عبدالرحمن السديس
New member
الحمد لله وحده ، وصلى الله على من لا نبي بعده محمد وآله وسلم تسليما . أما بعد:
فهذا موقف بديع أعجبني قرأته في شرح مختصر الروضة للعلامة أبي الربيع الطوفي ـ رحمه الله ـ 1/109 قال :
ولقد طالما نظرت في كتب الفضلاء ، فإذا رأيت فائدة مستغربة ، أو حل أمر مشكل ، أقرأ لمصنف الكتاب شيئا من القرآن ، وأجعل له ثوابه على مذهبنا في ذلك ، وإن كان المصنف ممن لا يعتقد وصوله . اهـ
ما أحوجنا اليوم إلى مثل هذا الخلق العظيم من شكر من نتعلم منه ، ونستفيد من كتبه .
ليس المطلوب أن نفعل هذه الصورة التي اختارها الطوفي جوازها ؛ بل المطلوب هو شكره عليها ، ودعاء الله له ، فــ{هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} .
لكن المؤسف أنك ترى من طلبة العلم اليوم ـ خصوصا ممن اتخذ صناعة التحقيق له حِرفة ـ يتكئ على عمل غيره ممن سبقه من المحققين والعلماء ، ويستفيد منهم أعظم استفادة ، لكنّ جزاءهم عنده = ليس الدعاء والثناء ، بل إبراز ما قد يظهر لهم من وهم ، وتعظيم ونشر ما قد يقع له من غلط ، واتخاذه سلما يصعد به على أكتافهم ، ثم لم يكفه هذا حتى زين له قرينه حسن عمله ، وسماه له : غيرة على كتب التراث ، أو نصحا للأمة ! (1)
فجمع بين نكران الجميل ، وتتبع عورة أخيه المسلم ، ثم أخرجها بصورة عمل صالح ، ونسي أو تناسى أن الله { يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ } وهو له بالمرصاد ، { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} .
-----------------
(1) ولا يفهم من هذا السكوت عن الأغلاط مطلقا ، لا ؛ بل البيان مطلوب لكن على وجه النصيحة .