من دقائق القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى فى سورة المجادلة (قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكي الي الله والله يسمع تحاوركما، إنّ الله سميع بصير) (1)-
(ألم تر أن الله يعلم ما فى السماوات وما في الأرض، ما يكون من نجوي ثلاثة إلا هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدني من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا )(7) –
نلاحظ فى الآية سبعة من سورة المجادلة أنه تعالى قد بدأ قوله عن علمه بنجوي كل إنسان أو مجموعة من البشر بالعدد (ثلاثة)، (ما يكون من نجوي ثلاثة إلا هو رابعهم)، ولم تبدأ بـ(إثنين) وهو ثالثهم،
لماذا؟
لأن الآية الأولي من السورة قد بدأت بحديث أو نجوي إثنين، وهما الرسول (ص) مع المرأة التى أتته شاكية، وكان الله ثالثهما، يسمعهما.
وهذا من دقة القرآن الكريم، حيث لا داعي للتكرار والقول (ما يكون من نجوي إثنين إلا هو ثالثهم.
ثم أختتمت الآية (7) بالقول (ولا “أدني” من “ذلك” ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا
أدني : أقل نوعا أو أقل درجة.
وإسم الإشارة (ذلك) يعود الى الحديث بين النبي (ص) وبين المرأة الشاكية،
أى أدني صوتا أو نجوي من ذلك الحديث، لأن الآية بدأت موجهة للرسول (ص)
(ولا أكثر عددا من الثلاثة أو الخمسة ..إلخ
أى لا أدنى قولا من ذلك الحديث ولا أكثر من الستة إلا هو معهم أين ما كانوا
ونلاحظ أيضا أن لا ثلاثة إلا هو رابعهم، ولا خمسة إلا هو سادسهم.
تسلسل الأعدد حتى يكون سلسا يسيرا : ثلاثة رابعم خمسة سادسهم.
إلا وهو معهم أين ما كانوا.
—————————————————————
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (وأنّه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا)
ولماذا رجال من الإنس ورجال من الجن؟
وقد ذكر القرآن مرتين (نفر) من الجن؟!
سورة الجن بها معلومات عن هؤلاء المخلوقات (غير المرئية) قدراتهم، معتقداتهم وأقسامهم، ووصف (رجال) توضح أنهم منقسمين الى رجال ونساء، ذكور وإناث (ومن كل شئ خلقنا زوجين).
وضمنا نفهم أن نساء من الإنس يلجأن الى رجال من الجن أو الى نساء من الجن كما فى واقعنا الحاضر.
وبالآية تنبيه وإن كان غير مباشر للمؤمنين بألا يستعينوا بالجن أو السحرة والمشعوذين لحل أزماتهم ومشاكلهم فن يزيدوهم إلا رهقا من المطالب المالية والمطالب المادية الغريبة وزرع الأوهام والآمال الكاذبة .
نري أنه من معجزات القرآن الكريم أنك تجد فى آية قصيرة البلاغة والمعلومة والنصيحة.
————————————————————-
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (كل نفس بما كسبت رهينة، إلا أصحاب اليمين، فى جنات يتساءلون عن المجرمين، ما سلككم فى سقر؟، قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين). صدق الله العظيم
كان أول جواب لمن فى سقر فى البداية من المسلمين أو المؤمنين الذين لا يصلون، ثم المسلمين أو المؤمنين الذين لا ينفقون المال، ثم المسلمين الغارقين في ملذات الحياة الدنيا ولعبها ولهوها،
ثم كانت الإجابة الأخيرة للكافرين، الذين يكذبون بيوم الدين،
وهذا من دقة القرآن الكريم،
فلو كانت الإجابة للكفار فى البداية مثل:
(ما سلككم فى سقر؟ قالوا كنا نكذب بيوم الدين، ولم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين حتى أتانا اليقين).
لإعتقد الناس أن الإجابة تخص الكافرين فقط، فالكافر لا يصلي بطبيعة الحال ولا ينفق المال ومنشغل بمتاع الحياة الدنيا فلا يؤمن بالآخرة.
إذا سقر تضم الذين لا يصلون، والذين لا يطعمون المسكين، والخائضين وتضم الكافرين.
كما فى بداية الآية (كل نفس بما كسبت رهينة).
ونفهم أيضا أن أصحاب اليمين بريئين من هذه الأفعال أو السيئات.
جاءت الآية على لسان سيدنا يوسف عليه السلام (ربي قد آتيتني من الملك وعلمتني من الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليّ فى الدنيا والآخرة، توفني مسلما وألحقني بالصالحين) سورة يوسف الآية 101
اي أعطيتني جزءا أو بعضا من الملك، ولم يقل (الملك)، لأن سيدنا يوسف أصبح وزيرا قائما على خزائن مصر وليس ملكا،
بينما جاءت الآيات عن النبي الملك داؤود عليه السلام كالآتي (وقتل داؤود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة) البقرة – الآية 251
وعن الملك نمرود كانت الآية ( ألم تر الى الذي حاج ابراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك ) البقرة-الآية 258
وأيضا : علمتنى “من” تأويل الأحاديث
أى أن ما علمه يوسف عليه السلام من تفسير الرؤى المنامية، هو جزء من العلم أو بعض العلم، وهى بضعة رؤى لصاحبيه فى السجن ورؤي الملك،
لأن هناك الملايين من الرؤى يراها معظم الناس حتى يوم القيامة، وهى رؤى مختلفة ولها تأويل مختلف، كما هناك علماء وهبهم الله تعالى علم التأويل للرؤى المنامية.
وهناك آية مشابهة بسورة ابراهيم وهى دعاء ابراهيم عليه السلام( ربنا إني أسكنت“من” ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون)
فنبى الله ابراهيم عليه السلام ترك زوجته هاجر وابنها اسماعيل، ومعلوم أن لابراهيم عليه السلام زوجة أخري وهى سارة التى أنجبت له إسحق .
صدق الله العظيم حين قال (كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير.
———————-
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى (إّنا بلوناهم كما بلونا أصحاب (الجنة) إذ أقسموا ليصرمنّها مصبحين، ولا يستثنون، فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون، فأصبحت كالصريم، فتنادوا مصبحين، أن أغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين، فإنطلقوا وهم يتخافتون، أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين) – سورة القلم
لماذا جاء ذكر (الجنة) معرّف بالألف واللام؟
ذلك لأن الجنة كانت معروفة ومشهورة بأنها عطاء وملاذ للفقراء والمساكين ويلجأ إليها أو الى صاحبها كل محتاج .
لا جنس للملائكة
قال تعالى:ولو جعلناه ملكا لجعلناه (رجلا) وللبسنا عليه ما يلبسون.
وقال : وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا، أشهدوا خلقهم؟
من الآيتين أعلاه نعلم :
- أن الملائكة لا هم إناثا ولا هم ذكور.
عندما ظهر الملك لمريم عليها السلام جاءت الآية (فتمثل لها بشرا سويا) وليس (رجلا سويا).
حتى لا يظن أن الحمل كان بواسطة الملك.
الفرار من الموت !
قال تعالى (قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم)-سورة الجمعة.
الفرار من شئ يعني الإبتعاد عنه بسرعة بحيث يكون فى الخلف ولكن لم تأت الآية (فإنه سيلحق بكم) أو (فإنه مدرككم)، كما قال قوم موسي وهم يفرون من فرعون وجنوده (إنا لمدركون). لكن جاءت الآية (فإنه ملاقيكم) أى ستقابلونه أمامكم، أو ستجدونه أمامكم.
بينما الآية (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم فى بروج مشيدة)، أى سيلحق بكم الموت فى أى مكان، وكأنهم فى حالة ركض خلف ملذات الحياة لاهون عن الموت أو يستبعدون حدوثه ببعد مكان أو بكثرة مال أو بصحة أو جاه وعلو مكانة (بروج مشيدة)