(من رب السماوات) ثم (سيقولون لله) لماذا تم استخدام حرف الجر ؟

إنضم
03/09/2010
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يقول الله تعالى في سورة المؤمنون ( قل من رب السماوات ... ) وأيضا (قل من بيده ...) الجواب على هكذا سؤال يكون (سيقولون لله) فلماذا كان الجواب (لله) ؟؟ طبعا مع العلم أن قراء البصرة (أبا عمرو ويعقوب) قرأوها (الله)

وشكر الله سعيكم
 
أرجو إفادتي وكل الشكر لكم
يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان:
"وقوله تعالى : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ } جاء في هذه الآيات ثلاث مرات .
الأول : { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } . وهذه اتفق جميع السبعة على قراءتها بلام الجر الداخلة على لفظ الجلالة ، لأنها جواب المجرور بلام الجر ، وقوله تعالى : { قُل لِّمَنِ الأرض وَمَن فِيهَآ } فجواب لمن الأرض ، هو أن تقول : لله ، وأما الثاني الذي هو { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } والثالث : الذي هو قوله { سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فأنى تُسْحَرُونَ } فقد قرأهما أبو عمرو بحذف لام الجر ورفع الهاء من لفظ الجلالة .
والمعنى : على قراءة أبي عمرو المذكورة واضح لا إشكال فيه ، لأن الظاهر في جواب من رب السموات السبع ، ورب العرش العظيم ، أن تقول : الله بالرفع أي رب ما ذكر هو الله ، وكذلك جواب قوله : { مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } فيه معنى من هو مالك السموات والأرض ، والعرش ، وكل شيء فيحسن الجواب بأن يقال : لله : أي كل ذلك ملك لله ، ونظيره من كلام العرب قول الشاعر :
إذا قيل من رب المزالف والقرى ... ورب الجياد الجرد قلت لخالد
لأن قوله : من رب المزالف فيه معنى من هو مالكها ، فحسن الجواب باللام : أي هي لخالد . والمزالف : جمع مزلفة كمرحلة . قال في القاموس : هي كل قرية تكون بين البر والريف ، وجمعها مزالف ."
وقال الطاهر بن عاشور رحمه الله في التحرير والتنوير:
"وقرأ الجمهور { سيقولون لله } بلام جارة لاسم الجلالة على أنه حكاية لجوابهم المتوقع بمعناه لا بلفظه ، لأنهم لما سئلوا ب ( مَن ) التي هي للاستفهام عن تعيين ذات المستفهم عنه كان مقتضى الاستعمال أن يكون الجواب بذكر اسم ذات المسؤول عنه ، فكان العدول عن ذلك إلى الجواب عن كون السماوات السبع والعرش مملوكة لله عدولاً إلى جانب المعنى دون اللفظ مراعاة لكون المستفهم عنه لوحظ بوصف الربوبية والربوبية تقتضي الملك . ونظير هذا الاستعمال ما أنشده القرطبي وصاحب «المطلع
» : ... إذَا قِيلَ مَنْ ربّ المَزَالف والقرى
وربّ الجياد الجُرد؟ قلت لخالد ... ولم أقف على من سبقهما بذكر هذا البيت ولعلهما أخذاه من «تفسير الزجاج» ولم يعزواه إلى قائل ولعل قائله حذا به حذو استعمال الآية .
وأقول : إن الأجدر أن نبين وجه صوغ الآية بهذا الأسلوب فأرى أن ذلك لقصد التعريض بأنهم يحترزون عن أن يقولوا : رب السماوات السبع اللَّهُ ، لأنهم أثبتوا مع الله أرباباً في السماوات إذ عبدوا الملائكة فهم عدلوا عما فيه نفي الربوبية عن معبوداتهم واقتصروا على الإقرار بأن السماوات ملك لله لأن ذلك لا يبطل أوهام شركهم من أصلها؛ ألا ترى أنهم يقولون في التلبية في الحج «لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك ، تملكه وما ملك» . ففي حكاية جوابهم بهذا اللفظ تورك عليهم ، ولذلك ذيل حكاية جوابهم بالإنكار عليهم انتفاء اتقائهم الله تعالى .
وقرأه أبو عمرو ويعقوب { سيقولون الله } بدون لام الجر وهو كذلك في مصحف البصرة وبذلك كان اسم الجلالة مرفوعاً على أنه خبر ( مَن ) في قوله { من رب السموات } والمعنى واحد .
ولم يؤت مع هذا الاستفهام بشرط { إن كنتم تعلمون } [ المؤمنون : 84 ] ونحوه كما جاء في سابقه لأن انفراد الله تعالى بالربوية في السماوات والعرش لا يشك فيه المشركون لأنهم لم يزعموا إلهية أصنامهم في السماوات والعوالم العلوية .
وخص وعظهم عقب جوابهم بالحث على تقوى الله لأنه لما تبين من الآية التي قبلها أنهم لا يسعهم إلا الاعتراف بأن الله مالك الأرض ومن فيها وعقبت تلك الآية بحظهم على التذكر ليظهر لهم أنهم عباد الله لا عباد الأصنام . وتبين من هذه الآية أنه رب السماوات وهي أعظم من الأرض وأنهم لا يسعهم إلاّ الاعتراف بذلك ناسب حثهم على تقواه لأنه يستحق الطاعة له وحده وأن يطيعوا رسوله فإن التقوى تتضمن طاعة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
وحذف مفعول { تتقون } لتنزيل الفعل منزلة القاصر لأنه دال على معنى خاص وهو التقوى الشاملة لامتثال المأمورات واجتناب المنهيات ."
 
قد يقال والعلم عند الله :
أنهم لما سئلوا في المرة الأولى (((قلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ))) كان جوابهم مطابقا لصيغة السؤال فقالوا ((( لله )))،
وكأنهم لشدة ظهور هذه الحقيقة عندهم وتسليمهم بها، جعلوا يجيبون على الأسئلة الموالية ((( قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )))((( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ))) بالجواب الأول دون انتباه لتغير الصيغة لعدم تركيزهم لأن الجواب لا يحتاج إلى تفكير كأنهم يغمضون أعينهم ويهزون رؤوسهم مستبقين الأسئلة الآتية بالإجابة المعروفة : لله، لله ... وكل ما ستسألنا عنه فهو لله أيضا. والله أعلم.
 
. . .كأنهم يغمضون أعينهم ويهزون رؤوسهم مستبقين الأسئلة الآتية بالإجابة المعروفة : لله، لله ... وكل ما ستسألنا عنه فهو لله أيضا. والله أعلم.

أحسنت ، بارك الله فيك ، فإن تفسيرك هذا هو نفس التفسير الذى خطر على بالى أنا كذلك بعد التفكير وقبل أن أطالع كلامك هذا
وأضيف : كأن الآيات الكريمة تصور لنا الحالة النفسية للقوم تصويرا دقيقا ، حيث يبدون لنا وكأنهم يجيبون تلقائيا دون إصغاء وإنصات لصيغة السؤال ، وكأنهم قوم لا يفقهون !!
وهذا من دقيق التعبير القرآنى المعجز ، ومن مظاهر جماله الأخاذ !!
 
عودة
أعلى