المجدد الوسطي
New member
- إنضم
- 17/04/2005
- المشاركات
- 23
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
الاخوة الافاضل ساستعرض واياكم من حين لاخر احد كتب العلامة عبد الله بن بيه في تلخيص غير مخل ولا ممل وكيف لا وقد لخص الكتاب ابن الشيخ الاستاذ محمدُ وفقه الله وهو اعلم النا س بكتب العلامة
مع الكتاب الاول والذي هو بعنوان
توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل من معاملات الأموال
حيث يقول محمدٌ:
وقد استهله الشيخ بقوله :
وبعد، فإنًّ الفقه في الدّين أهمّ ما صُرِفت له الهممُ وتنافس في نفائسه المِداد والقلم، إذ هو المنيرُ لطريق الهدى في هذه الحياة، الموصلُ إلى جنّاتِ النعيم والرفاه يومَ الميقات والميعاد، الذي يَجْمع فيه الملِكُ الحقُ الناسَ ليوم لا ريبَ فيه، يومَ يقوم الناسُ لربّ العالمين، فيحشرُهم على قَّدَم خاتم النبيين وقائد الغُرَّ المحجلين صلى الله عليه وسلم وقد ساهمتُ بجُهد المقلٌ ببعض البحوث في مسائلً فقهيةٍ دعتً الحاجةُ إلى بيانها واختلف الفقهاءُ في شأنها، إما إجابةٌ لسائل أو تعليماً لجاهل أو إرشاداً وتنبيهاً لغافل، ولم آل جهداً في اعتماد الدليل مع التيسير والتسهيل، والله تعالى برحمته يهدي إلى سواء السبيل. والذي أقدمه الآن هي بحوثٌ بعضُها قدّم إلى مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي وبعضُها نُشِر في بعض المجلات المتخصصة كمجلة "البحوث الفقهية المعاصرة" التي لا تنشر بحثاً إلا بعد تحكيم يتميّز فيه الصحيحَ من السقيم، وبهذا فسيكون هذا الكتاب الذي أقدّمه بين يدي القارئ مسائل معاصرة في قضايا الأموال والمعاملة وبين يدي الموضوعات التي سيراها القارئ عن كثبٍ أريد أَنْ أعرض ملاحظةً تكون بمنزلة المقدَّمة لما أنا بصدده وهي :
* إنّ معالجة القضايا المعاصرة في الاقتصاد، كالإيجار المنتهي بالتمليك وقضايا النقود الورقية وغيرها تحتاجُ إلى جهدٍ من الباحث يتمثَّل في مرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى: تشخيصُ المسألة المعروضة مِنْ حيثُ الواقع، فإذا كانتْ عَقْداً يكون ذلك بالتعرّف على مكوناته وعناصره وشروطه.
* وإذا كان الأمر يتعلّق بذاتٍ معيّنة لإصدار حكم عليها كالنقود الورقية، فإنَّ الباحثَ يجب أن يتعرَّض إلى تاريخ العملات، ووظيفتِها في التداول والتعامل والتبادل، وما اعتراها على مرّ التاريخ من تطور يتعلّق بذات النقد، كمَعْدِنٍ نفيس إلى فلوسٍ، أو يتعلّق بعلاقته بالسلطة وهي جهةُ الإصدار أو بالسّلَع والخدمات، وهذه هي مرحلة التكييف والتوصيف التي لا تنئ كثيراً عن "تحقيق المناط" عند الأصوليين، لأنه تطبيق قاعدةٍ متفقٍ عليها على واقعٍ معيّنٍ أو في جزئيةٍ من آحادِ صورِها .
وهذه المرحلة لا غنى عنها للفقيه فإنّ الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، وبدون هذا التصور والتصوير يمكن أَنْ يكونَ الحكمُ غيرَ صائبٍ، لأنه لم يصادف محلاً وتزدادُ أهميةَ هذه المرحلة عندما ندرك تعقُّد العقود المعاصرة وانبنائَها على عناصر لم تكن موجودةً في العقود المعروفة لدى الفقهاء مِنْ بيعٍ وسلَم وإجارة وكراءٍ وقِراض وقَرْض ومساقاةٍ ومزارعةٍ وكفالةٍ ووكالةٍ إلى آخرها. فهنا يتوقف الفقيهُ فترةً من الوقت للتعرف على مكونات العقد وردّه إلى عناصرِه الأولى لتقرير طبيعته، وهل هو مشتملُ على شرطٍ ينافي سَنَن العقود المجمع عليها والمختلف فيها . ومن الواضح أن عملية التشخيص في معظمها تستدعى من الفقيه رجوعا إلى بيئات هذه العقود وأصول التعامل عند أهلها قبل أَنْ يزنَها بميزانِ الشرع. وأعتقدُ أنَّ الخلاف بين أعضاء المجامع الفقهية في جملةٍ من المسائل يرجعُ إلى تفاوتُ بين الباحثين في قضية التصوُر والتشخيص أكثرَ مما يرجع إلى اختلافٍ في فهم النُّصوص الفقهية، إذاً فالخلاف هو خلافٌ في علاقة المسألة بتلك النصوص تبعاً للزاوية التي ينظر إليها الفقيه مِنْ خلالهاولهذا فمن الأهمية بمكانٍ أَنْ يبذُلَ الاقتصاديون الوَضْعيون جهداً لإيصال كلُ العناصر التي يتوفّرون عليها إلى زملائهم الشرعيين فإذا تم ذلك فإن مرحلة أُخْرى تبدأ وهي:
المرحلة الثانية:مَرْحلةُ المعالجة الفقهية لإصدار حُكْم شَرْعي:
وهذه المرحلة الثانية فيها صعوبة كبيرةٌ تبدأ بالبحث عنْ نصّ في المسألة أو ظاهر يقتضيها أو عموم يشملها أو مفهوم موافقة أو مخالفة أو دلالةِ اقتضاءٍ أو إشارة.
فإذا لم يرد بخصوصها نصّ مِنْ كتاب أو سنَةٍ بمعنى من المعاني المشار إليها، ولا قولٌ لإمام من أئمةِ المسلمين المقتدى بهم -: فإن الباحث يلجأُ إلى الأشباه والنظائر إنْ كانتْ لها أشباهٌ ونظائر، لمحاولة القياس إذا انتفتْ موانعُه وتوفرتْ شروطُه مِنْ قيامِ أصلٍ منصوص عليه أو مجمع عليه، غير مخصوص بحكم ولا معدول به عن القياس، ووجود علةٍ جامعةٍ بين الأصل والفَرْع منصوصة أو مستنبطة بشروطها من انضباط وظهور سالمةً من القوادح.
فإذا تعذرتْ هذه الضوابط فإن القياسَ لا يصحُ، لأن قياسَ العلة إنما يكونُ في فرعٍ له أصلٌ بالنوع أو الجنس ولا يصح إلا بعد "ثبوت الحكم في محل منصوص باسم خاصٍ"، كما يقول علاء الدين شمس النظر السمرقندي(1).
عند تعذر القياس فإن الباحثَ قد يلجأ إلى بعض الأدلة المختلف فيها كالمصالح المرسلة عند مالك وهي أهم دليل يُعْتَمَد عليه في معركة التحليل والتحريم، حيث يكتفي الفقيهُ بالمناسبةُ التي معناها أن يحصُلَ على ترتيب الحكم على الوصف مصلحة مِنْ نوع المصالح التي يهتمُ الشارعُ بجلبها، أو درءُ مفسدةٍ من نوعِ المفاسد التي يهتم الشارع بدرئها، ولكن الباحث عليه أن يلتزم هنا أيضاً بجملةٍ من الضوابط، منها:
أن تكون هذه المصلحة في خدمة مقصِدٍ من مقاصد الشريعة الثلاثة وهي المقصِد الضروري والحاجي والتحسيني، ولا يعتبر أكثر الأصوليين إلا المقصِد الضروري خلافاً للشاطبي.
أما الضابط الثاني: فهو أن لا تكون المصلحة ملغاة والضابط الثالث: أن تكون عامة قطعيةً كما يراه الغزالي أوْ ظنية، وقد يلجأ الباحث إلى قاعدة سدّ الذرائع والنظر إلى المئالات.
وطبقاً لما تقدم فإن الحكم يُولَد بعد مخاضٍ ليس باليسير ويمر بمحطاتٍ عديدةٍ، ولعلي التزمتُ بهذا المنهج حيث يُعْوزُ النصُّ، أمّا إذا وُجِد الدليلُ فإليه المصيرُ.
وعلى الله سبحانه وتعالى قصد السبيل وهو حسبي ونعم الوكيل.
...............
وبعد المدخل المبين لصناعة الفتوى قدم الشيخ عَرْضاً مختصراً للبحوث الثمانية التي ضمها الكتاب:
1 – النقود الورقية وتغيُّرات العُمْلات:
يتحدث الكاتب فيه عن النقود الورقية هل هي عَيْن أو عَرْض، أو هي واسطةٌ لها حكم العين من جهة وحكم العَرض من جهةٍ أخرى.؟
وعن مسألة تغيّر العملات حيث يَعْرض أقوال العلماء تفريعاً وتأصيلاً، ليصل القارئ إلى رؤيةٍ واضحةٍ يقترح فيها الحلَّ الأمثل مِنْ جملة حلولٍ بُنِيت فيها الفروعُ على الأصول.
2 – الزيادة في القروض البنكية:
البحث المتعلّق بالزيادة التي تتعامل بها البنوك في القروض التي تقدّمها إلى زبائنها يبحث موقع هذه الزيادة مِنْ آية تحريم الربا في القرآن الكريم، وهل هي داخلةٌ في ربا الجاهلية أو صورةٌ أخرى تدخل في ربا الديون، وما هو مستند الإجماع الذي أطلقه العلماءُ على حرمةِ هذه الزيادة هل هو عمومُ النصّ أو القياسُ؟ وهل حجّية الإجماع تفترض قيامَ مستندٍ؟ وهل يوجد فَرْق بين قَرْض الاستهلاك وقَرْض الاستثمار؟ يحاول البحث أن يجيب على هذه الأسئلة باختصار.
3 – الإيجار المنتهي بالتمليك:
البحث المتعلق بالإيجار المنتهي بالتمليك يعالج عَقْداً مُسْتَحْدثاً كان في بداياته يتعلق بالعقارات ودُوْر السُّكنَى، ولكنه امتد بعد ذلك ليشْمل المنقولات كالسيارات والآلات المختلفة.
والبحث يعالج الموضوع مِنْ حيثُ التكييف القانوني لهذا العقد وفقاً لمراحل تطوره ثم ينتقل إلى عَرْض وُجْهة النظر الفقهية مرتبةٌ على القروض القانونية مبنية على مسائل الشروط عند الفقهاء.
ويصلُ البحث في النهاية إلى تقديم جُمْلةٍ من البدائل التي لعلَّها إذا حلَّت محلَّ العقود القانونية في بُنْيتِها وِنيَّتِها الحاضرةِ ترجَّح جانبُ الحِلّ.
4 – التعاملُ معَ شركاتٍ تتعاملُ بالربا:
ويُعْني هذا البحث بالحكم الشرعي في التعامل مع شركات تتعامل بالربا، فهو بحثٌ يتعرض للمعاملة مع الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يشوب ماله الرّبا أو يختلط فيه الحلالُ بالحرام، ويستعرضُ البحثُ أقوالَ العلماء بين الحرمة والكراهة والجواز، وبَعْد عَرْض هذه الأقوال بناءً على مجموعةٍ من القواعد الفقهية يستخلصُ في النهاية القولَ الراجحَ
– الاشتراكُ في شركات تتعاملُ بالربّا:
هذا البحثُ هو رديفٌ للذي قبله ومكملٌ له وهو يتعلقُ بالاشتراك في شركاتٍ تتعامل بالربا مع إيضاح الفَرق بين الشَّركة والتعامل، وتأثير هذا الفَرْق في الحكم الشَّرْعي.
6 – موقف المُؤْجِر مِنْ تصرفات المستأجِر غير المشْرُوعَة:
وهي قضية تنزل ببعض ملاّك العمائر والعقارات حيثُ يُؤْجرونها لشخصية طبيعيةٍ أو معنويةٍ قد تستغلُّها استغلالاً يخالفُ مبادئ الشريعة، وقد فصَّل البحثَ في ذلك بينَ أن يكون المُؤْجر عالماً حين العقد بتلك التصرفات وبين أن يكون جاهلاً أو غافلاً عن جهةِ تصرّفات المستأجر، وقد بنيتُ خلاصته على اختلافِ العلماء في قاعدة سدّ الذرائع بين مالكٍ وأحمدَ من جهة، والشافعيّ وأبي حنيفة مِنْ جهةٍ أخرى.
7 – بحث التعويض عن الضرر الناتج عن تأخير سَداد الديون المستحقة:
فهو بحث مختصر يوضح أنه لا فرق بين الصيغة المقترحة وبين ربا الجاهلية المجمع على تحريمه لا بالذات ولا بالعرض وأن تغير الظروف لا يرقى إلى تغيير الحكم وأن وسيلة التوثيق عند العقد تشكل ضماناً شرفياً فيه غنى.
8 – حكم الشرع فيما ترتب بذمة المدين للدائن في حالة التضخم:
لقد فصّلنا في هذا البحث القول في نازلة لا تزال محل خلاف وأخذ ورد بين من يرى تأثير التضخم على ما بذمة المدين سلباً وإيجاباً، وبين من يرى بأن ليس للدائن إلا أصل ماله بغضَّ النظر عن انخفاض القيمة. وقد عرّفنا التضخم لغة واصطلاحاً وعرضنا لأقوال العلماء في المذاهب الأربعة، وأصَّلنا الرأي الفقهي مع بيان أسسه بإظهار أن المسألة اجتهادية وانتهينا إلى اعتبار التضخم الجامح دون غيره واعتمدنا العرف معياراً والجائحة أصلاً للقياس والمصالح المرسلة أساساً آخر عند القدح في الأول مع ذكر جملة من الملاحق.
هذا موجزٌ عن البحوث التي نقدَّمها إلى القارئ في هذا الجزء مِنْ كتاب "توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل مِنْ معاملات الأموال".
والله تعالى وليُّ التوفيق،،،
www.binbayyah.net
مع الكتاب الاول والذي هو بعنوان
توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل من معاملات الأموال
حيث يقول محمدٌ:
وقد استهله الشيخ بقوله :
وبعد، فإنًّ الفقه في الدّين أهمّ ما صُرِفت له الهممُ وتنافس في نفائسه المِداد والقلم، إذ هو المنيرُ لطريق الهدى في هذه الحياة، الموصلُ إلى جنّاتِ النعيم والرفاه يومَ الميقات والميعاد، الذي يَجْمع فيه الملِكُ الحقُ الناسَ ليوم لا ريبَ فيه، يومَ يقوم الناسُ لربّ العالمين، فيحشرُهم على قَّدَم خاتم النبيين وقائد الغُرَّ المحجلين صلى الله عليه وسلم وقد ساهمتُ بجُهد المقلٌ ببعض البحوث في مسائلً فقهيةٍ دعتً الحاجةُ إلى بيانها واختلف الفقهاءُ في شأنها، إما إجابةٌ لسائل أو تعليماً لجاهل أو إرشاداً وتنبيهاً لغافل، ولم آل جهداً في اعتماد الدليل مع التيسير والتسهيل، والله تعالى برحمته يهدي إلى سواء السبيل. والذي أقدمه الآن هي بحوثٌ بعضُها قدّم إلى مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي وبعضُها نُشِر في بعض المجلات المتخصصة كمجلة "البحوث الفقهية المعاصرة" التي لا تنشر بحثاً إلا بعد تحكيم يتميّز فيه الصحيحَ من السقيم، وبهذا فسيكون هذا الكتاب الذي أقدّمه بين يدي القارئ مسائل معاصرة في قضايا الأموال والمعاملة وبين يدي الموضوعات التي سيراها القارئ عن كثبٍ أريد أَنْ أعرض ملاحظةً تكون بمنزلة المقدَّمة لما أنا بصدده وهي :
* إنّ معالجة القضايا المعاصرة في الاقتصاد، كالإيجار المنتهي بالتمليك وقضايا النقود الورقية وغيرها تحتاجُ إلى جهدٍ من الباحث يتمثَّل في مرحلتين أساسيتين:
المرحلة الأولى: تشخيصُ المسألة المعروضة مِنْ حيثُ الواقع، فإذا كانتْ عَقْداً يكون ذلك بالتعرّف على مكوناته وعناصره وشروطه.
* وإذا كان الأمر يتعلّق بذاتٍ معيّنة لإصدار حكم عليها كالنقود الورقية، فإنَّ الباحثَ يجب أن يتعرَّض إلى تاريخ العملات، ووظيفتِها في التداول والتعامل والتبادل، وما اعتراها على مرّ التاريخ من تطور يتعلّق بذات النقد، كمَعْدِنٍ نفيس إلى فلوسٍ، أو يتعلّق بعلاقته بالسلطة وهي جهةُ الإصدار أو بالسّلَع والخدمات، وهذه هي مرحلة التكييف والتوصيف التي لا تنئ كثيراً عن "تحقيق المناط" عند الأصوليين، لأنه تطبيق قاعدةٍ متفقٍ عليها على واقعٍ معيّنٍ أو في جزئيةٍ من آحادِ صورِها .
وهذه المرحلة لا غنى عنها للفقيه فإنّ الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره، وبدون هذا التصور والتصوير يمكن أَنْ يكونَ الحكمُ غيرَ صائبٍ، لأنه لم يصادف محلاً وتزدادُ أهميةَ هذه المرحلة عندما ندرك تعقُّد العقود المعاصرة وانبنائَها على عناصر لم تكن موجودةً في العقود المعروفة لدى الفقهاء مِنْ بيعٍ وسلَم وإجارة وكراءٍ وقِراض وقَرْض ومساقاةٍ ومزارعةٍ وكفالةٍ ووكالةٍ إلى آخرها. فهنا يتوقف الفقيهُ فترةً من الوقت للتعرف على مكونات العقد وردّه إلى عناصرِه الأولى لتقرير طبيعته، وهل هو مشتملُ على شرطٍ ينافي سَنَن العقود المجمع عليها والمختلف فيها . ومن الواضح أن عملية التشخيص في معظمها تستدعى من الفقيه رجوعا إلى بيئات هذه العقود وأصول التعامل عند أهلها قبل أَنْ يزنَها بميزانِ الشرع. وأعتقدُ أنَّ الخلاف بين أعضاء المجامع الفقهية في جملةٍ من المسائل يرجعُ إلى تفاوتُ بين الباحثين في قضية التصوُر والتشخيص أكثرَ مما يرجع إلى اختلافٍ في فهم النُّصوص الفقهية، إذاً فالخلاف هو خلافٌ في علاقة المسألة بتلك النصوص تبعاً للزاوية التي ينظر إليها الفقيه مِنْ خلالهاولهذا فمن الأهمية بمكانٍ أَنْ يبذُلَ الاقتصاديون الوَضْعيون جهداً لإيصال كلُ العناصر التي يتوفّرون عليها إلى زملائهم الشرعيين فإذا تم ذلك فإن مرحلة أُخْرى تبدأ وهي:
المرحلة الثانية:مَرْحلةُ المعالجة الفقهية لإصدار حُكْم شَرْعي:
وهذه المرحلة الثانية فيها صعوبة كبيرةٌ تبدأ بالبحث عنْ نصّ في المسألة أو ظاهر يقتضيها أو عموم يشملها أو مفهوم موافقة أو مخالفة أو دلالةِ اقتضاءٍ أو إشارة.
فإذا لم يرد بخصوصها نصّ مِنْ كتاب أو سنَةٍ بمعنى من المعاني المشار إليها، ولا قولٌ لإمام من أئمةِ المسلمين المقتدى بهم -: فإن الباحث يلجأُ إلى الأشباه والنظائر إنْ كانتْ لها أشباهٌ ونظائر، لمحاولة القياس إذا انتفتْ موانعُه وتوفرتْ شروطُه مِنْ قيامِ أصلٍ منصوص عليه أو مجمع عليه، غير مخصوص بحكم ولا معدول به عن القياس، ووجود علةٍ جامعةٍ بين الأصل والفَرْع منصوصة أو مستنبطة بشروطها من انضباط وظهور سالمةً من القوادح.
فإذا تعذرتْ هذه الضوابط فإن القياسَ لا يصحُ، لأن قياسَ العلة إنما يكونُ في فرعٍ له أصلٌ بالنوع أو الجنس ولا يصح إلا بعد "ثبوت الحكم في محل منصوص باسم خاصٍ"، كما يقول علاء الدين شمس النظر السمرقندي(1).
عند تعذر القياس فإن الباحثَ قد يلجأ إلى بعض الأدلة المختلف فيها كالمصالح المرسلة عند مالك وهي أهم دليل يُعْتَمَد عليه في معركة التحليل والتحريم، حيث يكتفي الفقيهُ بالمناسبةُ التي معناها أن يحصُلَ على ترتيب الحكم على الوصف مصلحة مِنْ نوع المصالح التي يهتمُ الشارعُ بجلبها، أو درءُ مفسدةٍ من نوعِ المفاسد التي يهتم الشارع بدرئها، ولكن الباحث عليه أن يلتزم هنا أيضاً بجملةٍ من الضوابط، منها:
أن تكون هذه المصلحة في خدمة مقصِدٍ من مقاصد الشريعة الثلاثة وهي المقصِد الضروري والحاجي والتحسيني، ولا يعتبر أكثر الأصوليين إلا المقصِد الضروري خلافاً للشاطبي.
أما الضابط الثاني: فهو أن لا تكون المصلحة ملغاة والضابط الثالث: أن تكون عامة قطعيةً كما يراه الغزالي أوْ ظنية، وقد يلجأ الباحث إلى قاعدة سدّ الذرائع والنظر إلى المئالات.
وطبقاً لما تقدم فإن الحكم يُولَد بعد مخاضٍ ليس باليسير ويمر بمحطاتٍ عديدةٍ، ولعلي التزمتُ بهذا المنهج حيث يُعْوزُ النصُّ، أمّا إذا وُجِد الدليلُ فإليه المصيرُ.
وعلى الله سبحانه وتعالى قصد السبيل وهو حسبي ونعم الوكيل.
...............
وبعد المدخل المبين لصناعة الفتوى قدم الشيخ عَرْضاً مختصراً للبحوث الثمانية التي ضمها الكتاب:
1 – النقود الورقية وتغيُّرات العُمْلات:
يتحدث الكاتب فيه عن النقود الورقية هل هي عَيْن أو عَرْض، أو هي واسطةٌ لها حكم العين من جهة وحكم العَرض من جهةٍ أخرى.؟
وعن مسألة تغيّر العملات حيث يَعْرض أقوال العلماء تفريعاً وتأصيلاً، ليصل القارئ إلى رؤيةٍ واضحةٍ يقترح فيها الحلَّ الأمثل مِنْ جملة حلولٍ بُنِيت فيها الفروعُ على الأصول.
2 – الزيادة في القروض البنكية:
البحث المتعلّق بالزيادة التي تتعامل بها البنوك في القروض التي تقدّمها إلى زبائنها يبحث موقع هذه الزيادة مِنْ آية تحريم الربا في القرآن الكريم، وهل هي داخلةٌ في ربا الجاهلية أو صورةٌ أخرى تدخل في ربا الديون، وما هو مستند الإجماع الذي أطلقه العلماءُ على حرمةِ هذه الزيادة هل هو عمومُ النصّ أو القياسُ؟ وهل حجّية الإجماع تفترض قيامَ مستندٍ؟ وهل يوجد فَرْق بين قَرْض الاستهلاك وقَرْض الاستثمار؟ يحاول البحث أن يجيب على هذه الأسئلة باختصار.
3 – الإيجار المنتهي بالتمليك:
البحث المتعلق بالإيجار المنتهي بالتمليك يعالج عَقْداً مُسْتَحْدثاً كان في بداياته يتعلق بالعقارات ودُوْر السُّكنَى، ولكنه امتد بعد ذلك ليشْمل المنقولات كالسيارات والآلات المختلفة.
والبحث يعالج الموضوع مِنْ حيثُ التكييف القانوني لهذا العقد وفقاً لمراحل تطوره ثم ينتقل إلى عَرْض وُجْهة النظر الفقهية مرتبةٌ على القروض القانونية مبنية على مسائل الشروط عند الفقهاء.
ويصلُ البحث في النهاية إلى تقديم جُمْلةٍ من البدائل التي لعلَّها إذا حلَّت محلَّ العقود القانونية في بُنْيتِها وِنيَّتِها الحاضرةِ ترجَّح جانبُ الحِلّ.
4 – التعاملُ معَ شركاتٍ تتعاملُ بالربا:
ويُعْني هذا البحث بالحكم الشرعي في التعامل مع شركات تتعامل بالربا، فهو بحثٌ يتعرض للمعاملة مع الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يشوب ماله الرّبا أو يختلط فيه الحلالُ بالحرام، ويستعرضُ البحثُ أقوالَ العلماء بين الحرمة والكراهة والجواز، وبَعْد عَرْض هذه الأقوال بناءً على مجموعةٍ من القواعد الفقهية يستخلصُ في النهاية القولَ الراجحَ
– الاشتراكُ في شركات تتعاملُ بالربّا:
هذا البحثُ هو رديفٌ للذي قبله ومكملٌ له وهو يتعلقُ بالاشتراك في شركاتٍ تتعامل بالربا مع إيضاح الفَرق بين الشَّركة والتعامل، وتأثير هذا الفَرْق في الحكم الشَّرْعي.
6 – موقف المُؤْجِر مِنْ تصرفات المستأجِر غير المشْرُوعَة:
وهي قضية تنزل ببعض ملاّك العمائر والعقارات حيثُ يُؤْجرونها لشخصية طبيعيةٍ أو معنويةٍ قد تستغلُّها استغلالاً يخالفُ مبادئ الشريعة، وقد فصَّل البحثَ في ذلك بينَ أن يكون المُؤْجر عالماً حين العقد بتلك التصرفات وبين أن يكون جاهلاً أو غافلاً عن جهةِ تصرّفات المستأجر، وقد بنيتُ خلاصته على اختلافِ العلماء في قاعدة سدّ الذرائع بين مالكٍ وأحمدَ من جهة، والشافعيّ وأبي حنيفة مِنْ جهةٍ أخرى.
7 – بحث التعويض عن الضرر الناتج عن تأخير سَداد الديون المستحقة:
فهو بحث مختصر يوضح أنه لا فرق بين الصيغة المقترحة وبين ربا الجاهلية المجمع على تحريمه لا بالذات ولا بالعرض وأن تغير الظروف لا يرقى إلى تغيير الحكم وأن وسيلة التوثيق عند العقد تشكل ضماناً شرفياً فيه غنى.
8 – حكم الشرع فيما ترتب بذمة المدين للدائن في حالة التضخم:
لقد فصّلنا في هذا البحث القول في نازلة لا تزال محل خلاف وأخذ ورد بين من يرى تأثير التضخم على ما بذمة المدين سلباً وإيجاباً، وبين من يرى بأن ليس للدائن إلا أصل ماله بغضَّ النظر عن انخفاض القيمة. وقد عرّفنا التضخم لغة واصطلاحاً وعرضنا لأقوال العلماء في المذاهب الأربعة، وأصَّلنا الرأي الفقهي مع بيان أسسه بإظهار أن المسألة اجتهادية وانتهينا إلى اعتبار التضخم الجامح دون غيره واعتمدنا العرف معياراً والجائحة أصلاً للقياس والمصالح المرسلة أساساً آخر عند القدح في الأول مع ذكر جملة من الملاحق.
هذا موجزٌ عن البحوث التي نقدَّمها إلى القارئ في هذا الجزء مِنْ كتاب "توضيح أوجه اختلاف الأقوال في مسائل مِنْ معاملات الأموال".
والله تعالى وليُّ التوفيق،،،
www.binbayyah.net