من نفائس عبارات السلف في التفسير

إنضم
10/09/2004
المشاركات
59
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
للسلف الصالح رحمهم الله في التفسير عبارات نفيسة يستخرج منها الكثير من الفوائد في التفسير وأصوله , ولعلي اذكر منها مثالاً , وأحسب أن الأمثلة كثيرة :

قال الطبري (29/212) : حدثني يونس , قال : أخبرنا ابن وهب , قال : قال ابن زيد ـ في قوله : ( والتفت الساق بالساق )ـ قال : العلماء يقولون فيه قولين :
منهم من يقول : ساق الآخرة بساق الدنيا . وقال آخرون : قَلَّ ميت يموتُ إلا التفت إحدى ساقيه بالأخرى .
قال ابن زيد : غير أنا لا نشك أنها ساق الآخرة , وقرأ : ( إلى ربك يومئذ المساق ) قال : لما التفت الآخرة بالدنيا ؛ كان المساق إلى الله . قال : وهو أكثر قول من يقول ذلك .

من فوائد تفسير ابن زيد رحمه الله :

1 ـ حدوث الخلاف في التفسير بين السلف , ومعرفتهم بذلك .
2 ـ كيفية تعامل السلف مع الخلاف في التفسير . ( ويظهر في هذا المثال نقل الخلاف , والترجيح بدليل ) .
3 ـ التصريح بالاختيار .
4 ـ الاستدلال على الاختيار بقاعدتين هما :
أ ـ قاعدة السياق , وقوله تعالى : ( إلى ربك يومئذ المساق ) .
ب ـ قاعدة : قول الأكثر .
وهذا المثال يصلح في التأصيل لهاتين القاعدتين من قواعد الترجيح .
 
أخي ( العتيق ) أعتقني الله وإياك وإخواننا من النار
هذا تعليق مليح للغاية ، ولو عُمِل على تفسير السلف مثل هذا في استنباط الفوائد لخرجنا بأصول التفسير من عندهم هم ، ولحصل لنا فهم علمهم وطريقتهم عليهم رحمة الله .
ولأخينا نايف الزهراني تنكيتات كهذه ، اطلعت عليها في رسالته التي قدمها ـ وهي تنتظر المناقشة ـ لنيل درجة الماجستير ، ولعله يتحفنا بشيء مما عنده فيها .
 
من أعظم نعم الله على عبده أن يفتح له باباً من العلم يَصِله بعلم السلف وفقههم ومنهجهم, وقد استمتعت بشيء من ذلك في فترة أحسبها من أحسن الأيام وأكثرها فائدة.
وفكرة استخراج فوائد في التفسير وأصوله من عبارات السلف من أفضل وأحسن ما يمكن تقديمه لعلم التفسير, والعناية بهذا الجانب قليلة جداً, إلا في كتابات متناثرة هنا وهناك, على غير قصد للجمع, أو منهج محدد للدراسة.
ولو لم يكن من حسنات الشيخ الكريم أبي عبد الملك مساعد الطيار وفقه الله إلا إثارة هذا الجانب في نفوس الباحثين والدارسين لكفاه فضلاً وشرفاً.
ولعلي أشير إلى تفاصيل هذه الطريقة في موضوع خاص بإذن الله, مع نماذج تطبيقية.
وادعوا لأخيكم.
 
شيخنا المبارك : الشيخ مساعد الطيار حفظه الله تعالى , أشكر لك تشجيعك , وحسن ثنائك , فإنَّ ما كتبت ـ إن كنتُ وفقت فيه ـ فهو تطبيق لبعض ما ناديتَ , وكنتَ تُنادي به في كتبك ودروسك , فالفضل بعد الله جل وعز في كل ذلك لك , فإن نسيتُ لا أنسى ذلك الكتاب القيم ( فصول في أصول التفسير) بمقدمته الرائعة , وطرحه العلمي , واحسبُ أن رَحِمَ هذا الكتاب أخرجت أفكاراً وأبحاثاً للمتخصصين . وإن نسيتُ أخرى فلا أنسى تفسير جزء عم , والذي فيه كتبت , وبه أبنت عما كنت تنادي به . ولو لم يكن في هذا التفسير إلا الدعوة لقراءة تفسيرات السلف والتأمل فيها , وإخراج كنوزها , وتوجيه أقوالهم . ودراسة بعض ما اصطلحوا عليه . أقول لو لم يكن فيه إلا ذلك لكفى .

محبكم : العتيق
الخميس 23/11/1427هـ
 
أخي العتيق بارك الله فيك وجزاك الله خيراً على إثرائك وفكرتك رائعة جداً حقاً هذا ما نحتاج إليه وخاصة للمتخصص فجزاك الله خير الجزاء وكما أشكر الأستاذ الدكتور مساعد الطيار جزيل الشكر على كتابه القيم فصول في أصول التفسير فقد قرأت هذا الكتاب وتفسيره لجزء عم فأسلوبه رائع جداً وقد استوقفتني بعض النقاط المهمة جداً لتفسير القرآن فلا يسعني إلا الثتاء والدعاء لأستاذنا بمزيد من التقدم لإرساء تعاليم الدين الحنيف
 
[align=justify]ومن نفائس تفاسير السلف ما أخرجه ابن جرير الطبري عن مجاهد في تفسير قول الله تعالى: ( وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) أنه قال: اجعلنا مؤتمين بهم، مقتدين بهم.

قال ابن الجوزي في زاد المسير معلقاً على هذا القول: ( فعلى هذا يكون الكلام من المقلوب فيكون المعنى واجعل المتقين لنا إماماً.)

وأما ابن القيم رحمه الله فقد استغرب ما ذكره ابن الجوزي، وبيّن أن هذا القول من مجاهد يدل على فقهه وفضله.

قال ابن القيم : ( وقال مجاهد: اجعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم.
وأشكل هذا التفسير على من لم يعرف قدر فهم السلف وعمق علمهم، وقال يجب أن تكون الآية على هذا القول من باب المقلوب على تقدير واجعل المتقين لنا أئمة، ومعاذ الله أن يكون شيء مقلوبا على وجهه.
وهذا من تمام فهم مجاهد رحمه الله فإنه لا يكون الرجل إماماً للمتقين حتى يأتم بالمتقين؛ فنبه مجاهد على هذا الوجه الذي ينالون به هذا المطلوب وهو اقتداؤهم بالسلف المتقين من قبلهم فيجعلهم الله أئمة للمتقين من بعدهم.
وهذا من أحسن الفهم في القرآن وألطفه، ليس من باب القلب في شيء؛ فمن ائتم بأهل السنة قبله ائتم به من بعده ومن معه.) انتهى كلام ابن القيم من رسالته "رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه".[/align]
 
عودة
أعلى