عبدالرحمن السديس
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام ، على قائد الغر المحجلين ، نبينا محمد ، وآله، ، أما بعد:
فهذا موقف أعجبني ، وكلام سرني وهو للشيخ شرف الدين ابن تيمية ، وإن كان العنوان ليس على إطلاقه .. أتركك معه ..
قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ في ذيل طبقات الحنابلة 2/16 (في ترجمة الإمام الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي ـ رحمه الله ـ) : ولقد عُقِد مرةً مجلسٌ لشيخِ الإسلامِ أبي العباسِ ابنِ تيميةَ ، فتكلمَ فيهِ بعضُ أكابرِ المخالفينَ ، وكان خطيبُ الجامعِ ، فقالَ الشيخُ شرفُ الدينِ عبدُ اللهِ أخوْ الشيخِ(1): كلامُنا معَ أهلِ السنةِ ، أما أنتَ : فأنا أكتبُ لكَ أحاديثَ من الصحيحينِ ، وأحاديثَ من الموضوعاتِ ، وأظنُهُ قالَ: وكلاماً من سيرةِ عنترَ فلا تـُمَيّزُ بينهما ! ، أو كما قالَ ، فسكتَ الرجلُ. اهـ .
ونحو هذا ما قاله أخوه إمام السنة شيخ الإسلام كما مجموع الفتاوي 4/71 :
.. فإن فرض أن أحدا نقل مذهب السلف كما يذكره ، فإما أن يكون قليل المعرفة بآثار السلف كأبي المعالي ، وأبي حامد الغزالي ، وابن الخطيب ، وأمثالهم ، ممن لم يكن لهم من المعرفة بالحديث ما يعدون به من عوام أهل الصناعة ، فضلا عن خواصها ، ولم يكن الواحد من هؤلاء يعرف بالبخاري ، ومسلما ، وأحاديثهما إلا بالسماع ، كما يذكر ذلك العامة ، ولا يميزون بين الحديث الصحيح المتواتر عند أهل العلم بالحديث ، وبين الحديث المفترى المكذوب ، وكتبهم أصدق شاهد بذلك ، ففيها عجائب ، وتجد عامة هؤلاء الخارجين عن منهاج السلف من المتكلمة والمتصوفة يعترف بذلك إما عند الموت ، وإما قبل الموت ، والحكايات في هذا كثيرة معروفة .. [ثم ذكر شيئا منها].اهـ.
هذا كلام جليل في هذين الكتابين ، وهو كلام حق بلا شك ، فمن لم يعرف الصحيحين فماذا عرف ؟!
ولستُ بصدد بيان أهمية الصحيحين فهذا أمر مشهور غير خاف ، لكن هذا النص قد شدني مُذْ قرأته قبل سنين لكني أضعتُ مكانه لأني قرأته في حال السفر ، ولم أقيده ، ثم لم أهتدي إليه إلا اليوم .
ويستفاد من هذين النصين تعظيم أئمة أهل السنة لهذين الكتابين ، وأن الإعراض عنهما ، والتشاغل عنهما بغيرهما من فعل أهل البدع المتشاغلين بكتب الكلام ، والرأي ، عن ما صح عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا نقص بين ، لذا على طالب العلم العناية بهما ، وكثرة مطالعتهما ، ولو كان له ورد يومي منها لكان أفضل ، وكذا بقية الستة ، فمن لم يقرأ الصحيحين فماذا قرأ ؟! ، ولا يعني هذا إهمال غيرهما لكن لا يحسن بطالب علم سني ألا يمر عليهما .
ورحم الله الشوكاني حين قال: وليس في علم إنسان خير إذا كان لا يعرف علم الحديث ، وإن بلغ في التحقيق إلى ما ينال. البدر الطالع 2/262.
-------------------------
(1) له ترجمة مليحة في ذيل طبقات الحنابلة 2/382.
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام ، على قائد الغر المحجلين ، نبينا محمد ، وآله، ، أما بعد:
فهذا موقف أعجبني ، وكلام سرني وهو للشيخ شرف الدين ابن تيمية ، وإن كان العنوان ليس على إطلاقه .. أتركك معه ..
قال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ في ذيل طبقات الحنابلة 2/16 (في ترجمة الإمام الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي ـ رحمه الله ـ) : ولقد عُقِد مرةً مجلسٌ لشيخِ الإسلامِ أبي العباسِ ابنِ تيميةَ ، فتكلمَ فيهِ بعضُ أكابرِ المخالفينَ ، وكان خطيبُ الجامعِ ، فقالَ الشيخُ شرفُ الدينِ عبدُ اللهِ أخوْ الشيخِ(1): كلامُنا معَ أهلِ السنةِ ، أما أنتَ : فأنا أكتبُ لكَ أحاديثَ من الصحيحينِ ، وأحاديثَ من الموضوعاتِ ، وأظنُهُ قالَ: وكلاماً من سيرةِ عنترَ فلا تـُمَيّزُ بينهما ! ، أو كما قالَ ، فسكتَ الرجلُ. اهـ .
ونحو هذا ما قاله أخوه إمام السنة شيخ الإسلام كما مجموع الفتاوي 4/71 :
.. فإن فرض أن أحدا نقل مذهب السلف كما يذكره ، فإما أن يكون قليل المعرفة بآثار السلف كأبي المعالي ، وأبي حامد الغزالي ، وابن الخطيب ، وأمثالهم ، ممن لم يكن لهم من المعرفة بالحديث ما يعدون به من عوام أهل الصناعة ، فضلا عن خواصها ، ولم يكن الواحد من هؤلاء يعرف بالبخاري ، ومسلما ، وأحاديثهما إلا بالسماع ، كما يذكر ذلك العامة ، ولا يميزون بين الحديث الصحيح المتواتر عند أهل العلم بالحديث ، وبين الحديث المفترى المكذوب ، وكتبهم أصدق شاهد بذلك ، ففيها عجائب ، وتجد عامة هؤلاء الخارجين عن منهاج السلف من المتكلمة والمتصوفة يعترف بذلك إما عند الموت ، وإما قبل الموت ، والحكايات في هذا كثيرة معروفة .. [ثم ذكر شيئا منها].اهـ.
هذا كلام جليل في هذين الكتابين ، وهو كلام حق بلا شك ، فمن لم يعرف الصحيحين فماذا عرف ؟!
ولستُ بصدد بيان أهمية الصحيحين فهذا أمر مشهور غير خاف ، لكن هذا النص قد شدني مُذْ قرأته قبل سنين لكني أضعتُ مكانه لأني قرأته في حال السفر ، ولم أقيده ، ثم لم أهتدي إليه إلا اليوم .
ويستفاد من هذين النصين تعظيم أئمة أهل السنة لهذين الكتابين ، وأن الإعراض عنهما ، والتشاغل عنهما بغيرهما من فعل أهل البدع المتشاغلين بكتب الكلام ، والرأي ، عن ما صح عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا نقص بين ، لذا على طالب العلم العناية بهما ، وكثرة مطالعتهما ، ولو كان له ورد يومي منها لكان أفضل ، وكذا بقية الستة ، فمن لم يقرأ الصحيحين فماذا قرأ ؟! ، ولا يعني هذا إهمال غيرهما لكن لا يحسن بطالب علم سني ألا يمر عليهما .
ورحم الله الشوكاني حين قال: وليس في علم إنسان خير إذا كان لا يعرف علم الحديث ، وإن بلغ في التحقيق إلى ما ينال. البدر الطالع 2/262.
-------------------------
(1) له ترجمة مليحة في ذيل طبقات الحنابلة 2/382.