من دقائق العَوْد

إنضم
25 يناير 2013
المشاركات
94
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
مصر
من دقائق العَوْد في أثناء ترتيل القرآن الكريم
...........
قوله تعالى: إنَّ الساعة ءاتية أكاد أخفيها لتجزى كلُّ نفسٍ بما تسعى.
جملة "لتجزى كل نفسٍ بما تسعى" متعلقة بقوله تعالى: " إنَّ الساعة ءاتية" فكأنَّ المعنى: "إنَّ الساعة ءاتية لتُجزى كلُّ نفس بما تسعى"، وكأنَّ جملة " أكاد أخفيها" معترضة.
[ملحوظة: قال الزجاج: "ويجوز أن يكون على: أقم الصلاة لذكري لتجزى كل نفس بما تسعى" ا.هـ. قلتُ: فيه بُعدٌ، والله أعلم].

فإذا قرأ القارئ فوقف على قوله تعالى: "أكاد أخفيها" فله في الاستئنافِ مسلكان صحيحان إن شاء الله:
الأول: أنَّ يعود عودًا كاملًا فيبدأ الآية من أولها منتهيًا إلى آخرها.
الثاني: أن يستأنف بدون عودٍ؛ مبتدئًا بقوله تعالى: لتجزى كلُّ نفسٍ بما تسعى. فيكون كأنه وقفُ بيان أومأ به إلى هذا الاعتراض.
أمَّا العَوْدُ هكذا: "أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى" فإنه يُوهم تعلّق جملة "لتجزى..." بقوله "أكاد أخفيها" وليس الأمر كذلك. والله أعلم.
 
ومثلها قول الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7]
بعض القرّاء قد يقف على (وكان عرشه على الماء) ثمَّ يستأنف بالعَوْد هكذا: " وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيُّكم أحسن عملًا".
وهذا يوهم تعلُّق " ليبلوكم" بجملة: " وكان عرشه على الماء". والصواب أنها معلَّقة بجملة وهو الذي خلق السموات والأرض، فكأنَّ المعنى: وهو الذي خلق السموات والأرض ليبلوكم أيُّكم أحسن عملًا، وتكون جملة " وكان عرشه على الماء" معترضة. والله أعلم.
 
قوله تعالى: (يا أيها الناس إنَّ وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا) [فاطر].
قرأها قارئٌ بإذاعة القرآن الكريم من القاهرة، فوقف على (حقٌّ) ثم عاد هكذا:
"وعدَ الله حقٌّ فلا تغرنكم الحياة الدنيا"
ورأيي أن هذا العَوْدَ لا يصحُّ صَنْعةً؛ ففيه قطعُ العامل في الجملة، وهو (إنَّ) الناسخة عن الجملة، مع ظهور الأثر اللفظيّ (نصب اسمها بالفتحة الظاهرة)، ولو بدأ: "إنَّ وعدَ الله حقٌّ...." لـمَا زاد غير كلمة لا يتقاصر النَّفَسُ - في العادة - عن مثلها.
على أنَّ الوقف على (حقُّ) جائزٌ وله حظٌّ من الكفاية، ولو استأنف بدون عَوْد هكذا: فلا تغرنكم...." لجازَ، ولكان أولى وأحرى مما أتى به. والله أعلم.
 
عودة
أعلى