د محمد الجبالي
Well-known member
كلمة إلى الراغبين في الزواج:
وأخيرا كلمة إلى كل راغِبٍ في الزواج مُقْبِلٍ عليه رجلا كان أو امرأة:
إن الزوج هو نصفك الذي تُتَمِّمُ به نفسَك، وبه يسعد قلبك أو يَشْقَى، ومعه تجاهد مَصَاعِب الحياة فَتَهُون وتَتَيَسَّر أو تَشُقُّ وتَتَعَسَّر، وبه تَبْني بيتا وأسرة هي امتدادك وأَثَرُك الذي سَيَخْلُفُك؛ فَحَرِيٌّ بكم أن تحسنوا الاختيار.
فَأَحْسِنْ أخي، وأَحْسِني أختاه: أَحْسِنُوا اختيار نصفكما الثاني -زوجك- تَسْتَقِم لكم شئون دنياكم، وتُحَصِّلُون الراحة والطمأنية والسعادة في بيوتكم، ومن ثَـمَّ في كل حياتكم، هذا فضلا عن الفوز المحقق بنعيم الآخرة، ذلك كائن إذا أحسنتم الاختيار.
أخي: عليك بالصالحة؛ فإنها أَجْمَلُ مَتاع الدنيا، قال رسول اللهr : "إن الدنيا كلها مَتاعٌ وخير مَتاعِ الدنيا الْمَرْأَةُ الصالحة"[1] فعليكَ بالصالحة، فإنها تحفظكَ في بيتكَ وعِرْضِكَ ومالك وولدك، وتحمل عنك عَناءَ الدنيا، وتُعِينُكَ عليها، وتُثَبِّتُ قَدَمَيْكَ على الطريق إلى الله.
أُختاه: عليكِ بالصالح، فإن كانت الزوجة الصالحة خيرَ مَتاعِ الدنيا للرجل، فلا شَكَّ أن الزوج الصالح خَيرُ مَتاعِ الدنيا للمرأة، أختاه: عليكِ بالصالح؛ فإنه حِرْزُكِ وحِصْنُكِ الحصين، وهو الصدر الحنون، والقلب الرحيم، وهو الذي لا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ أبَداً، ويَفْنِي عُمْرَه في رِعَايَتِهم والتَّضْحِيَّة بالغالي والرخيص والنفس والنفيس لأجلهم، فعليكِ بالصالح.
أخي: إياكَ وخَضَراءَ الدِّمَن، الْمَرْأة َالْـحَسْنَاءَ في الْمَنْبَتِ السُّوء؛ فإنَّ الجمالَ عَرَضٌ زَائِلٌ، وآثارُ الْمَنْبَتِ السُّوء وأخلاقه تَكادُ لا تَزُول، لأنها تَتَرَسَّخ في القلب والنفس حتى تصير خُلُقاً وطَبْعاً أصيلا في الْمَرْءِ.
أُختاه: إياكِ إياكِ وسَيِّءَ الْـخُلُق؛ فإنه الجحيم بِعَيْنِه، وهو كَدَرُ الدنيا وعذابها، وهو مَحَلُّ الْفِتَنِ بأنواعها، فِتَنِ الدنيا الدين معا، فإياكِ إياكِ وسيءَ الخلق، فلا دِينَ لِمَنْ لا خُلُقَ له، ولا أمانَ لِمَنْ لا أمَانَةَ له.
أخي: إياكَ والزواجَ بإمرأة لأجل مالها أو حَسَبِها؛ فإنكَ مِنْ حيثُ طَلَبْتَ الغِنَى والعِزَّ سَتَنْزِلُ مَنازِلَ الْمَهَانَة والذُّلَّ، فإنَّ مثل تلك المرأة قد تَتَعَالَى على زوجها إن لم يكن كُفْئاً لها، وإنكَ إنْ لم يكن لديكَ من العقل والقوة والرجولة وعِزَّة والنفس ما تَعْلُو به عليها عَلَتْ هي عليك، وكانت فوقكَ لا تحتك.
أُختاه: إياكِ والبخيلَ الشَّحيحَ؛ فإنه كَأَرْضِ الرمال لا تَتَشَبَّعُ بِـمَاءٍ مهما كَثُرَ، والماء فيها يَتَسَرَّبُ إلى قَعْرِها السَّحِيق، فلا يَنْتَفِعُ به أَحَد، واعْلَمِي أنَّ الإيمان والشُّح لا يجتمعان في قلب، قال رسول الله r: "ولا يجتمع شُحٌّ وإيمان في قلب رجل مسلم أبدًا"[2]، والشُّحُّ من الْمُهْلِكَات، قال رسول الله r: "ثلاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطاع، وهَوَىً مُتَّبَع، وإعجاب الْمَرْءِ بنفسه"[3] فاحذري، وإياكِ والبخيلَ الشَّحِيح.
أخي: لقد أَمَرَكَ رسولُ الله r أن تَظْفَرَ بِذاتِ الدين، فهي عِماد بيتك، وعماد دُنْيَاك ودِينك معا، قال رسول الله r: " تُنْكَحُ الْمَرْأةُ لأَربَع لِمَالها ولِـحَسَبِها ولجمالها ولِدِينها فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك"[4].
أُخْتَاه: إياكِ وردَّ الرجلِ الصالح لِفَقْرِه، لقد حَذَّرَ رسول الله r مِنْ رَدِّ الراغِب في الزواج لِفَقْرِهِ إنْ كان مِنْ ذَوِي الدين والْـخُلُق والْقُدْرَة على تحمل الْمَسْئُولية، قال رسول الله r: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»[5]، وتَأَمَّلِي الغِنَى بالزواج، وتَذَكَّرِي قول الله تعالى: {وَأَنكِحُوا۟ ٱلۡأَیَـٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰلِحِینَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَاۤئكُمۡۚ إِن یَكُونُوا۟ فُقَرَاۤءَ یُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَا سِعٌ عَلِیمࣱ}[سورة النور 32]
أخي، أُختاه: إنَّ الزواج مِيثَاقٌ غَلِيظٌ، قال الله تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21]، قد شَهِدَ الله عز وجل على هذا الْمِيثَاق، وهو رِباطٌ رُوحِيٌّ يَرْبِطُ به الله بينك وبين زوجك، وإنها مسئولية كُبْرَى وأَمَانَةٌ عُظْمَى، وأُسْرَةٌ هي بناء الأمة، فَكُونَا عِمادا قادرا على تحمل المسئولية وأداء الأمانة حَقَّها، وإياكم إياكم ونَقْضَ هذا الميثاق، وإياكم إياكم وتضييعَ الأمانة، ففي ذلك الْـخَيْبَةُ والْـخُسْرانُ والندامة.
والله أعلم.
د. محمد الجبالي
من كتابي الجديد (مفاتيح الرزق)
المفتاح السابع: الزواج تَعَفُّفاً
والكتاب مازال، لم أنته منه بعد
والله أسأل التيسير والسداد والرشد والرشاد
[1] ابن حبان، محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ط2، 1414 – 1993، مؤسسة الرسالة، بيروت، ج9، ص340، رقم: 4013.
[2] النسائي، أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن، المجتبى من السنن، تحقيق: عبدالفتاح أبو غدة، ط2، 1406 – 1986، ج6، ص14، رقم: 3114.
[3] الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته، الناشر: المكتب الإسلامي، ج1، ص535، رقم: 5350
[4] البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله، صحيح البخاري، تحقيق: مصطفى ديب البغا، ط3، 1407 – 1987، دار ابن كثير، اليمامة – بيروت، ج5، ص1958، رقم: 4802.
[5] الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى، الجامع الصحيح سنن الترمذي، تحقيق : أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ج3، ص394، رقم: 1084.
وأخيرا كلمة إلى كل راغِبٍ في الزواج مُقْبِلٍ عليه رجلا كان أو امرأة:
إن الزوج هو نصفك الذي تُتَمِّمُ به نفسَك، وبه يسعد قلبك أو يَشْقَى، ومعه تجاهد مَصَاعِب الحياة فَتَهُون وتَتَيَسَّر أو تَشُقُّ وتَتَعَسَّر، وبه تَبْني بيتا وأسرة هي امتدادك وأَثَرُك الذي سَيَخْلُفُك؛ فَحَرِيٌّ بكم أن تحسنوا الاختيار.
فَأَحْسِنْ أخي، وأَحْسِني أختاه: أَحْسِنُوا اختيار نصفكما الثاني -زوجك- تَسْتَقِم لكم شئون دنياكم، وتُحَصِّلُون الراحة والطمأنية والسعادة في بيوتكم، ومن ثَـمَّ في كل حياتكم، هذا فضلا عن الفوز المحقق بنعيم الآخرة، ذلك كائن إذا أحسنتم الاختيار.
أخي: عليك بالصالحة؛ فإنها أَجْمَلُ مَتاع الدنيا، قال رسول اللهr : "إن الدنيا كلها مَتاعٌ وخير مَتاعِ الدنيا الْمَرْأَةُ الصالحة"[1] فعليكَ بالصالحة، فإنها تحفظكَ في بيتكَ وعِرْضِكَ ومالك وولدك، وتحمل عنك عَناءَ الدنيا، وتُعِينُكَ عليها، وتُثَبِّتُ قَدَمَيْكَ على الطريق إلى الله.
أُختاه: عليكِ بالصالح، فإن كانت الزوجة الصالحة خيرَ مَتاعِ الدنيا للرجل، فلا شَكَّ أن الزوج الصالح خَيرُ مَتاعِ الدنيا للمرأة، أختاه: عليكِ بالصالح؛ فإنه حِرْزُكِ وحِصْنُكِ الحصين، وهو الصدر الحنون، والقلب الرحيم، وهو الذي لا يُضَيِّعُ أَهْلَهُ أبَداً، ويَفْنِي عُمْرَه في رِعَايَتِهم والتَّضْحِيَّة بالغالي والرخيص والنفس والنفيس لأجلهم، فعليكِ بالصالح.
أخي: إياكَ وخَضَراءَ الدِّمَن، الْمَرْأة َالْـحَسْنَاءَ في الْمَنْبَتِ السُّوء؛ فإنَّ الجمالَ عَرَضٌ زَائِلٌ، وآثارُ الْمَنْبَتِ السُّوء وأخلاقه تَكادُ لا تَزُول، لأنها تَتَرَسَّخ في القلب والنفس حتى تصير خُلُقاً وطَبْعاً أصيلا في الْمَرْءِ.
أُختاه: إياكِ إياكِ وسَيِّءَ الْـخُلُق؛ فإنه الجحيم بِعَيْنِه، وهو كَدَرُ الدنيا وعذابها، وهو مَحَلُّ الْفِتَنِ بأنواعها، فِتَنِ الدنيا الدين معا، فإياكِ إياكِ وسيءَ الخلق، فلا دِينَ لِمَنْ لا خُلُقَ له، ولا أمانَ لِمَنْ لا أمَانَةَ له.
أخي: إياكَ والزواجَ بإمرأة لأجل مالها أو حَسَبِها؛ فإنكَ مِنْ حيثُ طَلَبْتَ الغِنَى والعِزَّ سَتَنْزِلُ مَنازِلَ الْمَهَانَة والذُّلَّ، فإنَّ مثل تلك المرأة قد تَتَعَالَى على زوجها إن لم يكن كُفْئاً لها، وإنكَ إنْ لم يكن لديكَ من العقل والقوة والرجولة وعِزَّة والنفس ما تَعْلُو به عليها عَلَتْ هي عليك، وكانت فوقكَ لا تحتك.
أُختاه: إياكِ والبخيلَ الشَّحيحَ؛ فإنه كَأَرْضِ الرمال لا تَتَشَبَّعُ بِـمَاءٍ مهما كَثُرَ، والماء فيها يَتَسَرَّبُ إلى قَعْرِها السَّحِيق، فلا يَنْتَفِعُ به أَحَد، واعْلَمِي أنَّ الإيمان والشُّح لا يجتمعان في قلب، قال رسول الله r: "ولا يجتمع شُحٌّ وإيمان في قلب رجل مسلم أبدًا"[2]، والشُّحُّ من الْمُهْلِكَات، قال رسول الله r: "ثلاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطاع، وهَوَىً مُتَّبَع، وإعجاب الْمَرْءِ بنفسه"[3] فاحذري، وإياكِ والبخيلَ الشَّحِيح.
أخي: لقد أَمَرَكَ رسولُ الله r أن تَظْفَرَ بِذاتِ الدين، فهي عِماد بيتك، وعماد دُنْيَاك ودِينك معا، قال رسول الله r: " تُنْكَحُ الْمَرْأةُ لأَربَع لِمَالها ولِـحَسَبِها ولجمالها ولِدِينها فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك"[4].
أُخْتَاه: إياكِ وردَّ الرجلِ الصالح لِفَقْرِه، لقد حَذَّرَ رسول الله r مِنْ رَدِّ الراغِب في الزواج لِفَقْرِهِ إنْ كان مِنْ ذَوِي الدين والْـخُلُق والْقُدْرَة على تحمل الْمَسْئُولية، قال رسول الله r: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلاَّ تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِى الأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ»[5]، وتَأَمَّلِي الغِنَى بالزواج، وتَذَكَّرِي قول الله تعالى: {وَأَنكِحُوا۟ ٱلۡأَیَـٰمَىٰ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰلِحِینَ مِنۡ عِبَادِكُمۡ وَإِمَاۤئكُمۡۚ إِن یَكُونُوا۟ فُقَرَاۤءَ یُغۡنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ وَا سِعٌ عَلِیمࣱ}[سورة النور 32]
أخي، أُختاه: إنَّ الزواج مِيثَاقٌ غَلِيظٌ، قال الله تعالى: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21]، قد شَهِدَ الله عز وجل على هذا الْمِيثَاق، وهو رِباطٌ رُوحِيٌّ يَرْبِطُ به الله بينك وبين زوجك، وإنها مسئولية كُبْرَى وأَمَانَةٌ عُظْمَى، وأُسْرَةٌ هي بناء الأمة، فَكُونَا عِمادا قادرا على تحمل المسئولية وأداء الأمانة حَقَّها، وإياكم إياكم ونَقْضَ هذا الميثاق، وإياكم إياكم وتضييعَ الأمانة، ففي ذلك الْـخَيْبَةُ والْـخُسْرانُ والندامة.
والله أعلم.
د. محمد الجبالي
من كتابي الجديد (مفاتيح الرزق)
المفتاح السابع: الزواج تَعَفُّفاً
والكتاب مازال، لم أنته منه بعد
والله أسأل التيسير والسداد والرشد والرشاد
[1] ابن حبان، محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ط2، 1414 – 1993، مؤسسة الرسالة، بيروت، ج9، ص340، رقم: 4013.
[2] النسائي، أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن، المجتبى من السنن، تحقيق: عبدالفتاح أبو غدة، ط2، 1406 – 1986، ج6، ص14، رقم: 3114.
[3] الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته، الناشر: المكتب الإسلامي، ج1، ص535، رقم: 5350
[4] البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله، صحيح البخاري، تحقيق: مصطفى ديب البغا، ط3، 1407 – 1987، دار ابن كثير، اليمامة – بيروت، ج5، ص1958، رقم: 4802.
[5] الترمذي، محمد بن عيسى أبو عيسى، الجامع الصحيح سنن الترمذي، تحقيق : أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ج3، ص394، رقم: 1084.