محمد بن جماعة
New member
- إنضم
- 23/01/2007
- المشاركات
- 1,211
- مستوى التفاعل
- 2
- النقاط
- 38
- الإقامة
- كندا
- الموقع الالكتروني
- www.muslimdiversity.net
ذكر الدكتور عبد الله دراز _رحمه الله_، في كتابه (النبأ العظيم.. نظرات جديدة في القرآن) ص 112-113، نصيحة للمشتغلين بعلوم القرآن وتفسيره، أرجو أن تجدوا فيها الفائدة. ولي بعد ذكرها تعليق بسيط:
((خذ نفسك أنت بالغوص في طلب أسراره البيانية على ضوء هذا المصباح (يقصد: دقة الميزان الذي وضع عليه أسلوب القرآن). فإن عمِّي عليك وجه الحكمة في كلمة منه أو حرف، فإياك أن تعجل كما يعجل هؤلاء الظانون، ولكن قل قولا سديدا هو أدنى إلى الأمانة والإنصاف. قل: "الله أعلم بأسرار كلامه، ولا علم لنا إلا بتعليمه".
ثم إياك أن تركن إلى راحة اليأس فتقعد عن استجلاء تلك الأسرار قائلا: أين أنا من فلان وفلان؟.. كلا، فرُبَّ صغير مفضول قد فطن إلى ما لم يفطن له الكبير الفاضل. ألا ترى إلى قصة ابن عمر في الأحجيّة المشهورة (1) ؟ فجِدَّ في الطلب وقل: رب زدني علما، فعسى الله أن يفتح لك بابا من الفهم تكشف به شيئا مما عمِّي على غيرك. والله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور.))
===
(1) قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) الآية 24 من سورة إبراهيم، وقال: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم. فحدثوني ما هي؟"
فخفي على القوم علمها وجعلوا يذكرون أنواعا من شجر البادية. وفهم ابن عمر أنها النخلة. وكان عاشر عشرة هو أحدثهم سنا، وفيهم أبو بكر وعمر. فقال (صلى الله عليه وسلم): "هي النخلة" الحديث رواه الشيخان. وفي القرآن: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ) الآية 79 من سورة الأنبياء.
انتهى النقل.
===
تعليق:
نجد مصداق هذه النصيحة القيمة في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةًً" (رواه البخاري في كتاب الأنبياء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص)
وفي الحديث الذي رواه الترمذي: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ.. فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ" (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح)
- وفي رواية أحمد: " فَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ فِيهِ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ".
ففي هذه الأحاديث مجتمعةً، دعوة إلى عدم إلغاء وإسقاط التكليف القرآني بالنظر والتدبر، والاكتفاء بما توصل إليه السابقون، بحجة أن السابقين (لم يتركوا لللاحقين بهم شيئا ليجتهدوا فيه). فالنص النبوي يقرر: أنه قد تتأتى فهوم مستقبلية أكثر وعيا وإدراكا للنص القرآني.
"بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةًً".. "فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ"، " وَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ".
ولا شك أن المقصود ليس الدعوة إلى القفز فوق فهم السابقين للقرآن والاغتراف مباشرة من القرآن بمؤهلات وبدون مؤهلات، وإنما المقصود هو التشجيع على النظر الذي لا يتأتى ولا يتحقق إلا ّإذا اصطحب الفهوم والاجتهادات السابقة، بدون الاقتصار عليها، لأن كل عصر رؤيته، في ضوء مشكلاته ومعطياته.
((خذ نفسك أنت بالغوص في طلب أسراره البيانية على ضوء هذا المصباح (يقصد: دقة الميزان الذي وضع عليه أسلوب القرآن). فإن عمِّي عليك وجه الحكمة في كلمة منه أو حرف، فإياك أن تعجل كما يعجل هؤلاء الظانون، ولكن قل قولا سديدا هو أدنى إلى الأمانة والإنصاف. قل: "الله أعلم بأسرار كلامه، ولا علم لنا إلا بتعليمه".
ثم إياك أن تركن إلى راحة اليأس فتقعد عن استجلاء تلك الأسرار قائلا: أين أنا من فلان وفلان؟.. كلا، فرُبَّ صغير مفضول قد فطن إلى ما لم يفطن له الكبير الفاضل. ألا ترى إلى قصة ابن عمر في الأحجيّة المشهورة (1) ؟ فجِدَّ في الطلب وقل: رب زدني علما، فعسى الله أن يفتح لك بابا من الفهم تكشف به شيئا مما عمِّي على غيرك. والله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور.))
===
(1) قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) الآية 24 من سورة إبراهيم، وقال: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم. فحدثوني ما هي؟"
فخفي على القوم علمها وجعلوا يذكرون أنواعا من شجر البادية. وفهم ابن عمر أنها النخلة. وكان عاشر عشرة هو أحدثهم سنا، وفيهم أبو بكر وعمر. فقال (صلى الله عليه وسلم): "هي النخلة" الحديث رواه الشيخان. وفي القرآن: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ) الآية 79 من سورة الأنبياء.
انتهى النقل.
===
تعليق:
نجد مصداق هذه النصيحة القيمة في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةًً" (رواه البخاري في كتاب الأنبياء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص)
وفي الحديث الذي رواه الترمذي: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ.. فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ" (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح)
- وفي رواية أحمد: " فَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ فِيهِ غَيْرُ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ".
ففي هذه الأحاديث مجتمعةً، دعوة إلى عدم إلغاء وإسقاط التكليف القرآني بالنظر والتدبر، والاكتفاء بما توصل إليه السابقون، بحجة أن السابقين (لم يتركوا لللاحقين بهم شيئا ليجتهدوا فيه). فالنص النبوي يقرر: أنه قد تتأتى فهوم مستقبلية أكثر وعيا وإدراكا للنص القرآني.
"بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةًً".. "فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ"، " وَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ".
ولا شك أن المقصود ليس الدعوة إلى القفز فوق فهم السابقين للقرآن والاغتراف مباشرة من القرآن بمؤهلات وبدون مؤهلات، وإنما المقصود هو التشجيع على النظر الذي لا يتأتى ولا يتحقق إلا ّإذا اصطحب الفهوم والاجتهادات السابقة، بدون الاقتصار عليها، لأن كل عصر رؤيته، في ضوء مشكلاته ومعطياته.