرجعيات أصلية، وأرى أن نص بودلي في حاجة إلى ذلك، لأنه لا يُعايِن حدثا واقعيا يتم في الحال، وإذا أردنا أن نلخص هذا الكلام تساءلنا: أي مصدر من المصادر يؤكد لبودلي أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان يكتب في الوقت الذي أجمعت فيه كل المصادر أنه عليه السلام لم يكن يكتب؟
فأي مصدر من المصادر يشهد لما ذهب إليه من أن زيدا نشر ما جمع من القرآن في حين يتكلم الشرقيون والغربيون على أن العملية هي عملية جمع للقرآن وتدوينه؟ ولا أدري إن كان بودلي يعلم أن مطبعة من نوع معين في عهد زيد تطبع وتنشر ما يجمع وما يكتب مع أن المعلومات المتواترة من عين المكان تُجمع كلها على شيء واحد هو أن زيدا لم ينسخ سوى مصحفا واحدا، وهو المصحف الذي بقي في دار الخلافة.
ومما يدعو إلى الاستغراب زعمه أن زيدا ما كان يفعل إلا أن يُخرح " الرقاع " من الصندوق ويكتبها كيفما اتفقت، لا أدري من أوحى لبودلي بهذه المعلومة حتى رقع هذا الوصف ترقيعا مستخدما أسلوب الاطمئنان وعدم الشك كأن ما يقوله هو صائب لا غبار عليه ، ومن ترقيعاته أنه اختار من مجموع المواد التي كُتب عليها القرآن (الرقاع)، والرقاع جمع رقعة تكون من الجلد أو الورق أو الكاغد[66]، وهي التي يتفق أن تكون في الصندوق في حين أن زيدا بن ثابت يقول في الرواية الصحيحة السابقة ( فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال) ، العسب هي جريد النخل كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض ، واللخاف هي صحائف الحجارة الرقاق، وهناك مواد أخرى لم يشملها هذا النص لكنها وردت في نصوص أخرى كالأكتاف والأضلاع والألواح والأقتاب، والأقتاب هي الخشب المسطح الذي يوضع على ظهر البعير ليركب عليه، وأما قوله (وصدور الرجال) فإشارة إلى ما هو محفوظ في الصدور، فكان يوازن بين المحفوظ في الصدور والمكتوب في السطور[67] ، ولو أراد المرء أن يتخيل القرآن محمولا قبل عملية زيد لوسعه استحضار قافلة تتتابع فيها الإبل رسلا، فأين هذا كله من الصندوق؟ وأي صندوق يمكنه أن يسع هذه المواد جميعها؟.
إن الصندوق الذي كُتب له أن يحضر هنا هو صندوق بودلي، صندوق الإنشاء والكتابة التي يتداخل فيها الوصف الاعتباطي مع الخيال غير المطابق للواقع ، ومع ذلك يبقى حلقة مهمة في نص بودلي لأنه رتب عن ذلك على التو أن زيد بن ثابت كان يأخذ ويكتب كيفما اتفق الأمر، وهو زعم لا أساس له من الصحة ، لأن الشواهد التي تدحضه قائمة ، وهي كثيرة جدا ومتنوعة ، أجمعت كلها على أن ترتيب القرآن هو توقيفي بالوحي، فمثلما أن القرآن هو وحي فترتيب آياته في سوره، وترتيب سوره فيه، هو من الوحي، ولا مدخل للظن والتخمين في هذه القضية، كما أنه لا مدخل للظن والتأويل في عدد وأسماء سوره، فكله توقيفي بالوحي، وقد انعقد إجماع علماء الأمة من السلف والخلف جميعا على هذا الأمر، وقطعوا فيه بالشواهد والأدلة الكثيرة التي يطول بنا سردها[68].
ومثلما رتب بودلي على الصندوق ما رتب فإنه عاد ليرتب على جميع تلك النعوت نعتا آخر وهو أن الترقيع الواقع في القرآن، والتفكك الحاصل في موضوعاته إنما هو انعكاس لغياب خطة واضحة في رأس (محمد) – كذا-، وهو وصف لا يثير الدهشة لأنه متوارث بين المستشرقين ولربما هو الوصف الأكثر توارثا، وعليه انعقد الإجماع في أبحاثهم الجارية حول القرآن ونبي الإسلام ، وقد قدم لنا بودلي شهادة استند إليها من أوصاف فولتير للقرآن فذكر أن هذا الأخير حكم على القرآن بذلك الحكم بعد أن قرأه، ولا أدري ما هو القرآن الذي قرأه فولتير؟، هل هو القرآن بلفظه العربي كما أُنزل؟ أم أنه قرأ مجرد معانيه مترجمة؟ وأستبعد جدا أن يكون فولتير قرأ القرآن في أصله العربي لأنه لم يكن مستعربا! كما أنني أرجح – في المقابل- أن يكون اطلع على أحد التراجم الموجودة لديه، وواقع الترجمة الاستشراقية لمعاني القرآن لا يخفى! وكيفما كان الحال فإن فولتير عرف أشياء عن القرآن، وبموجب تلك المعرفة الأولية أصبح واحدا ممن ساهم في الاستشراق، فقد ركب هو الآخر تيار العداوة، وقدم خدمة جليلة للاستشراق اللاهوتي حين كتب مسرحيته المشهورة (التعصب أو النبي محمد) ، فتجنى فيها على الإسلام جناية واضحة ثم قدمها إلى بابا روما بْنُو بِنْلاكتوس الرابع عشر Benoit بتاريخ 17 غشت آب، أغسطس من سنة 1745م[69]، لكن النصف الآخر من الحقيقة المضمرة عند بودلي هو أن فولتير عاد فأبدى تعاطفا مع التسامح العثماني ومع روح العفو الإسلامية، وقد كان هذا في فترة من النقاهة الفكرية، وهي الفترة التي أخذ فيها فولتير لنفسه فرصة للنظر إلى الإسلام عن قرب ولاسيما في السيرة الإسلامية العثمانية ، الأمر الذي جعله يقارب الفروقات الجوهرية الموجودة بين المسيحية والإسلام، يقول: (مع أن المشرع الإسلامي، هذا المتسلط الرهيب قد أقام حكمه بقوة السلاح فإن مذهبه قد تحول فيما بعد إلى دين طيبة وتسامح، أما المسيحية التي تدعونا إلى التواضع والسلم والعفو عن الإهانة قد تحولت إلى واحد من أكثر الأديان بربرية وعدم تسامح)[70]، وهذا الاعتراف جلب له العداء من خصوم الإسلام حتى نعتوه بـ (البطريرك على الطريقة العثمانية)[71]، تلك هي الحقيقة الكاملة عن فولتير، وهي كيفما كان الحال أخف بكثير من الحقيقة التي أبداها بودلي في كتابه ذاك والذي يقول في مقدمته: (كتبت هذا الكتاب لمن يرغبون في معرفة شيء عن محمد أكثر ما كتبته للشرقيين وطلاب الدين)[72]، فتأمل!
وطلع علينا جاك بيرك بشبهة لا تقل خطورة عما مضى، هذه الشبهة هي في شكل تهمة أتى بها بيرك في ترجمته الأخيرة للقرآن فقد اتهم الخليفة أبا بكر بالتلاعب بألفاظ القرآن، توقف عند قوله من الكتاب العزيز (لكل أجل كتاب)[73]، وعند قوله: (لكل أمة أجل)[74]، ونسخ على منوالها (لكل كتاب أجل) وترجمها بقوله (pour tout écrit un terme) وهو يقصد القرآن، ثم يواصل كلامه فيقول: (ترى أي مفكر حر تجرأ على هذا اللعب الإجرامي بالألفاظ؟ لا تبحث: إنه الخليفة أبو بكر)[75].
ومن تلاعباته أنه يحيل على جامع البيان للطبري[76]، وليس في الطبري ما يشهد إلى ما ذهب إليه من أن أبا بكر تلاعب بالألفاظ بل لا يجد في مصدر من مصادر الإسلام ما يصدق دعواه إن هو حاول أو أراد.
وأما ما ذهب إليه في قوله (لكل كتاب أجل) فهو مبتور من سياقه، فهو ليس من نص القرآن، وإنما هو معنى من المعاني التي ذكرها محمد بن جرير الطبري في سياق تفسير الآية موضحا أن المغزى منها هو أن قدرة الله عز وجل جعلت لكل أجل كتاب كما أن الكتاب له أجل في إشارةٍ إلى نسخ ما أنزل الله قبل القرآن، ونحن نسوق كلام الطبري كما هو من الجامع حتى يتضح المعنى، قال ابن جرير في تفسير قوله (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله، لكل أجل كتاب) يقول: لكل أجل أمر قضاه الله، كتاب قد كتبه فهو عنده، وقد قيل معناه: لكل كتاب أنزله الله من السماء أجل)[77]، فتأمل! .

5- ما أُثير حول عمر بن الخطاب في عملية الجمع:
من الأوهام التي وقع فيها المستشرقون أنهم نسبوا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه جمعا آخر للقرآن، وذلك بعد الجمع الأول الذي تم في عهد أبي بكر، يقول كاتب المادة في الموسوعة الإسلامية الفرنسية:
(وحسب بعض الأحاديث المروية يكون عمر قد سأل عن آية من كتاب الله، فقيل له كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة، قال عمر: إن لله، وأمر بالقرآن فجمع، فكان أول من جمعه في المصحف)[78].
ويواصل قائلا: (وحسب روايات أخرى يكون أبو بكر قد بدأ بجمع القرآن وعمر أنهى العمل ، أو يكون أبو بكر أول من جمع القرآن في صحف وعمر أول من جمعها في مصحف)[79].
وأحال صاحب المادة على كتاب المصاحف وكتاب الإتقان في علوم القرآن، والواقع أنه عاد إلى هذه المصادر فنقل المتن وغيب الإسناد، وهذه مشكلة منهجية عند المستشرقين حيث يبنون أحكامهم على المتون من دون فحص للأسانيد والطرق، فيترتب على هذا المشكل المنهجي أخطاء معرفية غليظة.
ويشبه هذا ما ذهب إليه schwallg حين زعم في تتمته لكتاب تاريخ القرآن لنولدكه أن ابن أبي داود -عبد الله بن سليمان بن الأشعت- نسب في كتابه (المصاحف) إلى عمر بن الخطاب القيام بجمع مصحف خاص به، لكن المستشرق بلاشير قام بتصحيح الخطأ وهو أن ابن أبي داود لم ينسب لعمر القيام بجمع مصحف خاص، ولكن نسب إليه بعض القراءات الخاصة التي انفرد بها عمر عن غيره من الصحابة القُراء، والصواب ما ذكر، فابن أبي داود كتب تحت عنوان: (جمع المصحف في عهد عمر بن الخطاب)[80]، ذكر فيها جملة من الروايات التي أخرجها بسنده تشتمل على مواقف عمر بن الخطاب والتي تقضي بجمع القرآن في عهد أبي بكر، وما زعمه شفالي schwallg من أن السجستاني ذكر في كتابه أن عمر بن الخطاب جمع مصحفا خاصا به فذلك لا يظهر من تلك الروايات[81].
والظاهر أن هذه الأحكام بُنيت على مسألتين:
الأولى: قول ابن أبي داود (جمع المصحف في عهد عمر بن الخطاب) فأولوا العهد بالعهد السياسي ، وإنما المقصود به حياته وعمره.
الثانية: قول ابن أبي داود: (حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاف قال حدثنا يزيد قال أخبرنا مبارك عن الحسين أن عمر بن الخطاب سأل عن آية من كتاب الله فقيل له: كانت مع فلان فقتل يوم اليمامة ، قال إن لله، وأمر بالقرآن فجمع، وكان أول من جمعه في المصحف)[82].
وهي الرواية الأساس التي تعلقوا بها في الموضوع، واعتمد عليها كاتب المادة في الموسوعة وأحال على كتاب المصاحف والإتقان، والواقع أن صاحب الإتقان نقلها من هذا الكتاب[83]، وكان السيوطي في الإتقان وقف على الرواية وعلى تعليق الحافظ ابن حجر عليها في الفتح[84] من أن سندها منقطع، والانقطاع علة توجب ضعف الرواية ما لم تكن موصولة من جهة أخرى ، غير أن الحافظ ابن حجر بَيَّن أن معناها- حتى ولو كانت صحيحة- لا يشير إلى أن عمر بن الخطاب هو أول من جمع المصحف فقال: (فإن كان محفوظا عمل على أن المراد بقوله " فكان أول من جمعه" أي أشار بجمعه في خلافة أبي بكر فنسب الجمع إليه لذلك) وهذا هو الصواب.

[1] - الاستشراف/ المعرفة، السلطة – الإنشاء: لإدوار سعيد، ص 169، ترجمة كمال أبو ديب – الأولى 1981، مؤسسة الأبحاث العربية.
[2] - من قصيدة الشاعر الإنجليزي Gean Logit وعنوانها يدل على مضمونها : (عن محمد النبي المزيف، وكيف أكلته الخنازير وهو سكران)، مأخوذ من مقال: (الحركة الصليبية وأثرها على الاستشراق الغربي) للدكتور علي الشامي في مجلة الفكر العربي 1 – ص 166- 167.
[3] - Carl Brokelman ولد في 17 من سبتمبر 1868، وكانت وفاته في مايو من عام 1956. ترجمته في موسوعة المستشرقين لعبد الرحمان بدوي ص 57 وما بعدها.
[4] - نقله إلى العربي نبيه أمين فارس ومنير البعلبكي – صدر عن دار العلم للملايين بيروت في طبعته السادسة عام 1974، وكانت طبعته الأولى عام 1948.
[5] - تاريخ الشعوب الإسلامية ص 24.
وكان المستشرق دي خويه صنف في ذلك مؤلفا بعنوان :(نقول عن الكتاب القدس موجودة في القرآن والحديث)، والكتاب نشر سنة 1897هـ.
انظر موسوعة المستشرقين للدكتور عبد الرحمان بدوي، ص 156.
[6] - تاريخ الأدب العربي – الجزء الأول – الفصل الأول والثاني – من ص 134 إلى 144 نقله إلى العربية الدكتور عبد الحليم النجار – طبعة دار المعارف – الرابعة.
[7] - Ignaz Goldziher، ولد في سنة 1850 وكانت وفاته سنة 1911 ترجمة في موسوعة المستشرقين ص (119 – 125).
[8] - الكتاب ترجمة إلى العربية وعلق عليه الدكتور عبد الحليم النجار – صدر عن دار اقرأ بلبنان في طبعته الثالثة سنة 1985.
[9] - مذاهب التفسير الإسلامي، ص 4.
[10] - الكتاب نقله إلى العربية الأساتذة: عبد العزيز عبد الحق وحسن عبد القادر ومحمد يوسف موسى.
[11] - توماس كارلايل كاتب ومفكر بريطاني مشهور، ولد في سنة 1795م وتوفي سنة 1881م، أخرج له ترجمة وافية الأستاذ علي أدهم مقرونة بدراسة جيدة لكتاب الأبطال الذي كتبه كارلايل وأنصف في الكلام عن سيرة نبي الإسلام –محمد بن عبد الله- صلى الله عليه وسلم. وكان كتاب الأبطال قد ترجمه إلى العربية محمد السباعي، وهو حافل بجملة من الانتقادات وجهها كارلايل لبعض المستشرقين المتطرفين، انظر مفتريات على الإسلام لأحمد محمد جمال. طبعة دار الفكر بيروت، الأولى 1972 ص 22 وما بعدها.
ولا أدري ما هذا الكلام الذي وصف به كارلايل القرآن، ولا أدري ما هذا التناقض فإن كارلايل موصوف بالاعتدال والإنصاف.
[12] - الاستشراق لإدوارد سعيد ص 16.
[13] - راجع المقال الذي نشرناه بعنوان: (التراجم الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم) في مجلة الفرقان المغربية في حلقتين:
- الحلقة الأولى بالعدد 28 نونير (تشرين الثاني 1992).
- الحلقة الثانية بالعدد 29 يونيو (حزيران) – يوليوز (نحوز) 1993.
[14] - Raimundo Martini لا هوتي، ومبشر ومستشرق إسباني،توفي بعد سنة 1984م، ترجمته في موسوعة المستشرقين لبدوي ص 214.
[15] - مستشرق إسباني، ولد عام 1841م وكانت وفاته عام 1919م، ترجمته في المصدر السابق.
[16] - راجع موسوعة المستشرقين ص 214 مع هامش ص 215.
[17] - لا أحد يمكنه أن ينازع في شيوع الحفظ عند العرب، وقوة ملكتهم فيه، فهم كانوا يعولون على الحفظ أكثر مما كانوا يعولون على الكتابة.
[18] - Régis Blachère مستشرق فرنسي ولد في 30 يونيو (حزيران)، وتوفي في 7 غشت (أغسطس) من عام 1973 م ، ترجمته في موسوعة المستشرقين لبدوي ص 82.
[19] - Introduction au Coran. P26. Maison neuve et la rose. Paris 1977.
[20] - سورة القيامة الآية 16 – 17.
[21] - Encyclopédie de L'Islam, Tome V, nouvelle édition, Leidan, EJ. Brill, Paris, Maison neuve 1986.
وكانت الطبعة الفرنسية الأولى للموسوعة قد صدرت سنة 1913 م ،
[22] - Voir Encyclopédie de L'Islam p 406 – 407- (A.D Johns) بتوقيع
[23]- Encyclopédie. P 406.
[24] - Théodor Noldeke يلقب بشيخ المستشرقين الألمان، كان له اطلاع واسع على الآداب اليونانية، كان مطلعا على اللغة العربية وملما باللغة السريانية والعبرية ، وساعده على هذا استطالة عمره الذي جاوز الرابعة والتسعين، كانت وفاته في 25 ديسمبر (كانون الأول) من سنة 1930 م، انظر موسوعة المستشرقين ص 418 – 419.
[25] - Aloys Spenger، مستشرق بريطاني الجنسية ولد في سنة 1813م وتوفي في سنة 1893م، قلدته الحكومة البريطانية رئاسة الكلية الإسلامية في دلهي ثم مدرسة كلكتا، نشر كتاب الإصابة لابن حجر في كلكتا ما بين سنة 1856م و1873م، ونشر كتاب الإتقان للسيوطي ومصادر أخرى ذات مرجعية مهمة.
شارك في نيل الجائزة بما كتبه عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم]مع ترجمة لبعض الآيات من القرآن، والمؤلَّف في ثلاثة أجزاء، تقول المصادر أن تيودور نولدكه أعانه عليها.
راجع المستشرقون لنجيب العقيقي 2/278 – طبعة دار المعارف – القاهرة.
[26] - Michel Amari مستشرق وسياسي إيطالي علماني بارز ولد عام 1806 م وتوفي عام 1889م ، عين رئيسا لمؤتمر المستشرقين الثاني الذي عقد في فينتسه سنة 1876م ، له مصنفات عديدة في مجالات مختلفة ، انظر ترجمة في موسوعة المستشرقين لبدوي ص (33- 35) ، والمستشرقون للعقيقي 1/419 – 420.
[27] - فريدريك شواللي Fr. Schwallay من تلاميذه نولدكه أعاد طبع تاريخ النص القرآني بعد تحقيقه والتعليق عليه في مجلدين، طبع في ليبزيغ ما بين سنة 1909م و1919م انظر المستشرقون للعقيقي 2/410.
[28] - G.Bergestrosser، ولد سنة 1886م وتوفي سنة 1933م، مستشرق ألماني تلقى الفلسفة واللغات السامية على أو جيست فيشر، رحل إلى عدد من البلدان العربية والإسلامية، أنشأ للقرآن متحفا في ميونخ ، أتمه من بعده برتسل.
من آثاره حول القرآن :(حروف النفي في القرآن) ، وهي أطروحة الدكتوراه قدمها في ليبزيغ سنة 1911م وطبعه الطبعة الثامنة بتوسع سنة 1914م.
ومن آثاره في هذا الميدان:(معجم قراءة القرآن وتراجمهم) ،وهو موضوع رسالته للأستاذية سنة 1912 م وله إسهامات علمية كثيرة ومتنوعة. راجع المستشرقون ص 450 – 451.
[29] - أوتو برتزل O. Prtzl مستشرق ألماني ولد سنة 1893 م وتوفي سنة 1941م، تخرج من ميونخ وطاف على عدد من البلدان العربية حتى تعلم لهجاتها، عُين عضوا في المجمع العلمي البافاري وفي جمعية المستشرقين الألمان (قرر المجمع العلمي البافاري في ميونخ جمع المصادر الخاصة بالقرآن الكريم وعلومه وضبط قراءته لنشرها فتولى الأستاذ برجستراسر المهمة، وعاونه في بعضها برتسل، فلما توفي الأول (1933) انتدب المجمع برتسل لاستكمالها فبادر إلى تصوير تلك المصادر والمصاحف القديمة تصويرا شمسيا في عدة نسخ لتيسير الاطلاع عليها في ميونخ، والحصول على صور منها، ثم تدوين كل آية من القرآن على لوح خاص يحوي نوع الرسم في مختلف المصاحف مع بيان قراءتها وتعدد تفاسيرها)، وقد أسفرت هذه العملية على نشر مجموعة من كتب القراءات وعلوم القرآن والتفسير، منها أنه صنف كتابا عن مراجع القرآن وعلومه، وصنف رسالة في تاريخ علم قراءة القرآن ، وأتم كتابه مشرع لاستعمال أسلوب النقد في نشر القرآن (1930 م– 1934 م) ، وله آثار أخرى متعددة. انظر المستشرقون للعقيقي 2/462 – 463.
[30] - Encyclopédie de l'Islam. P 405-406.
وانظر مقدمة الدكتور آرثر جيفري لكتاب المصاحف، ص 4.
[31] - المستشرقون للعقيقي 2/463 و2/410.
[32] - مذاهب التفسير الإسلامي ص 7.
[34] - مقدمة جيفري لكتاب المصاحف ص 4.
[35] - أعني بذلك المقال المعنون ب ( مواقف المستشرقين من القراءات القرآنية من خلال تاريخ القرآن لنولدكه) المنشور في ملتقى الانتصار للقرآن الكريم.
[36] - مستشرق سوسيولوجي وباحث فرنسي له عدة دراسات عن الإسلام والعالم العربي والإسلامي ترجمته في كتاب (المستشرقون) للعقيقي 1/(336 – 338).
[37] - انظر على سبيل المثال تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان 1/137 – الفصل الثاني، - (القرآن)-.
[38] - راجع الدراسة التي أنجزتها زينب عبد العزيز تحت عنوان: (وجهان لجاك بيرك) في مقال منشور برسالة الجهاد – عدد أبريل (نيسان) من سنة 1992م ص 110، مقال جمع بين الاقتضاب والدقة.
[39] - إدوارد مونته Ed.Monteh، فرنسي من أصل سويسري، ولد سنة 1856 م وتوفي سنة 1927 م ، له آثار وافرة في مصنفات مستقلة، وفي مجلات علمية وصحف عالمية ومحاضرات جامعية، انتدبته الحكومة الفرنسية في بعثتين علميتين إلى المغرب في سنة 1901 م، وفي سنة 1910 م، استُدعي لإلقاء محاضرات عن الإسلام في معهد فرنسا سنة 1910 م، وانتخب عضوا في المجمع العلمي العربي بدمشق منذ نشأته. انظر المستشرقون 1/218.
[40] - الكتاب صدر بالفرنسية تحت عنوان : (Mohamet, le Coran) ص 40 - طبعة باريس سنة 1944م.
[41] - هنري ماسيه H.Massé فرنسي، ولد سنة 1886 م ، وتوفي سنة 1969 م ، شغل مديرا للمعهد الفرنسي بالقاهرة ، وأستاذا في جامعة الجزائر، ومديرا للمدرسة الوطنية للغات الشرقية، كما انتدب لمهام علمية وثقافية أخرى ، وله آثار غزيرة جدا، المستشرقون 1/273 - 274.
[42] - هو من أشهر كتبه، ومن أوسعها انتشارا صدر بالفرنسية في باريس في طبعته الثالثة سنة 1940م .
[43] - Le Coran. P 19 – 20, Que sais-je, 2éme Edit. Paris 1960.
[44]- Casanova، توفي سنة 1926م ، كان ملما باللغة العربية، درس فقه اللغة العربية في الجامعة المصرية ، وجه عنايته إلى دراسة مصر المسلمة، وكتابه (محمد وانتهاء العالم في عقيدة الإسلام الأصلية) نشره في باريس سنة 1910م ، وله مساهمات علمية وثقافية أخرى . انظر المستشرقون 1/219 – 220.
[45] - Mohamed et la fin du monde ( p 10 – 18).
[46]- Encyclopédie de l'Islam. Collecte du Coran. -
[47] - القصة في سيرة عبد الملك بن هشام 1/343 – 366) بتحقيق وتعليق مصطفى السقا- إبراهيم الأبياري -عبد الحفيظ شلبي – بدون تاريخ ولا مكان الطبع ، انظر تعليق الدكتور فاروق حمادة على هذه القصة في مدخل علوم القرآن والتفسير، ص 72 طبعة مكتبة المعارف.
[48] - فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/22 – باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم - للحافظ ابن حجر العسقلاني – طبعة دار الفكر.
[49] - سورة عبس الآيات (11 – 14).
[50] - سورة الواقعة الآيات (80 – 83).
[51] - le Coran traduit de l'arabie p 19 – 20. Paris 1980.​
[52] - انظر مناهل العرفان لمحمد عبد العظيم الزرقاني1/ 246 – دار الفكر.
[53] - سورة الحاقة - الآية (44 – 46).
[54] - الحافظ ابن حجر في الفتح 9/22 ، وانظر تعليقاته الجيدة على نصوص البخاري في الموضوع – الفتح 9/47 – 48– ، الفتح 9/47 – 48.
[55] - مباحث في علوم القرآن ص 69 للدكتور صبحي الصالح .
[56] - سورة القمر الآية 1.
[57] - سورة الأنبياء الآية 1.
[58] - سور الأنبياء، الآية 96.
[59] - راجع حركة ردة اليمامة في البداية والنهاية 6/326 لابن كثير – مطبعة السعادة – مصر- الأولى 1987 م، وفي تاريخ عبد الرحمان بن خلدون (العبر) 2/876 طبعة دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر –ا لثالثة 1967م . وفي الكامل في التاريخ لابن الأثير 2/360 – 367 ، دار صادر بيروت 1965 م ، وفي زاد المعاد لابن القيم 3/32 ، طبعة دار الفكر، الثانية 1972م.
[60] - انظر مجموعة الوثائق السياسية لمحمد حميد الله، ص 296، دار الرشاد الثالثة، 1969م. نقله من كتاب الردة للواقدي.
وانظر الكامل في التاريخ 2/366/367.
[61] - الجامع الصحيح، باب جمع القرآن، في فتح الباري 9/10-11، رقم الحديث 4986 .
[62] - يقول الحارث المحاسبي في كتابه فهم السنن: (كتابة القرآن ليست بمحدثة فإنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بكتابته، ولكن كان مفرقا في الرقاع والاكتاف والعسب ، وإنما أمر الصديق بنسخها –يعني أبا بكر- من مكان إلى مكان مجتمعا وكان ذلك بمنزلة أوراق وُجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها القرآن منتشرا فجمعها جامع ربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء).
نقله السيوطي في الإتقان 1/60 طبعة دار الفكر.
[63]- Introduction du Coran. page 14.​
[64] - ر- ف بودلي Bodeley صاحب كتاب (الرسول، حياة محمد )، طبع في لندن سنة 1946 م، انظر المستشرقون للعقيقي 2/95.
[65] - الرسول: حياة محمد ص، 281، نقله إلى العربية جودة السحار ومحمد محمد فرج، طبعة دار الكتاب العربي بمصر.
[66] - انظر مدخل إلى علوم القرآن والتفسير لفاروق حمادة، ص 75
[67] - فتح الباري 9/14.
[68] - انظر مدخل إلى علوم القرآن والتفسير – المبحث الخامس-
[69] - المستشرقون وترجمة القرآن لمحمد صالح البنداق، ص: 115-116.
[70] - في الاستشراق الإسباني لخوان غويتسولو، ص: 71 (الهامش) – تعربيب كاظم جهاد- المؤسسة العربية للدراسات والنشر-
[71] - المصدر السابق، ص: 82.
[72] - حياة محمد، ص: 9.
[73] - سورة الرعد، الآية: 38.
[74] - سورة الأعراف، الآية: 38 ويونس، الآية: 49.
[75] - voir le coran, p. 787.
[76] - le coran, p. 787.
[77] - جامع البيان في تفسير القرآن- المجلد السابع- 12/111- دار المعرفة – لبنان.
[78] - encyclopédie de l'islam, p. 406.
[79] - encyclopédie de l'islam, p. 406.
[80] - كتاب المصاحف، ص: 10-11 لابن أبي داود السجستاني بتحقيق المستشرق الأمريكي الدكتور آرثر جيفري- الأولى 1936- المطبعة الرحمانية- مصر.
[81] - المصدر السابق.
[82] - كتاب المصاحف، ص: 10.
[83] - الإتقان، 1/59.
[84] - انظر فتح الباري، 9/13.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
جزاك الله خيرا أخي الدكتور بن هرماس.
فعلا، صدق من قال ( الحجة حجتان: عيان ظاهر أو خبر قاهر. والعقل مضمن بالدليل والدليل مضمن بالعقل، والعقل هو المستدل، والعيان والخبر هما علة الاستدلال وأصله فمحال كون الفرع مع عدم الأصل وكون الاستدلال مع عدم الدليل إذ العيان شاهد يدل على غيب والخبر يدل على صدق فمن تناول الفرع قبل إحكام الأصل سفه. ) .
البحث المغرض صاحبه لا يقر وزنا للعيان الظاهر وهو في الخبر حاطب ليل فهذا حال من منطلقه صورة في الذهن ينقب ويجمع ويحلل في موضوعات خارج الذهن كي يصل إلى ما يطابق وتلك الصورة أي الحكم المسبق ... يفسرون الخبر والبيانات تأييدا للصورة الذهنية، فما الإشكال ما دامت النتيجة منطقية ومتناسقة رسميا؟ لا إشكال إن كان الهدف إنتاج لوحة فنية أو أحجية جمالية، والمصيبة أن نصف تلك النتائج بالنظر الموضوعي أو العلمية. يذكرني كثير منهم بنقاش دار بين عالمين حول موضوع علمي يدعي فيه أحدهما أن إفتراضاته تستحق أن تُقبَل كنظرية علمية فقال له الآخر لكن لا أرى بيانات و لا تجارب تؤيد تخميناتك، فكان ردّه: "But, it just makes sense" .. يتبعهم الغاوون. وباحث آخر دافع عن فرضيته لترتقي هي أيضا في الأوساط العلمية بسؤال: "وهل عندك تفسير آخر طبيعي مادي لهذه الظاهرة؟"!
 
عودة
أعلى