محمد خليل الزروق
New member
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
[align=center]المسألة الأولى : مقادير المدود[/align]
[align=justify]الوحدة الزمنية لتقدير المدود هي الحركة ، أي الفتحة أو الضمة أو الكسرة ، ومقدار هذه الحركة أمر سليقي يُنقَل مشافهة . ويمكن تقريبه بأنه الزمن الذي يَفْصِل نطق أحد الحرفين عن الآخر في نحو : قُلْ، وسَلْ ، وصِلْ .
والمد المسمى الطبيعي - وهو الألف والواو والياء - مؤلَّف من زمن مقداره حركتان ، أي فتحتان أو ضمتان أو كسرتان ، والزيادة على هذا المقدار لسبب من الأسباب المعروفة في التجويد تقاس بهذا المقياس ، فتكون ثلاثَ حركات أو أربعًا أو خمسًا أو ستًّا ، وهذه أقصى زيادة .
وهذه المقادير تناسب سرعة القراءة من تحقيق أو تدوير أو حدر ، فتطول ببطء القراءة ، وتقصر بسرعتها ، لأن زمن نطق الحرف والحركة يطول ويقصر بحسب سرعة المتكلم في كلامه ، والقارئ في قراءته .
وهذه المقادير مقادير حقيقية ومضبوطة ودقيقة ، والالتزام بها واجب وممكن ، والزيادة فيها خطأ ، والنقصان خطأ .
ويقع الخطأ فيها بالنقصان والزيادة ، ولكن الغالب عند المبتدئين النقصان ، وعند الممارسين الزيادة . وسبب الخطأ أحد أشياء :
1- إما خلل في السليقة ، وهذا علاجه في التدريب ، وهو مؤلف من أربع خطوات : سماعٌ من مُجيد ، فعرضٌ عليه ، فتخطئةٌ أو إقرار منه ، فتثبيت للصواب بالتكرار .
2- وإما مسايرة لنغمة لحنية ، وهذا غير مقبول ، والبراعة في التجويد إنما هي بتحكيم القواعد في النغمات لا العكس .
3- وإما تقليد لبعض المشهورين .
4- وإما خوف من النقصان فيُمَكَّن المد بالزيادة على المقدار المطلوب .
5- وإما قياس للمقادير بحركة الإصبع قبضًا أو بسطًا ، وهذا شيء محدَث ، لا يرتفع عن أول القرن الرابع عشر الهجري ، فيما حقق الأستاذ الدكتور الشيخ أيمن سويد - وهو صحيح فيما بدا لي - وحركة الإصبع تختلف باختلاف الأشخاص والأسنان والأحوال ، فلا تصلح ميزانًا زمنيًّا للمدود .
ويشيع كثيرًا الزيادة على المقادير المطلوبة ، والمبالغة في المدود ، فيَظُن من يسمع المصيبَ الضابطَ للمقادير أنه نقَصَها ولم يُوَفِّها ، وهو إنما أعطاها حقها بلا زيادة .[/align]
[align=center]المسألة الأخرى : الغنة[/align]
[align=justify]وقد كتبت في شأنها بحثًا عنوانه : فقه الغنة ، لعله يظهر منشورًا هذا الصيف ، إن شاء الله . وسأذكر ههنا نبذة منه بكلام جديد ومزيد بيان في ناحيتين ، هما : مقدار طولها ، وصحة تفخيمها .
مقدار طولها :
الغنة صوت يخرج من أقصى الأنف ، وهو جزء من حقيقة صوتين ، هما النون والميم ، لا ينفك عنهما في كل أحوالهما . وهما حرفان متوسطان ، أي بين الشدة والرخاوة .
وصوت النون والميم يُطَوَّل في بعض الأحوال ، فيَطُول صوتُ الغنة المصاحب لهما ، وذلك في حال التشديد بإدغام أو بغير إدغام ، وفي حال ملاقاة الميم ساكنةً الباء ، المسماة الإخفاء ، وما هو بإخفاء ، على ما شرحت في ذلك البحث ، ولا يتسع المقام لشرحه هنا ( وانظر خلاصته في الموقع ، وكلمتي : من دقائق التجويد ، الميم عند الباء ) .
والنون في حال من حالاتها لا يبقى منها إلا الغنة ، فيبطل الجزء اللساني منها ، ويبقى الجزء الأنفي ، وهي الحال المسماة بحقٍ : الإخفاء .
وطول النون والميم وقد صحبتهما الغنة - وهي لا تنفك عنهما ، كما علمت - على أربع مراتب : المشدَّد ، فالْمُخْفَى ، فالساكن ، فالمتحرك .
وبيان هذا الترتيب يرجع إلى الْجَعْبَرِيّ ( -732 ) ، ذكره في شرحه على الشاطبية المسمى كنز المعاني ( نُشر بعضه في المغرب ، فيما أعلم ، ومرجعي فيه إلى القطعة المخطوطة منه في مكتبة جامعة قاريونس برقم 1538 ، وهذه المسألة فيه في 277ظ ) . ثم نقله عنه ابن ناظم الجزَرية والقَسْطَلاَّني والشيخ زكريا الأنصاري وغيرهم . وهو صحيح .
ذلك أن في المتحرك من النون والميم غنة ؛ لأنها لا تفارقهما ، وطولها فيهما في حال الحركة هو طول كل حرف متحرك ، وبهذا كانت هذه أقصر الغنن .
والساكن من النون والميم طوله كطول كل ساكن من رخو أو متوسط ، وكل رخو أو متوسط زمنه أطول من زمن الساكن الشديد ، كما هو مُحَس ، وقد بين ذلك العلماء ( انظر شرح الشافية للجارَبُرْدي 1/341-342 ، وجهد المقل 144 ) . ولا فرق بين الرخو والمتوسط في ذلك ؛ لاستوائهما في جريان الصوت ، وإن فرَق بينهما الْمَرْعَشي .
والنون المخفاة نون لم يبق منها إلا الغنة ، وهي في هذه الحال ساكنة ، فحقها أن يكون طولها طول الساكنة ، ولكنهم مكَّنوها قليلاً ، أو تراخوا في نطقها - لبيانها بعد أن زال الجزء اللساني من نطقها ، ويحذِّر الشيوخ من المبالغة في هذا التمكين أو التراخي ( انظر الإقناع لابن الباذِش 1/259 ، وجهد المقل 203-204 ) .
وخلاصة هذا من الناحية العملية أن غنة الْمُخْفَى أقصر من غنة المشدد مدغَمًا أو غير مدغم . ويشيع كثيرًا المبالغة في غنة الْمُخْفَى ، وتسويتها بغنة المشدد .
وما شاع أيضًا من تقدير الغنة بحركتين - لا يصح ؛ لأسباب منها ما شرحته هنا ، ومنها أن غنة المشدد أطول من مقدار حركتين بلا شك ، وأن الحركات لتقدير المدود لا لتقدير الغنن ، ولهذا مزيد بيان ليس هذا محله .
هل تفخم الغنة ؟
غنة النون المخفاة بقية النون كما علمت ، والنون من حروف الترقيق ، لا من أحرف التفخيم . وما شاع من تفخيمها عند أحرف التفخيم سببه تهيئة مخرج الحرف التالي لها عند النطق بها ، وهذا فهم متأخر جدًّا غير سديد لحقيقة الإخفاء . أشار إليه محمد مكي نصر ( المتوفى سنة 1305 ) إشارة خفيفة ، في نهاية القول المفيد ص 125 ، ووسَّعه الْمَارِغْني ( المتوفى سنة 1349=1931 ) ، في النجوم الطوالع ص 214 ، وأخذه منهما الشيخ المرصفي ( المتوفى سنة 1341=1989 ) ، في هداية القاري 1/184-185.
وأما التفخيم نفسه عند أحرف التفخيم فمفقود في كتب المتقدمين والمتأخرين ، فيما أعلم ، وما ذكره إلا اثنان من المعاصرين ، هما الشيخ عثمان سليمان مراد ( المتوفى سنة 1382=1962 ) ، في نظمه المسمى : السلسبيل الشافي ، والشيخ إبراهيم شحاثة السَّمَنُّودي ( المتوفى سنة 1430=2008 ) في نظمه المسمى : لآلئ البيان ، ونُقل عنهما .
وخلاصة هذا من الناحية العملية أن الغنة مرققة في كل حال .[/align]
[align=center]المسألة الأولى : مقادير المدود[/align]
[align=justify]الوحدة الزمنية لتقدير المدود هي الحركة ، أي الفتحة أو الضمة أو الكسرة ، ومقدار هذه الحركة أمر سليقي يُنقَل مشافهة . ويمكن تقريبه بأنه الزمن الذي يَفْصِل نطق أحد الحرفين عن الآخر في نحو : قُلْ، وسَلْ ، وصِلْ .
والمد المسمى الطبيعي - وهو الألف والواو والياء - مؤلَّف من زمن مقداره حركتان ، أي فتحتان أو ضمتان أو كسرتان ، والزيادة على هذا المقدار لسبب من الأسباب المعروفة في التجويد تقاس بهذا المقياس ، فتكون ثلاثَ حركات أو أربعًا أو خمسًا أو ستًّا ، وهذه أقصى زيادة .
وهذه المقادير تناسب سرعة القراءة من تحقيق أو تدوير أو حدر ، فتطول ببطء القراءة ، وتقصر بسرعتها ، لأن زمن نطق الحرف والحركة يطول ويقصر بحسب سرعة المتكلم في كلامه ، والقارئ في قراءته .
وهذه المقادير مقادير حقيقية ومضبوطة ودقيقة ، والالتزام بها واجب وممكن ، والزيادة فيها خطأ ، والنقصان خطأ .
ويقع الخطأ فيها بالنقصان والزيادة ، ولكن الغالب عند المبتدئين النقصان ، وعند الممارسين الزيادة . وسبب الخطأ أحد أشياء :
1- إما خلل في السليقة ، وهذا علاجه في التدريب ، وهو مؤلف من أربع خطوات : سماعٌ من مُجيد ، فعرضٌ عليه ، فتخطئةٌ أو إقرار منه ، فتثبيت للصواب بالتكرار .
2- وإما مسايرة لنغمة لحنية ، وهذا غير مقبول ، والبراعة في التجويد إنما هي بتحكيم القواعد في النغمات لا العكس .
3- وإما تقليد لبعض المشهورين .
4- وإما خوف من النقصان فيُمَكَّن المد بالزيادة على المقدار المطلوب .
5- وإما قياس للمقادير بحركة الإصبع قبضًا أو بسطًا ، وهذا شيء محدَث ، لا يرتفع عن أول القرن الرابع عشر الهجري ، فيما حقق الأستاذ الدكتور الشيخ أيمن سويد - وهو صحيح فيما بدا لي - وحركة الإصبع تختلف باختلاف الأشخاص والأسنان والأحوال ، فلا تصلح ميزانًا زمنيًّا للمدود .
ويشيع كثيرًا الزيادة على المقادير المطلوبة ، والمبالغة في المدود ، فيَظُن من يسمع المصيبَ الضابطَ للمقادير أنه نقَصَها ولم يُوَفِّها ، وهو إنما أعطاها حقها بلا زيادة .[/align]
[align=center]المسألة الأخرى : الغنة[/align]
[align=justify]وقد كتبت في شأنها بحثًا عنوانه : فقه الغنة ، لعله يظهر منشورًا هذا الصيف ، إن شاء الله . وسأذكر ههنا نبذة منه بكلام جديد ومزيد بيان في ناحيتين ، هما : مقدار طولها ، وصحة تفخيمها .
مقدار طولها :
الغنة صوت يخرج من أقصى الأنف ، وهو جزء من حقيقة صوتين ، هما النون والميم ، لا ينفك عنهما في كل أحوالهما . وهما حرفان متوسطان ، أي بين الشدة والرخاوة .
وصوت النون والميم يُطَوَّل في بعض الأحوال ، فيَطُول صوتُ الغنة المصاحب لهما ، وذلك في حال التشديد بإدغام أو بغير إدغام ، وفي حال ملاقاة الميم ساكنةً الباء ، المسماة الإخفاء ، وما هو بإخفاء ، على ما شرحت في ذلك البحث ، ولا يتسع المقام لشرحه هنا ( وانظر خلاصته في الموقع ، وكلمتي : من دقائق التجويد ، الميم عند الباء ) .
والنون في حال من حالاتها لا يبقى منها إلا الغنة ، فيبطل الجزء اللساني منها ، ويبقى الجزء الأنفي ، وهي الحال المسماة بحقٍ : الإخفاء .
وطول النون والميم وقد صحبتهما الغنة - وهي لا تنفك عنهما ، كما علمت - على أربع مراتب : المشدَّد ، فالْمُخْفَى ، فالساكن ، فالمتحرك .
وبيان هذا الترتيب يرجع إلى الْجَعْبَرِيّ ( -732 ) ، ذكره في شرحه على الشاطبية المسمى كنز المعاني ( نُشر بعضه في المغرب ، فيما أعلم ، ومرجعي فيه إلى القطعة المخطوطة منه في مكتبة جامعة قاريونس برقم 1538 ، وهذه المسألة فيه في 277ظ ) . ثم نقله عنه ابن ناظم الجزَرية والقَسْطَلاَّني والشيخ زكريا الأنصاري وغيرهم . وهو صحيح .
ذلك أن في المتحرك من النون والميم غنة ؛ لأنها لا تفارقهما ، وطولها فيهما في حال الحركة هو طول كل حرف متحرك ، وبهذا كانت هذه أقصر الغنن .
والساكن من النون والميم طوله كطول كل ساكن من رخو أو متوسط ، وكل رخو أو متوسط زمنه أطول من زمن الساكن الشديد ، كما هو مُحَس ، وقد بين ذلك العلماء ( انظر شرح الشافية للجارَبُرْدي 1/341-342 ، وجهد المقل 144 ) . ولا فرق بين الرخو والمتوسط في ذلك ؛ لاستوائهما في جريان الصوت ، وإن فرَق بينهما الْمَرْعَشي .
والنون المخفاة نون لم يبق منها إلا الغنة ، وهي في هذه الحال ساكنة ، فحقها أن يكون طولها طول الساكنة ، ولكنهم مكَّنوها قليلاً ، أو تراخوا في نطقها - لبيانها بعد أن زال الجزء اللساني من نطقها ، ويحذِّر الشيوخ من المبالغة في هذا التمكين أو التراخي ( انظر الإقناع لابن الباذِش 1/259 ، وجهد المقل 203-204 ) .
وخلاصة هذا من الناحية العملية أن غنة الْمُخْفَى أقصر من غنة المشدد مدغَمًا أو غير مدغم . ويشيع كثيرًا المبالغة في غنة الْمُخْفَى ، وتسويتها بغنة المشدد .
وما شاع أيضًا من تقدير الغنة بحركتين - لا يصح ؛ لأسباب منها ما شرحته هنا ، ومنها أن غنة المشدد أطول من مقدار حركتين بلا شك ، وأن الحركات لتقدير المدود لا لتقدير الغنن ، ولهذا مزيد بيان ليس هذا محله .
هل تفخم الغنة ؟
غنة النون المخفاة بقية النون كما علمت ، والنون من حروف الترقيق ، لا من أحرف التفخيم . وما شاع من تفخيمها عند أحرف التفخيم سببه تهيئة مخرج الحرف التالي لها عند النطق بها ، وهذا فهم متأخر جدًّا غير سديد لحقيقة الإخفاء . أشار إليه محمد مكي نصر ( المتوفى سنة 1305 ) إشارة خفيفة ، في نهاية القول المفيد ص 125 ، ووسَّعه الْمَارِغْني ( المتوفى سنة 1349=1931 ) ، في النجوم الطوالع ص 214 ، وأخذه منهما الشيخ المرصفي ( المتوفى سنة 1341=1989 ) ، في هداية القاري 1/184-185.
وأما التفخيم نفسه عند أحرف التفخيم فمفقود في كتب المتقدمين والمتأخرين ، فيما أعلم ، وما ذكره إلا اثنان من المعاصرين ، هما الشيخ عثمان سليمان مراد ( المتوفى سنة 1382=1962 ) ، في نظمه المسمى : السلسبيل الشافي ، والشيخ إبراهيم شحاثة السَّمَنُّودي ( المتوفى سنة 1430=2008 ) في نظمه المسمى : لآلئ البيان ، ونُقل عنهما .
وخلاصة هذا من الناحية العملية أن الغنة مرققة في كل حال .[/align]