من غرائب التأويل عند العامة

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29/03/2003
المشاركات
19,331
مستوى التفاعل
138
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
الباطنية يفسرون القرآن الكريم على وجهٍ لا علاقةَ لَهُ بلغةِ القرآنِ ولا سياقهِ ، ولهم تأويلات غريبة ، تَصِلُ بكَ إلى الضحكِ ، وصنيعهم هذا قديم ، وقد كان السَّلفُ يردونَ عليهم هذه التأويلات ويُبْطِلونَها ، ومن طرائف التأويل وإن لم يكن تأويلاً للقرآن ، إِلاَّ أَنَّهُ شبيهٌ به ، وقد تذكرت هذه القصة عندما أوردها أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وفقه الله في مُحاضرتهِ عن (التفسير بين العقل والنقل) ، فرجعت للقصة كاملة وأحببت إيرادها للفائدة ، والمشاركة في معرفة معاناة المتقدمين وردهم لمثل هذه التأويلات الغريبة للقرآن الكريم ، ولعل الإخوة الفضلاء يذكرون طرائف مشابهة من تأويلات القرآن.
قال عامر الشعبي رحمه الله : ما أَشبهَ تأويلِ الرافضةِ للقرآنِ بتأويلِ رجلٍ مضعوفٍ مِن بَني مَخزوم مِن أهلِ مكةَ ، وجَدتهُ قاعداً بفناءِ الكعبةِ ، فقال للشعبيِّ :
ما عندك في تأويلِ هذا البيت ؟ فإِنَّ بَني تَميم يَغلطونَ فيه ، فيزعُمونَ أَنَّهُ مِمَّا قيلَ في رَجلٍ منهم ، وهو قولُ الشاعرِ:
[align=center]بيتٌ زُرَارَةٌ مُحْتَبٍ بِفِنائِهِ * ومُجاشِعٌ وأَبو الفَوارسِ نَهْشَلُ[/align]فقلتُ له : فما تقولُ أنتَ ؟
قال : البيتُ هو هذا البيتُ ، وأشار بيده إلى الكعبة !
وزُرارة : الحِجْرُ ، زُرِّرَ حول الكعبة !
فقلتُ له : فمُجاشع ؟ قال : زَمزمُ ، جشعت بالماء !
قلت : فأبو الفوارس ؟ قال : هو أبو قُبَيسٍ ، جَبَلٌ بِمكةَ !
قلت : فنَهْشلُ ؟ ففكَّر فيه طويلاً ، ثُمَّ قال : أصبتهُ ، هو مصباحُ الكعبةِ ، طويلٌ أسودُ ، وهو النَّهشَلُ !

انظر : العقد الفريد لابن عبدربه1/269 ، عيون الأخبار لابن قتيبة 2/146

والبيت المذكور أحد أبيات قصيدة مشهورة للفرزدق يناقض بها قصيدة لجرير رحمه الله . ومن أبيات قصيدة الفرزدق:
[poem=font="Traditional Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إِنَّ الَّذي سَمَكَ السَماءَ بَنى لَنا= بَيتاً دَعائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطوَلُ
بَيتاً بَناهُ لَنا المَليكُ وَما بَنى= حَكَمُ السَماءِ فَإِنَّهُ لا يُنقَلُ
بَيتاً زُرارَةُ مُحتَبٍ بِفِنائِهِ = وَمُجاشِعٌ وَأَبو الفَوارِسِ نَهشَلُ
يَلِجونَ بَيتَ مُجاشِعٍ وَإِذا اِحتَبوا=بَرَزوا كَأَنَّهُمُ الجِبالُ المُثَّلُ
لا يَحتَبي بِفِناءِ بَيتِكَ مِثلُهُم= أَبَداً إِذا عُدَّ الفَعالُ الأَفضَلُ
ضَرَبَت عَلَيكَ العَنكَبوتَ بِنَسجِها= وَقَضى عَلَيكَ بِهِ الكِتابُ المُنزَلُ[/poem]وهي قصيدة من جياد قصائد الفرزدق.
والبيت الذي أخطأ المخزومي في شرحه شرحه أبو عبيدة في شرح النقائض فقال :
قوله : زُرارة ، يعني زرارة بن عُدُس بن زيد بن عبدالله بن دارم بن مالك .
ومُجاشع بن دارم .
ونَهشل بن دارم.
قال أبو عبدالله : سمعت بعض ولدِ عُطارد بن حاجب بن زرارة يقول : ليس في العرب إلا عُدَس بفتح الدال إلا في تميم فإنه عُدُس بضمها.
شرح النقائض 1/292
 
لعل من نظائر ماذكرت أخي الكريم وإن كان سبب التعلق الطرافة فقط ، ماذكره المفسر الكبير العلامة الشنقيطي رحمه الله في رحلته المشهورة .

فقد ذكر أنه أثناء ترحاله ومروره بالسهل والحزن ، ومذاكراته العجيبة والتي شملت أغلب فنون علم الشريعة ، وماكان يدلي به رحمه الله من أجوبة تبهرالعقل وتأخذ باللب ، لكمال ملكته العلمية رحمه الله قال : ( وربما حضر مذاكرتنا بعض العوام الذين لايفهمون ، ومن جهلهم أن واحدا منهم قال لنا بكلامه الدارجي مامضمونه : إنه يغبطنا ويغار منا بسبب أننا نمر بأرض السودان التي فيها موضع شريف ! قلنا له : وما ذالك الموضع الشريف ؟ قال الخرطوم . قلنا : وأي شرف للخرطوم ؟ قال : لأنه مذكور في القرآن العظيم في قوله تعالى (سنسمه على الخرطوم ) فقلنا له : ذلك خرطوم آخر غير الخرطوم الذي تعني ! فضحك من يفهم من الحاضرين ) أهـ

ولعل الله يسهل بمنه وكرمه ، أن يكون هناك وقفة مع بعض جوانب حياة هذا الرجل الفذ في علمه وزهده ، يدلي كل فيها بما ليس في ترجمته مما أسنده عنه أو استظهره من كتبه ، ولولا عدم المناسبة لسطرت هنا بعض الشئ ، ولكن نترك فضل الأسبقية لأهل التفسير فهم أحق به منا .
 
أخي عبد الرحمن
ألا ترى أن الشيء المستطرف مقبول ، وتجد له النفس حلاوة ، أفلا ترى أن ما ذكرته يدخل في غرائب التأويل وعجائبه ، ولغلاة الرافضة والباطنية والقرامطة في ذلك ما لا ينقضي منه عجب العالم .
ويظهر أنه إنما وقعت طرافته من كون قائله عاميًّا اعتمد على خزعبلات عقله ، ففسر البيت ، لكن لا يُسمى مثل هذا التأويل لكتاب الله بالطريف ، والله أعلم .
ولقد ذكرتني باستطرادك في ذكر القصيدة التي منها البيت ، ثمَّ ذكرك فائدة تتعلق بهذه القصيدة منهج أسلافنا في الأمالي حيث يوردون الفائد تلو الأخرى على غرار ما يسمى بتوارد المعاني .
وياليتك وابن الشجري ـ لما ظهر منكما من اقتدار في هذا ـ أن تتحفونا بين الفينة والأخرى بمقالات نُحمِض فيها ، وتكون لنا ـ روَّاد الملتقى ـ مرتعًا خصبًا من ذلك الأدب العالي ومن نقده المتميز الذي يبين فضائل الكلام ، ومحاسن التعبير ، ومفارقات كلام البلغاء بالموازنة والنقد والتحليل .
وإن لم يكن ما تمنيته ، فأقول ما قال الشاعر :
منًى إن تكن حقًّا تكن أصدق المُنَى *** وإلا فقد عشنا بها زمنًا رغدًا .
 
إشارتكم يا أبا عبدالملك أمرٌ ، وأبشر بما يسرك إن شاء الله ، ففي النفس حاجات ، وفي الوقت الراهن ضيق شديد يوشك أن ينفرج إن شاء الله ، فإذا كان ذلك رأيت ما يسرك بإذن الله ، فهذا أمر لم أغفل عنه ، وفي الملتقى عدد من الأدباء المتذوقين من أمثالكم والأستاذ ابن الشجري ، والأستاذ عبدالله بلقاسم ، وأبي بيان وأبي بنان ، وخالد الشبل ، وأبي عبدالمعز ، والأخت سلسبيل. وغيرهم ، مما يجعل لزاماً إن شاء الله أن نفتح نافذة مشرعةً نمزج فيها اللغة بالتفسير والأدب ، ويكون لنا من توجيهاتكم وتسديداتكم ما نعيد به مجالس الأمالي على الانترنت ، بعد أن توارت حول سواري المساجد ، ومجالس العلم ، وما نريد بالإحماض فيه ، إلا إمتاع قارئيه ، ونعوذ بالله من شرة اللسن ، وفضول الهذر ، كما نعوذ به من معرة اللكن ، وفضوح الحَصَر.
 
ومن طريف ما وقفت عليه فسمعته بأذني وهم بعض الناشئة في اسم أخي يوسف عليه السلام والذي ورد في بعض التفاسير أن اسمه (بنيامين) فظن ذلك الشاب أن اسمه (نكتل) وسبب اللبس الذي ورد عليه - بعد الجهل طبعاً - هو قول إخوة يوسف (قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا نكتل وإنا له لحافظون)
ارجو أن تكون هذه المشاركة خفيفة وأن لا أتطفل بها على أهل التفسير وملحهم ونكاتهم ، ولم أستغرب صنيع ذلك الشاب وجهل فهمه ، فقد سبقه من ذكر اسم الذئب الذي يفترض إنه أكل يوسف ، واشتغل بعض الفارغين بمحاولة الوصول لاسمه ولم يتكلف التأمل في قوله (وجاؤوا على قميصه بدم كذب)
 
طرفة نادرة ، بارك الله فيك. ويا حبذا لو تم ما اقترحه الدكتور مساعد في المشاركة رقم 3
 
بارك الله فيكم.. أمتعتمونا جميعاً.

ومنكم نستفيد دائماً.
 
فعلاً مشاركات (دمها خفيف) تليق بالكبار.. فلا يخرج من الكبير إلا ما ينبئ بعقله وعلمه.. وإن كان من الملح والنوادر..

فإن كان ما في المشاركات أعلاه من مِلح.. محمولة على الغفلة ( مع براءة الذمة ) فإن ما سأذكره آية من آيات الله تعالى... آية من آياته في تعجيله الفضيحة بمن يحاول الانتقاص من كتابه المجيد ..

مقتبساً من أطروحتي .. بعض البهارات الثقيلة ... وهي جزء من الباب الثالث: " نقد منهجية الطاعنين بالقرآن الكريم في مواقع الإنترنت التنصيرية "
ومما جاء فيها تحت عنوان: جهلهم بالبدهيات ... إليكم نبذة من الطرائف ....

--------------------------------
إن عَجِبَ من رأى جهل الكبير بأصول الكتابة بالعربية، فإنه يعجب من جهلهم ببدهيات عقلية لا يجادل بها أحد...

- انظر ما جاء في أول صفحة (مصادر الإسلام): " ومن القواعد المقررة أنه إذا خالف الحديث آية من آيات القرآن، وجب رفض الحديث، لأنهم يعتبرون القرآن كلام الله ".

- وانظر ما جاء في صفحة (قراءة نقدية للإسلام): " وهناك بلا شك احاديث عديدة ملفقة ومنسوبة للنبي، باسنادٍ جيد ".

- أما صفحة (حوار صريح حول الإسلام) فقد فسرت هبة المرأة نفسها للنبي  بتفسير عجيب:
" فهو الوحيد من جنس البشر الذي أحل له الله - كما يدّعي القرآن - أن ينكح أية امرأة تدعوه لذلك!! ولا يشترط أن تكون زوجته أو من جواريه، بل يشترط أن تكون مؤمنة فقط!! وتهب جسدها له فيعاشرها بدون حساب من الله!! يقول القرآن في ذلك: ,,, وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ المُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكْتَ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً, بالطبع هذا كلام جارح يخدش الحياء, ومن الكفر أن ننسب مثل هذه الخطايا إلى الله كلي القداسة ".

- ثم قررت تلك الصفحة قراراً لم تُسبَق إليه: " ولا يوجد نسب معروف لمحمد سوى قصي بن كلاب وهو دخيل على مكة ولا يمت بأدنى صلة لإسماعيل ". (1) ( )
كيف يجرؤ مَن في نسب إلهه أبناء أربع زوانٍ (2) ( )، على الطعن في شرف نسب سيدنا محمد  أشرف الأنساب العربية وأطهرها ؟! وأين كانت قريش من هذا الاكتشاف الخطير ؟ وتعلمون ما للأنساب عند العرب من شأن عظيم، لم تشاركهم فيه أمة من الأمم.
كالعادة، لقد أخطأوا في اختيار الشبهة.. فكانت وبالاً عليهم. (3) ( )

وفي الأطروحة عشرات الأمثلة على شبهات تنقلب دليلاً عليهم... وسبحان مَن كلامه القرآن

- ومن استنباطاتها العجيبة أيضاً: " يؤكد القرآن حقيقة إتيان المرأة بخلاف الطبيعة: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنىّ شئتم؟؟ إنه بهذا التشبيه القبيح يحط من آدمية المرأة إلى مستوى بهائم الحقل التي تحرث الأرض، وكثير من الدول المتقدمة أعفت حيواناتها من حرث الأرض واستبدلوا بهم الماكينات، العالم الحر يكرم الحيوان والعالم الإسلامي يستعبد الإنسان ".

- ومن أجمل الاستنباطات، استنباطات صفحة (أسئلة بلا أجوبة):
" س: عباده الأرحام والله أم الله وحده:- وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ {1} النساء
س: المسلمين حُمُر:_فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ {48} فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ {49} كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ {50} فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ {51} المدثر. حُمُر اي حمير !؟
س: النحل له عقل:_ وَآتُواْ النَّسَـاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً (4) ( ) فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {4} النساء .
س: الله روح ام نور نورة [الصواب: نوره] مثل مصباح في مشكاة:_ يَا بَنِـيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {187} يوسف ".
س: الكبد أم الترائب (صدر المرآة) :_
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ {4} البلد .
تناقضها سورة الطارق .خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ {6} يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ{7}الطارق
".
هل علِم كاتب تلك الصفحة لِمَ أسئلته بلا أجوبة ؟ فقد جعل المسلمين يعبدون الأرحام.. والمشركين في الجنة، بينما المسلمون في النار كأنهم حُمُرٌ مستنفرة. والنحل له عقل.. ورَوْح الله (5)( ) رُوحه.. والخاتمة: الإنسان خُلِقَ من الكَبِد !

- أما صفحة (أكذوبة الإعجاز العلمي) فتستخف بالزقزم (الزقوم) طعام أهل النار: " "شجرة الزقزم طعام الاثيم": قد يكون الزقزم نوعا من شجر الضريع من الجحيم ولكن كيف يصير الشجر فيها ماء الغسلين يؤكل ؟؟؟؟ ". وتكرار كلمة (الزقزم) مرتين دليل على أنها ليست خطأً مطبعياً.

- كما أضافت صفحة ( أكذوبة الإعجاز العلمي ) فائدة غير مسبوقة إلى علم التجويد، وهي وجود مدٍّ في كلمة (أَحَدٌ) في سورة الإخلاص: " واليهود في صلاتهم يمدون الصوت في لفظهم "أحد" كما يفعل المسلمون الى اليوم ".

- أما صفحة (يوم قبل وفاة محمد) فتعلِّم المسلمين كيف ينقدون الحديث الشريف متناً.. " من حديث عائشة أنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتها... قالت والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح (6)( ) ".
البيوت يومئذ ليس فيها مصابيح لكن عائشة ترى النبي يغمزها لترفع قدمها. هل يعقل أن تكون عائشة قد ذكرت ذلك ؟!!
".
لجهل الكاتب لم يعلم معنى الغمز في اللغة، جاء في معجم مقاييس اللغة: " الغين والميم والزاء أصلٌ صحيح، وهو كالنَّخْس في الشيء بشيء ". (7)( )
هذا هو الأصل في الغمز، أما ما ظنه الكاتب فهو الاستعارة.. كما بين معجم مقاييس اللغة: " ثم يُستعار. ومن ذلك: غَمَزْتُ الشَّيءَ بيدي غمزاً. ثم يقال: غمزَ، إذا عاب وذَكَر بغير الجميل. والمَغَامز: المعايب. وفي عقل فلانٍ غَمِيزةٌ، كأنَّه يُستضعَف. وممّا يستعار: غَمَزَ بجفنه: أشار. ومنه: غَمَزَ الدابةُ من رجله، كأنّه يغمز الأرضَ برجله ".
وما فعله رسول الله  كان نخسُ رِجل أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها (8)( ) ؛ وفي البخاري رواية أخرى تبين صحة ذلك المعنى: " .. لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَرَسُولُ اللَّهِ  يُصَلِّي، وَأَنَا مُضْطَجِعَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ غَمَزَ رِجْلَيَّ فَقَبَضْتُهُمَا ". (9)( ) ولهذا استدل به من يرى عدم وجوب الوضوء من لمس المرأة. (10)( )

- وقد تطور الأمر بصفحة (شخصية المسيح في الإنجيل والقرآن) بنقد متن القرآن الكريم: " و هل كان هدف القرآن الكلام عن بقرة بني إسرائيل وحديث الإفك، و زيد بن حارثة، و تحريم العسل الأسود على زوجاته ".
والحق أنه حرم العسل على نفسه عليه الصلاة والسلام، ثم كفر عن يمينه. (11)( )

- يدعونا (دي هانز) في صفحته (دعوة للتفكير) إلى البحث عن كتاب غير موجود في جميع أنحاء الكرة الأرضية، وهو كتاب المصاحف لأبي داود: " ترى ما هي المسافة بين رواية حفص وبين محمد؟ ماذا حدث في كل تلك الفترة ومع كل هؤلاء، ومن أرد معرفة العجب فعليه بكتاب المصاحف للساجستاني والإتقان في علوم القران للسيوطي والمصاحف لأبي داود وغيرهم ".
فكتاب المصاحف هو لابن أبي داود السجستاني رحمه الله تعالى، وليس لأبي داود ـ الأب ـ كتاب اسمه المصاحف.. وقد اختلط الأمر عليه، فظن (الأب والابن) واحد.. كعقيدتهم في التثليث !! فانظر ما يجر إليه التثليث من مصائب! (12) ( )

- وفي سبيل حشد أكبر عدد من الأدلة على صدق خرافة الغرانيق، جعلت صفحة (تعليقات على الإسلام) من التابعين صحابة ! " يُرْوَى عن قتادة (13)( ) ومقاتل (14) ( ) -من أصحاب محمد- ... " ثم كررت ذلك مرة أخرى، وزادت عليهما شخصية وهمية تدعى " إلياس ": " إنها مروية عن فريق من الصحابة، كقتادة ومقاتل وإلياس ".(15) ( )

------------------------------
هذا جزء من منهجية الطاعنين بالقرآن الكريم، دليل عدم وجو دليل علمي واحد ... واحد على الأقل يدل على كون القرآن الكريم ليس من عند الله تعالى... مما ألجأ أولئك إلى المنهج غير العلمي... فكانوا أضحوكة الناس !!!

==========================

) 1) إن كان قصي بن كلاب جامع قريش وموحدها، وصاحب السقاية والرفادة. دخيل على مكة فمن الأصيل؟ أما نسب سيدنا محمد  فهو كما ذكر البخاري في كتابه التاريخ الكبير 1/5: " محمد رسول الله صلى الله وآله وسلم بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب من مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن المقوم بن ناحور بن تارح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم ". كما ذكره المطهر المقدسي في كتابه البدء والتاريخ 4/131: " محمد  بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم ".
) 2) هن: " ثامار " الزانية [تكوين: 38]، و "راحاب " الكنعانية الزانية [يوشع 2 /1]، و " راعوث " المؤابية [سفر راعوث كاملاً]، وزوجة أوريا واسمها " بتشبع " التي زنت مع داود ـ حاشاه عليه الصلاة والسلام ـ [صموئيل الثاني: 12]. ولعل ذاك سبب نفي يسوع أن يكون جده داود، انظر: إنجيل متى: 22/45.
) 3) تلك الفرية ـ وانقلابها عليهم ـ شبيهة بفرية أثارها النصارى قديماً، حين حدثت بين الإمام الباقلاني وأكبر قساوسة النصارى بين يدي ملك الروم وعدد من القساوسة، مناظرة ومما جاء فيها: قال القس: " ما فعلت زوجة نبيكم ؟ وما كان من أمرها فيما رُميت به ؟ " فأجاب القاضي الباقلاني: " هما امرأتان ذكرتا بسوء: مريم وعائشة. فبرأهما الله عز وجل.. وكانت عائشة ذات زوج، ولم تأت بولد. وأتت مريم بولد، ولم يكن لها زوج ". فبهت من في مجلس الملك. بتصرف عن كتاب: فقه الدعوة إلى الله، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني 2/564.
) 4) النَّحْلُ: أن تعطي شيئاً بلا عِوَض. انظر: معجم مقاييس اللغة، ابن فارس 5/310 (نحل).
قلت: في هذا التعبير القرآني البليغ تكريم للمرأة، فعبَّر عن مهرها بأنه عطية بلا مقابل. أي: المهر ليس ثمناً لها، أو تعويضاً.. وفي الوقت ذاته، حق واجب لها ( أي ليس كالهدية) .. ولو بحثت في اللغة عن كلمة تسد مكان " نِحْلَة " لن تجد. فسبحان الله !
) 5) أي: فَرَج الله . انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي9/252.
) 6) رواه البخاري في الصلاة باب الصلاة على الفراش (382) ومسلم في الصلاة باب الاعتراض بين يدي المصلي (512).
) 7) لابن فارس 4/310 (غمز).
) 8) وكان ذلك بيده الشريفة ، قال محمد شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود2/284: " الغمز والعصر والكبس باليد ".
) 9) في الصلاة باب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد (519). عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وانظر: النسائي في الطهارة باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته من غير شهوة (167)، وأبو داود في الصلاة باب من قال المرأة لا تقطع الصلاة (712).
) 10) انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي 5/226. ونصب الراية، الزيلعي1/71. والمغني، ابن قدامة 1/124.
) 11) انظر: الجامع لأحكام القرآن، القرطبي 18/178. وقد روى النسائي في السنن الكبرى 3/356 (5614) باب قوله جل ثناؤه: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها" أَنَّ النَّبِيَّ  كَانَ يَمْكُثُ عِنْدِ زَيْنَبَ وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً فَتَوَاصَيْتُ وَحَفْصَةَ: أَيُّنَا مَا دَخَلَ النَّبِيُّ  فَلْتَقُلْ إِنِّيْ أَجِدُ مِنْكَ رِيْحَ مَغَافِيْر، فَدَخَلَ عَلى إِحْدَيْهِمَا فَقَالَتْ ذَلكَ لَهُ، فَقَالَ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً ". وقال النسائي بعد أن أورد الحديث: إسناده جيد صحيح.
قلت: المغافير، جمع مغفور وهو صمغٌ يُستخرج من بعض الأشجار. انظر: غريب الحديث، القاسم بن سلام 2/256.
) 12) هذا الخطأ عينه وقع فيه أحد أشد المنصرين في أندية الحوار الديني ويدعى (الدليل والبرهان) حين ذكر في الرد رقم (195) على موضوعه الذي حمل عنوان: " ما هذا التحريف الذي نجده في القرآن يا ربي ؟ " ذكر أن من مراجعه في إثبات التحريف المزعوم للقرآن الكريم ما يلي: " المصاحف لأبي داود السجستاني، باب المصاحف العثمانية / اختلاف ألحان العرب في المصاحف / ص 42 ". فتحداه الباحث أن يصور الصفحة الأولى من الكتاب الذي زعم أنه رجع إليه.. وظل يراوغ !! حتى جاء الرد رقم (251) حين بيَّن له الباحث الاسم الحقيقي لمؤلف كتاب المصاحف وهو ابن أبي داود السجستاني، فاعتذر المنصر بأنه قال (أبو داود السجستاني) للاختصار !! ومثله كثير.. فقد ذكر أحد اللادينيين في النادي ذاته ـ ويدعى (العلماني) ـ أنه رجع بنفسه إلى كتاب " الكامل لابن كثير " وذكر المجلد والصفحة ! وبعد عدة أيام، زعم المنصر (الراعي) أنه رجع إلى " الكامل للزمخشري " !!
) 13) هو قتادة بن دعامة السدوسي، تابعي، حافظ العصر وقدوة المفسرين والمحدثين، كان من أوعية العلم، معروف بصدقه وعدالته وحفظه، (ت117هـ). انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 5/269-283.
) 14) مقاتل بن سليمان البلخي، تابعي، كذَّبه وكيع. وقال البخاري عنه: مقاتل لا شيء البتة. قال الذهبي: أجمعوا على تركه. انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي 7/201-202.
) 15) أوقع ذلك الخلط المنصرينَ الذين ينقلون عن تلك المواقع حرفياً (بالقص واللصق) بتلك الأخطاء أيضاً.. ومن الأمثلة على ذلك أن أحد المنصرين في نادي الفكر العربي ويدعى (البابلي) قال لي مرة: " ما هذا التناقض يا رحيم، مرة تقول إن سعيد بن جبير تابعي، ومرة تقول إنه لم يرَ الرسول ؟!! ". فظن أن تعريف التابعي: من رأى رسول الله  ؟!!
 
الأخ عبد الرحيم هذه من لطائف انحراف الفهم والجهل الذلان لا يمكن ان ينفكا عن كثير من أعلام المستشرقين ، فضلا عن جهلة النصارى ، وإن كنت أرى أن بعضهم يقصد ذلك من أجل التشويه والتعمية على القارئين ؛ لأنه يعلم أن قوله سيسري ويتأثر به من يتأثر .
ولا زلت أعجب من زهو المستشرقين بعلمهم ، وإحساس بعضهم بأنه فهم لغة العرب ، وأدرك من شريعتنا ما لم يدركه علماؤنا .
والأعجب من ذلك من يتلقف هذا من جهلة أبناء جلدتنا ، ويتغنى به شرقًا وغربًا .
إذ كيف لرجل عاش أكثر من ربع قرن بلغة قومه ، ثم تعلم لغتنا في سنوات معدودة ، ويريد أن يصل إلى ما وصل إليه أوائلنا ، بل يفوقهم ؟
هذا مستحيل بلا ريب .
لكن ـ من باب الإنصاف ـ طرائق البحث التي سلكوها ، وأسلوب الموازنات التي عملوها ، وأسلوب الإحصاءات التي اعتمدوها ، وغيرها من الأساليب قد أفاد في بعض مجالات البحث العلمي ، لكن ليس لهم فيه السبق المطلق كما يريد أن يصوره لنا المنغمسون في بطون الاستشراق من بني جلدتنا .
لذا كان من المستحسن النظر إلى أعمالهم بنظر الناقد المستفيد ، فيردُّ ما يخرج من مثل هذه التوافه العجيبة الغريبة ، ويخرج من بحوثهم بما ينفع ويُجدِي .
أما المنصرون الذين جاءوا بقصد الإساة ، فأولئك لا يخرج منه ما ينفع أصلا ، وإن خرج فهو عن غير قصد ، بخلاف بعض المستشرقين الذين ينشدون المعلومة من حيث هي معلومة ، فيخرج من بحوثهم شيء يفيد الباحث في العلوم .
لذا لا يُستغرب أن يخرج من هؤلاء المنصرين ما يضحك منه الطفل الرضيع ، وأسأل الله لكم العون في هذا الباب الذي ولجتموه ، وهذا الثغر الذي وقفتم عليه .
 
لا يسعني الاّ أن أشكر الدكتور مساعد الطيار المحترم على ما تفضّل بالتمييز بل من التفريق بين الفئتين وهما المنصرون والمستشرقون . أما الأولى فقد نبهت مرارا على الترك لما جاؤوا به بسبب أغراضهم لا علافة لها بالعلم . أما الفئة الثانية وهي تختلف في منهجيتها ونتائج أبحاثها عما المسلمون عليه , خاصة ما يمس الدراسات القرآنية .
كل عام وأنتم بخير جميعا حيث ما كنتم .
 
بل هما كما قال الشاعر:

ما الشّنْفَرَى وسُلَيْكٌ في مُغَيّبَةٍ - - إلا رَضِيعَا لِبَانٍ في حِمَىً أَشِبِ

فما أهمله هؤلاء قام بها أؤلئك، وما أهمله أؤلئك قام به هؤلاء. المسألة توزيع أدوار ليس أكثر ولا أقل.

ولا يهم مخالفتهم لمناهج المسلمين ونتائج أبحاثهم، المهم هل وافقوا المنهج العلمي؟!!
دراسات كبارهم وأساتذتهم تدل على أنهم عن المنهج العلمي الموضوعي، والبحث النزيه السوي في أبعد منزل.
ومن شك في هذا فهاهي ذي كتب ... نولدكه وجولدزيهر وشاخت وماسنيون وفلهاوزن وكايتاني وكولسون ومنتغمري وات وبروكلمان ولامنس وروبسون و شبرنجر و هوروفونس وفنسنك ومرجليوث ... وغيرهم كثير فلينظر فيها الناظر بميزان العلم، والمنهج العقلي الصحيح وليخبرنا بماذا يرجع.

والنادر لا حكم له، فكيف إذا كان أقل من النادر؟!!!
 
ان لا يتم الفصل بين العلم والدين فلن يزال كلام (الباجي) في محلّه .
 
أستطيع موافقة موراني ومخالفته في الوقت ذاته...

فللاستشراق دور في خدمة كتاب الله تعالى فهذا صحيح، ولكن الأمر ليس بيدهم بل لطبيعة القرآن الكريم المعجز.

فلا يوجد كتاب في الكرة الأرضية تعرض للبحث والنقد كالقرآن الكريم، ومع ذلك لم تزده الدراسات إلا رسوخاً.

لغاية الآن رغم المليارات التي صرفت لنقد القرآن الكريم وآلاف (علماء) الاستشراق وتلاميذهم ممن يتسمون بأسمائنا .. لغاية الآن لم نجد أي دعوى تمس القرآن الكريم بنقد يستحق الوقوف عنده

سواء كان طعناً في مصدره أم محتواه.

لذا: أقر لك دكتور موراني أن الاستشراق قدم خدمات للقرآن ، ولو علم أكثرهم أن جهودهم ستثمر هذه الثمرات الإيجابية لتوقفوا..

وإليك هذه القصة:

ذكر خيري منصور في كتابه " الاستشراق والوعي السالب " ص: 129 قصة عن راهب اسمه (ريكولدو دامونتكروتشي) سافر إلى الشام والعراق، أواخر القرن الثالث عشر الميلادي. مكث في الجامعة النظامية. وتعلم العربية ودرس القرآن.. ولما عاد إلى موطنه كتب عدداً من الكتب في مدح القرآن والحضارة الإسلامية.. ثم بعد فترة انقلب انقلاباً مفاجئاً وألف كتاباً بعنوان: " تفنيد القرآن ". مما حيَّر مستشرقاً معاصراً يدعى (بوزاني) الذي قال: إما أنه أصيب بجنون مفاجئ، أو فقد الذاكرة.. ولكنه ما لبث أن رجَّح تعرضه إلى (ضغوط سياسية منظمة) دفعته إلى الكذب والتلفيق، مما سبَّب ذلك التناقض! وقال (بوزاني): " إنه الإسلام، عدونا التاريخي الأول ". واعترف بأن المثقفين الغربيين حينما يفاضلون بين الملل، يفضلون البوذي أو الطاوي أو الهندوسي على الإسلام ! رغم أن القرآن كتاب سماوي ككتبهم، ويأمر أتباعه باحترام سيدنا عيسى .

قلت: أليس هذا مصداق القول الخالد من الله تعالى: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا " [النساء: 51] ؟ أشهد أن القرآن الكريم حق !

==========

ننتقل إلى جهود الاستشراق دعماً للتبشير..

أقول: إن الاستشراق والتبشير كالجناحين للتنصير

فما يسمى (دراسات المستشرقين) يعطي المادة الخصبة للمنصرين الذين يعملون على نقد القرآن الكريم لعامة الناس، واتهامه بالتناقض والخطأ والتحريف...

ولدي عشرات الأمثلة من استشهادات المنصرين بكلام للمستشرقين على تحريف القرآن الكريم.

يقول د. دي بارت إن من أهداف الاستشراق: " إقناع المسلمين بلغتهم، ببطلان الإسلام، واجتذابهم إلى الدين المسيحي ". انظر: المستشرقون والقرآن، د. محمد حسين الصغير، ص15

ولكن .. وكالعادة حتى تلك المنهجية غير الموضوعية في نقد القرآن الكريم كانت سبباً في دراسات إسلامية لنصرة القرآن الكريم، زادت الإسلام رسوخاً والقرآن الكريم ثبوتاً..

وإليك القصة التالية:
كانت تلك المنهجية سبباً في إسلام الشاب (فارس) الذي أرسله أبواه المارونيان من لبنان إلى مالطا سنة 1848م للالتحاق بمدارس الإرسالية الأمريكية. وبقي يتعلم فيها اللاهوت لمدة أربعة عشر سنة. ولما نبغ، أرسلت بريطانيا في طلبه عن طريق وزير خارجيتها الذي توسط لدى حاكم مالطا للسماح له بالذهاب إلى بريطانيا؛ لترجمة الكتاب المقدس إلى العربية. وكان المشرف على عملية الترجمة مستشرق يدعى ( لي )، وكان فارس يترجم بأسلوبه البليغ أروع ترجمة. ولكنه تفاجأ عندما رأى المستشرق ( لي ) يحرِّف ترجمة كل جملة تنتهي بالواو والنون، أو الياء والنون؛ بزعم أنها مشابهة للقرآن. كما غيَّر عبارة " وأنتم على ذلك شهود "، إلى " وأنتم شهود على هذا " للسبب ذاته.... فاختلف مع البريطانيين وسخر بهم، ووصفهم بعدم الأمانة العلمية، والجهل بأصول الترجمة.. فطردوه، عندها اتصل بالفرنسيين ـ الذين ألمحوا له سابقاً بحاجتهم إليه ـ ولكن المستشرقين الفرنسيين لما علموا بمواقفه مع المستشرقين الإنجليز، شنوا حملة إعلامية ضده، وصدوه. فاستدعاه باي ـ أي والي بالتركية ـ تونس، وفي تونس أعلن إسلامه، وسمى نفسه: أحمد فارس الشدياق.. وكان من أشهر أدباء نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، توفي بالأستانة عام 1887م.

انظر: الاستشراق والوعي السالب، خيري منصور، ص226-228.

=-=-=-=-=-=-=-=-

وسبحان من كانت هذه الأساليب غير العلمية في النقد، دليلاً قوياً من أدلة إلهية وعصمة كتابه الكريم؛ فلو وصلوا إلى نتائج صحيحة، بمقدمات منطقية إلى دليل واحد، واحد فقط يصلح في نقد القرآن الكريم، لما تخبطوا كل هذا التخبط ولوصلوا إلى ضالتهم، بحرف المسلم عن دينه منطقياً وعقلياً دون تأثير وسائل التنصير بالترغيب المادي الشهيرة.

ومن ثم كان ما ينفقونه من مال ووقت وجهد يصب في مصلحة الدعوة الإسلامية، فلولا التبشير والاستشراق لما نهضت الأمة فكرياً، ودافعَ الحقُّ الباطلَ.. ولولا الاحتلال لما توقدت شعلة الجهاد والاستشهاد.. كما لولا طعنهم في الإعجاز القرآني، لما تبدَّت أروع مظاهره في شتى الجوانب والمجالات..

تلك سنة الله في الكون: " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ " [الأنفال: 36].

يحسبون أنهم بالمنهجية غير العلمية سيهدمون الإسلام.. بهدم مصدره الرئيس. وذلك بعد تفكير وروية، حين أعيتهم المنهجية العلمية لإثبات تحريفه وخطئه بلا فائدة. وصدق الله تعالى في وصفهم بصفتهم الأليق بهم: " إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ " [الأنعام: 116]، يا لروعة التعبير القرآني! الظن هو القائد وهم المَقودون الأتباع.

نعم، لقد سلكوا تلك المنهجية غير العلمية لأنهم يعلمون أن المسلم يتمنى صادقاً أن يسلك كل الناس المنهج العلمي الصحيح عند البحث، لأن ذلك لنا لا علينا " بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ " [العنكبوت: 49]. فالعلم يدعو إلى الإيمان: " وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ .. " [الحج: 54].


------------------

خاتمة بطرفة...

في إحدى المناظرات بين الباحث وأحد المنصرين على شبكة الإنترنت. بيَّن الباحث بالأدلة والوثائق أن الإسلام أسرع الأديان انتشاراً في العالم الغربي، بشهادة علماء الغرب. فما كان من المنصر إلا أن أحضر وثائق لجمعيات إسلامية تشير إلى حالات تنصير لفقراء من الجزائر والكونغو وأندونيسيا. فرد عليه الباحث: " على فرض أن هذا التنصير تمَّ بلا اضطرار أو هدف دنيوي، كالطمع بالهجرة أو التعليم أو طلب العلاج.. وغير ذلك. فهو يعني أن الإسلام ينتشر حيث يكثر العلم، والنصرانية تنتشر حيث يكثر الجهل ".

فبهت المنصِّر وانقطع.
 
المسلمون لا يستقيم لهم أن يفصلوا بين الدين والعلم، وليس في أذهانهم شئ من هذا أصلا، لسبب سهل قريب المأخذ = لأن دينهم يدعوا إلى العلم،وقام على العلم، وينتصر دائما للعلم، وثبت لدينا كونه دينا صحيحا كاملا شاملابالعلم، والمسلمون عرفوا سلامة دينهم بالعلم ... ولا يتعارض دينهم معالعلم الصحيح في شئ أبدا ... فكل ما ثبت بالعلم النافع فالإسلام يتبناه ويدعوا إليه ... ومن شك في هذا فليأتنا بشئ ثبت بالعلم النافع الصحيح عارضه الإسلام أو تناقضمعه. أو ليثبت لنا بالعلم الصحيح مخالفة شئ من أصول الإسلام كتابه أو سنة نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - في ثبوته وحجيته لشئ من العلم أو المنهج العلمي العقلي المجرد.​

ولست في حاجة هنا إلى التأكيد على أن المراد بالإسلام هو ماقاله الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وأما كلام المجتهدين من أمة الإسلامفمحتمل للصواب كما هو محتمل للخطأ، وليس من دليل يثبت له العصمة فلا يحتج علينا أحد باجتهادمجتهد منهم لم يوفق لإصابة الحق، أو خالف العلم بطريق أو بآخر ، أو يحتج علينا بأقاويل طوائف مرقت من الدين كما يمرق السهم من الرمية من ضلال الشيعة ... أخزاهم الله فليس هؤلاء من أهل الإسلام لا في قبيل ولا دبير، وكلامهم ليس بحجة على أحد من المسلمين أصلا.

فاللجؤ في معرفة الحق إلى ضرورة فصل الدين عن العلم، أو بلغةأخرى: اتهام كل مخالف لآراء المستشرقين أو غيرهم من بني علمان بأن منطلقه إيمانمطلق بصدق القرآن أو السنة = كلام لا معنى له إلا التهرب من منطق المنهج العلميالمحض ... وهو في أول الأمر وآخره حجة من أعوزته الحجة ... لأن الأكثرية من العلماءالذين جادلوا من ذكروا - في كل مناحي المعرفة - لم ينطلقوا في نقاشهم إلا من حجج عقلية وعلمية محضة، اتفقالعقلاء كافة على حجيتها وصحة بناء الدعاوى عليها.
 
أحسب أن تغيير عنوان المشاركة الأصلية إلى : " من غرائب تأويل العوام " يكون أوفق و أليق ، كيلا يحسبه القارئ أنه من تأويل العلماء - الذي ينظر فيه - حيث يظن - بادئ ذي بدء - أن ذلك الكلام له وجه في الاعتبار ، و هذا لا ينتقص من طرافة تلك الأقوال بعد معرفة محلها و مرادها ،
و لعل ذلك لا يقطع سياق تلك الطرائف ، حيث قطعها حديث الاستشراق و طعونه ، التي مرجعها أمر آخر غير طريف في الغالب الأعم
 
التعديل الأخير:
وجاء في صفحة (تعليقات على القرآن): " وكان محمد مولعاً بالاستماع إلى سجع الكهّان في سوق عكاظ ...
كثيراً من التشريعات الإسلامية كانت موجودة عند العرب قبل الإسلام كحدود الزنا والسرقة وشرب الخمر...
وذهب بعضهم إلى أن بعض الصحابة كان يجيز القراءة بالمعنى
".
كما ورد في صفحة (مَن الأعظم ؟): " استاء محمد من بعض أتباعه في المدينة? لأنهم خبأوا في بيوتهم أطعمة وكنوزاً ولم يشاركوا فيها المهاجرين من مكة ? فأنذرهم قائلاً إن المسيح سيأتي عن قريب وسينبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم لأن له عيناً خارقة ? ".
ومما جاء في صفحة (الجذور الوثنية): " المجوس يا سيدي موحدون بالله ...
الكعبه كانت مسجدا مسيحيا على زمن بني جرهم ....
وطبعا، لا ننسى القرآن نفسه عن خبر مسجد ضرار (كنيسة) التي احرقها محمد لان الراهب ابو عامر (النعمان الصيفي) نافس محمد في المدينة! ....
لقد كانت السور الأولى في النزول على الشكل الذي تعود الكهان الوثنيون القدماء وضع نبوآتهم فيه...
القران كله ينقض قصة المعراج....
".
ولتكتمل الصورة في الرؤية الشاملة لمنهجيتهم، إليكم هذا التعقيب الذي دخل به المنصِّر (آبانوب) على موضوع قدمه الباحث في نادي الفكر العربي تحت عنوان: " قبسات من الإعجاز البياني في القرآن الكريم ". ليحرف الموضوع عن مساره المؤثر في إخوانه النصارى.. ومما كتب (آبانوب) في الرد رقم (51) على الموضوع بتاريخ (23/5/2004م) تحت عنوان: " تابع أساتذة محمد في الشعر " :
" لقد تلقى محمد الدروس الأولى على يد الأستاذ زيد بن عمرو نفيل في الذبائح لله فكان زيد لا يأكل مما ذبح للأوثان بينما محمدا كان غارقا فيها..
القرآن مقتبس من شعر الخنساء ..
ورقة بن نوفل... كان شاعرا وتتردد أشعاره في أصقاع الجزيرة..
عمر بن الخطاب كلما خاف من الموت وذكر الآخرة هرع إلى أبيات القس ورقة يرددها وهي تدل على تغلغل وتجذر أشعار القس في النفوس وشيوعها في أصقاع جزيرة العرب..
".
والآن إلى المفاجأة الكبرى التي فجرها المنصِّر (آبانوب)..
" وبموت ورقة فتر الوحي وأنقطع مدة تضاربت فيها الأقوال وأقدم محمد على الانتحار بعده ".
ويجزم الباحث أن هذا الكلام ليس للمدعو (آبانوب) ؛ والدليل على ذلك، أن منصِّراً آخر اسمه (الراعي) قال الكلام ذاته حرفياً في الرد رقم (32) على موضوع له حمل اسم: " القرآن ومصادره العربية واليهودية والمسيحية وغيرها " بتاريخ (3/7/2004م).
وبعد طول بحث عن المصدر الأصيل لتلك الشبهة، وجد الباحث ذلك في كتاب: " القرآن في الشعر الجاهلي " المنشور في موقع المنصِّرَة " ناهد متولي "( 1).
هم بكل تلك العجائب من الاستباطات والأحكام، لا يبحثون عن الحق.. ولا يُرشِدون إليه، ولكنهم يقولون ما قال أسلافهم من قبل: " .. لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ " [فصلت: 26]

================

1) ناهد محمود متولي، منصرة مصرية معاصرة، اشتهرت بأشرطتها التنصيرية السمعية، واستضافة المنصر القمص زكريا بطرس، ببرامج تلفزيونية حول أخطاء القرآن الكريم المزعومة. زعمت أنها كانت مسلمة وتنصرت بعد رحلة عمرة، رمت فيها الجمرات (!!) وبعدها غيرت اسمها إلى " فيبي عبد المسيح ". ومن العجيب أن موقعها يخلو من مناظراتها ( التي تعد بالعشرات ) مع دعاة مسلمين على الإنترنت، مكتفية بمحاضرات صوتية لها !! وهذا دليل على أن الغلبة لم تكن لها في أيٍّ من تلك المناظرات، انظر أبرزها في موقع: صوتيات شبكة الحقيقة:
http://trutheye.com/soind/sounds.php?tasneef=5
 
.
ولكي نعود بالكلام إلى مسار عنوانه ونردد بالفضل على منشئ بيانه ، فهذه واحدة من غرائب التأويل وقعت عليها من مدة في ثمرات الأوراق لابن حجه الحموي رحمه الله وهي كالتالي :

(ومن غريب التفسير ما نقلته من الإعلام أن في قوله تعالى (ووجدك ضالا فهدى ) أقوالا ذكرت في أحكام مخارج القرآن ، أحسنها ما ذكره بض المتكلمين أن العرب كانت إذا وجدت شجرة منفردة في فلاة من الأرض لا شجر معها ، سموها ضالة ، فتهتدي بها على الطريق ، فقال الله تعالى لنبيه : ( ووجدك ضالا فهدى ) أي وجدتك لا أحد على دينك فهديت بك الخلق إلي ) أهـ .

قال ابن الشجري عفا الله عنه: كم يعجبني مثل هذا القول : ولكن لم أجد مايسنده من أثر مرفوع أو موقوف أو مقطوع أو لغة ، إلا أن معناه لا يخلو من وجه حسن وإن كنا لانحب أهل الكلام فالله أعلم ، فمن وجد له أصلا فليفدنا رحمه لله .

وقد أشار لهذا القرطبي في تفسيره واستحسنه على ما أذكر .

وقد راجعت تفسير الآية في جمهرة كبيرة من كتب التفسير فلم تطب نفسي لشئ كما طابت لما في كتاب الله من قوله تعالى : ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ماكنت تدري مالكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ) . فظني أن هذا أحسن تفسير لها ، وإن كان جماعة من أهل التفسير يصب كلامهم حول هذه الآية نصا أو استظهارا والله أعلم .

*ومن الطريف ما ذكره أبو حيان عند هذه الآية ـ نقلا عن تتمة الشيخ عطيه محمد سالم رحمه الله للأضواء ـ قال رحمه الله : ولقد رأيت في النوم أني أفكر في هذه الجملة ، فأقول على الفور : ووجدك : أي وجد رهطك ضالا فهداه بك ، ثم أقول على حذف مضاف نحو واسأل القرية .

ثم قال الشيخ عطيه رحمه الله : وبهذه المناسبة أذكر منامين كنت رأيتهما ولم أرد ذكرهما حتى رأيت هذا لأبي حيان ، فاستأنست به لذكرهما . ثم ساقهما رحمه الله فقف عليه هناك فإنه مليح .

*أقول وقد جمعت جملة صالحة من مثل هذه( المنامات العلمية) ، ستسرك عند الوقوف عليها إن شاء الله، ففيها نقل عن أبي حيان نفسه في موضع آخر من تفسيره ، وعن القتيبي كذلك , وغيرهم إلى السقاف شارح ديوان المتنبه الكندي والرافعي رحم الله الجميع .

وربما نتبعه بذكر أثر تعلق العالم أو طالب العلم بعلمه وفنه حتى يستولي على فكره يقظة ومناما ، ونذكر كذلك ما وقعنا عليه ولازال عالقا بالذهن عن بعض الفضلاء كالجاحظ والمالقي والشنقيطي وغيرهم من أهل العلم والأدب ، إن شاء الله .
على حد قول بعضهم : وأظنه الصرصري.

[poem=font="Simplified Arabic,6,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إذا تغلغل فكر المرء في طرف = من علمه غرقت فيه خواطره[/poem]
___________​

تذييل :

ومن الملاحظ أن ابن حجة رحمه الله قد أشار إلى مصدره في هذا النقل ، وهو كتاب الإعلام للقرطبي .
أقول: وهو كتاب( الإعلام في معرفة مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام) ، ولا أدري ما خبر وجوده فضلا عن طبعه .
والقرطبي/ هو صاحب الجامع المفسر المعروف رحمه الله ، والذي لفت ذهني قول أحد الفضلاء ـ محقق كتاب التذكرة للقرطبي ، ط / دار المنهاج ـ في ترجمته له أثناء تعداد مؤلفاته وذكره لهذا الكتاب من بينها ، بأنه لم يقف عليه ولا على من أشار إليه ، فقلت : في نفسي ها قد وقفنا بحمد الله على نقل منه من أحد علماء القرن التاسع الهجري ، فليت هذا النقل يصل إليه حتى يسربه ، فمن عرف الرجل فليذكر الأمر له ، أو يرشدنا إليه ، حتى يكون هناك بر وصلة لرحم العلم بين أهله وطلابه.
 
بارك الله فيكم يا أبا عبدالرحمن على هذه الإضافة .
وليتك تتحفنا بمثل هذه المنامات ، فموضوع منامات المفسرين فيها لطائف كما تفضلت، وقد قرأت بحثاً عن منامات القراء في تفضيلهم بعض القراءات على بعض ونحو ذلك مما يتعلق بالقراءات ، وفي كتب التفسير منامات فيها اختيار لبعض المعاني دون بعض أو نحو ذلك مِمَّا يتصل بالتفسير ، وأرجو ألا يأتي علينا يوم نرجح فيه بين أقوال المفسرين بالمنامات ، وحسبنا ما فيها من اللطائف .
وقد مضى على وعدكم يا أبا عبدالرحمن أكثر من أربعة أعوام ، فهل من وفاء بهذا الوعد ؟
وفقك الله ونفع بك .
 
.
(ومن غريب التفسير ما نقلته من الإعلام أن في قوله تعالى (ووجدك ضالا فهدى ) أقوالا ذكرت في أحكام مخارج القرآن ، أحسنها ما ذكره بض المتكلمين أن العرب كانت إذا وجدت شجرة منفردة في فلاة من الأرض لا شجر معها ، سموها ضالة ، فتهتدي بها على الطريق ، فقال الله تعالى لنبيه : ( ووجدك ضالا فهدى ) أي وجدتك لا أحد على دينك فهديت بك الخلق إلي ) أهـ .
أظن والله أعلم أن اللغة والسياق تستوعب هذا المعنى . وهذا ومثله الى باب الاستنباط أقرب . ومن مثله تأويل ابن عباس بقرب اجل النبي عليه الصلاة والسلام من خلال سورة النصر.
فمن المعلوم أن النبي معصوماً قبل النبوة وبعدها. والضلال على معناه الاصطلاحي لا يخلو أمره من معصية . فما هو نوع الضلال الذي كان عند النبي عليه الصلاة والسلام قبل النبوة؟؟
 
أظن والله أعلم أن اللغة والسياق تستوعب هذا المعنى . وهذا ومثله الى باب الاستنباط أقرب . ومن مثله تأويل ابن عباس بقرب اجل النبي عليه الصلاة والسلام من خلال سورة النصر.
فمن المعلوم أن النبي معصوماً قبل النبوة وبعدها. والضلال على معناه الاصطلاحي لا يخلو أمره من معصية . فما هو نوع الضلال الذي كان عند النبي عليه الصلاة والسلام قبل النبوة؟؟

عصمة الأنبياء قبل النبوة محل خلاف بين أهل العلم ؛ وكذا عصمتهم بعد النبوة من صغائر الذنوب التي لا تزري بالمنصب ولم تكن مما يزري بالمروءة فقد اختلفوا هل تجوز على الأنبياء وإن جازت هل وقعت منهم .
وأما قبل النبوة فالجمهور على أنه لا يمتنع وقوع الذنوب منهم عقلا سواء كانت صغيرة أو كبيرة ؛ إلا أن تكون شركا بالله تعالى أو جهلا بأسمائه وصفاته ونحو ذلك فقد قال بعض أهل العلم إن ذلك ممتنع عليهم .
واختلفوا قبل ذلك في معنى العصمة .
والله تعالى أعلم.
 
عودة
أعلى