من وحي المتشابه القرآني

أمة الحق

New member
إنضم
25/01/2012
المشاركات
48
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
الإقامة
الكويت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله

البداية :
من متشابه الحرفين :
قوله تعالى في سورة هود :" وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ " [هود : 36]
مع قوله تعالى :" وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" [يوسف : 69]

و حتى يتم توجيه المتشابه في السورتين وعلاقته بمقصديهما لابد من معرفة دلالات هذه الأفعال:

( يفعلون ) و( يعملون ) :

وكانت خلاصة هذه الدلالات :

الفعل :
-عام يشمل كل حركة
-يفيد سرعة الحدوث فلا يحتاج لزمن كثير لأسباب منها القدرة والقوة ومنها الجهل ومنها البداهة
-ويكون من العاقل وغير العاقل
-بقصد وبغير قصد
- بعلم وبغير علم
- و قد يحتاج فيه جهد وقد لا يحتاج : إما لبساطته ،وإما لقوة فاعله .

العمل :
- أخص من الفعل
- يدل على اتصال الحدث مع امتداد زمن
-ويكون من العاقل وقليل ما ينسب لغير العاقل
-ولا يكون إلا عن قصد
-مرتبط بالعلم بل قيل إنه مقلوبه
-ويحتاج معه إلى بذل جهد

مقصود الخاطرة :
لماذا جاء في سورة هود بقوله تعالى : " فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ "
وفي سورة يوسف :" فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" ؟

البيان :

في آية سورة هود السياق في مخاطبة سيدنا نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وقد سبق هذه الآية الإطالة في ذكر تعنت قوم نوح وكثرة جدالهم وأذيتهم لنبيهم وهو في ذلك لا يكف عن نصحهم ودعوتهم .
ولم يأت مثل هذا البسط في غيرها من السور حتى وصلوا إلى أن : " قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ "
فاستعجلوا العذاب تكذيباً وكفراً حتى يصمتوا نبيهم عليه السلام ، فلما كان هذا قال الحق جل جلاله :
" وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ "
فقد خُتم على القلوب فلن يدخلها أي خير ولن تخرج منها شرورها ...فماذا تتوقع من أناس هذا حالهم !

لقد كانت أذيتهم لنبيهم على مستوى الفعل :
- ففيها العموم : فهي عامة تشمل كل حركاتهم ،التي كانت في غاية الدناءة والرذالة وهم الذين يقولون :" وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ " وما علموا أنهم هم المرذولون في كتاب الله
- سرعة الحدوث : فهم أحق بصفة العجلة وعدم التثبت " بَادِيَ الرَّأْيِ " فكانت أذيتهم لنبيهم مثل الجبلة والطبع فيهم لا تحتاج إلى تفكير ولا تدبير .
- مطلقة تشملهم كلهم حتى كان المولود منهم ينشأ على ذلك فلا يكون إلا فاجراً كفاراً .
- ولأنه جاءه –عليه السلام- الأمر ببناء السفينة فإن الحق جل جلاله ينبهه إلى أن الأذية ستصبح على أشدها في الأيام المقبلة " وَيَصْنَعُ الفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ " والسخرية فعل السفهاء ولا تكون أبدا عن علم بل السفه قرين الجهل


وليس هذا الحال مع سورة يوسف عليه السلام فإن أذية إخوة يوسف كانت على مستوى العمل فهم أبناء نبي كريم وإن كان كلا الحالين مما يجلب البؤس والحزن .



علاقة هذا بمقصود السورتين :

القصص القرآني عموما يعنى بتربية حاملي المنهج والعناية بهم وحمايتهم من مشاعر الإحباط والأسى واليأس وتثبيتهم على الحق وهذا ما تفعله السورتان -وهما متتاليتان- فالخطاب للنبي عليه الصلاة والسلام ولحاملي الرسالة من بعده أنه لابد لكم من مجابهة مع هذين الصنفين فسواء كانت الأذية على مستوى الفعل من أرذال الناس أو غيرهم فالواجب عدم الحزن والأسى فقد تكفل الله عز وجل بنصر دينه .

في محاضرة للدكتور عبدالرحمن السميط –عافاه الله وشافاه- ذكر أن أحد الفضلاء قال له: أنه لن تتمكن من نشر دعوتك حتى يبصق في وجهك وتطرد من على الباب و...نسيت الثالثة ... يقول : فقد حصلت لي الثلاثة حتى فتح الله عليّ بعدها .
أسأل الله العلي العظيم الكريم أن يعافيه ويشافيه ويمضي له عمله ويتقبله منه خالصاً طيباً ... اللهم آمين


يتبع بإذن الله
 
بسم الله والحمد لله


قوله تعالى : " لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ " [الأنبياء : 27]
مع قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " [التحريم : 6]

والآيتان من المتشابه معنىً لا لفظاً وكلاهما في :
-سياق مدح الملائكة لكن لكل واحدة منهما وجه مختلف .
- تنبيه البشر على حكمة معينة .

في آية الانبياء وهي المتقدمة جاء بلفظ العمل وقدم الأمر عليه وفي آية التحريم جاء بلفظ الفعل وأخر الأمر عنه :

توجيه ذلك :
في سورة الأنبياء جاء قبل الآية موضع البحث نسبة الولد إلى الله : "وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً "
فأبطله الحق جل شأنه فقال : "سُبْحَانَهُ "
وحتى لا يُتوهم أن التنزيه لأجل أن الملائكة لا ترقى لتنسب نسبة الولد لله بل لأجل أنه : " وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً ،إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً "مدح جل شأنه الملائكة فقال:" بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ "

ثم بين - جل شأنه - خضوع الملائكة التام له في القول والفعل :

ففي القول :
جاء في التحرير والتنوير عند قوله تعالى :" لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ "
فقوله تعالى: { لا يسبقونه بالقول } معناه لا يصدر منهم قول قبل قوله، أي لا يقولون إلاّ ما أذن لهم أن يقولون.اه
وفي الفعل :
قال -رحمه الله-:
وتقديم { بأمره } على { يعملون } لإفادة القصر، أي لا يعملون عملاً إلا عن أمر الله تعالى فكما أنهم لا يقولون قولاً لم يأذن فيه كذلك لا يعملون عملاً إلا بأمره.اه

دلالات لفظ العمل وتطبيقه على الآية الكريمة :
1)لا يكون العمل إلا عن علم :
قال الكفوي ((العمل:المهنة والفعل والعمل يعم أفعال القلوب والجوارح ، ولا يقال الا لما كان عن فكر وروية ولهذا قرن بالعلم حتى قال بعض الأدباء ، قلب لفظ العمل من لفظ العلم تنبيها على انه من مقتضاه)).اه

فجاء بلفظ العمل دوناً عن الفعل ليبين أن أعمالهم لا تصدر إلا عن علم بأوامر الرب جل جلاله فلا يصدر منهم عمل خلاف ذلك :
أي لا يتقدمون بعمل من تلقاء أنفسهم فإن هذا ينافي الخضوع التام لله جل جلاله .

2) العمل هو اتصال الحدث مع امتداد زمن :
قال العلامة بدر الدين الزركشي في البرهان في علوم القرآن : والفرق بينهما ـ يعني عمل وفعل ـ أن العمل أخص من الفعل ، كل عمل فعل ولا ينعكس ، ولهذا جعل النحاة الفعل في مقابلة الاسم لأنه أعم، والعمل من الفعل ما كان مع امتداد، لأنه فعل، وباب فَعَل لِمَا تكرر، وقد اعتبره الله تعالى فقال:" يعملون له ما يشاء "ـ حيث كان فعلهم بزمان .اه

وحيث أن السياق أيضا في مدح الملائكة فقد دل على دأبهم في أعمالهم وأنهم مشغولون بعبودية الله عز وجل .
ففي تنبيه البشر بالانشغال بعبودية الله عز وجل والكف عن الأقوال الباطلة وسياق سورة الأنبياء كله في العبودية ورد فيها جذر الكلمة اثنى عشر مرة .

ومثل هذا قوله تعالى : " " اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً " فهو عمل دؤوب مستمر في شكر الله عز وجل

****************

الآية الثانية :
قوله تعالى في سورة التحريم : "وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "
سياق الآية في الترهيب والتهديد لكن بدافع الرحمة لأنه في سياق خطاب المؤمنين - " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " - فهو كقوله تعالى :" وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ "

جاء في نظم الدرر :
ولما كان المطيع منا قد يخل ببعض المأمور به في ذاته بنقص ركن أو شرط أو وقت لنسيان، أو نوم ونحوه أو بترك مندوب ونحوه أو ما في معناه بوسوسة أو حديث نفس ونحوه يقصر عن إيقاعه على أعلى الدرجات كما قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما والطيالسي عن ثوبان رضي الله عنه: " استقيموا ولن تحصوا " قال نافياً لذلك عنهم: { ويفعلون } أي مجددين مع كل أمر على سبيل الاستمرار { ما يؤمرون } أي ما يقع لهم الأمر به في أي وقت كان من غير نقص ما، وبني الفعل لما لم يسم فاعله كناية عن سهولة انقيادهم وإشارة إلى أن الذي أمرهم معلوم أنه الله سبحانه وتعالى.اه

دلالات (فعل ) وتطبيقه على الآية :

1) المطلوب من الملائكة هاهنا سرعة الامتثال "وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ " لذلك جاء بلفظ الفعل دوناً عن العمل
(فالفعل: إيجاد الأثر من غير بُطْءٍ ويقتضي سرعة الحدث، ومنه الانفعال وقوة التأثير وسرعة الاستجابة )
وهذا معنى قول البقاعي : { ويفعلون } أي مجددين مع كل أمر على سبيل الاستمرار { ما يؤمرون } أي ما يقع لهم الأمر به في أي وقت كان من غير نقص ما.اه
أي كلما أُمروا فعلوا على الفور .
التحريروالتنوير :
فعل المأمور أوضح في الطاعة من عدم العصيان .اه
فهو كقوله تعالى :"وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ "[المؤمنون : 4] فجاء بالفعل لأن فيه سرعة إيقاع الحدث وهذه السرعة تدل على قوة الإمتثال والطاعة لله عز وجل وكأنّ الإنفاق عند المؤمنين أصبح جبلة لزكاة قلوبهم مثلهم كمثل الملائكة في ذلك .

استطراد :
إذا كان ( فعل ) تدل على سرعة إيقاع الفعل فإن هذه السرعة تكون لأسباب متعددة :
-منها قوة الامتثال كما ذُكر .

- ومنها قوة البطش والانتقام :
كقوله تعالى :" " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ " (الفجر:6)
" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ " (الفيل:1)

- ومنها السرعة الناتجة عن القوة والقدرة والغلبة والعزة :
كقوله تعالى :" إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ " (هود : 107)
"يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ " [الأنبياء : 104]

-وبالنسبة للمخلوق : سرعة ناتجة عن التصميم والعزم والإرادة :
"قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ "[يوسف : 10]
" قَالَ هَؤُلاء بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ " [الحجر : 71]
" قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ " [الأنبياء : 68]

-سرعة ناتجة عن جهل وعدم تعمد :
" وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" [آل عمران : 135]

انتهى الاستطراد

عودة إلى دلالات الفعل :

2) الفعل عام يشمل كل حركة :
قال العلامة بدر الدين الزركشي في البرهان في علوم القرآن: والفرق بينهما ـ يعني عمل وفعل ـ أن العمل أخص من الفعل، كل عمل فعل ولا ينعكس، ولهذا جعل النحاة الفعل في مقابلة الاسم لأنه أعم.اه
ولك أن تتخيل كل ما يمكن للملائكة - التي أعطاها الله من القدرة ما أعطاها - ماذا يمكن أن تفعل بأهل النار ،عياذا بالله منها.

ومثل دلالة الفعل على العموم قوله تعالى :
- " وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " (الحج:77) لأن فعل الخير يدخل في كل شيء .
- " وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ " [الزمر : 70] فلا يخفى عليه شيء
- " هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " [المطففين : 36] وهي دلالة على أن الكافر يعذب على أصول الدين وفروعه .


فالخلاصة :
أنه جاء بلفظ العمل بآية الأنبياء للدلالة على عبوديتهم التامة لله عز وجل من وجه أنهم لا يصدر عنهم عمل إلا بعلم الرب وأنه عمل دؤوب دائم .
وجاء بلفظ الفعل في آية التحريم للترهيب بمبادرتهم الفورية على الإئتمار بأمر الرب في تعذيب أهل النار فلا تردد ولا شفقة ولا رحمة ...

والله تعالى أجل وأعلم .

ملاحظة :
مرفق جدول المقارنة بين الأفعال مع ذكر أقوال من أهل العلم
 
التعديل الأخير:
بسم الله
والحمد لله

قوله تعالى :
"فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ "
الإتيان بالفعل دوناً عن العمل يُستنبط منه فوائد جليلة قد تصل إلى بيان مقصود السورة نفسها ودلالة اسمها :
أولاً :
الفعل عام ولا يحتاج إلى علم فهو يدل على سهولة المطلوب أصلاً ...
قال الراغب الأصبهاني في مفردات القرآن:
الفعل: التأثير من جهة مؤثر وهو عام لما كان بإجادة أو غير إجادة ولما كان بعلم أو غير علم وقصد أو غير قصد .اه
فما هي الصعوبة في ذبح بقرة وهو أمر يحسنه عامة الناس لا يحتاج إلى خاصتهم !
ثانياً :
هذه المفردة (يفعلون ) تدل على قوة الامتثال لأنها تدل على سرعة الاستجابة كما ذكرت سابقا عند قوله تعالى :" وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ "
فالفعل: إيجاد الأثر من غير بُطْءٍ ويقتضي سرعة الحدث .
وهذا كله في مقابل أمر رباني علوي إلهي ورد على لسان نبي مرسل من قبله عليه الصلاة والسلام مما يدل على نفوس عنيدة يصعب عليها الاستسلام والخضوع حتى في أمور بسيطة في مقابل أوامر ربانية ، وقد نكلوا عن الجهاد من قبل :
- فلا الأمر العظيم أطاعوه
- ولا الهين البسيط امتثلوه

وهذا ينافي الإيمان وحقيقته التصديق ومظهره الإسلام والخضوع

والقرآن كتاب للأمة المحمدية لا كتاب اليهود والنصارى وإن كان الخطاب المباشر متوجهاً إليهم فإن المسلمين هم المقصودون ،،، وسيأتي لاحقاً في السورة الأمر بأصول الشريعة وتأسيس قواعدها فكان لابد أن تكون حقيقة الإيمان والإذعان راسخة في الأذهان .
فقصة البقرة تبين هذا وتوضحه جلياً
ومقصود سورة البقرة يدور حول ترسيخ الأصل الذي يبنى عليه الإسلام وهو الإيمان .

والله أعلم


******************


هذا بخصوص مفردة ( يفعلون )

يأتي بعدها بآيتين قوله تعالى :
" ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "

ختمت الآية بلفظة " تَعْمَلُونَ "

قال العلامة بدر الدين الزركشي في البرهان في علوم القرآن: والعمل من الفعل ما كان مع امتداد، لأنه فعل، وباب فَعَل لِمَا تكرر، وقد اعتبره الله تعالى فقال: يعملون له ما يشاء ـ حيث كان فعلهم بزمان .اه

في أول الآية قال الحق جل شأنه " ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم " والقلوب لا تقسو بين ليلة وضحاها بل يتحجر القلب مع طول الأمد إذا لم يحرص عليه صاحبه – ولم يبين زمن التحجر هاهنا ولكن بينه في سورة الحديد :
" أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ " [الحديد : 16]

ويأتي مع طول الأمد النسيان والغفلة ثم تبدأ الأمراض والأعراض تنهش القلب ...

جاء في نظم الدرر :
{ فقست } أي بسبب الطول { قلوبهم } أي صلبت واعوجت حتى كانت بحيث لا تنفعل للطاعات والخير فكانوا كل قليل في تعنت شديد على أنبيائهم عليهم الصلاة والسلام يسألونهم المقترحات، وأما بعد ايتائهم فأبعدوا في القساوة، فمالوا إلى دار الكدر بكلياتهم وأعرضوا عن دار الصفاء فانجروا إلى الهلاك باتباع الشهوات، قال القشيري: وقسوة القلب إنما تحصل من اتباع الشهوة وإن الشهوة والصفوة لا تجتمعان.اه

فقسوة القلب استلزمت زمن لتتشكل مع طول الغفلة والمعاصي لذا ختم الآية بلفظ العمل وبين جل جلاله أنكم إن غفلتم عن مراقبة الله عزوجل لكم وضاعت حقائق الإيمان من قلوبكم فما الله بغافل عما تعملون .

والله تعالى أعلم


 
السلام عليكم
بارك الله بك
أريد أن أسأل عن دليل ثبوت " عمل " لله سبحانه
ورد - فى الجدول المرفق - أن الدليل قوله تعالى " أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ "
مانسب لله فى الآية " خلقنا "، أما "عمل " فقد نسب ل " أيدينا "... وحتى لانقول أن هناك اختلاف للعلماء حول المقصود بأيدينا ... أهى مجاز أم غير ذلك ، فأرى أن يكون هناك دليل على ثبوت " عمل " بالنسبة لله سبحانه غير هذا الدليل .
جزاكم الله خيرا
 
وعليكم السلام ورحمة الله
وفيكم بارك الله

أنا في ذلك متبعة ... والسلامة غنيمة
باب العقيدة زل به كثير
ويكفيني قول أهل العلم

( قال شيخ الإسلام ابن تيمية في التدمرية: وصف الله نفسه بالعمل، فقال: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ، ووصف عبده بالعمل فقال: جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ـ وليس العمل كالعمل. اهـ.
وقال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان: أما الصفات الفعلية، فإن وصف الخالق والمخلوق بها كثير في القرآن، ومعلوم أن فعل الخالق مناف لفعل المخلوق كمنافاة ذاته لذاته، فمن ذلك وصفه جل وعلا نفسه بأنه يرزق خلقه ... ووصف نفسه بالعمل فقال: أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما، الآية، وقال في وصف الحادث به: إنما تجزون ما كنتم تعملون. اهـ.
وذكر الدكتور علوي السقاف في صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة صفتي: الْعَمَلُ وَالْفِعْلُ، فقال: هما صفتان ثابتتان لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة. اهـ.
وكذلك الشيخ عمر الأشقر في كتاب العقيدة في الله.
والله أعلم.
المصدر :الفرق بين (يفعلون) و (يعملون) - إسلام ويب - مركز الفتوى
 
عودة
أعلى