من جهود الشيخ د. مساعد الطيار في مجال الدراسات القرآنية

إنضم
22/05/2010
المشاركات
381
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مصر
بسم1

من جهود الشيخ د. مساعد الطيار في مجال الدراسات القرآنية

إعداد: عمرو الشرقاوي

المقدمة
الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على نبيه وعبده، وآله وصحبه من بعده، أما بعد:
فإن علم القرآن العظيم: هو أرفع العلوم قدرا، وأجلها خطرا، وأعظمها أجرا، وأشرفها ذكرا([1])، وإن أحق ما صرفت إلى علمه العناية، وبلغت في معرفته الغاية، ما كان لله في العلم به رضا، وللعالم به إلى سبيل الرشاد هدى، وإن أجمع ذلك لباغيه، كتاب الله الذي لا ريب فيه، وتنزيله الذي لا مرية فيه، الفائز بجزيل الذخر وسنى الأجر تاليه، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد([2]).
ولما كان ذلك كذلك، فإن من وجوه العناية بالقرآن العظيم، إبراز جهود العلماء وطلبة العلم في نشره، والعناية به.

سبب اختيار الموضوع:
ولذلك أقدمت على اختيار البحث في جهود علم من أعلام الدراسات القرآنية في العصر الحديث، وهو الشيخ الدكتور: مساعد بن سليمان الطيار .
وذلك لعدة أمور منها:
1- مكانة الشيخ العلمية التي يشهد له بها القاصي والداني، ومن ذلك قول الشيخ الشريف حاتم العوني: ((لقد تعرفت على الشيخ مساعد منذ سنوات طويلة من خلال إبداعه في مؤلفاته، فسعيت لإبلاغه بإعجابي الشديد بنتاجه العلمي، فكان اتصالي به حينها فاتحة تعارف عميق ومودة راسخة.
ومازال فضيلته يتحف المتعطشين للعلم بتحقيقاته العلمية وتحريراته الدقيقة وبنظراته الثاقبة في علوم القرآن عموما وفي علم التفسير خصوصًا، وتابعت بلهف نتاجه المبارك كله في هذين العلمين، فما صرت أتردد في أنه أحد المجددين فيهما، ولا أعرف في هذا العصر أحدًا أستطيع أن أصفه بالتجديد دون شك فيهما غيره.
ولولا زهد كثير من الناس في العلم، واضطراب مفهوم العالم لدى طلبة العلم منهم: لكان لفضيلة الشيخ مساعد مكانة تليق بتجديده وتحريره، ولعرف الناس من يقصدون في التفسير، وإلى من يلجؤون للتعمق في معرفة أسرار علوم القرآن.
ولا أقول هذا إلا أداء لأمانة، ونصحا لكتاب الله وللمسلمين.)).
2- اهتمام الشيخ وعنايته الفائقة بحقل الدراسات القرآنية، تعلمًا، وتعليمًا، وكتابة، وتأليفًا، وإرشادًا، ونصحًا، حتى إن الشيخ - حفظه الله - ليس له إنتاج يُذكر في غير هذا الحقل = مما يدل على جودة عنايته، وحسن تخصصه.
3- تنوع مظاهر اعتناء الشيخ بهذا الحق، فله مؤلفات، وبحوث، ومقالات وشروح صوتية في عدد من الدراسات القرآنية، ومنها:
- التفسير .
- علوم القرآن .
- أصول التفسير .
- مناهج المفسرين .
- التجويد والقراءات .
- تطوير الدراسات القرآنية .
4- كون الشيخ ذا اعتناء بإبراز جهود المتقدمين من أهل التحرير والنظر في علوم القرآن، وهو من وفائه للعلم وأهله، وهذا يظهر في كتاباته، من اعتماده على المصادر المؤسسة للعلم كتفسير الطبري وابن عطية وغيرهما من المحققين .
5- اجتهاداته واختياراته وتحريره لعدد من المسائل - ليس بالقليل - في مسائل من علوم القرآن الكريم .

أهداف البحث:
تكمن أهداف البحث في عدة نقاط واضحة، أجملها في الآتي:
1- تعريف عموم المهتمين بالعلم، وخصوصًا أهل الاهتمام بعلوم القرآن بعَلَمٍ من أعلام الدراسات القرآنية.
2- إبراز جهود الشيخ في حقل الدراسات القرآنية .
3- تسليط الضوء على أبرز تحريرات الشيخ، واقتراحاته في تطوير الدراسات القرآنية .
4- عرض كتب الشيخ، وبحوثه، وأبرز طبعاتها، وتطور مباحثها .
5- إبراز المنهج التعليمي عند الشيخ من خلال دروسه ومحاضراته .

مشكلة البحث:
ظهرت مشكلة البحث في تناثر مواد الشيخ وتشعبها، ولذلك فقد اقتصر الباحث على عرض المكتوب كاملًا بحسب ما وصله، مع الانتقاء من المسموع .
وقد اعتمد البحث المنهج الوصفي التحليلي، لإبراز أهم جهود الشيخ - حفظه الله وبارك في عمله -.


خطة البحث:
جاء البحث في مقدمة وخاتمة، وأربعة فصول:
المقدمة: وفيها عرض لأهمية البحث، وأهدافه، ومشكلته، وخطته .
الفصل الأول: ترجمته
وفيها عرض لترجمة الشيخ وأبرز محطات حياته الشخصية .
الفصل الثاني: أعماله
ويشتمل على عدة مباحث .
المبحث الأول: الكتب .
المبحث الثاني: البحوث .
المبحث الثالث: أبرز دروسه ومحاضراته .
المبحث الرابع: المشاركات الإعلامية .
الفصل الثالث: ملامح المنهج .
ويشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: الجانب العلمي .
المبحث الثاني: الجانب التربوي .
الخاتمة، وأبرز النتائج والتوصيات
وبعدُ، فقد كان - ولازال - للشيخ فضلٌ علمي، وأثر تربوي ومنهجيٌ عجيب، عليّ- خصوصًا - وعلى المهتمين بالدراسات القرآنية - عمومًا -.
وما كُتب هذا البحث إلا لأداء بعض حقوقه علينا، وإبراز جهده، وتلمس أثره لعلنا نقتفيه ونورثه، لنضيء به الطريق لغيرنا، وقد قال النووي رحمه الله في مقدمة (تهذيب الأسماء واللغات) عن أهمية تراجم العلماء: ((أنهم أئمتنا وأسلافنا، كالوالدين لنا، وأجدى علينا في مصالح آخرتنا التي هي دار قرارنا، وأنصح لنا فيما هو أعود علينا، فيقبح بنا أن نجهلهم وأن نهمل معرفتهم.))([3]).
وقال في معرفة الشيوخ: ((وهذا من المطلوبات المهمات والنفائس الجليات التي ينبغي للفقيه والمتفقه معرفتها ويقبح به جهالتها، فإن شيوخه في العلم آباء في الدين ووصلة بينه وبين رب العالمين وكيف لا يقبح جهل الأنساب والوصلة بينه وبين ربه الكريم الوهاب مع أنه مأمور بالدعاء لهم وبرهم وذكر مآثرهم والثناء عليهم والشكر لهم))([4]).
وهذا مما يحسن بطلبة العلم أن يهتموا به من نشر علوم شيوخهم وأصحاب الفضل عليهم، جعلنا الله من أهل الوفاء لشيوخهم، ونفعنا ببركة أنفاسهم .


الفصل الأول: ترجمته
أولًا: نشأته:
هو أبو عبدالملك مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار، وهو من أسرة الطيار في محافظة الزلفي في المملكة العربية السعودية، والتي تعود أصولها إلى المدينة النبوية، ويتصل نسبها بجعفر بن أبي طالب الهاشمي القرشي .
ولد الشيخ حفظه الله عام (1384هـ)، الموافق (1965 م) في محافظة الزلفي، التابعة لمنطقة الرياض .

ثانيًا: دراسته:
تخرج الشيخ من قسم القرآن وعلومه في كلية أصول الدين بالرياض، في العام الدراسي (1408 / 1409).
ثم التحق بالتدريس في كلية المعلمين بالرياض في قسم الدراسات القرآنية منذ عام (1409)، ويعمل الآن كأستاذ مشارك بجامعة الملك سعود.
والتحق الشيخ بالدراسات العليا لنيل درجة الماجستير في تخصص علوم القرآن للعام الدراسي (1409 / 1410)، وأنهى رسالة الماجستير بتقدير (ممتاز)، وكانت بعنوان (وقوف القرآن وأثرها في التفسير)([5]).
والتحق (حفظه الله) في الكلية نفسها لنيل درجة الدكتوراه، وانتهى من مناقشتها في (12 / 7 / 1421) بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، وكانت بعنوان (التفسير اللغوي للقرآن الكريم).

ثالثًا: تاريخه الوظيفي:
عين معيدًا بقسم الدراسات القرآنية في كلية المعلمين بالرياض، فمحاضرًا بنفس القسم، فأستاذًا مساعدًا بنفس الكلية .
وهو الآن يعمل كأستاذ مشارك بجامعة الملك سعود .

رابعًا: المشاركات العلمية:
للشيخ عدة مشاركات علمية مختلفة، ومنها أنه:
1- مستشار البوابة الإلكترونية لشبكة التفسير .
2- عضو مجلس الجمعية السعودية للقرآن وعلومه.
3- رئيس لجنة تأليف المرحلة الأولى لمادة التفسير (أولى متوسط) بوزارة التربية والتعليم .
4- عضو لجنة مناهج الدراسات القرآنية والإسلامية بكلية المعلمين بالرياض (عام 1425 - 1427 - 1428).
5- عضو مجلس إدارة معهد الإمام الشاطبي التابع لتحفيظ جدة .
6- عضو اللجنة العلمية لمعاهد البيان بمؤسسة سليمان الراجحي الخيرية .
7- عضو مؤسس لمركز تفسير للدراسات القرآنية بالرياض .
ولا زال الشيخ - حفظه الله - مستمر العطاء والبذل في خدمة كتاب الله عز وجل، ونسأل الله له مزيدًا من التوفيق والسداد .


الفصل الثاني: عرض موجز لأهم أعمال الشيخ

المبحث الأول: الكتب
1- فصول في أصول التفسير .
نشر الكتاب عن دار ابن الجوزي في إصدارين مختلفين، الأول: (1413 - 1420)، ثم أعادت نشره مع تنقيحات وزيادات عام: 1423 .
وكلاهما غلاف، ونشر قريبًا - بحمد الله - مع تشجير أعده أحد تلاميذ الشيخ، مع تجليد عن نفس الدار.
وهو كتاب جليل القدر، ويعد أحد الكتب المعاصرة المؤسسة لعلم أصول التفسير، والمساعدة في تبلور أفكاره، وقد شرحه مؤلفه، وعلق على بعضه الشيخ د. خالد السبت .

2- تفسير جزء عمَّ .
نشر في طبعات متعددة من آخرها طبعته التاسعة، عن دار ابن الجوزي (عام: 1420) .
بدأ الكتاب بمقدمة بين فيها المؤلف، شرف علمَ التفسيرِ، وقسم الكتاب إلى متن وحاشية.
أمَّا المتنُ، فجعله في صُلْبِ التفسيرِ، وجاء واضح المعنى، سهلَ العبارةِ، مع الحرصِ على بيانِ مفرداتِ القرآنِ اللُّغويةِ في ثناياه.
وأمَّا الحاشيةُ، فجعلها للاختلافِ الواردِ في التفسيرِ عن السلفِ، ولتوجيهِ أقوالِهِم، وبيانِ سببِ الاختلافِ، وذكرِ الراجحِ منَ الأقوالِ .

3- أنواع التصنيف المتعلقة بتفسير القرآن الكريم .
صدر الكتاب عن دار ابن الجوزي بعدة طبعات مختلفة، آخرهن طبعة مجلدة (عام: 1434) .
وقد ذكر المؤلف أنه لمْ يَسِرْ على نظامٍ مُجَدْوَلٍ في كلِّ تصنيفٍ، بل كان يكتبُ ما يمليه الخاطرُ؛ لذا لم يكن للمعلوماتِ ترتيبٌ معيَّنٌ، وذكر عدة فوائد نفيسة في مدخل الكتاب، ورتب الكتب المؤلفة في علوم القرآن على أربعة عشر علمًا من علوم القرآن .

4- التفسير اللغوي للقرآن الكريم .
وهي رسالته للدكتوراه، ونشرته دار ابن الجوزي، بطبعات مختلفة آخرها الطبعة الثالثة (عام: 1432).
وموضوع التفسيرِ اللُّغويِّ موضوعٌ طويلٌ حاول الشيخ المؤلف أن يلملم أطرافهن عبر بحث عدة مسائل، وقد استلب منه أطرافاً رأى أنها جديرةٌ بالبحثِ والتَّحريرِ، فكان منها: التفسيرِ اللغوي عند السلفِ وعند اللغويين، ومكانة التفسير اللغوي، ومصادره، وآثار تعدد مدلولات اللفظ في اللغة في اختلاف المفسرين، واتخاذ المبتدعة هذا التعدد في دلالات الألفاظ أداة لإثبات بعض تحريفاتهم وأخطائهم، وغيرها من المسائل التي تتعلق بالتفسير اللغوي.

5- مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر .
وهو كتاب لطيف الحجم نشرته دار ابن الجوزي، في طبعات آخرهن (عام: 1433) .
بدأ المؤلف وفقه الله الكتاب بمقدمة بين فيها أهمية تحرير المصطلحات، وأنَّ هذا التحرير يفيدُ في أمورٍ؛ منها: بيان المصطلحِ بذاتِه، وعدم دخول ما ليس منه فيه، والتفريق بين ما يُظنُّ أنه من المترادفات في المصطلحات، وقد تعرض للمصطلحات الآتية: (التفسير - التأويل - الاستنباط - التدبر - المفسر).

6- متن التفسير (تفسير جزء عمَّ) .
وهو مستلٌّ من تفسير جزء عمَّ السابق، ونشر بدار المحدث بالرياض (عام: 1423) .

7- مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير .
وقد صدر منه إلى الآن جزآن، نشر الجزء الأول بدار المحدث بالرياض (عام: 1425)، ونفذ، وأعاد مركز تفسير للدراسات القرآنية نشره مرةً أخرى، ونشر الجزء الثاني بمركز تفسير للدراسات القرآنية (عام: 1435).
وهما عبارة عن جمع للمقالات التي كتبها الشيخ عبر الشبكة العالمية، وأغلبها في ملتقى أهل التفسير، وأهل الحديث، وفتاوى قرآنية بموقع الإسلام اليوم .

8- شرح مقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية .
وقد نشرت بطبعات متعددة آخرها بدار ابن الجوزي (عام: 1428).
وهي شرح للقضايا التي تعرض لها شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته هذه، وقد حرر الشيخ فيها بعض القضايا، وتعرض لتفسير شرح كلام ابن تيمية من خلال كتبه، وضرب عدة أمثلة من كتب التفسير .

9- المحرر في علوم القرآن .
جاء الكتاب كأحد المقررات الدراسية بمعهد الإمام الشاطبي بجدة، وحكم من عدد من الأساتذة المتخصصين قبل طباعته. فجاء كتاباً كاسمه محرراً في علوم القرآن تعاقبت عليه أيدٍ كثيرة ليخرج بالصورة المرضيّة مشتملاً على مادة علمية قيمة بأسلوب سلس موثق يقرب المعلومات إلى أذهان الطلاب ويتدرج في طرح الموضوعات بشكل علمي رصين.
وقد عرض فيه المؤلف لبعض مسائل علوم القرآن بالشرح والتحرير، كما تميز الكتاب بعرض قراءات متنوعة حول الموضوع محل الشرح، واهتم بربط الموضوعات المطروحة بعضها ببعض .

10- شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي (ت:741).
ونشر بدار ابن الجوزي (عام: 1431) بعناية الأستاذ/ بدر الجبر .
وهو شرح نفيس لمقدمة الإمام ابن جزي الكلبي رحمه الله لكتابه التسهيل لعلوم التنزيل، وقد جاء الشرح متوسطًا من غير تطويل ممل، ولا اختصار مخل .
شرح الشيخ فيه ما احتوت عليه المقدمة من مسائل علوم القرآن، وأصول التفسير، مع اعتناء بالتمثيل والتأصيل .

11- الإعجاز العلمي إلى أين ؟ مقالات علمية في تقويم الإعجاز العلمي.
يتكون الكتاب في طبعته الثانية من ثمانية مقالات تعرض فيها الشيخ د. مساعد الطيار، لمصطلح (الإعجاز العلمي)، بالشرح والبيان عند أصحابه، وما يرد على تعريفهم من إشكال .
ثم تعرض لطريقة المعالجة التفسيرية لدى هؤلاء، وما فيها من إشكال .
وتعرض لعدة نصائح لطريقة معالجة التفسير مع الحقائق الكونية الموجودة في القرآن، بما لا يخالف تفسير السلف بل يتفق معه .
واهتم المؤلف بضرب الأمثلة على ما يذكر، وبرع في ذلك .

12- وقوف القرآن وأثرها في التفسير (مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف).
وهي رسالته للماجستير، ونشر بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف (عام: 1431) .
وقد تعرض فيه المؤلف لعلم الوقف والابتداء وأثره في تفسير القرآن، وقد تعرض لعلم الوقف، ونشأته، ومصطلحاته، مع تطبيق على سورة التحريم .

13- شرح قسم (الكتاب) من كتاب الموافقات للشاطبي .
وأصل الكتاب دروس اعتنى بها الأستاذ/ أحمد سالم، ونشر بمركز تفسير للدراسات القرآنية (عام: 1434)، وقد تعرض الشيخ لمسائل علوم القرآن التي ربما غطاها حجاب الفقه ومن فوقه حجاب علم المقاصد، واللذان ربما حجبا فوائد التفسير وعلوم القرآن في الكتاب .

14- التحرير في أصول التفسير .
يمثل الكتاب الحلقة السابعة من "سلسلة المقررات الدراسية" حيث كان لمركز الشاطبي الجهد في التنسيق مع المختصين، من خلال اقتراح مفرداته وتحكيمها، ثم الاطلاع على مسودة الكتاب وتدريسها، ثم المشاركة في إعادة النظر في بعض مسائله وترتيبها، واستكمال جوانبه التعليمية وتحريرها، والمساعدة في مراجعة طبعته النهائية وتدقيقها، إضافة إلى تحكيمه إلى ثلة متميزة من أهل الاختصاص.
يقول الدكتور مساعد: وقد اجتهدتُ في لم شتات هذا العلم، وترتيب مفرداته، وتحرير مسائله، وتوضيح أفكاره، وإخراجه في إطار علمي ميسر، راجياً من الله أن يحقق حاجة المتعلمين، ويلبي مطالب أهل التأويل، ويوصل لديهم ملكة التفسير.
كما حرصتُ على ذكر الموضوعات الأساسية لهذا العلم، مع تعزيزها بالأمثلة الموضحة، خصوصا من تفسير شيخ المفسرين، وإمام المحققين؛ محمد بن جرير الطبري، وذيلت كل مبحث بأنشطة إثرائية تتضمن قراءات مقترحة للتوسع والاستزادة في موضوع المبحث، وبحوث مقترحة للمتقدمين في هذا العلم.



المبحث الثاني: البحوث
نشرت مجموعة من بحوث الشيخ حفظه الله في كتاب صدر عن مركز تفسير للدراسات القرآنية، وأبرز بحوث الشيخ:

1- تصحيح طريقة معالجة تفسير السلف في بحوث الإعجاز العلمي([6]) .
في هذا العصر الذي برز فيه سلطان العلوم الكونية والتجريبية سعى نفر من المسلمين إلى إبراز سبق القرآن إلى كثير من هذه المكتشفات المعاصرة، لكنَّ بعضهم تنقصه الآلة التي يستطيع بها معرفة صحة مطابقة تلك القضية في تلك العلوم للآية التي يحمل عليها ذلك التفسير الحادث، كما أن الملاحظ على هؤلاء أنهم لا يعرفون قول السلف في الآية لكي لا يناقضوه، وإن ذكروه فإنهم لا يعرفون وجهه، ولا تراهم يفقهون مدلول قولهم؛ لأنهم لا يعرفون طرائق هؤلاء السلف الكرام في التعبير عن التفسير، وفي اختلافات التنوع عندهم، فإذا رأوا خلاف عبارة ظنوا أنهم مختلفون، ولا تراهم يعرفون كيف يوفِّقون بين أقوالهم.
كما تجدهم يحرصون على الرجوع إلى معاجم اللغة لبيان بعض المدلولات التي يحتاجونها، ولا تراهم يرجعون إلى تحريرات السلف في هذه الأمور، وهم أهل اللغة، ولهم فيها السبق .
ولما كان الأمر كذلك، كتب الشيخ في هذه الحيثية، لمعالجة كثير من هذه القضايا .

2- علوم القرآن : تاريخه .. وتصنيف أنواعه([7]) .
تحدث الباحث في هذا البحث عن محورين، ثم أتبعها بملحوظات عامة على علوم القرآن.
وكان المحور الأول والثاني حول الحديث عن مصطلح (علوم القرآن) وكتبه، وتتبع الباحث الأحاديث النبوية وآثار السلف وتراجم العلماء وعناوين الكتب، وخلص إلى حاجة إعادة البحث في تاريخ تدوين علوم القرآن لاختلاف طرائق العلماء في تناوله .
وقد استطرد الباحث في ذكر الفرق بين علوم القرآن وعلوم التفسير، وعلوم القرآن وأصول التفسير، وحرر الفرق بينها .
وذكر الباحث في هذا المحور بعض الكتب التي حملت في عنوانها مصطلح (علوم القرآن)، وحرص الباحث على ذكر الكتب التي لم يذكرها من سبقه ممن جمع المؤلفات في علوم القرآن .
وكان المحور الثاني عن ترتيب أنواع علوم القرآن، وقد اجتهد الباحث في النظر في هذا الموضوع من زاوية ترتيب هذه الأنواع في منظومة متـداخلة بحيث يجمع النظير إلى نظيره، وتكون الموضوعات المترابطة تحت عنوان كلي مشترك .

3- تفسير القرآن بالإسرائيليات : نظرة تقويمية([8]) .
يُعرِّف هذا البحث الإسرائيليات بأنها كل ما أُخِذَ عن بني إسرائيل (اليهود والنصارى) من غير طريق النبي صلى الله عليه وسلم، ويبين علاقتها بتفسير القرآن، وموقف السلف من تفسير القرآن بها، ويوازن بينه وبين موقف كثير من المتأخرين والمعاصرين من ذلك، مع النقد والمناقشة وبيان الضوابط المتعلقة بالمسألة، والأمثلة التطبيقية لها.

4- جهود الأمة في أصول تفسير القرآن([9]) .
بدأ الباحث بمقدمة أوضح فيها، أن من أهم ركائز البحث العلمي البحث في (تاريخ العلوم).
وأن الملاحظ أن عدم البحث في تاريخ العلوم لبعض العلوم الإسلامية جعل تاريخها مما يكتنفه الغموض، بل قد يقع خلل واضح في الحكم على بعض مسائلها .
ثم بين مصطلحات البحث، والفرق بين علم أصول التفسير وعلوم التفسير، وعلوم القرآن، وبين منهج البحث، ونبه أن علم أصول التفسير لا يشذُّ عن السنن التاريخية التي تحكم مسار العلوم العامة من حيث النشأة والتطور والاستقرار، ونبه على عدة مسائل حول نشأة علم أصول التفسير .
وبعد جولة في تاريخ أصول التفسير، واستعراض بعض ما كُتب فيه وقف لذكر بعض المقترحات المستقبلية للنهوض بهذا العلم، وختم البحث بذكر ملحق بكتب أصول التفسير، والكتب المفردة في مسألة من مسائله مرتبة حسب تاريخ الطباعة .

5- الدخيل من اللغات القديمة على القرآن من خلال كتابات بعض المستشرقين([10]) .
تحدث فيه الباحث حول مسألة طالما دار الحديث حولها، وهي: مسألة المعرب في القرآن الكريم.

6- تقويم المفاهيم في مصطلح الإعجاز العلمي([11]) .
تحدث المؤلف في هذا البحث عن عدة أمور متعلقة بالإعجاز العلمي، ومنها:
أولاً: المراد بالإعجاز العلمي، وعلاقته بمفهوم المعجزة .
ثانياً: ما المراد بالعلم الذي نُسب إليه الإعجاز .
كما تطرق البحث إلى حقيقة الإعجاز العلمي ومؤداه، كما تعرض لمسألة: أنواع التفاسير المرتبطة بالعلوم التجريبية، ومسألة: هل يلزم تجهيل السلف بما في القرآن من هذه الوجوه الجديدة ؟!
كما ذكر عدة ضوابط لا بد أن يهتم بتطبيقها أهل العناية بقضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم .

7- مصطلحات علماء القراءة للقراءة المقبولة([12]) .
اختار الباحث في بحثه أهمَّ عصرين من عصور الرواية للقراءات، وهما القرن الرابع والقرن الخامس، وتتبع مصطلحاتهم في الرواية المقبولة والمردودة من خلال كتبهم التي ألفوها في علم القراءة نصًا أو توجيهًا، مستقرئًا مقدمات كتبهم، وبطونها .

8- تثوير علوم القرآن من خلال كتاب التفسير من صحيح البخاري([13]) .
يُعنى هذا البحث بأمرين: أولاً: من خلال تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير من صحيح البخاري يُوجه البحث إلى إبراز شيء من منهج البخاري في التفسير.
وثانيًا: استنباط مسائل علوم القرآن وأصول التفسير من الأحاديث والآثار التي يوردها في كتاب التفسير. ويهدف إلى توجيه الدارسين إلى منهج تحليل نصوص الأحاديث، واستنباط مسائل العلوم منها.
وكان من نتائجه: بيان أن البخاري - مع نقله - كان من أهل الاختيار في التفسير، وأن الحاجة لا تزال قائمة لإبراز اختياراته ومنهجه في ذلك، ومما يوصَى به: الحثُّ على الدراسات التطبيقية من خلال كتب السنة، وآثار الصحابة والتابعين، والنظر في عناوين كتب الصحاح والسنن فيما يتعلق بعلوم القرآن والتفسير؛ لاستخراج مسائل علوم القرآن، وأصول التفسير منها، ومعرفة مناهج الأئمة في ذلك.



المبحث الثالث: أبرز دروسه ومحاضراته
للشيخ عدة مشاركات في الدورات العلمية التي تقام داخل المملكة العربية السعودية، وخارجها، ويصعب حصر هذه الجهود خاصة مع تقدم بعضها، وسوف أبرز هنا أظهر ما قدمه الشيخ حفظه الله من دروس ومحاضرات، وسأحرص أن تكون متنوعة، وتغطي أكبر مساحة من الموجود، وأغلبها متوفر على موقع الشيخ حفظه الله([14]).

1- التعليق على تفسير الإمام الطبري .
وقد علق الشيخ على تفسير الإمام الطبري من أول سورة الذاريات إلى آخر القرآن، وأخذ في ذلك قرابة عشر سنوات، وعلق أيضًا على سورة الفاتحة وأوائل سورة البقرة، ولا يزال التعليق عليه مستمرًا، ويمتاز بإبراز منهج الإمام الطبري رحمه الله، وإبراز مسائل أصول التفسير، ومناقشة وتوجيه أقوال السلف في التفسير، ومناقشة أقوال المفسرين من أهل التحرير([15]) .
2- التعليق على كتاب الإتقان .
وتم الانتهاء من التعليق عليه، وتعد دروسًا متقدمةً في علوم القرآن، نبه على بعض القضايا التي ذكرها السيوطي في كتابه، مع ذكر بعض الكتب المؤلفة في تلك القضايا .
3- التعليق على تحقيق منيف الرتبة، للحافظ العلائي .
وهي دورة قدمها الشيخ بالمنتدى الإسلامي والمقامة بمدينة الشارقة .
4- دورة الطريق إلى صناعة المفسر .
وقدمها الشيخ بدولة قطر، ونبه فيها على قضايا مهمة لصنع المفسر، والطريق الذي ينبغي أن يسلكه، وقد نشرت صوتيًا، وفرغت ونشرت بملتقى أهل التفسير .
5- التعليق على مقدمات المفسرين .
وقد أنهى الشيخ التعليق على عدد كبير من مقدمات التفاسير، من أبرزها: مقدمة تفسير ابن أبي حاتم، مقدمة تفسير الراغب الأصفهاني، ومقدمة النكت والعيون للماوردي، ومقدمة التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور .
ومن أجل ما علق عليه الشيخ، التعليق على مقدمة الإمام الطبري، وستصدر مطبوعة بإذن الله الكريم .
6- التعليق على علوم القرآن من كتاب النقاية، وله شرح كذلك على منظومة الإمام الزمزمي لأصول التفسير من كتاب النقاية .
7- مقدمات بعض العلوم المتعلقة بالقرآن، ومنها: مقدمات في علم القراءات، والتأصيل في علم التجويد .
8- تاريخ القرآن الكريم .
وتعرض فيه لعدد من القضايا المهمة في تاريخ القرآن، مع التنبيه على بعض الأخطاء في تناول هذا الموضوع الجليل .
9- التعليق على كتاب الفوز الكبير في أصول التفسير .
10- المشاركة في دورة الأترجة .
11- مناهج واتجاهات المفسرين([16]).
12- كيف تقرأ تفسير ابن كثير ؟
والملاحظ: تنوع هذه الدروس في المجالات المختلفة للدراسات القرآنية: (التفسير - علوم القرآن - أصول التفسير - القراءات والتجويد - مناهج المفسرين - القضايا القرآنية العامة) .


المبحث الرابع: المشاركات الإعلامية
كانت للشيخ مشاركات علمية على عدد من القنوات الفضائية، من أهمها:
1- برنامج مبادئ العلوم .
2- برنامج يتدارسونه بينهم .
3- برنامج بينات .
4- إذاعة القرآن الكريم .
5- برنامج التفسير المباشر بقناة دليل .
6- برنامج مداد بقناة دليل .
وتتنوع هذه البرامج في طرحها لقضايا الدراسات القرآنية، وتخصصها في الطرح، وبعض هذه البرامج مما هو موجه إلى عموم المسلمين، كبرنامج (بينات)، وبرامج (إذاعة القرآن الكريم) .
ومنها ما هو مخصص لفئة المتخصصين في الدراسات القرآنية، كالحلقات المقدمة ببرنامج (مداد)، وبرنامج (مبادئ العلوم).
وتميزت هذه البرامج بقوة الطرح، وجدته، وقد نفع الله تعالى بها، وفاح الثناء عليها .


الفصل الثالث: ملامح المنهج التعليمي
المبحث الأول: الجانب العلمي

يتميز الجانب العلمي للشيخ الدكتور/ مساعد الطيار بعدة مميزات، ومنها:
1- التنبيه إلى مكنونات التراث .
وهو ما قد يعبر عنه، بـ (إعادة قراءة التراث)، فكم من موضوع كشف الشيخ - حفظه الله عنه - وعن تطبيقات الأئمة فيه، وله جهد كبير في تحرير المصطلحات، ومن المصطلحات التي قام بطرحها، وبيان معانيها، (التفسير - التأويل - التدبر - المفسر - التفسير بالرأي - التفسير بالمأثور - الإسرائيليات - مصطلحات علوم القراءة للقراءة المقبولة)، وغيرها من المصطلحات التي وقع فيها الخطأ عند بعض المعاصرين، وقد قال في بيان أهمية تحرير المصطلح: ((وأنَّ تحرير هذه المصطلحات يفيدُ في أمورٍ؛ منها:
بيان المصطلحِ بذاتِه.
عدم دخول ما ليس منه فيه.
التفريق بين ما يُظنُّ أنه من المترادفات في المصطلحات.))([17]).

2- الإقدام على البحث .
قد يقنع بعض الناس بما كُتب في موضوع من الموضوعات، لكن الشيخ - حفظه الله - كثيرًا ما يعيد بحث بعض المواضيع فيفتح آفاقًا للبحث والتنقيب، ومن ذلك: بحثه لموضوع الإسرائيليات وكان الأمر قد استقر عند كثير من المعاصرين على قول من الأقوال، وكذلك مناقشته لموضوع الإعجاز العلمي، وما دخل عليه من خلل في النظرية والتطبيق، وكذلك طرحه لمسألة التعامل مع الأسانيد في التفسير .

3- فتح الآفاق لدى المتعلم .
فمن أهم ما يستفيده المطلع على كتب الشيخ، وبحوثه، ومسموعاته، فتح الآفاق أمام البحث والتنقيب، وإن عددًا من الرسائل العلمية صدرت عبر فكرة طرحها الشيخ في حاشية من حواشي كتبه المباركة، ومن أبرزها:
- اختلاف السلف في التفسير، للدكتور/ محمد صالح محمد سليمان .
- المصاحف المنسوبة للصحابة، للدكتور/ محمد بن عبدالرحمن الطاسان .
- أسانيد نسخ التفسير، للدكتور/ عطية بن نوري الفقيه .
ولو طالع القارئ كتاب (المحرر في علوم القرآن - التحرير في أصول التفسير)، لوجد الشاهد على ذلك والمثال .

4- الذب عن كتاب الله تعالى .
وهذا من الأمور التي اهتم بها الشيخ - حفظه الله -، ومن ذلك: اهتمامه ببيان الخطأ الذي حصل من قبل الدارسين لموضوع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، والرد على بعض الصحفيين ممن تجرأ على كتاب الله تعالى، وقد قال: ((لا أزال أتعجب من حالنا نحن المعاصرين، ومن حرصنا على الجديد في تفسير المعاني، وكأن الله ادَّخر لنا من المعاني مالم يصل إليه السابقون، ولن يلحقنا به اللاحقون.
ومن هذا تفسير (بيت العنكبوت) بهذا التفسير الذي ينقله الأستاذ المفيد فهد الأحمدي، وليس هو ببدع في هذا الفهم المغلوط، بل هو مسبوق إليه ببعض المعاصرين الذين ذهبوا إلى هذا الرأي الغريب العجيب.
وصاحب الرأي يظهر أنه لا يعرف (أصول علم التفسير) ، ولا (المنهج الصحيح في التفسير)، لا يعرف متى يجوز له الاجتهاد، ومتى يلزمه الوقوف على ما قاله السابقون.
كما لا يعرف كيف يضيف ما يصلح إضافته من الأقوال الحادثة بضوابط العلم المعروفة، دون أن يخطِّئ السابقين في فهمهم.
وذلك ما لم يحصل ـ مع كل أسى ـ في مقالة الأستاذ فهد (حفظه الله ووفقه).))([18]).

4- الدعوة إلى تطوير الدراسات القرآنية .
وقد دعا الشيخ إلى تطوير الدراسات القرآنية، سواءٌ منها الأكاديمية، أو ما هو خارج الإطار الأكاديمي، ومن النقاط الرئيسة في هذه الدعوة:
أولًا: احترام العقل بين الدارسين وأساتذتهم .
ثانيًا: تخريج باحثين قادرين على البحث العلمي، وذلك بأن تكون قاعات الدراسة قاعات بحث ومناقشة، لا قاعات تلقين وإملاء .
ثالثًا: إعداد الدارسين لقيادة الحوار الهادف.
رابعًا: تنمية المهارات الحوارية في الدارسين، وتنشئة عقلية فكرية قادرة على الحوار، واتخاذ القرار في البحوث العلمية.
خامسًا: تعويد الدارسين على قبول رأي الآخرين فيما يكون من مجالات الاجتهاد.
سادسًا: إتاحة الفرصة للدارسين للإعداد النقدي للمادة العلمية التي سيناقشونها .
سابعًا: التجديد في طريقة الدراسة، ومن ذلك:
إشراك الدارس في تحضير الموضوعات، ويكونُ ذلك باختيارِ بحثٍ مطروحٍ - سواءً أكانَ في مجلة علمية، أم كان كتاباً مستقلاً، أم كان ضمن كتابٍ - يختارهُ الأستاذُ، ويكلِّف الدارسين بقراءته ومناقشته في المحاضرةِ اللاحقة، ثمَّ يقوم باختيار تفسيرٍ يُجري عليه التنظيرات العلمية التي درسها مع طلابِه، ويمكن أن يشارك الدارسون كذلك باستخراج التطبيقات العملية لما درسوه من الكتاب المقترح.
فلو طُرِحَ - على سبيل المثالِ - موضوع المكي والمدني، ونوقشَ من خلالِ بحثٍ مستقلٍّ، أو من خلالِ كتابٍ من كتب علوم القرآن، أو من خلال عدة كتبٍ، ثُمَّ تمَّ التطبيقُ عليه من تفسيرِ ابن جريرٍ، أو ابن عطية، أو ابن كثير، أو غيرها، للوصول إلى ما يُعزِّزُ الدراسةَ النظريةَ، أو يخالِفها، أو يأتي بجديدٍ في هذه الأمثلةِ.
ومشاركةُ الدارسِ في إعداد المادة على هذا السبيل تفيدُه، وتفيدُه بحصولِ المعلوماتِ التي تكوِّنُ أرضيَّةً مشتركةً بينه وبين الأستاذِ، وهذا سيثري المناقشة التي تزدادُ أهميتها وفائدتها بالقيامِ بتكثيف المنهج الحواري في قاعة التدريس، ومن فوائدِ هذه الطريقة الحواريةِ التي يُعدُّ له الأستاذُ والدارسُ معاً: أن تكون النتائج البحثية التي يُقرِّرها الأستاذُ من تفاعل الدارسين معه، مما يجعلها معلومات ذات حيوية بالنسبة للدارسين، وتعويد الدارس على التَّحليلِ والنَّقدِ، ليتمكَّنَ ويستفيدَ منهما في رسالتِه العلميِّةِ التي سيقدِّمها.
سابعًا: تجديد المواد الدراسية، ومن ذلك:
- اعتماد كتابٍ من أمَّهاتِ كتبِ التفسيرِ، على أن تكون دراسته منصبَّةً على معرفة منهج المؤلف، ومعرفةِ طريقتِه في تفسيرِه، ودراسةِ تفسير الآيات مفصَّلةً كما عرضها.
- دراسة أصول التفسير.
- دراسة مناهجُ التفسير والمفسرين، ودراسة مقدمات التفاسير.
- الاهتمام بالدراسات القرآنية المعاصرة:
1- كالتفسير العلمي، واتجاهات التفسير المعاصر، والتفسير البياني، وغيرهما من الموضوعات المعاصرة التي تتعلق بالقرآن.
2- دراسة البحوث العلمية المتميِّزة، والاستفادة ممن أعدُّوها باستضافتهم لإلقاء بحوثهم العلمية على الدارسين، مع مراعاة إعداد المستضافِ ملخصاً ليكون بين الدارسين لمناقشته معه، وليكونَ مرجعاً للاختبارِ في آخر الفصلِ.
3- دراسة بعض البحوث الفكرية المخالفة؛ لإعدادِ الطالبِ منهجيَّا للتَّصدي لمثل هذه المطروحات الفكريَّة، ولتوسيع دائرة أفقه في البحث العلمي لمناقشة مثل هذه الأفكار .
- قراءة خطط بعض الرسائل العلميةِ، ودراسةِ نتائجها، ونقدها نقداً علمياً، لكي يستفيد منها الدارسون أفكاراً يُقدمونها في أطروحاتهم .
ـ إعداد صيغة لكيفية استفادة المتخصص في علوم القرآن من برامج علوم القرآن في الأقراص المضغوطة، وكيفية إفادة القائمين عليها بإبداء الملاحظات حول ما طرحوه في هذه الأقراص، وتعريفهم بما يحتاجه المتخصص في هذه البرامج.
ـ يرِدُ على الأستاذِ الذي سيدرسُ هذه الفئةَ معلومات علمية، أو بحوثٌ مهمة يرى أنها صالحة للطرح والنقاشِ معهم، فلم لا يُجعلُ له حريةَ التصرفِ في جزءٍ من الوقتِ، فيما لو عرضَ له مثل هذه البحوثِ.
ويمكن قيام الدارسين ببحث ميداني لاستظهار هذه البرامج، ومدى الفائدة منها، وإبداء الملحوظات عليها، ونشر مثل هذا العمل في المجلات العلمية، لتكون إسهاماً فعَّالاً لقسمِ القرآنِ وعلومه، ولتكون له بصماته في هذه الأعمال التي هي من تخصصه، أغلب الظَّنِّ أنه لم يُسْتَشَرِ في إعدادِها.

المبحث الثاني: الجانب التربوي
لا زال أهل العلم يحرصون على تربية طلابهم، وغرس كريم الأخلاق فيهم، وهم القدوة في ذلك، وكان للشيخ نصيب من ذلك، ومنه:
1- عدم فرض رأيه على الطالب، وتألمه في بعض الوقائع التي يُفرض فيها على الطالب رأيٌ أو موضوع بحثٍ لا يناسبه، ومن ذلك قوله: "هل الدكتور هو الذي سيكتب البحث ؟! لماذا لا يعطي طلابه حرية الاختيار؟! لماذا لا يعوِّدهم الثقة بما وهبهم الله من مدارك، ثم يقوم هو بتوجيههم".
2- تدريبهم على النظر والاستدلال وإبداء الرأي، ولا زلت أذكر موقفًا حصل معي في تفسير الطبري، وهو طلب الشيخ مني إعداد بحث في المراد بأثر الربيع بن أنس في الأحرف المقطعة، ومع أنني انتهيت، وانتهى بعض الإخوة الحضور مع الشيخ في الدرس إلى خلاف ما ذهب إليه، فلم يعكر ذلك شيئًا من صفو الدرس، وارتضى الشيخ إبقاء الخلاف كما هو !
3- تلمس حاجات طلابه العلمية، وإرشادهم بلا ملل أو كلل.
4- تربيتهم على معاني وقيم يجدونها متمثلة في أخلاقه وسلوكه معهم أو مع غيرهم، ومن ذلك قيم العدل والإنصاف العلمي، وعدم الانتصار للنفس، ومن ذلك قوله: "من الأمور المهمة التي يجب على طالب العلم أن يتحلى بها : العدل والاعتدال: العدل في الحكم على الأشخاص، والأشياء العلمية، والاعتدال في الطرح، وعدم المبالغة".
5- حرصه على الحقوق المعنوية لطلبة العلم .
وقد قال الشيخ في نقده لطبعة دار هجر لتفسير الإمام الطبري، ((لقد شارك في هذا العمل مركز البحوث والدراسات العربية والإسلامية بدار هجر، وهذا يعني أن الذي قام بالعمل فريق، وفي مثل هذا النوع من العمل يفضَّل ذكر الفريق الذي شارك، ويبين ما قام به كل واحد من أعضائه، وهذا أولى من عدم ذكرهم مع ما لهم من جهد، كما أنَّ فيه توكيداً وإقناعاً للقارئ خصوصاً إذا عرفت تخصصات هؤلاء العاملين.
ومن باب الفائدة فإني أذكر كتاباً سار على هذا الأسلوب، وشدَّ ما أعجبني بحسن إخراجه، وببيان ما قام به كل واحد من فريق العمل، وهو كتاب العود الهندي عن أمالي في ديوان الكندي، لعبد الرحمن بن عبيد الله السقاف.
وقد ذُكِرَ في صفحة مستقلة أعضاء العمل، ومهمة كل واحدٍ منهم، ولقد كان إخراجه بديعاً يناسب ما في هذا التأليف من الإبداع والحُسن. وكم أتمنى أن يحرص ناشرو الكتب الإسلامية على حسن الإخراج للكتب، فكم من كتاب يعينك على القراءة بحسن إخراجه.))([19]).


الخاتمة، وأبرز النتائج والتوصيات
في ختام هذه الورقات، أرجو من الله تعالى أن أكون قد وفقت لإبراز جهود علم من أعلام الدراسات القرآنية، وأداء بعض ما له من حق !
وقد ظهر من خلال هذا الورقات:
1- تنوع عطاء الشيخ في المجالات المتعلقة بالقرآن وعلومه .
2- رغبة الشيخ الملحة في إبراز منهج المتقدمين من علماء التفسير، واستكشاف الأصول التي اعتمدوا عليها .
3- حرصه على تطوير الدراسات القرآنية، وإبراز التخصص فيها .
4- ذبه عن كتاب الله تعالى ومنافحته عنه، ومنع التجرؤ عليه .
5- محبته لطلاب العلم وأهله، والقيام بحقهم .
وغير ذلك مما يستنبط من خلال قراءة هذه الورقات، وإني لأرجو من إخواني طلاب الدراسات القرآنية، أن يعملوا على إبراز جهود أعلام الدراسات القرآنية، وذلك عبر الآتي:
1- إبراز هؤلاء الأعلام، وتعريف الناس بهم، فكم من عَلَم ضيعه أصحابه، وقديمًا قال الشافعي: الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يقوموا به([20]) ! .
2- إبراز الجهود المتخصصة لأعلام الدراسات القرآنية، وآرائهم العلمية .
3- عقد الورش العلمية لمناقشة الأحياء من أعلام الدراسات القرآنية في آرائهم والاستفادة من خبراتهم .
4- استضافة هؤلاء الأعلام عبر الملتقيات العلمية([21]) .
5- تناول آراء هؤلاء العلماء بالبحث العلمي، وتكميل مشاريعهم العلمية .
هذا، وأسأل الله تعالى أن يحفظ علمائنا جميعًا، وأن يجزيهم عنا خير الجزاء، وصلى الله على معلم الناس الخير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


(([1])) مقدمة تفسير الإمام ابن جزي، (1/10).
(([2])) جامع البيان، للطبري: (1/7).
(([3])) تهذيب الأسماء واللغات: (1/ 11).
(([4])) السابق: (1/ 18)، ومواهب الجليل: (1/ 5).
(([5])) وقد طبعت بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف .
(([6])) بحث علمي محكم نُشِرَ في مجلة معهد الإمام الشاطبي للدراسات القرآنية، العدد الثاني/ذو الحجة/1427هـ ديسمبر/ك1 2006م.
(([7])) بحث علمي محكم نشر بمجلة معهد الإمام الشاطبي للدراسات القرآنية العدد (1) ربيع الآخر (1427هـ).
(([8])) بحث علمي محكم نشر بمجلة معهد الإمام الشاطبي للدراسات القرآنية العدد الرابع عشر (ذو الحجة 1433ﻫ)
(([9])) بحث مطبوع عام 1434هـ/2013م ضمن الأعمال الكاملة للمؤتمر العالمي للباحثين في القرآن الكريم وعلومه بالمغرب .
(([10])) بحث مقدم لندوة القرآن الكريم في الدراسات الاستشراقية، بالمدينة المنورة 1427هـ / 2006م .
(([11])) ألقي هذا البحث في المؤتمر السابع (إعجاز القرآن الكريم) الذي عُقد في جامعة الزرقاء الأهلية بالأردن خلال الفترة 18 ـ 20 رجب 1426هـ، الموافق 23 ـ 25/8/2005م.
(([12])) بحث مقدم للمؤتمر العالمي الأول للقراءات القرآنية في العالم الإسلامي بالمغرب الذي نظمه مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، 1434ﻫ / 2013م.
(([13])) بحث مقدم لمجلة الدراسات القرآنية بجامعة الملك سعود، (قدم للنشر في 29/04/1434هـ؛ وقبل للنشر في 27/05/1434هـ).
[14])) ((موقع الشيخ الدكتور مساعد بن سليمان الطيار)).
(([15])) وقد قام موقع الشيخ حفظه الله بتفريغ بعض الدروس، وهي تنشر عليه تباعًا .
(([16])) وقد تمَّ تفريغ هذه المادة من قبل الأخ/ عبدالرحمن المشد، ثم صياغتها صياغةً علميةً قدْر المستطاع ليسهل تناولها والاستفادة منها، ونشرت بملتقى أهل التفسير .
(([17])) مفهوم التفسير والتأويل: (14).
(([18])) انظر مقالة: ردٌّ لطيف على الصحفي فهد الأحمدي في فهم (أوهن البيوت) .
(([19])) مقالات في أصول التفسير: (339).
(([20])) تاريخ دمشق: (50/ 385)، وسير أعلام النبلاء: (8/ 156).
(([21])) وقد كان لملتقى أهل الحديث السبق في هذه الفكرة المباركة، وفعل ملتقى أهل التفسير مثل ذلك، والحمد لله رب العالمين .
 
تبارك الله نفع الله بكم وجعله في ميزان حسناتك
 
حفظ الله شيخنا و نفع به المسلمين و المسلمات. فوالله قد استفدت من تحريراته و طرق نقده و تقويمه لبعض مسائل علوم القرآن و أصول التفسير أيَّما استفادة.
و أقول للأخ و الشيخ الكريم عمرو الشرقاوي جزاك الله خيراَ على هذا البحث الطيِّب و أسأل الله أن يثيبَك عليه و يجعلَه و في ميزان حسناتك.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...اما بعد...جزاك الله تعالى خيرا الشيخ الكريم عمرو ويسر لنا ولكم طلب العلم ونشره....الشيخ الكريم...أحببت أن أسأل عن الرأي الأخير للاستاذ مساعد
في المسائل التالية-
1- تصنيف علوم القرآن الكريم.
2- ما هو موقفه من النحويين الذين يفضلون القواعد النحوية عند التعارض مع القرآن
الكريم ولايميلون بالتسليم لما جاء بالقرآن؟
3- ما هو رأيه بالتصنيف الذي ذهب اليه الشيخ مولاي المصطفى البحياوي والصادر
عن المنتدى الاسلامي في الشارقة؟
وجزاكم الله تعالى خيرا.

 
مَن يعرف الفارق بين " فصول في أصول التفسير " و " التحرير في أصول التفسير " من حيث: طريقة العرض، المضمون، المستوى الدراسي، مدى تكاملهما : هل أحدهما يُكمل الآخر أم يُغني عن الآخر ؟ .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاستاذ عمر جزاكم الله تعالى خيرا...كتاب الفصول من أول ما كتبه الاستاذ مساعد وهو ملائم لطالب العلم المبتدئ ..أما كتاب التحرير فهو من الكتب التي كتبها الاستاذ مساعد بسبب طلب من إدارة معهد الشاطبي ليكون كمقرر دراسي لطلبة المعهد وقد راجعه لجنة من العلماء الاجلاء..لهذا فإنه أفضل من الاول .. والله اعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاستاذ عمر جزاكم الله تعالى خيرا...كتاب الفصول من أول ما كتبه الاستاذ مساعد وهو ملائم لطالب العلم المبتدئ ..أما كتاب التحرير فهو من الكتب التي كتبها الاستاذ مساعد بسبب طلب من إدارة معهد الشاطبي ليكون كمقرر دراسي لطلبة المعهد وقد راجعه لجنة من العلماء الاجلاء..لهذا فإنه أفضل من الاول .. والله اعلم.

نعم جزاك الله كل خير استاذ بهيجي، علمت هذه المعلومة من بعض المحاضرات والندوات ومن قراءة مقدمة التحرير، لكني كنت أسأل تفصيلاً عن الفرق بين طريقة عرض مفردات كل موضوع، ولاحظت بالأمس وأنا أكتب : تذكير للفائدة ، أن سؤالي هذا كان منذ قرابة عامين، ومن وقتها لم أقرأ الكتابين، وسأقرأهما معاً إن شاء الله في الأيام القادمة، الفصول أولاً، ثم التحرير ثانياً، لأصل لبغيتي بإذن الله من حيث طريقة الدكتور في عرض كل مفردة من مفردات هذا العلم.

لأني سمعته في أحد اللقاءات قال أن الفصول تم تأليفه من خلال " الفوائد " التي كان يُقيّدها أثناء قراءته للكتب. بينما التحرير مؤلف على أن يكون مقرر دراسي وبالتالي مر بما يمر به المقررات الدراسية من مراحل مراجعة.
لكن ما أسعى لمعرفته ما هو أبعد من " تاريخ أو قصة " تأليف كل من الكتابين، وإنما أسأل عن أسلوب سبك المعلومات في فصول ومباحث كل من الكتابين، وهو ما سأعرفه إن شاء الله خلال الأيام القادمة والله المستعان.
 
عودة
أعلى