هاني درغام
New member
رمضان .. ما أحلي العودة إلي القرآن
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خاتم الأنبياء والمرسلين .. أما بعد ..
كثيراً ما كنت أسأل نفسي لماذا ترتفع حالتي الإيمانية في شهر رمضان بشكل ملحوظ فأجد- ويجد الكثيرين مثلي- سباقاً إلي الطاعات .. مسارعةً إلي الخيرات .. تنافساً في الأعمال الصالحات .. ثم إذا ما انقضي رمضان انقلبت الأمور رأسا علي عقب, فتغيرت الأوضاع وتبدلت الأحوال .. فتور في طلب الخيرات .. كسل في العبادات .. استسلام للمغريات .. خور في أداء الواجبات .
ما سر هذه الطاقة المتوهجة والشعلة المضيئة والتي ما تلبث أن تنطفيء بعد انتهاء رمضان ؟
إنه القرآن .. نعم القرآن .. فهو مصدر القوة الدافعة لتوليد طاقة الإيمان الإيجابية في القلب والتي بدورها تنتقل إلي الجوارح فتجد الحرص علي فعل الخيرات وتجنب المنكرات .
إن طول فترة مصاحبة القرآن في هذا الشهر(ثلاثون يوما) يعيد إلي النفس صفائها ويزيل ما علق بها من أدران الشهوات ويطهرها من جنابة الغفلات .. تماماً كما يوصي الطبيب لبعض المرضي(وخاصة إلتهاب اللوزتين) بإستخدام المضاد الحيوي لفترة طويلة لا تقل عن عشرة أيام حتي يضمن قضاءً تاماً – بإذن الله- علي البكتريا والميكروبات .. فالقضية ليست جرعات مكثفة في فترة قصيرة بقدر ما تكون جرعات متوازنة لفترة طويلة .
وهذا مانحتاجه مع القرآن الكريم من طول صحبة ومداومة علي تلقي آياته حتي يكتمل الشفاء بإذن الله من كل أمراض القلوب .. وهذه الميزة متوفرة كما قلنا في شهر رمضان .
ويتبادر إلي الأذهان كيف نتلقي آيات القرآن؟
هل بالإكثار من تلاوته والتسابق في عدد ختماته ؟
هل بالتنافس في قراءته من أجل تجميع أكبر قدر من الحسنات ونيل الخيرات والبركات ؟
هل بالقراءة في كتب التفسير وفهم معاني كلمات القرآن ؟
هل ؟ .. هل؟ ..
كل هذه الأمور وغيرها جيدة بلا شك- وخاصة إذا صلحت النية- ولكن يظل الإهتمام الأكبر والشغل الشاغل المطلوب منا هو التحرك بهذا القرآن لتصبح آياته بمثابة خارطة طريق لنا في حياتنا نستضيء بأنوارها .. نسترشد بهديها حتي نُقوّم في ضوئها المعوج من أفكارنا وسلوكياتنا .. نهذب أخلاقنا .. نزكي أرواحنا .. تنتصر علي أهوائنا .
لابد أن نتلقي آيات القرآن للتطبيق والتنفيذ في كل ميادين الحياة تماماً كما يفعل الجندي في ميدان القتال عندما يتلقي الأوامر من قائده .
إن مما يؤسف له أن كثيراً من الناس قد انتهت علاقته بالقرآن إلى مجرد التلاوة فقط ، يَعُد حسنات ، ويُحصي خيرات .. مواعظ تتلى، وعبرٌ تسمع، وسور تُقرأ، ولكنها تدخل من اليمنى وتخرج من اليسرى !
فلم يسمعوا نصيحة الإمام ابن القيم: (نزل القرآن ليُعمل به فاتَخَذوا تلاوته عملاً، ولهذا كان أهل القرآن هم العاملون به، والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم) ولم ينتبهوا لتحذير الحسن بن علي رضي الله عنه : (إقرأ القرآن ما نهاك فإذا لم ينهك فلست بقارئه)
إذن ماذا تريد من قراءة القرآن؟
· أريد أن أتنزه في روضات القرآن .. وأتنقل بين سوره .. أتنسم عبيرها .. أقطف من ثمارها .. أتنعم بمناجاة الله عزوجل .. أستشعر أنني المخاطب بالآيات .. أستحضر في خاصة نفسي أن الله يأمرني وينهاني .. يوجهني ويزجرني .. يبشرني ويحذرني .. يعدني ويتوعدني .. أستحضر في كل ذلك أنه يراني وينظر إليّ ويراقبني .
· أريد أن أستحضر آيات القرآن وأنا أواجه تحديات الحياة وهمومها ومشكلاتها التي لا تنتهي ولا تتوقف .
· أريد من كل آية من آيات القرآن أن تسكب في قلبي حلاوة الإيمان وبرد اليقين وروعة الأنس بالله والثقة فيه والتوكل عليه .
· أريد عن اشتداد الكروب وتفاقم الأزمات أن أجد في آيات القرآن ما يسليني ويثبتني فأجد قوله تعالي بردا وسلاما (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(البقرة 155-157)
· أريد عند استعار الشهوات وطغيان المنكرات أن أستمع إلي صيحة يوسف الصدّيق عليه السلام(معاذ الله) لأرددها في وجه المرأة السافرة، والشاشة الهابطة والمجلة الخليعة، والأغنية الماجنة كلها تنادي هيت لك .
· أريد عند استحكام قيود الذنوب والأوزار أن أتذكر النداء الكريم من رب ودود كريم رحيم يخاطبني وأنا في قمة لحظات اليأس والإحباط بقوله (قُلْ يَـعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(الزمر 53) .
· أريد عندما أقرأ آيات تتحدث عن نعيم الجنان أن يمتليء قلبي بمشاعر الرجاء والإشتياق .. وعندما أقرأ آيات تنذرني بلفحات النيران أن يمتليء قلبي بمشاعر الخوف والإشفاق .
· أريد عندما أقع في براثن الشيطان وتجذبني نوازع الهوي ويغلبني طغيان الشهوة أن أتذكر الحصن الآمن والدرع الواقي .. التقوي (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)(الأعراف 201)
أريد .. وأريد .. وأريد ..
وهكذا كل آية من آيات القرآن الكريم لها دور عظيم أستحضرها في كل أوقات حياتي .. في اليسر والعسر .. في الشدة والرخاء .. في الطاعة والمعصية .. في أحوال القرب من الله والبعد عنه .. في حالات قوة الإيمان وضعفه ..
· وأحسب عندها أن القلب سيمتليء بمشاعر الإجلال والتعظيم والخوف والرجاء والمحبة وقوة الثقة بالله وحسن التوكل عليه وغيرها من الأعمال الإيمانية القلبية .
· وأحسب عندها أنني سأنعم بجنة الحياة .. تلك التي قال عنها الإمام ابن تيمية رحمه الله (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .. وهي معرفة الله والأنس به) .
· وأحسب عندها أن الرغبة في متع الدنيا وزخارفها ستقل في مقابل ازدياد الرغبة في الأخرة (وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) ( طه73)
· وأحسب عندها أن هذا هو سبيل السعادة الوحيد في الدنيا قبل الآخرة وإلا فالمصير مخيف والعواقب وخيمة (ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) (طه 124- 126)
فيا قلبي العليل .. هالفرصة أمامك في هذا الشهر الكريم حيث تخففت من أثقال الشهوات وجواذب المغريات وفضول المباحات .. وتحررت من أسر المألوفات وقيود العادات فأصبحت تحلق في آفاق سامقة من الطهر والصفاء والنقاء .
يا قلبي الغافل ... ويحك
الجبل لو أُنزل عليه القرآن لرأيته خاشعا يتصدع .. وأنت إذا تلي عليك القرآن .. فلا قلب يخشع ولا عين تدمع ولا نفس لها في التوبة مطمع .. فقد تراكمت عليها ظلمة الذنوب فهي لا تبصر ولا تسمع .. إذا لم يشفع لك القرآن فمن يشفع ؟!
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وغمومنا .
اللهم اجعلنا من الذين (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً)(الأنفال 2)
اللهم اجعلنا من الذين يتلون القرآن حق تلاوته .. فتتدبر آياته وننتفع بمواعظه .. ونتخلق بآدابه .. ونحفظ حدوده .. ونلتزم بأوامره ونجتنب نواهيه .
اللهم اجعل هذا الشهر المبارك سبباً في العودة الحقيقية إلي القرآن الكريم حتي لا ُُنحرم من أنوار هداياته .. ومن نيل بركاته والظفر بكنوزه .. وحتي نكون من المؤمنين المتدبرين الخاشعين . اللهم آمين .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خاتم الأنبياء والمرسلين .. أما بعد ..
كثيراً ما كنت أسأل نفسي لماذا ترتفع حالتي الإيمانية في شهر رمضان بشكل ملحوظ فأجد- ويجد الكثيرين مثلي- سباقاً إلي الطاعات .. مسارعةً إلي الخيرات .. تنافساً في الأعمال الصالحات .. ثم إذا ما انقضي رمضان انقلبت الأمور رأسا علي عقب, فتغيرت الأوضاع وتبدلت الأحوال .. فتور في طلب الخيرات .. كسل في العبادات .. استسلام للمغريات .. خور في أداء الواجبات .
ما سر هذه الطاقة المتوهجة والشعلة المضيئة والتي ما تلبث أن تنطفيء بعد انتهاء رمضان ؟
إنه القرآن .. نعم القرآن .. فهو مصدر القوة الدافعة لتوليد طاقة الإيمان الإيجابية في القلب والتي بدورها تنتقل إلي الجوارح فتجد الحرص علي فعل الخيرات وتجنب المنكرات .
إن طول فترة مصاحبة القرآن في هذا الشهر(ثلاثون يوما) يعيد إلي النفس صفائها ويزيل ما علق بها من أدران الشهوات ويطهرها من جنابة الغفلات .. تماماً كما يوصي الطبيب لبعض المرضي(وخاصة إلتهاب اللوزتين) بإستخدام المضاد الحيوي لفترة طويلة لا تقل عن عشرة أيام حتي يضمن قضاءً تاماً – بإذن الله- علي البكتريا والميكروبات .. فالقضية ليست جرعات مكثفة في فترة قصيرة بقدر ما تكون جرعات متوازنة لفترة طويلة .
وهذا مانحتاجه مع القرآن الكريم من طول صحبة ومداومة علي تلقي آياته حتي يكتمل الشفاء بإذن الله من كل أمراض القلوب .. وهذه الميزة متوفرة كما قلنا في شهر رمضان .
ويتبادر إلي الأذهان كيف نتلقي آيات القرآن؟
هل بالإكثار من تلاوته والتسابق في عدد ختماته ؟
هل بالتنافس في قراءته من أجل تجميع أكبر قدر من الحسنات ونيل الخيرات والبركات ؟
هل بالقراءة في كتب التفسير وفهم معاني كلمات القرآن ؟
هل ؟ .. هل؟ ..
كل هذه الأمور وغيرها جيدة بلا شك- وخاصة إذا صلحت النية- ولكن يظل الإهتمام الأكبر والشغل الشاغل المطلوب منا هو التحرك بهذا القرآن لتصبح آياته بمثابة خارطة طريق لنا في حياتنا نستضيء بأنوارها .. نسترشد بهديها حتي نُقوّم في ضوئها المعوج من أفكارنا وسلوكياتنا .. نهذب أخلاقنا .. نزكي أرواحنا .. تنتصر علي أهوائنا .
لابد أن نتلقي آيات القرآن للتطبيق والتنفيذ في كل ميادين الحياة تماماً كما يفعل الجندي في ميدان القتال عندما يتلقي الأوامر من قائده .
إن مما يؤسف له أن كثيراً من الناس قد انتهت علاقته بالقرآن إلى مجرد التلاوة فقط ، يَعُد حسنات ، ويُحصي خيرات .. مواعظ تتلى، وعبرٌ تسمع، وسور تُقرأ، ولكنها تدخل من اليمنى وتخرج من اليسرى !
فلم يسمعوا نصيحة الإمام ابن القيم: (نزل القرآن ليُعمل به فاتَخَذوا تلاوته عملاً، ولهذا كان أهل القرآن هم العاملون به، والعاملون بما فيه، وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه، فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم) ولم ينتبهوا لتحذير الحسن بن علي رضي الله عنه : (إقرأ القرآن ما نهاك فإذا لم ينهك فلست بقارئه)
إذن ماذا تريد من قراءة القرآن؟
· أريد أن أتنزه في روضات القرآن .. وأتنقل بين سوره .. أتنسم عبيرها .. أقطف من ثمارها .. أتنعم بمناجاة الله عزوجل .. أستشعر أنني المخاطب بالآيات .. أستحضر في خاصة نفسي أن الله يأمرني وينهاني .. يوجهني ويزجرني .. يبشرني ويحذرني .. يعدني ويتوعدني .. أستحضر في كل ذلك أنه يراني وينظر إليّ ويراقبني .
· أريد أن أستحضر آيات القرآن وأنا أواجه تحديات الحياة وهمومها ومشكلاتها التي لا تنتهي ولا تتوقف .
· أريد من كل آية من آيات القرآن أن تسكب في قلبي حلاوة الإيمان وبرد اليقين وروعة الأنس بالله والثقة فيه والتوكل عليه .
· أريد عن اشتداد الكروب وتفاقم الأزمات أن أجد في آيات القرآن ما يسليني ويثبتني فأجد قوله تعالي بردا وسلاما (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)(البقرة 155-157)
· أريد عند استعار الشهوات وطغيان المنكرات أن أستمع إلي صيحة يوسف الصدّيق عليه السلام(معاذ الله) لأرددها في وجه المرأة السافرة، والشاشة الهابطة والمجلة الخليعة، والأغنية الماجنة كلها تنادي هيت لك .
· أريد عند استحكام قيود الذنوب والأوزار أن أتذكر النداء الكريم من رب ودود كريم رحيم يخاطبني وأنا في قمة لحظات اليأس والإحباط بقوله (قُلْ يَـعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)(الزمر 53) .
· أريد عندما أقرأ آيات تتحدث عن نعيم الجنان أن يمتليء قلبي بمشاعر الرجاء والإشتياق .. وعندما أقرأ آيات تنذرني بلفحات النيران أن يمتليء قلبي بمشاعر الخوف والإشفاق .
· أريد عندما أقع في براثن الشيطان وتجذبني نوازع الهوي ويغلبني طغيان الشهوة أن أتذكر الحصن الآمن والدرع الواقي .. التقوي (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)(الأعراف 201)
أريد .. وأريد .. وأريد ..
وهكذا كل آية من آيات القرآن الكريم لها دور عظيم أستحضرها في كل أوقات حياتي .. في اليسر والعسر .. في الشدة والرخاء .. في الطاعة والمعصية .. في أحوال القرب من الله والبعد عنه .. في حالات قوة الإيمان وضعفه ..
· وأحسب عندها أن القلب سيمتليء بمشاعر الإجلال والتعظيم والخوف والرجاء والمحبة وقوة الثقة بالله وحسن التوكل عليه وغيرها من الأعمال الإيمانية القلبية .
· وأحسب عندها أنني سأنعم بجنة الحياة .. تلك التي قال عنها الإمام ابن تيمية رحمه الله (إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة .. وهي معرفة الله والأنس به) .
· وأحسب عندها أن الرغبة في متع الدنيا وزخارفها ستقل في مقابل ازدياد الرغبة في الأخرة (وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) ( طه73)
· وأحسب عندها أن هذا هو سبيل السعادة الوحيد في الدنيا قبل الآخرة وإلا فالمصير مخيف والعواقب وخيمة (ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى) (طه 124- 126)
فيا قلبي العليل .. هالفرصة أمامك في هذا الشهر الكريم حيث تخففت من أثقال الشهوات وجواذب المغريات وفضول المباحات .. وتحررت من أسر المألوفات وقيود العادات فأصبحت تحلق في آفاق سامقة من الطهر والصفاء والنقاء .
يا قلبي الغافل ... ويحك
الجبل لو أُنزل عليه القرآن لرأيته خاشعا يتصدع .. وأنت إذا تلي عليك القرآن .. فلا قلب يخشع ولا عين تدمع ولا نفس لها في التوبة مطمع .. فقد تراكمت عليها ظلمة الذنوب فهي لا تبصر ولا تسمع .. إذا لم يشفع لك القرآن فمن يشفع ؟!
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وغمومنا .
اللهم اجعلنا من الذين (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً)(الأنفال 2)
اللهم اجعلنا من الذين يتلون القرآن حق تلاوته .. فتتدبر آياته وننتفع بمواعظه .. ونتخلق بآدابه .. ونحفظ حدوده .. ونلتزم بأوامره ونجتنب نواهيه .
اللهم اجعل هذا الشهر المبارك سبباً في العودة الحقيقية إلي القرآن الكريم حتي لا ُُنحرم من أنوار هداياته .. ومن نيل بركاته والظفر بكنوزه .. وحتي نكون من المؤمنين المتدبرين الخاشعين . اللهم آمين .