من فرائد المحرر الوجيز

إنضم
21/12/2015
المشاركات
1,712
مستوى التفاعل
13
النقاط
38
الإقامة
مصر
قال تعالى في سورة آل عمران :{ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)}
قال ابن عطية رحمه الله :
لَنْ تَنَالُوا بِرَّ اللَّهِ بِكُمْ أَيْ، رَحْمَتَهُ وَلُطْفَهُ.، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: لَنْ تَنَالُوا دَرَجَةَ الْكَمَالِ مِنْ فِعْلِ الْبِرِّ حَتَّى تَكُونُوا أَبْرَارًا إِلَّا بِالْإِنْفَاقِ الْمُضَافِ إِلَى سَائِرِ أَعْمَالِكُمْ.
وإذا تأملت جميع الطاعات ، وجدتها إنفاقاً مما يحب الإنسان ، إما من ماله ، وإما من صحته ، وإما من دعته وترفهه ، وهذه كلها محبوبات .

قال القرطبي رحمه الله : قِيلَ: الْمَعْنَى حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الطَّاعَاتِ، وَهَذَا جَامِعٌ.
قال في التحرير والتنوير:
وَفِي ذَلِكَ صَلَاحٌ عَظِيمٌ لِلْأُمَّةِ إِذْ تَجُودُ أَغْنِيَاؤُهَا عَلَى فُقَرَائِهَا بِمَا تَطْمَحُ إِلَيْهِ نُفُوسُهُمْ مِنْ نَفَائِسِ الْأَمْوَالِ فَتَشْتَدُّ بِذَلِكَ أَوَاصِرُ الْأُخُوَّةِ، وَيَهْنَأُ عَيْشُ الْجَمِيعِ.
فَالْبِرُّ هُوَ الْوَفَاءُ بِمَا جَاءَ بِهِ الْإِسْلَامُ مِمَّا يَعْرِضُ لِلْمَرْءِ فِي أَفْعَالِهِ، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّقْوَى فِي قَوْلِهِ: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ [الْمَائِدَة: 2] فَقَابَلَ الْبِرَّ بِالْإِثْمِ.
وَقَدْ يَكُونُ الشَّيْءُ الْقَلِيلُ نَفِيسًا بِحَسْبِ حَالِ صَاحِبِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ [التَّوْبَة: 79] .
قال في الظلال : وقد فقه المسلمون وقتها معنى هذا التوجيه الإلهي، وحرصوا على أن ينالوا البر- وهو جماع الخير- بالنزول عما يحبون، وببذل الطيب من المال، سخية به نفوسهم في انتظار ما هو أكبر وأفضل.
وعلى هذا الدرب سار الكثيرون منهم يلبون توجيه ربهم الذي هداهم إلى البر كله، يوم هداهم إلى الإسلام.
ويتحررون بهذه التلبية من استرقاق المال، ومن شح النفس، ومن حب الذات ويصعدون في هذا المرتقى الوضيء أحراراً خفافاً طلقاء..
 
عودة
أعلى