اورهان عماد
New member
السلام عليكم وردت في قوله تعالى(( ومن خشيته مشفقون 28))عن الملائكة لطائف واشارات جمعت بعضا منها مماتيسر
1- في شرح كتاب التوحيد:: والله -سبحانه- كل مَن في السماوات ومَن في الأرض خائف منه وَجِلٌ منه في الحقيقة؛ إذ هو الجليل -سبحانه- ولذلك كان الأعرف به في السماء الملائكة، فإن الملائكة { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (50) } وقال جل وعلا في وصفهم أيضا: { وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) }ولهذا قال جل وعلا في آية سبأ (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)، (فُزِّعَ) يعني أزيل الفزع عن قلوب الملائكة، فالملائكة مع أنهم مقربون إلا أنهم شديدوا المعرفة بالله جل وعلا، شديدوا العلم به، عظيم علمهم بالرب جل وعلا، ومما يعلمونه عن الله جل وعلا أنه هو الجبار وأنه هو الجليل سبحانه وأنه ذو الملكوت، فلهذا يشتد فزعهم منه سبحانه؛ لأنه لا غِنى بهم عنه جل وعلا طرفة عين.
2- قال الواسطي رحمة الله عليه : الخوف للجهال ، والخشية للعلماء ، والرهبة على الأنبياء ، وقد ذكر الله الملائكة فقال : ! ( وهم من خشيته مشفقون ) !
3- جاء في بيان المعاني للملا حويش:: «وَهُمْ» كغيرهم من العباد العارفين مقام الألوهية الحقة كذلك تراهم «مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» 28 وجلون دائما لا يأمنون على أنفسهم منه لأن من قرب من الملك وعرف عظمته وبطشه صار أكثر الناس خوفا
4- في زهرة التفاسير:: وقد ذكر سبحانه وتعالى وصفا ثالثا ، وهو حال دائمة مستمرة لهم فقال : (((وهم من خشيته مشفقون ))) الخشية الخوف مع التعظيم والضراعة والاستسلام لله عز وجل ؟ ولذا اختصت بالذين يعلمون عظمة الله تعالى وجلاله ، فقال تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء)) فاطر ، ، الذين علموا الله تعالى وعرفوه حق معرفته.والإشفاق : الخوف مع توقع ما يخافونه ، فهو خوف مع عناية بما يجىء به الزمن ، وإن ذلك الإشفاق يكون من كمال العلم بالله واستشعار عظمته ، وامتلاء النفس بمهابته ، وذلك شأن من كانوا خاضعين ، وليس شأن من زعموهم الهة مع الله مناظرين ، وإن هذه حال من قربوا من الله فهم أدرك لعظمته ، وأكثرهم علما بقدرته ، وحكمته وكماله.وإن هذا التعبير الكريم يدل على دوام هذه الحال ؟ لأن الجملة حالية أولا ، ولأن الجملة اسمية تدل على الاستمرار ومؤكدة بالضمير ، والله سبحانه أعلم بحالهم ، فهم المقربون.ولكنهم مع قربهم من الله تعالى ، وأنهم المكرمون ، لو انحرفوا عن الطريق لنالهم جزاء الضالين المضلين ؟ ولذا قال تعالى : ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين
5- ورد في انموذج جليل لاسئلة واجوبة عن غرائب آي التنزيل::: فإن قيل: قوله تعالى في وصف الملآئكة: (بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ) إلى قوله تعالى: (مُشْفِقُونَ) يدل على أنهم لا يعصون الله تعالى، كما جاء هذا مصرحاً به في قوله تعالى: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ) فإذا كانوا لا يعصون الله تعالى فلم يخافون حتى قال الله تعالى: (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) ؟قلنا: لما رأوا ما جرى على إبليس من القضاء والقدر خافوا من مثل ذلك، الثانى: أن زيادة معرفتهم بالله تعالى وقربهم في محل كرامته يوجد مزيد خوفهم، ولهذا قال أهل التحقيق: من كان بالله أعرف كان من الله أخوف، ومن كان إلى الله أقرب (كان) من الله أرهب، وقال بعضهم: يا عجباً من مطيع آمن ومن عاص خائف.
6- في روح المعاني::: واستدل بالآية على أن الملائكة مكلفون مدارون بين الخوف والرجاء، أما دلالتها على التكليف فلمكان الأمر، وأما على الخوف فهو أظهر من أن يخفى، وأما على الرجاء فلاستلزام الخوف على ما قيل، وقيل: إن اتصافهم بالرجاء لأن من خدم أكرم الأكرمين كان من الرجاء بمكان مكين، وزعم بعضهم أن خوفهم ليس إلا خوف إجلال ومهابة لا خوف وعيد وعذاب، ويرده، قوله تعالى: وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ [الأنبياء: 28، 29] ولا ينافي ذلك عصمتهم، وقال الإمام: الأصح أن ذلك الخوف خوف الإجلال، وذكر أنه نقل عن ابن عباس واستدل له بقوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: 28]
7- جاء في بحث لفضيلة الدكتور فضل حسن عباس، بعنوان: (المفردات القرآنية مظهر من مظاهر الإعجاز)، نشرته مجلة (دراسات)، الجامعة الأردنية، مجلد11، عدد4، عام 1984. جاء فيما كتبه السيوطي رحمه الله ألفاظ يُظن بها الترادف، وليست منه، من ذلك الخوف والخشية، لا يكاد اللغوي يفرق بينهما، ولا شك أن الخشية أعلى منه، وهي أشد من الخوف؛ فإنها مأخوذة من قولهم: شجرة خشية، أي يابسة.وهو فوات بالكلية، والخوف من قولهم: ناقة خوفاء، أي بها داء وهو نقص، وليست بفوات، ولذلك خصّت الخشية بالله في قوله: (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ). وفرق بينهما أيضاً أن الخشية تكون من عظم المختشى، وإن كان الخاشي قوياً، والخوف يكون من ضعف الخائف، وإن كان المخوف أمراً يسيراً، ويدل على ذلك أن الخاء والشين والياء في تقاليبها تدل على العظمة، نحو: شيخ، للسيد الكبير، وخيش لما غلظ من اللباس، ولذا وردت الخشية غالباً في حق الله، من خشية الله (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، وأما (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ)، ففيه نكتة لطيفة، لأنه وصف الملائكة، ولما ذكر قوتهم وشدة خلقهم عبر عنهم بالخوف لبيان أنهم وإن كانوا غلاظاً شداداً فهم بين يديه تعالى ضعفاء، ثم أردفه بالفوقية الدالة على العظمة، فجمع بين الأمرين، ولما كان ضعف البشر معلوماً لم يحتج إلى التنبيه عليه.وأقول: إن الوجه الأخير الذي أشار إليه السيوطي هو الذي اقتصر عليه الراغب الأصفهاني، حيث قال: الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك من علم بما يخشى منه، ولكن السيد محمد رشيد رضا رحمه الله لم يرتضِ ما ذكره الراغب، فقال رحمه الله: "إن القيد الذي ذكره الراغب لا يظهر في كل الشواهد التي وردت من هذا الحرف في القرآن وكلام العرب ـ وبعد أن استشهد على ذلك بشيء من أقوال العرب قال ـ: فإن كان بين الخوف والخشية فرق فالأقرب عندي أن تكون الخشية هي الخوف في محل الأمل، ومن دقق النظر في الآيات التي ورد فيها حرف الخشية يجد هذا المعنى فيها، ولعل أصل الخشية مادة خشت النحلة تخشو، إذا جاء ثمرها دقلاً (رديئاً)، وهي مما يرجى منها الجيد".وإذا تتبعنا الآيات القرآنية الكريمة، ندرك الفروق سواء ما ذكره الراغب، أم غيره، فلا ضير أن يكون هناك أكثر من فرق بين الكلمتين، فقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، يشهد لما قاله صاحب المنار، من أن الخشية خوف في محل الأمل، ومن أحق من العلماء بهذا الخوف وبذلك الأمل ؟! ولا يتنافى مع ما قاله الراغب، من أن الخشية: خوف يشوبه التعظيم، والعلماء حقيقون بهذا التعظيم، حريصون عليه.وما دمنا نتحدث عن الخوف والخشية واستعمالها في كتاب الله تعالى، فإنه يجمل بنا أن نذكر بعض الألفاظ التي تشبه هاتين الكلمتين، والتي كثيراً ما تفسَّر بمعنى واحد، فمن ذلك كلمة (الإشفاق)، والكثيرون يفسرونها بالخوف، ولكننا حينما نمعن النظر في آي القرآن الكريم نجد بوناً بينهما شاسعاً، فهذه الكلمة (الإشفاق) تكاد تقتصر استعمالاتها على عباد الله تبارك وتعالى.(وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) والذين آمنوا مشفقون منها (أي الساعة)، ومن هنا كان الإشفاق عناية مشوبة بخوف، وقد يغلب جانب هذا أو ذاك، أعني العناية أو الخوف حسب ما يقتضيه السياق، (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ) يغلب فيه جانب العناية، (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ) يغلب فيه جانب الخوف.وما أجمل ما قاله ابن فارس من أن الشين والفاء والقاف أصل واحد يدل على رقة في الشيء، ثم يشتق منه، فمن ذلك قولهم: أشفقت من الأمر إذا رفقت وحاذرت.
8- في التحريروالتنوير ورد:: م زاد تعظيمهم ربهم تقريرا بقوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} ، أي هم يعظمونه تعظيم من يخاف بطشته ويحذر مخالفة أمره.و"من" في قوله تعالى: {مِنْ خَشْيَتِهِ} للتعليل، والمجرور ظرف مستقر، وهو حال من المبتدأ. و {مشفقون} خبر، أي وهم لأجل خشيته، أي خشيتهم إياه.والإشفاق: توقع المكروه والحذر منه.
9- في الكشاف:: ومن تحفظهم أنهم لا يجسرون أن يشفعوا إلا لمن ارتضاه الله وأهله للشفاعة في ازدياد الثواب والتعظيم ثم أنهم مع هذا كله من خشية الله " مشفقون " أي متوقعون من أمارة ضعيفة كائنون على حذر ورقبة لا يأمنون مكر الله .وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه وأى جبريل عليه السلام ليلة المعراج ساقطاً كالحلس من خشية الله .وفي البحر المديد:::: وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ عز وجل مُشْفِقُونَ : خائفون مرتعدون. قال بعضهم : أصل الخشية : الخوف مع التعظيم ، ولذلك خص بها العلماء ، وأصل الإشفاق : الخوف مع الاعتناء ، فعند تعديته بمن : يكون معنى الخوف فيه أظهر ، وعند تعديته بعلى : ينعكس الأمر فيكون معنى الإشفاق فيه أظهر.وفي تفسير النيسابوري::: ويحتمل أن يقال : إنهم يخشون الله ومع ذلك يحذرون من أن تلك الخشية يقع فيها تقصير.وفي مفاتيح الغيب::: الأول : أنهم مع كثرة عباداتهم وعدم إقدامهم على الزلات ألبتة يكونون خائفين وجلين حتى كأن عبادتهم معاصي قال تعالى : {يخافون ربهم من فوقهم} [ النحل : 50 ] وقال : {وهم من خشيته مشفقون} [ الأنبياء : 28 ]
1- في شرح كتاب التوحيد:: والله -سبحانه- كل مَن في السماوات ومَن في الأرض خائف منه وَجِلٌ منه في الحقيقة؛ إذ هو الجليل -سبحانه- ولذلك كان الأعرف به في السماء الملائكة، فإن الملائكة { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (50) } وقال جل وعلا في وصفهم أيضا: { وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) }ولهذا قال جل وعلا في آية سبأ (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)، (فُزِّعَ) يعني أزيل الفزع عن قلوب الملائكة، فالملائكة مع أنهم مقربون إلا أنهم شديدوا المعرفة بالله جل وعلا، شديدوا العلم به، عظيم علمهم بالرب جل وعلا، ومما يعلمونه عن الله جل وعلا أنه هو الجبار وأنه هو الجليل سبحانه وأنه ذو الملكوت، فلهذا يشتد فزعهم منه سبحانه؛ لأنه لا غِنى بهم عنه جل وعلا طرفة عين.
2- قال الواسطي رحمة الله عليه : الخوف للجهال ، والخشية للعلماء ، والرهبة على الأنبياء ، وقد ذكر الله الملائكة فقال : ! ( وهم من خشيته مشفقون ) !
3- جاء في بيان المعاني للملا حويش:: «وَهُمْ» كغيرهم من العباد العارفين مقام الألوهية الحقة كذلك تراهم «مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ» 28 وجلون دائما لا يأمنون على أنفسهم منه لأن من قرب من الملك وعرف عظمته وبطشه صار أكثر الناس خوفا
4- في زهرة التفاسير:: وقد ذكر سبحانه وتعالى وصفا ثالثا ، وهو حال دائمة مستمرة لهم فقال : (((وهم من خشيته مشفقون ))) الخشية الخوف مع التعظيم والضراعة والاستسلام لله عز وجل ؟ ولذا اختصت بالذين يعلمون عظمة الله تعالى وجلاله ، فقال تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماء)) فاطر ، ، الذين علموا الله تعالى وعرفوه حق معرفته.والإشفاق : الخوف مع توقع ما يخافونه ، فهو خوف مع عناية بما يجىء به الزمن ، وإن ذلك الإشفاق يكون من كمال العلم بالله واستشعار عظمته ، وامتلاء النفس بمهابته ، وذلك شأن من كانوا خاضعين ، وليس شأن من زعموهم الهة مع الله مناظرين ، وإن هذه حال من قربوا من الله فهم أدرك لعظمته ، وأكثرهم علما بقدرته ، وحكمته وكماله.وإن هذا التعبير الكريم يدل على دوام هذه الحال ؟ لأن الجملة حالية أولا ، ولأن الجملة اسمية تدل على الاستمرار ومؤكدة بالضمير ، والله سبحانه أعلم بحالهم ، فهم المقربون.ولكنهم مع قربهم من الله تعالى ، وأنهم المكرمون ، لو انحرفوا عن الطريق لنالهم جزاء الضالين المضلين ؟ ولذا قال تعالى : ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين
5- ورد في انموذج جليل لاسئلة واجوبة عن غرائب آي التنزيل::: فإن قيل: قوله تعالى في وصف الملآئكة: (بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ) إلى قوله تعالى: (مُشْفِقُونَ) يدل على أنهم لا يعصون الله تعالى، كما جاء هذا مصرحاً به في قوله تعالى: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ) فإذا كانوا لا يعصون الله تعالى فلم يخافون حتى قال الله تعالى: (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) ؟قلنا: لما رأوا ما جرى على إبليس من القضاء والقدر خافوا من مثل ذلك، الثانى: أن زيادة معرفتهم بالله تعالى وقربهم في محل كرامته يوجد مزيد خوفهم، ولهذا قال أهل التحقيق: من كان بالله أعرف كان من الله أخوف، ومن كان إلى الله أقرب (كان) من الله أرهب، وقال بعضهم: يا عجباً من مطيع آمن ومن عاص خائف.
6- في روح المعاني::: واستدل بالآية على أن الملائكة مكلفون مدارون بين الخوف والرجاء، أما دلالتها على التكليف فلمكان الأمر، وأما على الخوف فهو أظهر من أن يخفى، وأما على الرجاء فلاستلزام الخوف على ما قيل، وقيل: إن اتصافهم بالرجاء لأن من خدم أكرم الأكرمين كان من الرجاء بمكان مكين، وزعم بعضهم أن خوفهم ليس إلا خوف إجلال ومهابة لا خوف وعيد وعذاب، ويرده، قوله تعالى: وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ [الأنبياء: 28، 29] ولا ينافي ذلك عصمتهم، وقال الإمام: الأصح أن ذلك الخوف خوف الإجلال، وذكر أنه نقل عن ابن عباس واستدل له بقوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: 28]
7- جاء في بحث لفضيلة الدكتور فضل حسن عباس، بعنوان: (المفردات القرآنية مظهر من مظاهر الإعجاز)، نشرته مجلة (دراسات)، الجامعة الأردنية، مجلد11، عدد4، عام 1984. جاء فيما كتبه السيوطي رحمه الله ألفاظ يُظن بها الترادف، وليست منه، من ذلك الخوف والخشية، لا يكاد اللغوي يفرق بينهما، ولا شك أن الخشية أعلى منه، وهي أشد من الخوف؛ فإنها مأخوذة من قولهم: شجرة خشية، أي يابسة.وهو فوات بالكلية، والخوف من قولهم: ناقة خوفاء، أي بها داء وهو نقص، وليست بفوات، ولذلك خصّت الخشية بالله في قوله: (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ). وفرق بينهما أيضاً أن الخشية تكون من عظم المختشى، وإن كان الخاشي قوياً، والخوف يكون من ضعف الخائف، وإن كان المخوف أمراً يسيراً، ويدل على ذلك أن الخاء والشين والياء في تقاليبها تدل على العظمة، نحو: شيخ، للسيد الكبير، وخيش لما غلظ من اللباس، ولذا وردت الخشية غالباً في حق الله، من خشية الله (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، وأما (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ)، ففيه نكتة لطيفة، لأنه وصف الملائكة، ولما ذكر قوتهم وشدة خلقهم عبر عنهم بالخوف لبيان أنهم وإن كانوا غلاظاً شداداً فهم بين يديه تعالى ضعفاء، ثم أردفه بالفوقية الدالة على العظمة، فجمع بين الأمرين، ولما كان ضعف البشر معلوماً لم يحتج إلى التنبيه عليه.وأقول: إن الوجه الأخير الذي أشار إليه السيوطي هو الذي اقتصر عليه الراغب الأصفهاني، حيث قال: الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك من علم بما يخشى منه، ولكن السيد محمد رشيد رضا رحمه الله لم يرتضِ ما ذكره الراغب، فقال رحمه الله: "إن القيد الذي ذكره الراغب لا يظهر في كل الشواهد التي وردت من هذا الحرف في القرآن وكلام العرب ـ وبعد أن استشهد على ذلك بشيء من أقوال العرب قال ـ: فإن كان بين الخوف والخشية فرق فالأقرب عندي أن تكون الخشية هي الخوف في محل الأمل، ومن دقق النظر في الآيات التي ورد فيها حرف الخشية يجد هذا المعنى فيها، ولعل أصل الخشية مادة خشت النحلة تخشو، إذا جاء ثمرها دقلاً (رديئاً)، وهي مما يرجى منها الجيد".وإذا تتبعنا الآيات القرآنية الكريمة، ندرك الفروق سواء ما ذكره الراغب، أم غيره، فلا ضير أن يكون هناك أكثر من فرق بين الكلمتين، فقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، يشهد لما قاله صاحب المنار، من أن الخشية خوف في محل الأمل، ومن أحق من العلماء بهذا الخوف وبذلك الأمل ؟! ولا يتنافى مع ما قاله الراغب، من أن الخشية: خوف يشوبه التعظيم، والعلماء حقيقون بهذا التعظيم، حريصون عليه.وما دمنا نتحدث عن الخوف والخشية واستعمالها في كتاب الله تعالى، فإنه يجمل بنا أن نذكر بعض الألفاظ التي تشبه هاتين الكلمتين، والتي كثيراً ما تفسَّر بمعنى واحد، فمن ذلك كلمة (الإشفاق)، والكثيرون يفسرونها بالخوف، ولكننا حينما نمعن النظر في آي القرآن الكريم نجد بوناً بينهما شاسعاً، فهذه الكلمة (الإشفاق) تكاد تقتصر استعمالاتها على عباد الله تبارك وتعالى.(وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) والذين آمنوا مشفقون منها (أي الساعة)، ومن هنا كان الإشفاق عناية مشوبة بخوف، وقد يغلب جانب هذا أو ذاك، أعني العناية أو الخوف حسب ما يقتضيه السياق، (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ) يغلب فيه جانب العناية، (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ) يغلب فيه جانب الخوف.وما أجمل ما قاله ابن فارس من أن الشين والفاء والقاف أصل واحد يدل على رقة في الشيء، ثم يشتق منه، فمن ذلك قولهم: أشفقت من الأمر إذا رفقت وحاذرت.
8- في التحريروالتنوير ورد:: م زاد تعظيمهم ربهم تقريرا بقوله تعالى: {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} ، أي هم يعظمونه تعظيم من يخاف بطشته ويحذر مخالفة أمره.و"من" في قوله تعالى: {مِنْ خَشْيَتِهِ} للتعليل، والمجرور ظرف مستقر، وهو حال من المبتدأ. و {مشفقون} خبر، أي وهم لأجل خشيته، أي خشيتهم إياه.والإشفاق: توقع المكروه والحذر منه.
9- في الكشاف:: ومن تحفظهم أنهم لا يجسرون أن يشفعوا إلا لمن ارتضاه الله وأهله للشفاعة في ازدياد الثواب والتعظيم ثم أنهم مع هذا كله من خشية الله " مشفقون " أي متوقعون من أمارة ضعيفة كائنون على حذر ورقبة لا يأمنون مكر الله .وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه وأى جبريل عليه السلام ليلة المعراج ساقطاً كالحلس من خشية الله .وفي البحر المديد:::: وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ عز وجل مُشْفِقُونَ : خائفون مرتعدون. قال بعضهم : أصل الخشية : الخوف مع التعظيم ، ولذلك خص بها العلماء ، وأصل الإشفاق : الخوف مع الاعتناء ، فعند تعديته بمن : يكون معنى الخوف فيه أظهر ، وعند تعديته بعلى : ينعكس الأمر فيكون معنى الإشفاق فيه أظهر.وفي تفسير النيسابوري::: ويحتمل أن يقال : إنهم يخشون الله ومع ذلك يحذرون من أن تلك الخشية يقع فيها تقصير.وفي مفاتيح الغيب::: الأول : أنهم مع كثرة عباداتهم وعدم إقدامهم على الزلات ألبتة يكونون خائفين وجلين حتى كأن عبادتهم معاصي قال تعالى : {يخافون ربهم من فوقهم} [ النحل : 50 ] وقال : {وهم من خشيته مشفقون} [ الأنبياء : 28 ]