نقلت هذا الكلام للفائدة
و الكتاب لشيخ الاسلام ابتيمية ( تفسير آيات أشكلت ) رابطه هنا
وتجد الكلام مع تعليق المحقق من ص 135 حتى ص141
http://s203841464.onlinehome.us/waqfeya/books/07/0607/0607.rar
قالَ أَحْمَدُ بنُ عبدِ الحَليمِ ابنُ تَيْمِيَّةَ الحَرَّانِيُّ (ت:728هـ): (بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
فصل: لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء حتى لا يوجد في طائفة من كتب التفسير فيها القول الصواب، بل لا يوجد فيها إلا ما هو خطأ:
منها قوله تعالى: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (109) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.
وفي {أَنَّهَا} قراءتان، فقراءة النصب أحسن القراءتين، وهي التي
[تفسير آيات أشكلت: 1/135]
أشكلت على كثيرٍ من أهل العربية، حتى قالوا إن «أنَّ» بمعنى لَعَلَّ، وذكروا ما يشهد لذلك، وإنما دخل عليهم الغلط؛ لأنهم ظنوا أن قوله: {نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ} جملة مبتدأة يخبر الله بها، وليس كذلك؛ ولكنها داخلة في خبر «أنَّ» ومتعلقة بـ «إذا» ، والمعنى: وما يشعركم إذا جاءت أنهم لا يؤمنون، وأنا نقلب أفئدتهم وأبصارهم بعد مجيئها [كما] لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم.
[تفسير آيات أشكلت: 1/136]
فإذا كنتم لا تشعرون أنها إذا جاءت كانوا لا يؤمنون، وكنا نفعل بهم؛ لم يكن قسمهم: «لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها» صدقًا، بل قد يكون كذبًا، فهذا معنى الآية، وهو ظاهر الكلام المعروف.
و «أن» هي «أن» المعروفة المصدرية. ولو كان قوله «ونقلب» كلامًا مبتدءًا للزم أن كل من جاءته آية قلب الله فؤاده وبصره، وليس كذلك؛ بل قد يؤمن كثير منهم، وكثير من الناس كفر ثم جاءته آيات فتاب الله عليه فآمن، وإنما العقوبة أصر، ولكن لا يجزم بإيمانه عند مجيء الآيات، بل قد يؤمن وقد لا يؤمن.
وحرف «لا» وإن كان قد يكون مؤكدًا للنفي؛ إذ من شأنه أن يقحم في الجمل السلبية لفظًا أو معنى مؤكدًا للسلب كقوله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} ، وقوله: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا
[تفسير آيات أشكلت: 1/137]
أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} ، وقوله: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}.
وقول الصِّدِّيق:
«لاها الله إذًا» ، وقوله: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ
[تفسير آيات أشكلت: 1/138]
الْقِيَامَةِ} ، وقولهم: «لا والله لا يكون ذَا».
وقد ظن بعضهم أنه هنا تفخيم، وليس كذلك، بل هو باق على بابه، والمعنى: وما يشعركم أنهم يؤمنون. ولهذا يجعلون قوله: {وَنُقَلِّبُ} معطوفًا على ذلك، وليس هو في هذه الآية كذلك. بل هو باق على بابه، والمعنى: وما يدريكم أنها إذا جاءت لا يؤمنون، ليس المعنى: ما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون، فإنها جاءت في جواب «إذا» ، و«إذا» فيها معنى الشرط.
وأنت تقول: ما يشعرك أن زيدًا يفعل كذا، وتقول: ما يشعرك أنك إن أحسنت إليه يحسن إليك. وإذا قيل: فقوله: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ}؟ استفهام بمعنى الإنكار، والتقدير: ولا تشعرون بهذا النفي، وهم لا يدعون الشعور
[تفسير آيات أشكلت: 1/140]
بالنفي ولا ادَّعوا الشعور بالإثبات، ولكن أولئك أقسموا عليه، فقال تعالى: وأنتم لا شعور لكم بهذا النفي، بل قد يكون النفي حقًّا وأنتم لا تشعرون به.
فقد يكون إذا جاءتهم آية لا يؤمنون، ونقلب أفئدتهم وأبصارهم وأنتم لا تشعرون بهذا، فأي شيء هو الذي أشعركم به؟ وإذا لم يكونوا شاعرين به لم يحكموا به مع تحققه في نفس الأمر؛ فلهذا قد يظنون صدقهم في قسمهم، ويطلبون مجيء الآية، كما يقال: فلان قال كذا، وأنت لا تعلم أن هذا الكلام أراد به كذا وكذا فتنفي علمه بالواقع بينها، أو تقول: وما يدريك أنه أراد به كذا وكذا؟ لما يجوز أنه أراده.
كذلك إذا قلت: وما يشعرون بعدم الإيمان، فيجوز أن لا يكون عدم الإيمان؛ فلا يجزمون بانتفائه. والله أعلم