من خصائص القصص القرآني

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
73
الإقامة
تارودانت-المغرب
يقول الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه (علم التفسير) متحدثا عن الإسرائيليات كمصدر رابع في المرحلة الأولى للتفسير : " وذلك أن القرآن الكريم يتفق مع التوراة في بعض المسائل ، وبالأخص في قصص الأنبياء وما يتعلق بالأمم الغابرة . وكذلك يشتمل القرآن على موضوعات وردت في الإنجيل ، كقصة ميلاد عيسى عليه السلام ومعجزاته .
غير أن القرآن الكريم اتخذ منهجا يخالف منهج التوراة ومنهج الإنجيل ، فلم يتعرض لتفاصيل جزئيات المسائل ، ولم يستوف القصة من جميع نواحيها كما جرى عليه أمر التوراة والإنجيل ، بل اقتصر من ذلك على مواضع العبرة فقط .
ولما كانت العقول دائما تميل إلى الاستيفاء والاستقصاء ، جعل بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، يرجعون في استيفاء القصص التي لم يتعرض لها القرآن الكريم من جميع نواحيها إلى من دخل في الإسلام من أهل الكتاب : كعبد الله بن سلام ، وكعب الأحبار وغيرهما من علماء اليهود والنصارى . وهذا بالضرورة كان بالنسبة لمن ليس عندهم فيه شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لو ثبت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ما كانوا يعدلون عنه إلى غيره مهما كان المأخوذ عنه .""
 
من خصائص القصص القرآني أن يقتصر على مواضع العبرة فقط ، دون ذكر التفاصيل . يقول في ذلك سيد قطب تعقيبا على ذكر قصة أصحاب القرية في سورة يس : " ولم يذكر القرآن من هم أصحاب القرية ولا ما هي القرية . وقد اختلفت فيها الروايات . ولا طائل وراء الجري مع هذه الروايات .
وعدم إفصاح القرآن عنها دليل على أن تحديد اسمها أو موضعها لا يزيد شيئاً في دلالة القصة وإيحائها . ومن ثم أغفل التحديد ، ومضى إلى صميم العبرة ولبابها . "
 
إن هذه الخاصية تعتبر أساسا في القصص القرآني ، مما جعل القصة في القرآن الكريم عبارة عن خزان عظيم للدلالات اللانهائية ، في طريق مقاربات الفهم لمراد الله تعالى فيها .
إذا اعتبرنا ذلك ، فلا حاجة لنا في التعليق على المقاربات الممكنة حتى الآن والتي استعانت إما بخارجيات النص كالإسرائيليات والثقافات المختلفة أو بداخل النص كدلالات المفردات ، وسياقات الكلام الممكنة .
إن تأويل القصة القرآنية ، لا يكون مطابقا لواقعها مهما حاولنا . لأن الله أرادها أن تكون من القرآن المتشابه ، الذي يبقى عصيا على التأويل ، لأن ذلك يصبح مبعثا ثرا للتدبر المستمر لكتاب الله تعالى ، والتأمل في تلك القصص اقترابا وبعدا ، انسجاما مع روح القرآن الكريم ، وقدرة المؤمن على الاقتراب من النموذج الحي في القصة القرآنية .
يقول الله تعالى : {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[لقمان:27]

والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى