من لايعرف المنطق لايوثق بعلمه !!

إنضم
01/05/2010
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الطائف / حي السداد
01.png


هذه العبارة أطلقها بعض علماء الكلام ثم راجت وروجت لعلم المنطق بين طلبة العلم الشرعي حتى إن كثيرا منهم اعتبره شرطا أو مدخلا لعلم العقيدة والأصول ! والذي أود أن ألفت النظر إليه أن المتكلمين يرون أن طريق العلم بالإلهيات هو القياس المنطقي شرط أن تكون مادته أو مقدماته يقينية ؛ كأن تكون من الأوليات أوالمحسوسات . أما الشرائع عندهم فإنهم يجعلونها من المشهورات ، والمشهورات والمسلمات والمقبولات ...إلخ كلها من المقدمات التي لاتفيد اليقين ، والقياس المؤلف منها قياس جدلي أوخطابي لابرهاني . وهذا يعني عزل النقل عن الاستدلال على الإلهيات حتى لو كان قرآنا أوسنة متواترة ! لأنه لايفيد اليقين ! وقد صرح الرازي بذلك في المحصل ثم شاعت عبارته في كتب الكلام !
والمقصود أن هذه العبارة لاينبغي النظر إليها على أنها مجرد ترويج للمنطق حتى يكون من جملة العلوم الشرعية وإنما يجب النظر لبعدها الكلامي ، وأنها تعني عزل النقل تماما عن الاستدلال على الإلهيات وإحلال القياس البرهاني المنطقي محله !! وهذا واقع علم الكلام الفعلي في كتبهم المشهورة ، والدلالة الحقيقية للكلمة ؛ لأن من يعرف القرآن والسنة ولايعرف المنطق فإنما معه ظن لاعلم يوثق به !! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا .
 
استاذنا الفاضل:
(من لا يعرف المنطق لا يوثق بعلمه). عبارة غير دقيقة -فيما ارى- لأن الثقة بالعلم لا علاقة لها بمعرفة المنطق او الجهل به، فلا يوجد عالم من علماء الجرح والتعديل من جعل العلم بالمنطق أو الجهل به ميزانا للثقة او عدمها، ولكن يمكن القول: من لا يعلم المنطق لا يوثق باستدلاله، لأن المنطق هو اداة الاستدلال: فالمنطق للجنان كالنحو للسان
فيعصم الفكار عن زيغ الخطا وعن دقيق الفهم يكشف الغطا
وهل اصول: الفقه والتفسير واللغة وغيرها إلا قواعد منطقية تضبط مسار العملية الاستدلالية؟
وجزيت خيرا
 
سؤال
ــــــــــ

قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في رسالته المقدمة المنطقية:
(ومن المعلوم أن فن المنطق منذ ترجم من اللغة اليونانية إلى اللغة العربية في أيام المأمون كانت جميع المؤلفات توجد فيها عبارات واصطلاحات منطقية لا يفهمها إلا من له إلمام به، ولا يفهم الرد على المنطقيين فيما جاءوا به من الباطل إلا من له إلمام بفن المنطق).
لي سؤال فيما يخص ما قاله الشيخ عليه رحمة الله : هل يفهم من كلامه أن الهدف من تعلم المنطق هو الرد على جاء به المنطقيون من باطل على قاعدة (عرفت الشّرّ لا للشّرِّ ولكن لتوقيه...) أم أنه أصبح لصيقا بالعلوم الشرعية ؟؟
ثم هل لمن لم يأخذ حظا وافيا من علم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ان يخوض في هذا العلم ؟؟
وأعتذر عن الانحراف عن مسار الموضوع...
وفقكم الله .

 
أحيي الأخوة الكرام على مشاعرهم وحسن تفاعلهم . وبخصوص ماذكره الأخ الكريم توفيق العبيد من عدم دقة العبارة فأقول إن العلماء المحققون ذكروها هكذا انظر مثلا : شرح النونية للهراس 2/ 298على أنها عند التأمل بمعنى ماذكرت ؛ أي من لايعرف الاستدلال بالمنطق فلا ثقة بعلمه ! سواء قلنا إنها تدل على هذا المعنى بنفسها أوبتقدير مقتضى مناسب . وأوافق أخي الكريم على ماذكرة من أن المنطق في نظر المناطقة مجرد أداة للاستدل العقلي ؛ ولهذا قالوا في حده ( هو قانون وقواعد تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر ) . هكذا زعموا ! ولكن هذه الأداة الفكرية الفاسدة هي التي أودت بالمتكلمين كما أودت بالفلاسفة من قبل ، فكما تعلم أخي توفيق أن المعلومات إما تصورات وإما تصديقات ، والتصور عندهم طريقه الحد ليس غير بشروط عسرة لم تمكنهم من الاتفاق على حد واحد ! والتصديق طريقه قياس الشمول ليس غير ؛ وهو قول مؤلف من مقدمتين متى سلمتا لزم عنهما لذاتهما قول آخر . وينقسم القياس باعتبار مادته إلى قياس برهاني وقياس جدلي وقياس خطابي . والقياس الذي يفيد اليقين هو القياس البرهاني المؤلف من المواد اليقينية ، وهو الذي يصح الاستدلال به وحده في أبواب الإلهيات . أما قياس الجدل المؤلف من المقدمات المشهورات أو المسلمات فلايفيد اليقين ، ولايصح اتخاذه حجة في المطالب الإلهية . والقياس الخطابي من باب أولى ؛ لأن مقدماته إمامقبولة أو مظنونة . وإذا كانوا يجعلون النظريات من المواد اليقينية ، وهي القضايا المعلومه بالنظر العقلي ، ويجعلون الشرعيات قرآنا وسنة من المشهورات التي لاتفيد اليقين علمنا كيف أدت هذه الأداة الفاسدة لعزل النقل تماما وإحلال العقل محله عن طريق القياس البرهاني !! وليست هذه الغائلة الوحيدة لهذا العلم بل له غوائل كبيرة جدا لايعرفها على وجهها الحقيقي إلا من قرأ الرد على المنطق الكبير لشيخ الإسلام ابن تيمية ! وربما خرج من هذا الكتاب بقناعة أن المنطق ليس أداة سليمة للتفكير أصلا بله أن يكون مقدمة لأشرف العلوم من عقيدة وأصول ، وأن مثل من سار على قواعده ليهتدي في فكره كمن خرج من الطائف مثلا يريد مكة فبدلا من أن يسلك طريق الهدا القريب خرج جنوبا حتى وصل إلى أبها ثم نزل إلى طريق الساحل يطلب مكة التي إن وصلها من هذا الطريق لم يصلها إلى بعد جهد وعناء شديد ؛ ولهذا في تقديري لاينبغي دراسة المنطق بمعزل عن مادة نقد المنطق .وأذكر أننا حين كنا في الدراسات العليا بجامعة أم القرى / قسم العقيدة درسنا المنطق على هذا النسق ؛ فبدأنا بدراسة المنطق حتى أكملناه ثم درسنا نقده بعد ذلك وما استبانت لنا غوائله إلا بعد دراسة نقده ، وإلا فقد ظننا بادي الرأي أنه مجرد أداة للتفكير السليم ؛ فرحم الله ابن تيمية على مابين في كتابه العظيم ( الرد على المنطقيين ) من غوائل المنطق ومفاسده ، وجزى الله الأستاذ الدكتور / بركات عبد الفتاح دويدار خير الجزاء على مابذل في تدريس هذا العلم عرضا ونقدا لسنوات طوال رغم صعوبة هذا العلم وطول محاضرته التي كانت تستمر لثلاث ساعات لايضيع منها دقيقة واحدة حتى استوعب المنهج كله في عام كامل ( إن الله لايضيع أجر المحسنين ) .
 
أحسن الله إليك يا دكتور عيسى وغفر ذنبك، وزادك علماً وهدى .
معلومات قيمة، وفوائد بديعة .
أمَّا مثالك لتقريب عُسْرِ دلالة علم المنطق على المقصود بقاصد مكة من طريق الهدا القريب، أو من طريق الطائف أبها الساحل البعيد، فقد وقع مني موقعه تَماماً وأضحكني لخبرتي به، ولكن هل تتوقع أنَّ الزملاء هنا خاصة من هم خارج السعودية يعرفونه
icon7.gif


نحن دوماً في انتظار مثل هذه الفوائد والخلاصات العلميَّة المركَّزة، الخالية من أي مواد (حافظة) بارك الله فيك .
 
شكر الله لك دكتور عبدالرحمن لطفك وحسن ظنك والمثال الذي ذكرته لعسر التفكير وفق القواعد المنطقية مقتبس من كلام شيخ الإسلام في الرد على المنطقيين وإنما غيرت صورته ولكن يبدو أنني كنت كمن أراد أن يعربه فأعجمه !
 
استاذنا الكريم عيسى السعدي: احسن الله إليك لحسن ردك وعظيم نفعه، لكن انا درست المنطق على يد العلامة الراحل الشيخ أديب كلاس الدمشقي رحمه الله رحمة واسع وغفر له، استاذ هذا العلم في معهد الفتح الإسلامي، وكان من كتاب شرح السلم المنورق للدمنهوري. ولحذر الشيخ الراحل من مزالق المنطق، فقد كان يعلمنا تطبيقه في المجال الذي يخدم الدين، ويبعدنا عما ذهب إليه الفلاسفة حين استخدموا هذا العلم.
ومن المؤكد نحن لا نتخذ عقائدنا من عقولنا، وإنما نستخدم عقولنا لتقودنا لفهم صحيح لما جاء بشأنها في مصدرها الأصلي (الكتاب والسنة).
وقد قال لنا استاذنا الدكتور بديع اللحام حفظه الله تعالى- عميد كلية الشريعة بدمشق حاليا- يوم ان كان كان يدرسنا مصطلح الحديث: إن وظيفة العقل هي التأكد من صحة النقل ومحاولة فهمه وفق الطاقة. والمراد بالتأكد من صحة النقل هو العناية بقواعد مصطلح الحديث التي تمثل سياجا منيعا لحماية سنة نبيا صلى الله عليه وسلم.
 
الأخ الكريم توفيق مشاعرك أفهمها تماما ؛ لأن عشتها مثلك حين درست المنطق مجردا مع تحذير مجمل من مشايخ كرام أمثال من ذكرت ؛ ولكن لم أعرف الغوائل الحقيقية لهذا العلم إلا بعد عدة سنوات حين درست المنطق ثانية على يد الأستاذ الدكتور / بركات ثم درسنا عقبه نقد المنطق من كتاب الرد على المنطقيين لابن تيمية !!
وبقطع النظر عن هذا كله لو نظرنا إلى السلف الصالح لوجدنا أنهم أكمل الأمة علما وعملا ومع ذلك لم يعرفوا المنطق الصوري الذي يزعم أهله أن من لايعرفه لايوثق بعلمه !
ولو نظرنا ثانية للمنطق لوجدنا أنه تراث أمة كافرة وثنية عرفته الأمة الإسلامية حين ترجمت كتب اليونان زمن المأمون ؛ ويقال أن المأمون حين أرسل في طلبها جمع كبير الروم علماء اللاهوت - وهم من أعرف الناس بالمنطق والفلسفة - فأشاروا عليه أن يرسلها ؛ لأنها لم تدخل على أمة إلا أفسدتها !! وفعلا ولد علم الكلام بعد دخول هذه الكتب ؛ وأفسد على المسلمين عقيدتهم ، وعزلهم عن كتاب ربهم حتى عاد معظمه متشابها ؛ ولهذا استطال عليهم الفلاسفة وقالوا كيف تقولون إن نصوص الصفات من المتشابه وهي معظم القرآن ثم تنكرون علينا اعتبار نصوص المعاد الجسماني من المتشابه وهي أقل من ذلك بكثير ! وبهذا ومايشبهه تمكن ابن سينا في الرساله الأضحوية وغيرها من إفحام المتكلمين وإن أنكروا ذلك وردوا بحجج ضعيفة إلا أنك تشعر بهزيمتهم النفسية في ثنايا كلامهم ، وفي نظرتهم للفلاسفة الذين يسمونهم الحكماء !
والمقصود أن هذا العلم الذي لم يعرفه أكمل الأمة علما وعملا ؛ وإنما هو تراث أمة كافرة مستكبرة كيف يكون هذا العلم ضرورة أومدخلا للعلوم الشرعية شرفها الله !
وأختم كلامي بما ذكره الآلوسي في تفسيره أن سقراط لما قيل له : ألا تهاجر إلى موسى ؟ فقال : نحن قوم مهذبون لاحاجة لنا بالهجرة لموسى ليهذبنا !! ( فلما جاءتهم رسلنا بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم ) ! انظر إلى هذا الاستعلاء عن هدي الأنبياء ثم نحن ورثة الأنبياء نستجديهم العلم وعندنا العلم الذي يعلو ولايعلى ( ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) .
 
عودة
أعلى