موازنة لابن تيمية بين أتباع الملل السماوية !

إنضم
01/05/2010
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الطائف / حي السداد
بسم الله الرحمن الرحيم​
وجدت في الجواب الصحيح موازنة نافعة بين أتباع الملل السماوية في أصول الشرائع الدينية ؛ وهي باختصار :-
1- في التوحيد ؛ فاليهود شبهوا الخالق بالمخلوق ؛ فقالوا : إن الله فقير وبخيل وإنه يتعب وغير ذلك من الصفات التي يختص بها المخلوق !
والنصارى وصفوا المخلوق بصفات الخالق ؛ فقالوا عن المسيح عليه السلام : إنه قديم أزلي ، وأنه علام الغيوب ، وعلى كل شيء قدير ، وكذلك اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله !
وهدى الله المسلمين لما اختلفوا فيه من الحق ؛ فأثبتوا لله صفات الكمال ونزهوه عن النقائص خلافا لليهود وعن مماثلة المخلوق له خلافا للنصارى .
2- في الأنبياء ؛ فاليهود قتلوا بعضا وكذبوا بعضا { أفكلما جاءكم رسول بما لاتهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتــــــــلون }.
والنصارى أشركوا بهم وبمن دونهم ؛ فعبدوا المسيح عليه السلام ، وغلوا في الصالحين ؛ فصوروهم وغلوا في قبورهم ؛ كما جاء في الصحيح ( أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك التصاوير ألئك شرار الخلق عند الله ) .
وأما المسلمون فآمنوا بالأنبياء كلهم دون تفريق ، ولم يغلوا فيهم غلوا النصارى ولاقصروا في حقهم تقصير اليهود .
3- في الأخيار ؛ فاليهود كانوا يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس ، والنصارى غلوا فيهم حتى زعموا أن الإنسان يصير بطاعته بمنزلة الأنبياء !! وحتى فقدوا الفرقان بين الأولياء والأدعياء ؛ ولهذا أطاعوا أحبارهم ورهبانهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام !
والمسلمون يطيعون من يأمر بطاعة الله ولا يطيعون من يأمر بمعصية الله .
4- في العبادة ؛ فالنصارى فيهم الشرك بالله ، واليهود فيهم الاستكبار عن عبادة الله ، والإسلام هو أن يستسلم العبد لله وحده ؛ فمن استسلم له ولغيره كان مشركا كالنصارى ، ومن لم يستسلم له كان مستكبرا كاليهود .
5- في التشريع ؛ فزعم اليهود أن ما أمر الله به يمتنع نسخه ، وزعم أن النصارى أنه يسوغ النسخ فيما أمر الله به حتى لكبارهم !
وقال المسلمون : إن لله أن ينسخ ما شرعه خلافا لليهود ، وليس للمخلوق أن يغير شيئا من شرع الخالق خلافا للنصارى .
6- في الحلال والحرام ؛ فاليهود حرمت عليهم الطيبات ، وشدد عليهم في أمر النجاسة ، والنصارى توسعوا في هذا الباب حتى إنهم لايرون شيئا نجسا ولاحراما ؛ والحلال عندهم مااشتهته أنفسهم والحرام ما كرهته !!
وأما المسلمون فإنهم يحرمون الخبائث ويستحلون كل الطيبات خلافا لليهود ، ويتطهرون من الحدث والخبث خلافا للنصارى .
7- في المسيح عليه السلام؛ فاليهود جعلوه ولد زنا ، كذابا ساحرا !! وجعلته النصارى هو الله أو ابن الله أوثالث ثلاثة !!!
وأما المسلمون فقالوا : إنه عبد الله خلافا للنصارى ، ,وأنه رسول ووجيه في الدنيا والآخرة خلافا لليهود .
8- في التصديق والتكذيب ؛ فشأن اليهود التكذيب بالحق ، والنصارى من شأنهم التصديق بالباطل حتى صدقوا بمحالات العقول ؛ كالتثليث والاتحاد !
وأما المسلمون فإنهم يصدقون بالحق ؛ ولهذا آمنوا بجميع الأنبياء ، ويردون الباطل ، ويقطعون بأنه ليس من شرائع الأنبياء ؛ فيجزمون بأن التثليث والاتحاد والعشاء الرباني ونظائرها مما لم يأت به نبي من الأنبياء .
أ. ه مختصرا وبإضافات يسيرة . انظر الجواب الصحيح 1/ 418 - 422​
 
نقرأ لشيخ الإسلام في الصفدية :
"الإسلام وسط في الملل بين الأطراف المتجاذبة والسنة في الإسلام كالإسلام في الملل فالمسلمون في صفات الله تعالى وسط بين اليهود الذين شبهوا الخالق بالمخلوق فوصفوا الخالق بالصفات التي تختص بالمخلوق وهي صفات النقص فقالوا إن الله فقير وإن الله بخيل وإن الله تعب لما خلق العالم فاستراح وبين النصارى الذين شبهوا المخلوق بالخالق فوصفوه بالصفات المختصة بالخالق فقالوا هو الله.
والمسلمون وصفوا الخالق بصفات الكمال ونزهوه عن صفات النقص ونزهوه أن يكون شيء كفوا له في شيء من صفات الكمال فهو منزه عن صفات النقص مطلقا ومنزه في صفات الكمال أن يماثله فيها شيء من المخلوقات.
وكذلك هم في الأنبياء وسط فإن اليهود كما قال فيهم: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ} (سورة البقرة 87) وكذلك كانوا يقتلون الأنبياء ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس.
والنصارى غلوا فأشركوا بهم ومن هو دونهم قال الله فيهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (سورة التوبة 31) .
والمسلمون آمنوا بهم كلهم ولم يفرقوا بين أحد منهم فإن الإيمان بجميع النبيين فرض واجب ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم ومن سب نبيا من الأنبياء فهو كافر يجب قتله باتفاق العلماء وفي استتابته نزاع قال تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (سورة البقرة 136) .
وقال تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} (سورة البقرة 177) .
وقال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (سورة البقرة 285-286) والآية الأخرى وفي الصحيحين عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من قرأ الآيتين في آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه " وقد ثبت عنه في الصحيح "أنه كان يقرأ في ركعتي الفجر بسورتي الإخلاص {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وتارة يقرأ في الأولى بآية الإيمان التي في البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية وفي الثانية بآية الإسلام في آل عمران: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} إلى قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (سورة آل عمران 64) .
وكذلك المسلمون وسط في النسخ فإن اليهود قالوا ليس لرب العالمين أن يأمر ثانيا بخلاف ما أمر به أولا والنصارى جوزوا لرؤوسهم أن يغيروا شريعة المسيح فيحللوا ما شاءوا ويحرموا ما شاؤوا والمسلمون قالوا رب العالمين يأمر بما يشاء له الخلق والأمر وليس لأحد من الخلق أن يغير دينه ولا يبدل شرعه ولكن هو يحدث من أمره ما يشاء فينسخ ما يشاء.
ويثبت ما يشاء وكذلك في الشرائع كالحلال والحرام فإن اليهود حرمت عليهم طيبات أحلت لهم عقوبة لهم وعليهم تشديد في النجاسات يجتنبون أشياء كثيرة طاهرة مع اجتناب النجاسة والنصارى لا يحرمون ما حرمه الله ورسوله بل يستحلون الخبائث ويباشرون النجاسات وكلما كان الراهب أكثر ملابسة للنجاسات والخبائث كان أفضل عندهم والمسلمون أباح الله لهم الطيبات وحرم عليهم الخبائث وهم وسط في سائر الأمور وليس هذا موضع بسط ذلك.
وكذلك أهل السنة في الإسلام فهم في الصحابة وسط بين الرافضة التي يغلون في على فيجعلونه معصوما أو نبيا أو إلها وبين الخوارج الذين يكفرونه.
وهم وسط في الوعيد بين الوعيدية من الخوارج والمعتزلة وبين المرجئة الذين لا يجزمون بتعذيب أحد من فساق الأمة.
وهم في القدر وسط بين النفاة للقدر من المعتزلة وغيرهم وبين الجهمية المثبتة الذين ينكرون حكمة الله في خلقه وأمره.
وهم في الصفات وسط بين المعطلة الذين ينفون صفات الله أو بعضها ويشبهونه بالجماد والمعدوم وبين الممثلة الذين يمثلون صفاته بصفات خلقه فيصفون الله بصفات خلقه فيصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تعطيل ولا تمثيل ومن غير تكييف ولا تحريف."

ويقول في "الرد على الشاذلي" :
"قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: كَانُوا يَقُولُونَ من فسد من الْعلمَاء فَفِيهِ شبه من الْيَهُود وَمن فسد من الْعباد فَفِيهِ شبه من النَّصَارَى.
فإنَّ اليهودَ عرفوا الحق وما عملوا به فالعالمُ الفاجر فيه شَبَه منهم والنصارى عبدوا الله بغير علم فالعابد الجاهل فيه شَبَه منهم."
 
عودة
أعلى