من منطلقات الانتصار للقرآن: لا تغتر بقطعك فروع الشبهة وتترك أصولها

إنضم
14/05/2012
المشاركات
1,111
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الأردن
انطلق خالد بن الوليد رضي الله عنه وأصحابه لإزالة صنم العزى، وكان وثناً عظيماً حوله شجرات (السمُرة)، فقام إليها خالد فقطع السمُرات وهدم البيت الذي كان عليها وهو يردد: " كفرانك ـ لا سبحانك ـ إني رأيت الله قد أهانك! ".
ثم رجع خالد وأصحابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سأله: " هل رأيت شيئًا ؟ "
قال خالد: كلا.
قال: " ارجع فإنك لم تصنع شيئًا ".

فعاد خالد ليستأصل السمرات حول العزى من أصولها، وينقض كامل بنيان الصنم، فلما وصل إليها وشاهده القائمون على الصنم (السدنة)، عرفوا أنه جاء هذه المرة ليكمل ما فاته في المرة السابقة فهربوا إلى الجبل، وخرجت له كاهنة عجوز حاولت أن تمنعه فقتلها.
قال الزرقاني في المواهب اللدنية: لو لم يعد لأمرتهم الكاهنة العجوز بتجديدها ولأخبرتهم بأن لو قطعت شجراتها أو كسرت حجارتها لم تزل عظمتها.

* الدرس المستفاد: لا تستسهل نقض فروع الشبهة، بل اجتهد لتنقضها من أصلها،
وتمثل قول الشاعر:

قَتَلْتَ عَمْراً، وتَسْتَبْقِي يَزِيدَ لقَدْ ** رَأَيْتَ رَأْياً يَجُرُّ الوَيْلَ والحَرَبا
لا تَقْطَعَنْ ذَنَبَ الأَفْعَى وتُرْسِلَها ** إِنْ كنتَ شَهْماً فأَلْحِقْ رَأْسَها الذَّنَبا
هُمْ جَرَّدُوا السَّيْفَ فاجْعَلْهُمْ له جَزَراً ** وأَضْرَمُوا النَّارَ فاجْعَلْهُمْ لها حَطَبا
 
دكتور عبدالرحيم الشريف:
جزاك الله خيرا
(الدرس المستفاد: لا تستسهل نقض فروع الشبهة، بل اجتهد لتنقضها من أصلها،)
ضربت مثال للفكرة التي طرحتها من التاريخ الاسلامي.
الحمد لله تاريخنا الاسلامي غني جداً، و هذا يجعلنا بفضل من الله نجد في معظم الأحوال بسهولة أمثلة لكثير من الأفكار التي نطرحها.
لو سمحت أرجو منك طرح مثال او أمثلة للفكرة التي طرحتها على قضايا معاصرة خاصة بالانتصار للقران ( مثال: ذكر شبهة و طرح الآليات التي يمكن من خلالها استئصال الشبهة من جذورها).
طلبي هذا من اجل ربط الماضي بالحاضر لنعبر به الى المستقبل.
أتمنى ان تكون الفكرة وصلت.
طلبي السابق للدكتور عبدالرحيم اولا ثم من أعضاء ملتقى اهل التفسير.
جزاك الله خيرا.
 
مثاله ما ورد من شبهة وجود خطأ لغوي في سورة الشورى عند قوله تعالى: ".. وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) ". فكيف يقوم بتذكير خبر الاسم المؤنث؟
الجواب الفرعي للشبهة (الرد المباشر) :
يجوز تذكير (قريب) على معنى الزمان أو البعث أو النسب. ولم تؤنث (قريب)؛ لأنها تأنيث غير حقيقي كالوقت. ولفظ (قريب) نعت يُنعت به المذكر والمؤنث والجمع بمعنى ولفظ واحد.

ويجوز في لغة العرب أن يستوي المذكر والمؤنث على وزن (فعيل) فنقول: رجل جريح وامرأة جريح، وكذا وزن (فعول) فنقول: رجل صبور وامرأة صبور، وعلى وزن (مِفعال) فنقول: رجل منحار وامرأة منحار ـ أي: كثير النحر ـ.

أما الجواب العام للرد على أشباهها ونظائرها:
قال محمد رشيد رضا في رده على مثل هذا: " وقد تجرَّأ بعض أعداء الإسلام على دعوى وجود الغلط النحوي في القرآن !.. وهذا جمع بين السخف والجهل. وإنما هذه الجرأة من الظاهر المتبادر من قواعد النحو مع جهل، أو تجاهل أن النحو استنبط من اللغة ولم تستنبط اللغة منه. وأن قواعده إن قصرت عن الإحاطة ببعض ما ثبت عن العرب فإنما ذلك لقصور فيها، وأن كل ما ثبت نقله عن العرب فهو عربي صحيح، ولا ينسب إلى العرب الغلط في الألفاظ.. ".
أيُعقَل أن يغلط محمد صلى الله عليه وسلم ويلحن الذي وصفه ابن القيم بأنه " كان أفصح خلق الله جل جلاله، وأعذبهم كلاماً، وأسرعهم أداءً، وأحلاهم منطقاً، حتى إن كلامه ليأخذ بمجامع القلوب، ويسبي الأرواح، ويشهد له بذلك أعداؤه. وكان إذا تكلم تكلم بكلام مفصل مبين.. يتكلم بجوامع الكلام، فصلٌ لا فضول ولا تقصير ".
إن حالهم في نقد القرآن الكريم، كحال مزارع لم يعرف سوى الزراعة مهنة، ثم أصيب بالعمى، يريد إتقان عملية قلب مفتوح.. وزيادة على ذلك، لا يملك أي أداة من أدوات الجراحين، فأنى له النجاح في عمليته؟! إنه سيكون أضحوكة الناس، ومع ذلك تراه ينتقد أمهر الجراحين المشهود لهم عالمياً، عند منافسيهم قبل أصدقائهم !! فمَن الأحق بالسخرية والاستهزاء عند قوم يعقلون ؟!
فهل ينخدع عاقل بتقوُّل جاهلٍ، لم يبلغ في معرفة العربية رتبة مسيلمة الكذاب ؟!

كما ردَّ السكَّاكي على أولئك الناس في نهاية " مفتاح العلوم " بكلام قاسٍ.. منه:
" أضلُّ الخلق عن الاستقامة في الكلام، إذا اتفق أن يعاود كلامه مرة بعد أخرى، لا يعدم أن ينتبه لاختلاله فيتداركه.. قدِّروا أنْ لم يكن نبياً، وقدِّروا أنْ كان نازل الدرجة في الفصاحة والبلاغة، وقدِّروا أنْ كان لا يتكلم إلا خطأً.. أوَ قد بلغتم من العمى إلى حيث لم تقدروا أنْ يتبين لكم أنه عاش مدة مديدة بين أولياء وأعداء؟.. ألم يكن له وليٌّ فينبهه ـ فعلَ الأولياء ـ؛ إبقاءً عليه أن يُنسَب إلى نقيصة ؟ ولا عدو فينقص عليه ؟.. سبحان الحكيم الذي يسع حكمته أن يخلق في صوَر الأناسي بهائم، أمثال الطامعين أن يطعنوا في القرآن. ثم الذي يقضي منه العجب، أنك إذا تأملت هؤلاء، وجدت أكثرهم لا في العِير ولا في النفير، ولا يعرفون قُبيلاً من دُبير، أين هم عن تصحيح نقل اللغة؟ أين هم عن علم المعاني؟ أين هم عن علم البيان؟ أين هم عن باب النثر؟ أين هم عن باب النظم؟.. أبعَدُ شيء عن نقد الكلام جماعتهم، لا يدرون ما خطأ الكلام وما صوابه، ما فصيحه وما أفصحه، وما بليغه وما أبلغه.. ".
ثم شرع يرد على بعض ما أثير من شبهات حول القرآن الكريم، إلى نهاية الكتاب.
 
السلام عليكم ورحمة الله
بورك فيكم وتقبل الله جهدكم, وهذا طرح راق لمنهجية الرد على الشبهات, ذلك أنه كما يقول الأطباء علاج للمرض لا للعرض وتلك منهجية القرآن الكريم في الرد على الشبهات, ليتنا نولي هذه المنهجية عناية ومعالجة وتركيزا ونرد الشبه إلى أصول محددة ثم نهجم على تلك الأصول التي قامت الشبه عليها فتخر صريعة متهاوية, فليس للباطل ثبوت.
 
عودة
أعلى