من حكمة تنزيل القرآن نجماً منجماً

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
73
الإقامة
تارودانت-المغرب
يقول تعالى في سورة الفرقان : [وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً{32} وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً{33}]
يقول الزمخشري (538 هـ) في تفسيره : " { وَلاَ يَأْتُونَكَ } بسؤال عجيب من سؤالاتهم الباطلة ـ كأنه مثل في البطلان ـ إلاّ أتيناك نحن بالجواب الحق الذي لا محيد عنه وبما هو أحسن معنى، ومأدّى من سؤالهم."
من حكمة تنزيل القرآن الكريم نجما منجما :
ـ تثبيت فؤاد الرسول صلى الله عليه وسلم
ـ ترتيل القرآن الكريم ترتيلا : وذلك بجعله مبيَّناً واضحاً بمواكبة الأحوال المختلفة للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه .
ـ مواكبة أمثلة المعاندين ، بالرد عليها بالحق وتفسير الرد أحسن تفسير .
والله أعلم وأحكم
 
من خلال (ملف العدد) لمجلة "الترتيل" المغربية ، العدد الأول ، التي تعنى بالدراسات القرآنية ، والتي تشرف عليها الرابطة المحمدية للعلماء . كتب الدكتور أحمد عبادي أمين عام الرابطة مقالا بعنوان : نحو منهجية معرفية للدراسات القرآنية .
وفيما جاء في هذه المقالة وله علاقة بموضوعنا ، أنه حصر مستويات منهجية القرآن المعرفية في خمسة مستويات : مستوى القراءة /مستوى التلاوة / مستوى الترتيل / المستوى الرؤيوي / المستوى التنزيلي .
يقول عن مستوى الترتيل : " إن القرآن في أول تنزله نزل مرتلا مستجيبا لحاجات الجماعة المسلمة التأسيسية معرفياً وتربوياً وسياسياً وتعبدياً واجتماعياً وتشريعياً واقتصادياً وأخلاقياً ، محلياً ودولياً ، مادياً ووجدانياً . واستمر الترتيل إلى حين انبثقت خير أمة أخرجت للناس : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ... } [آل عمران:110] ، كل ذلك عن طريق منهج تم إرساؤه بالترتيل ، فاتضحت معالمه إلى الحد الذي جاز معه ـ واقعيا ـ الأمر بالعمل به : {... وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً }[المزمل:4] ، أمراً موجباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى كل إنسان مؤمن بهذا القرآن بعده في كل زمان وفي كل مكان .
فتفسير القرآن للحياة والأحياء ، للإنسان وواقعه ، لا يمكن أن يتم إلا بالنظر إلى هذا القرآن وفيه ، بعضه في إثر بعض ، بناء على ما يُستشكل ويَعرض في أتون الحياة ، حيث تستحيل الآيات والبصائر المستدعاة بمنهج الترتيل هادية إلى الحق ، ممكنة الإنسان فردا وجماعة من تحديد موقعه ، ومن إبصار وجهته ، بالاهتداء إلى قبلته . وهذا بدوره روض أنف ، لم تطأه الأقدام الكافية وقد وجب ! "
 
من الآيتين 32 و33 من سورة الفرقان يتبين أن التفسير اقترن بالتثبيت والترتيل ، والتفسير لم يذكر في القرآن الكريم إلا مرة واحدة .
وأن التفسير كذلك اقترن بالحق : فالله حق ، وكلام الله حق . وتفسيره أحسن تفسير .
وعن طريق المقابلة في الآية : {اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }[البقرة:257]
نستنتج أنه : إذا كان الله صاحب أحسن تفسير ، فالشيطان صاحب أسوأ تفسير . ولنأت بمثال لذلك : {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ } [الأعراف:20].
هذه الآية في حد ذاتها فهي حق وهي أحسن تفسير ، فسره الله للإنسان ليعلم حقيقة الشيطان .
أما موضوع وسوسة الشيطان لأدم وزوجه فهي تتضمن تفسيرا شيطانيا ، حيث فسر لهما النهي عن أكل الشجرة بأسوأ تفسير .
يبقى بين أحسن تفسير الذي هو لله تعالى وأسوأ تفسير للشيطان ، يوجد التفسير الحسن للعلماء ، والتفسير السيئ للجهلة على اختلاف أصنافهم سواء كان الجهل بسيطا أو مركبا .
وهذه النماذج نراها واضحة من خلال التفاسير المتعددة قديما وحديثا ، والتي تتراوح بين التفسير المحمود والتفسير المذموم . والحاكم بينهما هو روح القرآن الكريم والسنة الشريفة المطهرة .
والله أعلم وأحكم
 
عودة
أعلى