من ماذا أنجى الله فرعون ؟

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
73
الإقامة
تارودانت-المغرب
﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ [يونس:92] .
من ماذا أنجى الله فرعون ؟
الفعل (نجا) ، جاء في مقاييس اللغة : " النون والجيم والحرف المعتلّ أصلانِ ، يدلُّ أحدُهما على كَشْطٍ وكشف ، والآخَر على سَترٍ وإخفاء .
فالأوَّل : نَجَوْتُ الجِلدَ أنْجُوه - والجلد نَجاً - إذا كشَطْتَه ... والأصل الآخر النَّجْو والنَّجْوَى : السِّرُّ بين اثنين " .
وجاء في لسان العرب : " وأَنْجَيْتُ غيري ونجَّيْته ، وقُرئَ بهما قوله تعالى : ﴿فاليوم نُنَجِّيك ببَدَنِكَ﴾ ؛ المعنى نُنَجِّيك لا بفِعْل بل نُهْلِكُكَ ، فأَضْمَر قوله لا بفِعْل ؛ قال ابن بري : قوله لا بفعل يريد أَنه إِذا نجا الإِنسان ببدنه على الماء بلا فعل فإِنه هالك ، لأَنه لم يَفعل طَفْوَه على الماء ، وإِنما يطفُو على الماءِ حيّاً بفعله إِذا كان حاذقاً بالعَوْم ، ونَجَّاهُ الله وأَنْجاه " .
وجاء في لسان العرب أيضا : " ومعنى نجَوْت الشيءَ في اللغة : خَلَّصته وأَلْقَيْته .
والنَّجْوةُ والنَّجاةُ : ما ارتفَع من الأَرض فلم يَعْلُه السَّيلُ فظننته نَجاءَك ، والجمع نِجاءٌ
وقوله تعالى: ﴿فاليوم نُنَجِّيك ببَدَنِك﴾ ؛ أَي نجعلك فوق نَجْوةٍ من الأَرض فنُظْهِرك أَو نُلْقِيك عليها لتُعْرَفَ ، لأَنه قال ببدنك ولم يقل برُوحِك "

يتبع ...
 
أول سؤال هو : هل أغرق الله فرعون ؟
الجواب : نعم ، أغرق الله فرعون وقومه أجمعين ، مصداقا لقوله تعالى : ﴿فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف:136] . وقوله تعالى : ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55)﴾ [الزخرف:54-55] .
يقول طنطاوي (ت:1431هـ) : " فلما أغضبنا فرعون وقومه أشد الغضب ، بسبب إصرارهم على الكفر والفسوق والعصيان ، انتقمنا منهم انتقاما شديدا ، حيث أغرقناهم أجميعن فى اليم "

يتبع ...
 
يقول تعالى عن فرعون : ﴿فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا﴾ [الإسراء:103]
قال القرطبي (ت:671هـ) : " قوله تعالى : " فأراد أن يستفزهم من الأرض " أي أراد فرعون أن يخرج موسى وبني إسرائيل من أرض مصر بالقتل أو الإبعاد ، فأهلكه الله عز وجل " .
مما سبق يتبين أن الله تعالى أهلك فرعون بالغرق ونجاه ببدنه ليكون عبرة لمن خلفه إلى قيام الساعة .
يقول تعالى : ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ [يونس:92] .
قال البقاعي (ت:885هـ) : " { ببدنك } أي من غير روح وهو كامل لم ينقص منه شيء حتى لا يدخل في معرفتك لبس { لتكون } أي كوناً هو في غاية الثبات { لمن خلفك } أي يتأخر عنك في الحياة من بني إسرائيل و غيرهم { آية } في أنك عبد ضعيف حقير ، لست برب فضلاً عن أن تكون أعلى ، ويعرفوا أن من عصى الملِكَ أُخِذَ وإن كان أقوى الناس ، وأكثرهم جنوداً " .

يتبع ...
 
يقول تعالى : ﴿يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَىٰ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَّحْجُورًا﴾ [الفرقان:22] .
إن فرعون عندما جاءته ملائكة العذاب ليوقعوا عقاب الله عليه ؛ أخذوا روحه وأُخِرِجَ من الماء جثة هامدة ليكون عبرة لمن خلفه . فإخراج جثته من الماء كان لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى ، حتى يكون الظالم عبرة لكل من جاء بعده إلى قيام الساعة .
قال أبو حيان (ت:745هـ) : " وقرأ أبيّ ، وابن السميقع ، ويزيد البربري : ننحيك بالحاء المهملة من التنحية . ورويت عن ابن مسعود أي : نلقيك بناحية مما يلي البحر . قال كعب : رماه البحر إلى الساحل كأنه ثور " .
فنجاة بدنه كانت تنحية له ليتعرف الناس عليه ويكون آية للاعتبار .

يتبع ...
 
يقول تعالى : ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ [يونس:92] .
فما معنى ﴿ننجيك ببدنك﴾ ؟ الباء في الجملة القرآنية تدل على الحال ، وجملة ﴿ببدنك﴾ حال من ضمير الخطاب .
يقول الرازي (ت:606هـ) : " وقوله : { ببدنك } في موضع الحال ، أي في الحال التي أنت فيه حينئذ لا روح فيك " .
ويقول ابن عاشور (ت:1393هـ) : " والبدَن : الجسم بدون روح وهذا احتراس من أن يظن المراد الإنجاء من الغرق . والمعنى : ننجيك وأنت جسم . كما يقال : دخلت عليه فإذا هو جثة ، لأنه لو لم يكن المقصود الاقتصار على تلك الحالة لما كان داع للبليغ أن يزيد ذلك القيد ، فإن كل زيادة في كلام البليغ يقصد منها معنى زائد ، وإلا لكانت حشوا في الكلام والكلام البليغ موزون ، ولغة العرب مبنية على أساس الإيجاز " .

خلاصة القول : إن الله أغرق فرعون ونجاه وهو جسم بدون روح .
يقول سيد قطب (ت:1387هـ) : " { فاليوم ننجيك ببدنك } . . لا تأكله الأسماك ، ولا يذهب منكراً مع التيار لا يُعْرَفُ للناس . ذلك ليُدْرِكَ مَنْ وراءك من الجماهير كيف كان مصيرك " .

يتبع ...
 
بسم الله الرحمن الرحيم
قلت ذكر المبرد في كامله "ننجيك" نلقيك بنجوة وهي الأرض الخلاء وتفسير سيد قطب المتقدم أمثل وهو نحفظ جسدك من الحوت ونحوه
 
قال ابن كثير رحمه الله :
وقوله "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية" قال ابن عباس وغيره من السلف إن بعض بني إسرائيل شكوا في موت فرعون فأمر الله تعالى البحر أن يلقيه بجسده سويا بلا روح وعليه درعه المعروفة على نجوة من الأرض وهو المكان المرتفع ليتحققوا موته وهلاكه ولهذا قال تعالى "فاليوم ننجيك" أي نرفعك على نشز من الأرض "ببدنك" قال مجاهد بجسدك وقال الحسن بجسم لا روح فيه وقال عبدالله بن شداد سويا صحيحا أي لم يتمزق ليتحققوه ويعرفوه وقال أبو صخر بدرعك.
وكل هذه الأقوال لا منافاة بينها كما تقدم والله أعلم وقوله "لتكون لمن خلفك آية" أي لتكون لبني إسرائيل دليلا على موتك وهلاكك وأن الله هو القادر الذي ناصية كل دابة بيده وأنه لا يقوم لغضبه شيء ولهذا قرأ بعضهم "لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن أياتنا لغافلون" أي لا يتعظون بها ولا يعتبرون بها وقد كان إهلاكهم يوم عاشوراء كما قال البخاري حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قدم النبي صلي الله عليه وسلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء فقال "ما هذا اليوم الذي تصومونه" فقالوا هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون.
فقال النبي صلي الله عليه وسلم لأصحابه "أنتم أحق بموسى منهم فصوموه".

 
جزاكم الله خيرا ..
لايصح القول هنا أن (البدن) هي الدرع ، لماذا ؟ لان الدروع لم تكن تعرف في عهد فرعون ، وإنما كانت تعليما من الله سبحانه وتعالى لنبيه داود عليه السلام.

ثانيا :

بارك الله فيك اخي عبد الكريم على المشاركة ، وبعد إذنك عندي اجتهاد حول ماطرحته اشارككم به ، ويتم بمدارسة مفردة (البدن ) والتركيز عليها لان النجاة والخلاص صاحبها فالباء للمصاحبة ، وحيث أن الكلمة لم ترد في آيات كثيرة ، في ظني لابد من إعتبار المعنى الوضعي للمفردة ومايعرفه اللسان العربي ، ففي مقاييس اللغة هي منطقة الجذع ماعدا الاطراف ، وفي القاموس المحيط يضيف الي الاطراف منطقة الراس ، (فالبدن ) إذن كل الجسم ماعدا الاطراف والراس

مافهمته من الاية كتالي أن النجاة وقعت على البدن وفيه القلب والرئه ، ولكنها لم تقع على الراس والاطراف ، فتتكون عندنا صورة نعرفها جميعا وهي الشلل الكامل وحالة قريبة من الموت الدماغي ، كم لبث فرعون على هذه الحالة... الله أعلم
 
تحية خالصة للفضلاء : الطلحاوي وآل الأشرف وأحمد ، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم .
فلماذا اختلف المفسرون في كلمة (ننجيك) ؟
لأن الله غضب على فرعون وانتقم منه ونكل به . فكيف يستسيغ المفسرون كلمة (ننجيك) ؟
إذا تتبعنا السياق نجد أن فرعون رغم كل ما فعله في حياته من تكذيب وعصيان وعلو في الأرض بغير الحق ، فقد قال كلمته الأخيرة عندما أدركه الغرق ساعة الاحتضار : ﴿حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس:90] .
لكن فات الأوان : ﴿آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾ [يونس:91] .
فجاء الرد : ﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ [يونس:92] .
ومن تلك اللحظة أصبح فرعون آية ؛ فهو عبرة لمن اعتبر إلى قيام الساعة .
فإذا كان ذلك كذلك ، فسواء كانت النجاة هي إلقاؤه على نجوة (ارتفاع من الأرض) . أو نجاه الله من أن تأكله الأسماك ويجرفه التيار مع من هلك ، أو نحاه الله إلى ناحية من اليابسة ، أو كل ذلك مجتمعا ، فالنتيجة هي : أن يقذفه البحر جسما بلا روح ليكون عبرة لمن خلفه . أراد الله أن يُبقيَ بَدَنَ فرعون محفوظا في أرشيف التاريخ البشري حتى يتعرف الناس على مصير الطاغية بالعيان . ابتداء ببني إسرائيل وانتهاء بمن تبعهم إلى قيام الساعة .

يتبع ...
 
في التعريف اللغوي للفعل (نجا) وبخصوص الأصل الأول – كما جاء في مقاييس اللغة – أنه يدل على كشط وكشف ؛ يُقال : نَجَوْتُ الجلد إذا كشطتُه .
وجاء في لسان العرب : " والنَّجا ، مقصور من قولك نَجَوْتُ جِلدَ البعير عنه وأَنْجَيتُه إِذا سَلَخْتَه . ونَجا جِلدَ البعير والناقةِ نَجْواً ونَجاً وأَنْجاه : كشَطَه عنه " .
إذا أخذنا معنى (الكشط والسلخ) للدلالة على الفعل (نجا) في الجملة القرآنية : ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾ ، فقد تظهر دلالة جديدة تتجلى في أن تعذيب فرعون لا ينتهي في هذه المرحلة . وأن البدن ما هو إلا جسم بلا روح ، وأن فرعون الحقيقي هو نفس فرعون التي أخذها ملائكة العذاب ، اعتبارا بالسنة الكونية ، التي أخبرنا الله بها في قوله تعالى : ﴿ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾ [الأنعام:93] .
فرعون سُلِخَ ببدنه ، أي سلخ وهو بَدَنٌ ، فَنُحِّيَ جانبا جسما بلا روح ، وأُخِذَتْ نفسُه التي كانت داخل البدن تحملها ملائكة العذاب ليلقى مصيره المنتظر . يقول تعالى : ﴿ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ . النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر:45-46] .

والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى