محمد محمود إبراهيم عطية
Member
روى الشيخان عن أبي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ e : " إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ " ، وفي رواية " وصفدت "[SUP] [1] ؛[/SUP] ومعنى " صفدت " : شدت بالأصفاد ، وهي الأغلال ، أي: غُلَّت ، والصفد بفتح الفاء الغل بضم الغين ، وهو معنى " سلسلت " في الرواية الأخرى ؛ وحمل المعنى على ظاهره وحقيقته في قوله : " فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ " هو الصواب ، وأن ذلك كله علامة للملائكة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ، ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ، ولا ضرورة تدعو إلى صرف اللفظ عن ظاهره ، ففي بعض روايات الحديث عند الترمذي وابن ماجة : " وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ "[SUP] [2] ،[/SUP] وفيه دليل على أن الظاهر مراد .
قال ابن حجر رحمه الله- رحمه الله : قَالَ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ رَجَّحَ حَمْله عَلَى ظَاهِرِهِ : فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَان كَثِيرًا ، فَلَوْ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْمَ الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ ، أَوْ الْمُصَفَّد بَعْض الشَّيَاطِينِ وَهُمُ الْمَرَدَةُ لا كُلُّهُمْ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ، أَوْ الْمَقْصُودُ تَقْلِيل الشُّرُورِ فِيهِ ، وَهَذَا أَمْر مَحْسُوس فَإِنَّ وُقُوع ذَلِكَ فِيهِ أَقَلّ مِنْ غَيْرِهِ ، إِذْ لا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيد جَمِيعهمْ أَنْ لَا يَقَعُ شَرٌّ وَلا مَعْصِيَة، لأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْر الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَات الْقَبِيحَة وَالشَّيَاطِينِ الإِنْسِيَّة ؛ وَقَالَ غَيْره : فِي تَصْفِيد الشَّيَاطِين فِي رَمَضَان إِشَارَة إِلَى رَفْع عُذْر الْمُكَلَّف ، كَأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ : قَدْ كُفَّتِ الشَّيَاطِينُ عَنْك ، فَلَا تَعْتَلَّ بِهِمْ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ وَلَا فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ[SUP] [3] .[/SUP] أي : فلا تجعل الشياطين علتك في ترك الطاعة أو فعل المعصية .
[1][SUP] البخاري ( 1899 ) ، ومسلم ( 1079 ) .[/SUP]
[2][SUP] الترمذي ( 682 ) ، وابن ماجة ( 1642 ) .[/SUP]
[3][SUP] انظر فتح الباري : 4 / 114 .[/SUP]
قال ابن حجر رحمه الله- رحمه الله : قَالَ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ أَنْ رَجَّحَ حَمْله عَلَى ظَاهِرِهِ : فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَان كَثِيرًا ، فَلَوْ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْمَ الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ ، أَوْ الْمُصَفَّد بَعْض الشَّيَاطِينِ وَهُمُ الْمَرَدَةُ لا كُلُّهُمْ كَمَا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ، أَوْ الْمَقْصُودُ تَقْلِيل الشُّرُورِ فِيهِ ، وَهَذَا أَمْر مَحْسُوس فَإِنَّ وُقُوع ذَلِكَ فِيهِ أَقَلّ مِنْ غَيْرِهِ ، إِذْ لا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيد جَمِيعهمْ أَنْ لَا يَقَعُ شَرٌّ وَلا مَعْصِيَة، لأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْر الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَات الْقَبِيحَة وَالشَّيَاطِينِ الإِنْسِيَّة ؛ وَقَالَ غَيْره : فِي تَصْفِيد الشَّيَاطِين فِي رَمَضَان إِشَارَة إِلَى رَفْع عُذْر الْمُكَلَّف ، كَأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ : قَدْ كُفَّتِ الشَّيَاطِينُ عَنْك ، فَلَا تَعْتَلَّ بِهِمْ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ وَلَا فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ[SUP] [3] .[/SUP] أي : فلا تجعل الشياطين علتك في ترك الطاعة أو فعل المعصية .
[1][SUP] البخاري ( 1899 ) ، ومسلم ( 1079 ) .[/SUP]
[2][SUP] الترمذي ( 682 ) ، وابن ماجة ( 1642 ) .[/SUP]
[3][SUP] انظر فتح الباري : 4 / 114 .[/SUP]