من مرتكزات الانتصار: عدم الركون لمجرد الاعتراض

إنضم
14/05/2012
المشاركات
1,111
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
الأردن
يطرح من يخالفك الرأي أو العقيدة دعوى معينة، فتظن أن دعوى المخالف مغلوطة بدليل كونها جديدة، أي أنك لا تعرفها، تجزم بأنها خطأ مكتفياً باعتراضك أنت عليها بدليل غرابتها.

يقال لك: لماذا لا تنظر إلى دعواه بمنظار إيجابي، رزق عِلمٍ ساقه الله إليك، لم ولن يلقه (جل جلاله) إليك على سريرك، بل أثار غيرتك الدينية لتسلك مسالك البحث العلمي فتستنبط وتزداد علماً وتُعلم غيرك.

وفي هذا يقول ابن تيمية في نقض المنطق: " ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻭﺍﻟﻘﺪﺡ ﻟﻴﺲ ﺑﻌﻠﻢ، ﻭﻻ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﻔﻌﺔ، ﻭﺃﺣﺴﻦ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺻﺎﺣﺒﻪ: ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﻲ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺟﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ".

فالعلم شيء، والشك والريبة شيء آخر!
 
بارك الله فيك مولانا. تقصد مجرد الإعتراض على الدعوى ؟
أظن أن مجرد الإعتراض قد يكفي عندما يأتي صاحب الدعوى بمجرد عرض. أعني أن العرض المجرد ترد عليه بالإعتراض المجرد، أم أن هذا ليس من أخلاقيات الحوار ؟

يأتيك فلان يقول الإسلام ليس بالدين الخاتم، فترد عليه بمجرد عكس دعواه، لأنه لم يأتي بشيء آخر غير ذلك.
 
نعم أخي، المناظرة وقطع الحجة قد نلجأ إليها دون الحاجة للتوسع في طلب العلم والبحث، فهذا له ميدانه، ولذلك ميدان: يختلف الميدان بحسب السؤال وبحسب السائل وبحسب الظرف الذي سيق فيه السؤال.

فبعض الحالات لا يصلح فيها سوى الزجر العاطفي (بمعزل عن الإجابة العلمية)، وبعضها يحتاج مقدمات ونتائج، وبعضها يكفي فيها ضرب مثال، وبعضها يحتاج إلى استقراء تام، وبعضها نكتفي بالناقص.. الخ

مثلاً: اكتفى القرآن الكريم بنفي شبهة الجنون عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بكلمة واحدة: (صاحبكم).
فالذي صحبتموه وعرفتم رجاحة عقله وكنتم وما زلتم تأتمنونه على حوائجكم وتنادونه الأمين.. ليس بجنون؛ فلسان حالكم أصدق من لسان مقالكم.

قال ابن تيمية في درء التعارض - بعد أن عرض هذا الرد لتلك الشبهة - : " ما ينصبه الله من الأدلة، ويهدي إليه عباده من المعرفة، يتبين به الحق من الباطل الذي يشتبه به، ولكن ليس كل من عرف الحق - إما بضرورة أو بنظر - أمكنه أن يحتج على من ينازعه بحجة تهديه أو تقطعه، فإن ما به يعرف الإنسان الحق نوع، وما به يعرفه به غيره نوع، وليس كل ما عرفه الإنسان أمكنه تعريف غيره به، فلهذا كان النظر أوسع من المناظرة، فكل ما يمكن المناظرة به يمكن النظر فيه، وليس كل ما يمكن النظر فيه يمكن مناظرة كل أحد به ".
 
التعديل الأخير:
جزاك الله خيرا أخي الأستاذ الشريف. إن شاء الله نجمع تلك المرتكزات في موضوع فهرسي واحد لتسهيل العودة إليها.

كتب الأستاذ طه عبد الرحمن في كتابه "في أصول الحوار وتجديد علم الكلام" عن المنع (أو المناقضة) ما يلي:

المنع المجرد: يكتفي فيه المانع بالإعتراض من غير محاولة تبرير لاعتراضه؛ ومن صيغ المنع المجرد: "لا أسلّم لك هذه الدعوى" أو "أمنع هذه الدعوى". ثم تحدث عن المنع المستند ميّز فيه بين السند القطعي الجوازي والحلي .. إلخ.

الذي إستفدته أن حتى الإعتراض المجرد مراتب، والإكتفاء به أحيانا عين المنطق.
 
طبعاً..
وما قصده ابن تيمية أن الثروة العلمية البحثية التي تؤسس لمعرفة قابلة أن نبني عليها، وننشئ من خلالها جيلاً واعياً ذكياً مناظِراً... لا يُكتفى فيها بمجرد (المنع المجرد).

باختصار: الاكتفاء بالاعتراض قد يحسم مناظرة، لكنه لن يؤسس معرفةً لطالب العلم.
 
عودة
أعلى