من قواعد الإنتصار: التجديد

لاشك أن صلة التجديد بشروط الكلمة المرفقة لهو التجديد،"يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين" فبغير هذا الهدف يكون التجديد هدم وتغيير للحق فيتزين الباطل في صورته ويلبس الحق لباس غيره فينهدم، وتضيع مبادئه وثوابته، وتختلط حقائقه بأباطيل غيره فيحدث التلبيس كما يفعل المجددون العلمانيون الذين يلبسون العقل الإسلامي صورا لم تكن له وينسبون اليه عقولا لم تكن شائعة بناءة في الأمة، فكيف يمكن لأمة عقلها مفتوح على الغنوصية والكلام الفارغ من المعنى أن تقيم المعنى في حضارة، وتزرع حروفها في تحرير التكنولوجيا من سلاسل خرافات الحضارات، فتقدم للعالم من خلال نصوصها المنزلة والفاعلة علوما ومناهج علمية ومادية وقيمية وعقلية غيرت وجه التاريخ، فما كان بعد نزول المعنى القرآني وأعلان محمد رسول الله غير العالم للأبد، وقدم للمدنية شريعة ربانية منفتحة على الكون والأسباب والفكر والتفكير والنظر والتدبير والعلم والعلوم والنظريات والمباديء والقلم والأقلام.
إن التجديد الإسلامي مشروط بشروطه هو، ولولا شروطه لما حدث التجديد وتكون الإنسان المسلم في المدة الطويلة من نجاحه في إخراج أعظم حضارة علمية قيمية في التاريخ الإنساني لأنها حافظت على القيم وهي تقيم الحضارة وتصنع الإنسان أو تحرره ليشارك معها كائنا من كان في البناء والتجديد.
إن إدعاء تجديد الفكر الإسلامي بإزاحة أصوله وتبديل عقلنته للأشياء، ونظرته للحياة، للعقل والنفس، للنص والفكر، للمادة والروح، هو إدعاء رخيص خارج من عباءة الإنغلاق المادي على الأشياء، حتى انه ليتصور التاريخ منغلق على نفسه، منغلق على المادة الكامنة فيه، وكأن التاريخ خالي من الروح، غير منفتح على الكون الخارجي وعواصفه وأمطاره ورعده وبرقه، واسباب ثماره وطعامه ونموه فمابالك لو تكلمنا عن تاريخ التقدير الرباني والقيومية الربانية مع عالم البشر والأشياء، مع المادة نفسها التي يتصورون تطورها في خبط عشواء ينتج بزعمهم أعظم دقائق الكون والسنن!
إن حيلة التجديد العلماني تكتم اضطراب مسلماته المعرفية وتضاربها وتهشم بعضها ببعض!
إنها وهم يتدثر في ثوب الحضارة التكنولوجية التي خرجت أساسا من تعاليم محمد ونصوص الكتاب المفتوح على الكون، ذلك القرآن الذي ننتصر لعلومه وحقائقه، وإنتاجه في عالم الإنسان والمادة، الروح والعقل، التقنيات والمناهج، العمران والتقدم به للأمام، في تيسير افتتحه القرآن بعمليات تكوينية جنينية أولا ثم قوية التفاصيل وعلمية الشرح والتوضيح، حتى أنتجت تحرير الإنسان من عوائق تقدمه في عالم الإنسان والمادة.
إن تجديد الإسلام للعالم هو تجديد محسوس مشاهد ومنضبط بضوابط علمية ربانية تحيط بالفكر والعلم
 
بارك الله فيك أستاذي طارق.
التجديد أساسي في الإنتصار وحفظ الدين. هناك قواعد أخرى يقوم عليها الإنتصار، لكن في نظري التجديد أهم ركن. في التفسير مثلا لابد من التجديد؛ قال شيخ الإسلام في مقدمته:
فإن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين، والباطل الواضح والحق المبين.
والعلم إما نقل مصدق عن معصوم، وإما قول عليه دليل معلوم، وما سوى ذلك فإما مزيف مردود، وإما موقوف لا يعلم أنه بهرج ولا منقود.
عليه التجديد في التفسير:
1) بيان الحق المبين بطريقة جديدة مناسبة.
2) إستبعاد الباطل الواضح.
3) التفكر في الذي نتوقف فيه.

ومثل هذا العمل لا يقدمه عالم متخصص في التفسير حصرا، لأن التفاسير تشمل كثير من العلوم، العلوم الشرعية والآلية، وحتى المعرفية لأن كثير من التفاسير إعتمدت على معارف من تخصصات أخرى. والله وحده المستعان.
 
اخي شايب، بارك الله فيك.
اتفق معك على ان التجديد مهم جداً في الانتصار للقران، لكن اعتقد ان التمسك و تطبيق اخلاق القران في الانتصار للقران يسبق الدعوة للتجديد.
مثال: قال الله تعالى : (و قولوا للناس حسنا).
تربية النفس على القول الحسن عموما و اثناء الانتصار للقران خاصة امر هام جداً، يحتاج الى مران طويل بعد طلب العون من الكريم لان النفس اثناء دعوتها للحق قد تنزلق الى مزلق الانتصار للنفس بدل من الانتصار للحق بدون ان تشعر.
ما رايك اخي الفاضل شايب؟
وفقك الله و سدد خطاك.
 
صحيح أختنا زمزم، لاشك في ذلك.
وأنا لا أرى الفصل بين الإنتصار المعرفي والإنتصار العملي، فالمعرفة يجب أن تعكس العمل: عمل القلوب وعمل الجوارح. وهذا لا يكون دون إستكمال الإيمان، والإستكمال أحيانا يكون بدفع الشبهات عن القرآن. المعرفة من غير ثمرة الإيمان معرفة من غير عمل، فلا معنى لها. كان الإمام مالك رحمه الله لا يحب الكلام إلا فيما تحته عمل.
 
من سمات التجديد ما كتبته وكتبه الأستاذ طارق والأستاذة زمزم.
إلتزام النظرة الإسلامية الشاملة، وإجتناب الإسقطات، كما وضح أخي طارق.
تجديد إظهار الحق في التراث، وإستبعاد الباطل، والتفكر في المتوقف فيه.
إلتزام قيم الإسلام الأخلاقية في التواصل، كما كتبت الأخت زمزم.

الإهتمام بالأولويات وإعمال فقه الموازنات من سمات التجديد.
 
"إن حيلة التجديد العلماني تكتم اضطراب مسلماته المعرفية وتضاربها وتهشم بعضها ببعض!"..
الأصل أن الكتابات العلمانية عن القرآن انما هي اجترار مشوه لا تجديد فيه بالمرة،وقد انتهى الى ذلك الباحث المسيحي ادوارد سعيد منذ عام 1978م حين قال:"...والنتيجة المتوقعة لهذا كله هي أن الطلاب الشرقيين( والأساتذة الشرقيين) لا يزالون يريدون الحضور الى الولايات المتحدة والجلوس عند أقدام المستشرقين الأمريكيين ثم العودة فيما بعد لتكرار الشعيرات اللغوية...على مسامع جمهورهم المحلي،وفي نظام اعادة انتاج كهذا يجعل من الحتمي أن يستخدم الباحث الشرقي تدريبه الأمريكي ليشعر بالفوقية على أبناء وطنه...،أما في علاقته بمن هم أسمى منه مكانة،المستشرقين الأوربيين والأمريكيين فانه سيبقى المخبر الذي ينتمي الى السكان الأصليين،وهذا بحق دوره في الغرب اذا كان حسن الحظ بحيث يتاح له له البقاء فيه بعد انتهاء تدريبه المتقدم..." الاستشراق:المعرفة والسلطة والانشاء ص320 (ط 1984).
 
عودة
أعلى