الحسن محمد ماديك
New member
من بيان القرآن "تفسير سورة القدر" ج 3
الحسن محمد ماديك
وإن قوله :
• ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب سبأ 51
• ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون الأنعام 93
• ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم الأنفال 50
• فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم القتال 27
• قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمان مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا مريم 75
• حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا الجن 24 ـ 25
• يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا الفرقان 22
• ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما الفتح 6 ـ7
ويعني حرف سبإ أن الذين سيضلون عن الحق الذي أوحي إلى النبي الأمي وهو القرآن سيفزعون فزعا في الدنيا بعد حياة النبي كما هو مدلول قوله ولو ترى كما بينت في النبوة في مقدمة التفسير ويعني أن ذلك الموعود سيتأخر نفاذه عن حياة النبي ويوم يقع نفاذه وهو الميعاد الذي لا يخلفه الله ولا يستبشرون من تنزل الملائكة التي ستأخذهم من مكان قريب تماما كما بيّنه القرآن في حرف الأنعام والأنفال والقتال بأن الظالمين وهم في غمرات الموت ستكلمهم الملائكة بقولها أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون وإنما هو عذاب في الدنيا على جمع الظالمين يوم يعذبون كالأحزاب من قوم نوح ومن بعدهم من المكذبين المستكبرين عن الحق الذين كانوا يقولون على الله غير الحق ، ويومئذ تتوفى الملائكة من يقع عليهم الوصف بالذين كفروا يضربون وجوههم وأدبارهم وهم يومئذ في غمرات الموت أي أنهم في الحياة الدنيا .
ومن القرائن في حرف سبإ أن المكذبين حين يفزعون سيقولون آمنا به ولكن لن ينفعهم الإيمان بل سيحال بينهم وبين ما يشتهون من المتاع الأهل وإنما هو في الدنيا كما فعل بأشياعهم من قبل وهم قوم نوح وقوم لوط وعاد وثمود ومدين والأحزاب المعذبون قبل نزول القرآن .
ويعني حرف مريم أن من القول المتأخر عن حياة النبي أن أهل الضلالة سيستدرجون في الدنيا بما يمدهم به الرحمان من أسباب القوة والتمكين حتى إذا رأوا ما يوعدون يعني الوعدين في القرآن وهما أولا العذاب في الدنيا كما عذّب الأولون وثانيا الساعة وهي أدهى وأمرّ وفي كل من الوعدين سيعلم الضالون أنهم شرّ مكانا وأضعف جندا وسيعلمون كما في حرف الجن أنهم أضعف ناصرا وأقل عددا ، والمقارنة إنما هي بين جندهم وناصرهم وعددهم وبين الملائكة التي ستتنزل عليهم بالعذاب في الدنيا ، أما في الآخرة فكما في قوله وكلهم آتيه يوم القيامة فردا مريم 95 فأنى لهم الجنود والناصر والعدد ، وسيأتي مزيد من البيان .
ودلّ حرف الفرقان على أن الذين استكبروا وعتوا عتوّا كبيرا سيرون الملائكة مرتين أولاهما في الدنيا في ليلة القدر فيقولون حجرا محجورا إذ لا حيلة إلى الهروب ولا حول إلى أسباب النجاة كما في المثاني معه في حرف سبإ فلا فوت ، أي لن يفلت منهم أحد ، وثانيهما في يوم القيامة يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ، فهما يومان لا تخفى المغايرة بينهما ، ويأتي قريبا تفصيله وبيانه .
ويعني حرف الفتح أن الله نصر المؤمنين في القرون الأولى بجنود السماوات وهم الملائكة كالذين أرسلوا إلى قوم لوط ، ونصرهم بجنود الأرض كالذين كانوا مع سليمان ، كما هي دلالة قوله وكان الله عزيزا حكيما يعني أن النصر بكل من جنود السماوات وجنود الأرض قد وقع قبل نزول القرآن ، وكذلك سيقع النصر بهما في هـذه الأمة بعد نزول القرآن ، وهو وعد وقضاء سيتم بعزة الله وإن تأخر لحكمة بالغة .
وإن من المثاني قوله :
هـذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف مكن الملائكة مسومين عمران 125
والمرسلات عرفا
والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فتول عنهم حتى وأبصرهم فسوف يبصرون أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون الصافات 171 ـ 179
وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر المدثر 31 ـ 37
ويعني الوعد بإنزال خمسة آلاف من الملائكة مسومين أن الناس سيرونهم ولهم سيما يعرفون بها وهم المرسلات عرفا أي لهم عمائم أرسلوا مؤخرتها يعرفون بها ، وإن لهم خيلا يركبونها كما في قوله والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا ، أما العاديات فهي طلائع الملائكة تعدو للقتال أو هي الخيل تعدو ضبحا وهو نوع من الجري ، أو نوع من أصواتها ليس بالصهيل ولا الحمحمة ، وأما الموريات فهي الخيل توري أي توقد بحوافرها الحجارة أو ما تسير عليه من الأرض قدحا لفرط قوتها وسرعتها في غارتها على المجرمين صبحا بعد مطلع الفجر حتى تثير النقع من الغبار وأثر الغارة وتلك من غمرات موت الظالمين الموصوف في حرف الأنعام حتى تتوسط الملائكة بخيلها جمع المجرمين لتأخذهم من مكان قريب كما في حرف سبإ ، وجند ربنا من الملائكة هم الغالبون وهـكذا سيسوء صباح المنذرين إذا نزل بساحتهم العذاب .
ويعني حرف الصافات أن كلمة ربنا أي وعده ـ كما بينت في مقدمة التفسير ـ هي وعده رسله كما في قوله إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فهو وعد قد سبق ونفذ بإهلاك قوم نوح وقوم لوط وبإهلاك عاد وثمود والأحزاب من بعدهم وباستخلاف المؤمنين من بعدهم فكانت العاقبة للمتقين وإنما جند ربنا الغالبون يومئذ هم الملائكة إذ لم يقع ذلك النصر بالقتال في سبيل الله ولا بجهود المؤمنين وإنما بأمر ربنا الخارق المعجز ، فجند ربنا من الملائكة هم الغالبون يومئذ كما هوصريح رسل ربنا من الملائكة الذين أرسلوا إلى قوم لوط بالعذاب فأمطرهم بحجارة من سجيل منضود وجعلوا عاليها سافلها ومن قبل نجوا لوطا وأهله إلا العجوز الغابرة فعذبوها مع قومها .
ولم تنقض كلمات ربنا بوعده رسله من الناس أن ينصرهم وبوعده جنده من الملائكة أن يجعلهم هم الغالبين بل نبّأ الله النبي الأمي في القرآن ومنه حرف الصافات هذا وأمره بانتظار ذلك الموعود كما في قوله فتول عنهم حتى وأبصرهم فسوف يبصرون أي أن حينا من الدهر سينقضي قبل نفاذ ذلك الموعود والعجب من المشركين الذين عاصروا نزول القرآن ولم يفقهوه كيف يستعجلون العذاب في الدنيا ويوم ينزل بساحتهم فسيسوء صباح المنذرين به من قبل في القرآن غذ لم يهتدوا بالقرآن إلى أسباب النجاة من عذاب الله في الدنيا وإلى أسباب النجاة من عذاب الله في الآخرة ولم يهتدوا بالقرآن العجب إلى الرشد وإلى التي هي أقوم .
ومرة أخرى تضمن حرف الصافات تكليف النبي الأمي الرسول بالقرآن بانتظار ذلك الموعود كما في قوله وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون أي ولينزلن العذاب الذي كانوا يستعجلون به ـ بعد حين من نزول القرآن ـ على ساحتهم فيسوء صباحهم وسيبصرونه فلا يكذبون به ، وسبحان الله وتعالى علوا كبيرا أن يكلف رسوله بالقرآن النبي الأمي بانتظار ما لا يكون أبدا .
ويعني حرف المدثر أن من الذكرى للبشر في القرآن أن تضمن القرآن التخويف من العذاب الذي ستتنزل به جنود ربنا من الملائكة في يوم من أيام الله كالذي أهلك فيه الأولين وسيقع في الآخرين مثله في فجر ليلة هي إحدى الكبر نذيرا للبشر ليتقدم أو يتأخر منهم من شاء إلى النجاة أو العذاب بعد نزول القرآن ذي الذكر والقول الفصل البعيد عن الهزل ، وسبحان الله وتعالى أن ينذر البشر في القرآن بما لن يكون آمنت بالكتاب كله .
بيان قوله ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون
وإن المثاني في قوله :
إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون فصلت 30 ـ 31
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم يونس 62 ـ 65
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار إبراهيم 27 ـ 28
قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين البقرة 97
قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين النحل 102
إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب الأنفال 12
إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هـذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين عمران 124 ـ 127
ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم الأنفال 7ـ 10
هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما الفتح 4
وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ الشورى 8
ويعني حرف فصلت أن الملائكة ستتنزل على الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا وتكلمهم كما في قوله أن لا تخافوا ولا تحزنوا ويعني أنهم سيتنزلون لأمر ذي هول وفزع وسيراهم الناس جميعا فاحتاج الذين آمنوا إلى بشرى وتثبيت ، ويعني قوله وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون أنهم لن يفتنوا أبدا وهو من الموعود المتأخر المتقدم ذكره كما هو تفصيل الكتاب في خطاب المؤمنين لإيمانهم بالغيب وأن الموعود المتقدم المتأخر ذكره هو قوله نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا أي أن الملائكة ستنجي المؤمنين من العذاب الذي سيحلّ على المجرمين ، والقول الثابت الذي سيثبت الله به الذين آمنوا في الحياة الدنيا كما في حرف إبراهيم والنحل والأنفال فلا يفزعون من تنزل الملائكة بالعذاب هو البشرى من الملائكة في فصلت وهي من المثاني مع حرف يونس لهم البشرى في الحياة الدنيا وكما في قوله وهـذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون الأحقاف 12 ـ 13 وهو وعد من الله في حرف الأحقاف والنحل والبقرة أن يسلم أولياءه وهم الذين آمنوا وكانوا يتقون ، أي ينجيهم من العذاب الموعود في القرآن كما نجّى أولياءه من قبل لما أراد أن يهلك قوم نوح وقوم لوط وعادا وثمود وأصحاب الأيكة ومدين كما هو مدلول قوله لا تبديل لكلمات الله أي كلمات الله التي أهلك بها عدوه من قبل ونجى بها أولياءه كما في قوله ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون الأنفال 7 ـ8 ولن يقع شيء من ذلك بجهود المؤمنين وإنما بأمر خارق ولم يقع في هـذه الأمة هـذا الوعد إلى يومنا هـذا إذ لم يقطع دابر الكافرين ، بل هم اليوم أكثر نفيرا وأولوا بأس شديد ، ولقد قطع الله من قبل بكلماته دابر آل فرعون كما في قوله ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون يونس 82 فنجّى بها موسى ومن معه أجمعين وأغرق بها فرعون وجنوده أجمعين ، ولم يقع شيء من ذلك بجهود بني إسرائيل ولا بجهود موسى وهارون .
إن قوله ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون يونس 82 من قول موسى قد وقع لما ضرب بعصاه البحر فانفلق ونجى الله موسى ومن معه أجمعين وأغرق فرعون وجنوده ، ومن المثاني معه قوله ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون الأنفال 7 ـ 8 وهو من الموعود المنتظر الذي لم يقع بعد بل إن أهل الباطل اليوم أكثر نفيرا وأولوا بأس شديد ، وإنما سيقع الموعود فيمكن الله لأهل الحق ويعذب أهل الباطل ويهلكهم بكلمات الله إذا وافقت الأجل الذي جعل الله لها ليقع النصر من الله العزيز الذي قضى بتأخيره ووعد بإنفاذه وإن تأخر لحكمة بالغة هي حكمة الحكيم .
وإن البشرى للذين آمنوا في الحياة الدنيا كما في حرف فصلت لهي القول الثابت الذي سيثبتهم الله به في الدنيا كما في حرف إبراهيم ولا يخفى أن الذين آمنوا سيرون الملائكة تبشرهم في الآخرة فكذلك سيرونها تبشرهم في ليلة القدر .
ويعني تثبيت الذين آمنوا في ليلة القدر أنهم سيرون الملائكة معها العذاب والفزع لكن لن ينالهم من الملائكة إلا البشرى والتثبيت ليقوموا ليلة القدر إيمانا واحتسابا يصلون ويدعون ربهم وهم موقنون ببشارة الملائكة أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع كما يأتي بيانه في كلية الكتاب ، فيغفر الله لهم ما تقدم من ذنوبهم كما في الأحاديث النبوية الصحيحة .
ويعني قوله ويضل الله الظالمين إبراهيم 27 أنه سيضلهم عن أسباب النجاة من العذاب في فجر ليلة القدر ويعذبهم ويذهبهم فلا يعاني منهم الذين آمنوا أبدا بل تكون العاقبة للمتقين كما يأتي بيانه .
إن روح القدس جبريل الذي نزل القرآن على قلب خاتم النبيين سيثبت الذين آمنوا في ليلة القدر بالقرآن كما هو المتلو منه والمقروء في فصلت ويونس وإبراهيم وكما هو دلالة حرف البقرة والنحل والأنفال وأول الفتح .
ولقد نصر الله من النبيين من قبل بجنود السماوات وهم الملائكة وبجنود الأرض ومنهم المؤمنون قبل نزول القرآن كما في قوله ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما الفتح 4 وسينصر الله كذلك بهما النبي الأمي بعد نزول القرآن وعدا منه سيكون متأخرا كما هي دلالة الاسمين العليم الحكيم لدلالة علمه على غيب أخبر عنه قبل أن يكون شهادة ، ولدلالة حكمته على تأخر ذلك المعلوم لحكمة بالغة .
ويعني حرف عمران والأنفال أن الملائكة في بدر لم تقاتل وإنما كانت بشرى للمؤمنين ولتطمئن قلوبهم إلى أن الله سينصرهم بها إذا تنزلت في ليلة القدر الموعودة بأمر ربها الذي أهلك به الأولين ، وإن تأخر النصر بالملائكة قرونا كثيرة حتى يذوقوا الهوان والذل والصغار هو من قضاء الله ، ووعد بنفاذه .
ويعني حرفا عمران والأنفال أن إنزال ألف من الملائكة مردفين بألف أو ألفين تأتي بعدهم لتتم ثلاثة آلاف من الملائكة منزلين قد تنزلوا في بدر بشرى بالنصر الموعود في ليلة القدر التي سيمد ربنا فيها المؤمنين بخمسة آلاف من الملائكة مسومين .
وإن السكينة التي أنزلها الله في قلوب المؤمنين الذين بايعوا النبي الأمي كما في حرف الفتح هي اطمئنان قلوبهم كما في حرف عمران والأنفال ، وليقعن مثله للمؤمنين في ليلة القدر .
وإن قوله وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوّا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا الفرقان 21 ـ26 ليعني حوادث منفصلة في يومين مستقبلان بعد نزول القرآن وهما من الوعد والغيب الذي لا إيمان لمن لم ينتظره ويؤمن به أنه آت ...
ولقد تضمن تفصيل الكتاب الجمع بين اليومين على نسق ما في حرف الفرقان بل أكثر كما في قوله فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون مريم 37 ـ39 ويعني أن حرف مريم قد جمع بين ثلاثة أيام أحدها سيشهد للذين كفروا فيه مشهدا عظيما هو العذاب الموعود في الدنيا تتنزل به الملائكة عليهم وهذا اليوم لم يؤمن به الذين الذين كفروا إذ لم يسمعوا الهدى ولم يبصروه في القرآن ، وثانيهما هو يوم البعث يوم يأتون ربهم للحساب فما أسمع الذين كفروا فيه وما أبصرهم ولكن مضى وقت التكليف ، وثالثها هو يوم الحسرة وسيأتي بيانه في مجلدين من بيان القرآن .
إن حرف الفرقان يعني أن الذين لا يرجون لقاء ربهم سيرون الملائكة مرتين أولاهما في الدنيا فلا يستبشرون بل يفزعون من العذاب ولا فوت لأحد منهم بل يقولون حجرا محجورا مقرين بأنهم منعوا من أسباب النجاة وأنهم قد حيل بينهم وبين ما يشتهون ويومئذ يتم تدمير ما بنوه من البروج والمصانع وما أترفوا فيه فيصبح هباء منثورا .
أما أصحاب الجنة بما تبشرهم بها الملائكة في الدنيا يومئذ فهم خير مستقرا وأحسن مقيلا إذ وقع عليهم ـ ما أسعدهم ـ نفاذ وعد الله الذي نبّأ به نوحا والنبيين من بعده ونبّأ به خاتم النبيين في القرآن قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين هود 47 ـ 48 ويعني أن العاقة للمتقين وعد سيتم نفاذه بعد أن يمسّ أمما متعوا عذاب أليم ، وقد كانت العاقبة للمتقين من قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب ولكن لم تنقض النبوة بل نبّأ الله بها النبي الأمي في القرآن ووصفها من أنباء العيب التي أوحيت إليه وأمره بالصبر قبلها أي بانتظارها .
أما اليوم الثاني في حرف الفرقان فهو يوم البعث يوم تشقق السماء بالغمام وتنزل الملائكة تنزيلا ليقوم الحساب وهو يوم كذلك عسير على الكافرين .
إن أصحاب الجنة هم الذين ستتنزل عليهم الملائكة في الدنيا تبشرهم كما في قوله ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا فصلت 30 ـ 31 وكما في قوله ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا يونس 62 ـ63 فهم أصحاب الجنة لما سيكون عليهم من سيما يعرفون بها فلا يختلطون بغيرهم كما بيّنته كثيرا وفصلته تفصيلا في كلية الآيات
من كل أمر
إن قوله فإذا جاء أمرنا وفار التنور الفلاح 27 وقوله حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور هود 40 ليعني أن أمر ربنا هو العذاب بالطوفان الذي أغرق به قوم نوح ، وإن قوله ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ هود 58 ليعني أن أمر ربنا هو العذاب الغليظ بالريح العقيم الذي أهلك به عادا ، وإن قوله فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة ومن خزي يومئذ هود 66 ليعني أن أمر ربنا هو الصيحة التي أخذت ثمود وأخزتهم فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ، وإن قوله إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود هود 76 ، وقوله فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك هود 82 ليعني أن أمر ربنا هو العذاب الذي أهلك به قوم لوط ، وإن قوله ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا هود 94 ليعني أن أمر ربنا هو الصيحة التي أخذت مدين فأصبحوا في ديارهم جاثمين ، وإن قوله ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولـكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب هود 100 ـ 101 ليعني أن أمر رب النبي الأمي هو العذاب الذي أهلك به المجرمين المكذبين من قبل ، وإن قوله ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم الأعراف 150 ليعني أنهم باتخاذهم العجل قد تعجلوا أمر ربهم أي عذابه في الدنيا .
وإن من المثاني قوله :
• ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولـكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة هود 100 ـ 103
• هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولـكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون النحل 33 ـ 34
• من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر
• وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر القمر 3
ويعني حرف هود أنه كما أهلكت القرى من قبل بأمر رب النبي الأمي أي بعذاب من عنده فإن القرى القائمة اليوم ستهلك به كذلك .
ويعني حرف النحل أن المكذبين في هـذه الأمة إنما ينتظرون أن تأتيهم الملائكة في ليلة القدر أو يأتيهم في مطلع فجر ليلة القدر العذاب الذي عذب به الأولون .
ويعني حرف القدر أن كل أمر عذب به الأولون ستتنزل به الملائكة في ليلة القدر ، وأن ليلة القدر سلام على المجرمين إذ لن يصيبهم شيء من العذاب في ليلة القدر حتى مطلع الفجر فإذا طلع الفجر استقر عليهم كل أمر عذب به الأولون كما هي دلالة حرف القمر .
إن أمر ربنا الذي أهلك به الأولين وسيهلك به الآخرين هو الموصوف في قوله وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر القمر 50 ـ 51 أي عاقل يذكر فينجو من أمر ربنا الموعود .
وللكافرين أمثالها
إن قوله ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد هود 89 من قول شعيب يخوف قومه وقد أصابهم مثل ذلك إذ أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كما أخذت ثمود .
وإن قوله وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم غافر 30 ـ 31 من قول رجل مؤمن من آل فرعون يخوف قومه وقد أصابهم مثل ذلك إذ أغرقوا كما أغرق قوم نوح .
وإن المثاني في قوله :
• فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون خاتمة الذاريات
• فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فصلت 13
• أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم القتال 10 ـ 11
• فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنظرين يونس 102
لتعني أن الله وعد النبي الأميّ في القرآن أن يصب على الذين ظلموا عذابا مثل العذاب الذي أهلك به أصحابهم وهم الذين ظلموا من قوم نوح والذين من بعدهم ، وقد أمر الله نبيه أن ينذر المعرضين عن الإسلام صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ، وإن التخويف والإنذار في القرآن لم يكن هزلا أبدا .
ويعني حرف القتال أن الكافرين في هـذه الأمة موعودون بمثل ما دمر الله به من قبلهم من الأمم المكذبة ، ولن يجدوا وليا من دون الله ينجيهم من العذاب الموعود .
ويعني حرف يونس أن مثل أيام الذين خلوا من قبل وهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم سيأتي على المكذبين في هـذه الأمة .
إن قوله ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين الأنفال 50 ـ 54 لمن المثاني مع قوله إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب قل للذين كفروا ستغلبون عمران 10 ـ 12 ويعني أنه كما أهلك آل فرعون ومن قبلهم من الأمم كقوم نوح والأحزاب من بعدهم وبمثل ما أهلكوا به سيهلك الذين كفروا في هـذه الأمة ، كما هي دلالة قوله كدأب في الحرفين أي مثله.
وإن المثاني في قوله :
• ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين المرسلات 18
• ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين يونس 13
• فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين الأحقاف 25
ليعني أن المجرمين المكذبين في آخر هـذه الأمة سيعذبون كما عذب المجرمون الأولون كما هي دلالة قوله كذلك أي مثله .
إن قوم إبراهيم الذين رموه في النار قد عذبوا في الدنيا بعذاب من عند الله كما بينت في قوله وما أنتم بمعجزين في الأرض .
وكذلك عذب قوم إلياس في الدنيا كما في قوله فكذبوه فإنهم لمحضرون إلا عباد الله المخلصين الصافات 127 ـ 128
وكذلك أهلك في الدنيا بعذاب من عند الله قوم تبع كما في قوله كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد ق 12 ـ 14 وقوله أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين الدخان 37 ولعلهم والله أعلم أصحاب القرية التي ضربها الله مثلا في حرف النحل والذين مزقوا كل ممزق وجعلوا أحاديث في حرف سبإ ، ولم يتضمن القرآن نوع العذاب الذي أهلك به كل منهم إذ لن يقع مثله في هـذه الأمة ، وإنما سيقع مثل العذاب الذي عذبت به القرون الأولى وتضمن القرآن تفصيله للذكر وهو الطوفان والريح العقيم والصاعقة والصيحة وعذاب يوم الظلة والخسف والمطر بحجارة من سجيل منضود مسومة عند ربنا للمسرفين والإغراق .
إن في ذلك لآيات ل...
إن من تفصيل الكتاب أن لفظ الآية يقع على المتلوة والنعمة والدليل على التكرار والقرينة للتصديق وعلى الخارقة المعجزة .
وإن الآية التي تقع على المتلوة ، وعلى آيات الكتاب ، وعلى النعمة ، وبعض التي تقع على القرينة للتصديق هي آيات الله .
وإن الآية التي تقع على الخارقة المعجزة هي آيات رب العالمين .
ومما يقع على المتلوة قوله ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم عمران 58
وتقع آيات الكتاب والقرآن على الفواتح في أوائل السور المعلومة .
ومما يقع على النعمة قوله يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون الأعراف 26 .
ومما يقع على الخارقة للتخويف والقضاء قوله هـذه ناقة الله لكم آية الأعراف 73 ، وقوله قد جئناك بآية من ربك طـه 47 ، وقوله وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه طـه 133 ، وهـذه الآيات للتخويف لا يكون بعدها إلا القضاء بين الفريقين بنجاة المؤمنين وإهلاك المجرمين وهم المكذبون بها .
ومما يقع على الدليل على التكرار قوله بيان قوله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون
الروم 23 بعد ذكر المنام بالليل والنهار وطلب رزق الله .
ومما يقع على القرينة على التصديق قوله بيان قوله ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين يوسف 35 ويعني بالآيات القرائن الدالة على براءته ، وقوله بيان قوله إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون البقرة 164 ويعني بالآيات القرائن الدالة على أن الله رب العالمين ومدبر الأمر .
وإن الآية الخارقة المعجزة تقع على التي للكرامة والطمأنينة وعلى التي للتخويف والقضاء .
وإن قوله إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين المكررة في الشعراء ، بعد ذكر إغراق فرعون وجنوده وقوم نوح ، وإهلاك عاد ، والعذاب الذي أخذ ثمود ، وتدمير قوم لوط ، وعذاب يوم الظلة الذي أخذ أصحاب الأيكة ليعني أن مثله سيقع في هـذه الأمة ورغم التحذير منه في القرآن فلن ينجو أكثر الناس وإنما سيهلكون .
وإن قوله ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون النمل 50 ـ 52 ليعني أن مثله سيتكرر في هـذه الأمة فينجي الله منه الذين يعلمون وهم الجيل على منهاج النبوة الذين سيستخلفون في الأرض بعد ليلة القدر كما يأتي بيانه .
وإن قوله فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين الحجر 73 ـ 75 ليعني أن مثله سيقع في هـذه الأمة .
وإن المثاني في قوله :
• أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى طـه 128
• أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون السجدة 26
ليعني أن مثله سيقع في هـذه الأمة فتهلك منها قرون يمشون في مساكنهم ولن ينجو من العذاب الموعود إلا أولوا النهى الذين يسمعون .
وإن من المثاني قوله :
• فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور سبأ 19
• ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور إبراهيم 5
ويعني حرف سبأ أن سيكون في هـذه الأمة من يظلمون أنفسهم كأولئك وسيجعلهم الله أحاديث ويمزقهم كل ممزق ، وحرف إبراهيم من نبوة موسى التي لم تتحقق بعد ونبأ بها الله في القرآن خاتم النبيين فكانت من الغيب المنتظر الموعود الذي سيقع في هـذه الأمة إذ لم يأت يوم من أيام الله التي أهلك فيها المكذبين من قبل بعد هلاك فرعون ليهلك فيه المكذبون كما هي نبوة موسى في حرف إبراهيم وغيره ، وكما هي نبوة خاتم النبيين كذلك ، ولن ينجو من العذاب الموعود إلا كل صبار شكور .
وإن قوله أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب سبأ 9 ليعني أن ذلك مما قد وقع من قبل وسيتذكر إذ سيقع مثله في هـذه الأمة ولن ينجو منه إلا كل عبد منيب .
وإن قوله وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة هود 102 ـ 103 ليعني أن ربنا سيأخذ القرى القائمة التي لم تحصد بعد أخذا أليما شديدا ولن ينجو منه إلا من خاف عذاب الآخرة .
إن جميع القرى موعودة بذلك كما هي دلالة قوله وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة أي مثله وكما في وعده في قوله وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا الإسراء 58 .
وإن قوله قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين 43 ـ 45 ليعني أن العذاب بحجارة من طين مسومة عند ربنا للمسرفين وبكل من الإغراق والريح العقيم والصاعقة سيقع مثله في هـذه الأمة لتعلقه بقوله وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم الذاريات 37 أي دليلا على أنه سيتكرر مثله بعد نزول القرآن .
وإن قوله فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى النازعات 25 ـ 26 ليعني أن الله أخذ فرعون بالإغراق وهو النكال الذي أخذ الله به في المرة الأولى قوم نوح ، وهو النكال الذي سيأخذ الله به في المرة الآخرة أي سيهلك به المتأخرين من خلف فرعون ، ويعني قوله إن في ذلك لعبرة لمن يخشى أن ذلك سيقع مثله في هـذه الأمة ولن ينجو منه إلا من يخشى .
دلالة الأمر بالاعتبار
إن قوله واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين الأعراف 86 ليعني أن شعيبا قد حذر قومه مدين إن لم يعتبروا من مثل عاقبة المفسدين قبلهم ، ودلالة الأمر بالنظر هي الاعتبار ، وإن من تفصيل الكتاب أن ما جعل عبرة من الحوادث والقصص الماضية سيقع مثله في هـذه الأمة ولن يهتدي يومئذ إلا من اعتبر بالقرآن من أولي الألباب .
وإن المثاني في قوله :
• قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل الروم 41
• قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين النمل 69
• قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين الأنعام 11
• أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها القتال 10
وشبهها لتعني أن عاقبة المكذبين المجرمين من قبلنا هو العذاب الذي أهلكوا به في الدنيا ، وكذلك ستكون عاقبة المكذبين في هـذه الأمة إن لم يعتبروا بعاقبة الأولين .
وإن قوله :
• فانظر كيف كان عاقبة المفسدين الأعراف 103 النمل 14
• فانظر كيف كان عاقبة المجرمين الأعراف 84
• فانظر كيف كان عاقبة المنذرين يونس 73 الصافات 73
• فانظر كيف كان عاقبة الظالمين القصص 40 يونس 39
• فانظر كيف كان عاقبة المكذبين الزخرف 25
• فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين النمل 51
لتعني أن الاعتبار بعاقبة المهلكين من قبل هو من سنة النبي الأمي فمن رغب عن طاعة الأمر بالاعتبار بعاقبة المهلكين من قبل فقد رغب عن سنة النبي وإذا فليس من أمته .
وإن الأمر بالسير في القرآن حيث وقع كما في قوله قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين عمران 137 ليعني أن الله لن يعجل العذاب الموعود قبل أن يقع من الناس سير في الأرض ونظر في عاقبة الذين أهلكوا من قبل حتى يتبينوا أن قوم نوح وعادا وثمود ومدين وقوم لوط وقوم فرعون كانوا أشد قوة وآثارا في الأرض التي عمروها أكثر مما عمرها الذين عاصروا النبي الأمي وحتى يتفكروا في أنهم إنما أهلكوا بسبب تكذيبهم .
إن التقدم العلمي اليوم لم يبلغ ذروته بعد ، وإن كان قد اقترب منها إذ سيتم نفاذ ما في القرآن من الأمر الذي خوطب به الناس قبيل الساعة في ظل التقدم التقني والعلمي كما في قوله قل انظروا ماذا في السماوات والأرض يونس101 وقوله أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون الأعراف 185 وقوله وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون يوسف 105 وكما سيأتي بيانه ، وقد تمكنت البشرية من رحلات الفضاء وغزوه وتمكنت من مراقبة النجوم والمجرات من الأرض ومن الكواكب ومن الفضاء ، وها هي البشرية بالتقدم العلمي تكتشف كيف مات صاحب العظام البالية الرميم ومتى مات ، وها هم المتخصصون في علم الآثار يثيرون الأرض ويبحثون عن الأمم في القرون الماضية وكيف أثاروا الأرض وعمروها من قبل وكيف ماتوا ، وسيسارع الظالمون قريبا إلى إقامة مستوطنات في الربع الخالي وفي ديار ثمود وفي القرية التي أمطرت مطر السوء لإيقاع قوله وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم إبراهيم 45 ومن المثاني معه قوله أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها الأعراف 100، وليقعن ذلك قريبا من الذين يسارعون اليوم إلى احتلال الجزيرة العربية .
فكيف كان عذابي ونذر
وإن من المثاني قوله :
• ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب غافر4 ـ 5
• ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب الرعد 31 ـ 32
• وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير الحج 42 ـ 44
• وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير فاطر 25 ـ 26
• وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير سبأ 45
• وكذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير الملك 18
• فكيف كان عذابي ونذر القمر 16 ـ 18 ـ 21 ـ 30
• أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير الملك 16 ـ 17
ويعني حرف غافر أن قوم نوح والأحزاب من بعدهم قد أهلكوا في الدنيا وعلموا كيف كان عقابه ، وكذلك الذين كفروا في هـذه الأمة الذين سيجادلون في آيات الله ويتقلبون في البلاد ـ كناية عن التمكين ـ سيأخذهم ربهم أي يعذبهم ليعلموا كيف سيكون عقابه
ويعني حرف الرعد أن الذين كفروا في هـذه الأمة سيمهلون ويصيبهم من العذاب الأدنى كما سيأتي تقريره قبل العذاب الأكبر الموعود في الدنيا ليعلموا كيف سيكون عقابه كما أتى الذين استهزأوا بالرسل وأملي لهم ثم أخذهم الله وعلموا كيف كان عقابه
ويعني حرف فاطر وسبأ وثاني الملك وأربعة القمر أن الذين كذبوا من قبل قد أملي لهم ثم أخذوا بالعذاب فعلموا كيف كان نكيره وعذابه ونذيره ولقد كذب هـؤلاء وسيعلمون رأي العين كيف سيكون نكيره وعذابه ونذيره .
ويعني أول الملك أن الله قد أنذر المكذبين في هـذه الأمة عذابا من تحت أرجلهم وعذابا من فوقهم ، ووعدهم أن يعذبهم في الدنيا حتى يعلموا رأي العين كيف يكون نذيره أي كيف سيقع عليهم ما أنذروا به في القرآن من العذاب في الدنيا ، ويحسب المفسرون أن نذير الله في القرآن إنما هو للتسلية وللعبرة التي لا تتجاوز السماع والقراءة أي لن يقع بعدها حوادث مثلها ، تجاهلوا أن القرآن هو الموصوف بقوله إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا المزمل 5 وبقوله إنه لقول قول فصل وما هو بالهزل الطارق 13 ـ 14 ولكن خف القول الثقيل على الذين لم يفقهوه فلم يفهموا تفصيله فخلطوه بالهزل ومنه التسلية الكاذبة .
سلام هي
إن قوله سلام هي لمن المثاني مع قوله في ليلة مباركة الدخان 3 ويعني أن ليلة القدر سلام من كل عذاب ، خالية منه فهي ليلة مباركة لا عذاب فيها ، وهكذا لن يقع العذاب على الشام الموصوف في المثاني :
• سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله
• وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها الأعراف 137
• وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها سبأ 71
• ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها الأنبياء 81
• ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين الأنبياء 71
ويعني أن الأرض التي حول القدس مباركة للعالمين وهم أعم من المسلمين ، ولن يقع العذاب الموعود في الأرض المباركة ، وهكذا سارع اليهود أهل الكتاب إلى الهجرة إلى الأرض المباركة إذ فقهوا من الكتاب المنزل أكثر من فقهاء المسلمين ليسلموا من العذاب الموعود الذي أهلك بمثله قوم نوح والأحزاب من بعدهم ، ولن يقع العذاب كذلك على الأرض قبل هدم الكعبة كما هي دلالة قوله إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين عمران 96 ، ولن يقع العذاب بمثل الريح العقيم من عارض نزل منه الماء كما هي دلالة قوله ونزلنا من السماء ماء مباركا ق 9 ، وكان النبي الأمي يحزن إذا رأى السحاب لأجل ذلك فإذا نزل الماء سري عنه .
حتى مطلع الفجر
إن قوله :
وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا الكهف 59
وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون الحجر 4 ـ 5
ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون الفلاح 42 ـ 43
فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب هود 65
إن موعدهم الصبح هود 81
ليعني أن كل قرية عذبت من قبل قد جعل رب العالمين لوقت عذابها في الدنيا موعدا أعلنه لهم رسولهم وكذلك كل قرن من القرون الأولى وهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم إنما أنزل عليهم العذاب في أجل معلوم قد علموه جميعا يوم أخبرهم به رسلهم بالآيات ولفرط تكذيبهم لم يعبأوا به حتى جاءهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون وكذلك أهلكت ثمود بعد ثلاثة أيام كانت معلومة لهم جميعا إذ أخبرهم رسولهم صالح بالموعد الذي جعله الله لإهلاكهم ، وكذلك أهلكت قوم لوط بعد موعدهم المعلوم .
وإن قوله :
وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ويقولون متى هـذا الوعد إن كنتم صادقين قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون يونس 46 ـ 49
ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون الأعراف 34
ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون النحل 61
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا خاتمة فاطر
ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون العنكبوت 53 ـ 54
وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا الكهف 58
ويقولون متى هـذا الوعد إن كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون سبأ 29 ـ 30
ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون هود 8
ويعني أن العذاب الموعود في الدنيا إنما سيقع على المجرمين في أجل مسمى كما في حرف النحل وفاطر والعنكبوت ، وهو الموعد الذي لن يجدوا من دونه موئلا أي مرجعا يركضون إليه كما في حرف الكهف ، وهو الميعاد والأجل الذي لن يؤخروا عنه ساعة ولن يعجل لهم العذاب قبله ساعة كذلك كما في حرف سبأ والأعراف ويونس والنحل وفاطر ، وهو الأجل الذي جعله الله لكل أمة لوقوع العذاب عليها في الدنيا .
ولتقعنّ تسمية ذلك الأجل المعلوم ليصبح أجلا مسمى من عيسى وإمام المتقين معه ليقع علمه لكل الناس وينتظره الفريقان ويتربصونه .
وإن أجل كل أمة قد عذبت من قبل كقوم نوح والأحزاب من بعدهم قد وقع فيه قطع دابرها وتناسلها كما في قوله فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين الأعراف 72 يعني عادا ، وكما في قوله وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين الحجر 66 أي أوحي إلى لوط به ، ولم يؤخروا إلى أجل مسمى للذين آمنوا وكانوا يتقون واستخلفوا في الأرض من بعدهم كما في قوله :
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى نوح 1 ـ 4
قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إبراهيم 10
ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين الأنعام 42 ـ 45
ويعني أن الرسل وهم أولوا العلم قد وعدوا من قبل من آمن من قومهم أن يغفر الله لهم ذنوبهم فلا يعذبهم في الدنيا بل يؤخرهم إلى أجل مسمى آخر ويستخلفون في الأرض من بعد المجرمين ، ويعني حرف الأنعام أن قطع دابر الذين ظلموا كان وعدا من الله وعد به الرسل قبل النبي الأمي وأنه قد تم كما هي دلالة الحمد ، ويعني قوله ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك تهديدا للأمم بعد نزول القرآن بمثل ما عوقب به الأمم قبلهم ومن القرائن قوله قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إلـه غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون الأنعام 46 ـ 47 ويعني أن الله سيحول بين المكذبين من الأمم القائمة وبين الإيمان فلا ينتفعون بسمعهم ولا بأبصارهم ولا يفقهون بقلوبهم بل يستمرون في التكذيب وسيهلكون وهم الظالمون كما أهلك الذين ظلموا من قبل وقطع دابرهم .
وكذلك سيقع قطع دابر المكذبين بالرسل الموعودين من الأمم القائمة اليوم في الدنيا فلا يؤخرون إلى أجل مسمى آخر للذين آمنوا وكانوا يتقون كما في قوله ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين الأنفال 7 وهو وعد من الله في القرآن لم يقع بعد أراده الله ولا مرد له كما في قوله وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال الرعد 11 .
وإن الموعد الذي جعله الله لإهلاك المجرمين في آخر هـذه الأمة هو قوله من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ويعني أن مطلع الفجر من ليلة القدر هو الموعد الذي جعله الله لإهلاك المكذبين في أخر هـذه الأمة .
وإن قوله حتى مطلع الفجر لمن المثاني مع قوله والفجر في سورته ويعني أن الله سيدمر أعداءه المجرمين المكذبين بعد مطلع فجر ليلة القدر ، أي لا سلام عليهم بعد مطلع الفجر وإنما هو الحرب من الله عليهم ، وسيهلكون جميعا ـ إلا من كان منهم في الأرض المقدسة وهم الذين سيقاتلهم المسلمون في سبيل الله في ظل إمامهم ـ منهم ـ ومعه عيسى ابن مريم في الساعة بين مطلع الفجر ومطلع الشمس كما في قوله والصبح إذا أسفر المدثر 34 ومن المثاني معه قوله والصبح إذا تنفس التكوير 18 ، لأن الملائكة التي ستتنزل في ليلة القدر ستغير عليهم صبحا كما هي دلالة قوله فالمغيرات صبحا العاديات 3 ومن المثاني معه قوله وإن جندنا لهم الغالبون فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين الصافات 173 ـ 177 ، وسيقضى الأمر قبل الضحى ليعلم الناس أن رب محمد ما ودعه وما قلاه بل شهد على صدق رسالته إذ سيجعل غيب القرآن شهادة في صبح ليلة القدر .
إن قوم لوط أهلكوا بعد مطلع الفجر كما في قوله :
• إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب هود 81
• وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هـؤلاء مقطوع مصبحين الحجر 66
• ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر القمر 38
• فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل الحجر 73 ـ 74
وكذلك أهلكت ثمود بعد مطلع الفجر كما في قوله :
• فأخذتهم الصيحة مصبحين الحجر 83
• وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين هود 67
• فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين الأعراف 78
وكذلك أهلكت مدين بعد مطلع الفجر كما في قوله :
• وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين هود 94
• فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين الأعراف 91
وكذلك أهلكت عاد عند مطلع الفجر كما هي دلالة قوله وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما الحاقة 6 ـ7 ويعني أن العذاب أرسل عليهم في فجر اليوم الأول من الأيام الثمانية وبعد غروب شمس اليوم الأول بدأت الليلة الأولى من الليالي السبع ، وكذلك أخرج الله فرعون وجنده ليغرقهم كما في قوله فأتبعوهم مشرقين الشعراء 60 .
إن من يزعم أن ما بعد مطلع فجر ليلة القدر سلام كليلتها فقد قال على الله بغير علم ، وإنما هو مطلع الفجر على أم القرى التي ستأخذها الصاعقة كما في قوله :
• وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها الشورى 7
• فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فصلت 13
• فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون الطور 45
• وما ينظر هـؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ص 15
ويعني إنذار أم القرى وهي مكة قبل من حولها أن العذاب الموعود سيبدأ بها وكما سيأتي بيانه وبيان موعود كل قرية من العذاب الموعود في بيان القرآن .
ويعني القسم في سورة الفجر أنها الليلة الرابعة بعد عشر ذي الحجة لأنه عد عشر ليال وعد شفعا وعد وترا أي ثلاثا بعد العشر وقال والليل إذا يسر فهي الليلة الرابعة بعد عشر ذي الحجة المعلومة وهي الليلة التي تلي اليوم الثالث من أيام التشريق ، وهي ذات قمر كامل لا هلال كما في قوله وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر المدثر 31 ـ37 ويعني أن ليلة القدر ليلة شاتية يطول ليلها ويدبر ولا يزال القمر في السماء فإذا أسفر صبحها فقد وقعت إحدى الكبر وهي إحدى أيام الله التي أهلك فيها المكذبين من قبل .
ويعني قوله ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا النساء 102 أن ليلة القدر ليلة ممطرة كما في الحديث النبوي ، وسيصيب المؤمنين فيها أذى من مطر وسيكون فيها منهم مرضى وهم يحاصرون العدو فيأتي النصر من الله دونما جهد من المؤمنين في ليلة القدر التي أعد الله في فجرها للكافرين عذابا مهينا ، ولن يتأتى تأويله بالعذاب في يوم القيامة إذ لا تكليف بأخذ الحذر ولا بالجهاد والقتال والرباط وصلاة الخوف .
إن رفع علم ليلة القدر عن النبي في أول الأمة قد تضمنه القرآن في قوله قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا الجن 25 ومن المثاني معه قوله فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون الأنبياء 109 وكما لم يخبر النبي منذ نزلت سورة القدر في بداية البعثة النبوية إلى آخر حياته أن ليلة القدر الموعودة قد كانت البارحة .
وليس ما ادعيته من أنها الليلة الرابعة بعد عشر ذي الحجة هو علم لما رفع عن النبي علمه وأنسيه وإنما استنبطت من الرسالة التي أرسل بها خاتم النبيين وهي القرآن الذي أمرنا بتدبره ، غير أني لم أستطع تحديد السنة التي ستكون فيها ولا أدري كذلك أهي مما قرب أم لا تزال بعيدة عنا نحن المتأخرين عن نزول القرآن بأربعة عشر قرنا لم ينقض فيها الرويد الذي أمهل الله فيه المشركين قبل أن يكيد لهم كيدا يجعلهم هم المكيدين ، ويعني كذلك رفع علمها عن النبي أن لن يدركه معاصروه .
إن قوله إن ربك لبالمرصاد ليعني أنه سيصب سوط عذاب على الذين تولوا وكفروا فيعذبهم به العذاب الأكبر في الدنيا كما في السورة قبلها ، وهـذا الوعد هو الذي أقسم الله عليه بقوله والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر هل في ذلك قسم لذي حجر لتأكيد نفاذه وإن تأخر بعد نزول القرآن .
وإن قوله إن ربك لبالمرصاد ليعني أن ذلك مما ينتظر كما في قوله فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا الجن 9 أي في انتظاره قبل الاستماع ما بقي الرسول حيا منذ بدء رسالته كما هي دلالة قوله الآن ، وقوله إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا النبأ 21 ـ 22 أي في انتظارهم ، وقوله واقعدوا لهم كل مرصد التوبة 5 أي قبل أن يتحركوا كونوا في انتظارهم مستعدين لقتالهم ، وقوله وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل التوبة 107 أي ليجدوا المنافقين في انتظارهم ، وقوله فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا أي حرسا يترصدون أعداء الرسول فيحفظونه منهم .
يتواصل
الحسن محمد ماديك
الحسن محمد ماديك
وإن قوله :
• ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب سبأ 51
• ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون الأنعام 93
• ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم الأنفال 50
• فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم القتال 27
• قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمان مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا مريم 75
• حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا الجن 24 ـ 25
• يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا الفرقان 22
• ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما الفتح 6 ـ7
ويعني حرف سبإ أن الذين سيضلون عن الحق الذي أوحي إلى النبي الأمي وهو القرآن سيفزعون فزعا في الدنيا بعد حياة النبي كما هو مدلول قوله ولو ترى كما بينت في النبوة في مقدمة التفسير ويعني أن ذلك الموعود سيتأخر نفاذه عن حياة النبي ويوم يقع نفاذه وهو الميعاد الذي لا يخلفه الله ولا يستبشرون من تنزل الملائكة التي ستأخذهم من مكان قريب تماما كما بيّنه القرآن في حرف الأنعام والأنفال والقتال بأن الظالمين وهم في غمرات الموت ستكلمهم الملائكة بقولها أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون وإنما هو عذاب في الدنيا على جمع الظالمين يوم يعذبون كالأحزاب من قوم نوح ومن بعدهم من المكذبين المستكبرين عن الحق الذين كانوا يقولون على الله غير الحق ، ويومئذ تتوفى الملائكة من يقع عليهم الوصف بالذين كفروا يضربون وجوههم وأدبارهم وهم يومئذ في غمرات الموت أي أنهم في الحياة الدنيا .
ومن القرائن في حرف سبإ أن المكذبين حين يفزعون سيقولون آمنا به ولكن لن ينفعهم الإيمان بل سيحال بينهم وبين ما يشتهون من المتاع الأهل وإنما هو في الدنيا كما فعل بأشياعهم من قبل وهم قوم نوح وقوم لوط وعاد وثمود ومدين والأحزاب المعذبون قبل نزول القرآن .
ويعني حرف مريم أن من القول المتأخر عن حياة النبي أن أهل الضلالة سيستدرجون في الدنيا بما يمدهم به الرحمان من أسباب القوة والتمكين حتى إذا رأوا ما يوعدون يعني الوعدين في القرآن وهما أولا العذاب في الدنيا كما عذّب الأولون وثانيا الساعة وهي أدهى وأمرّ وفي كل من الوعدين سيعلم الضالون أنهم شرّ مكانا وأضعف جندا وسيعلمون كما في حرف الجن أنهم أضعف ناصرا وأقل عددا ، والمقارنة إنما هي بين جندهم وناصرهم وعددهم وبين الملائكة التي ستتنزل عليهم بالعذاب في الدنيا ، أما في الآخرة فكما في قوله وكلهم آتيه يوم القيامة فردا مريم 95 فأنى لهم الجنود والناصر والعدد ، وسيأتي مزيد من البيان .
ودلّ حرف الفرقان على أن الذين استكبروا وعتوا عتوّا كبيرا سيرون الملائكة مرتين أولاهما في الدنيا في ليلة القدر فيقولون حجرا محجورا إذ لا حيلة إلى الهروب ولا حول إلى أسباب النجاة كما في المثاني معه في حرف سبإ فلا فوت ، أي لن يفلت منهم أحد ، وثانيهما في يوم القيامة يوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ، فهما يومان لا تخفى المغايرة بينهما ، ويأتي قريبا تفصيله وبيانه .
ويعني حرف الفتح أن الله نصر المؤمنين في القرون الأولى بجنود السماوات وهم الملائكة كالذين أرسلوا إلى قوم لوط ، ونصرهم بجنود الأرض كالذين كانوا مع سليمان ، كما هي دلالة قوله وكان الله عزيزا حكيما يعني أن النصر بكل من جنود السماوات وجنود الأرض قد وقع قبل نزول القرآن ، وكذلك سيقع النصر بهما في هـذه الأمة بعد نزول القرآن ، وهو وعد وقضاء سيتم بعزة الله وإن تأخر لحكمة بالغة .
وإن من المثاني قوله :
هـذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف مكن الملائكة مسومين عمران 125
والمرسلات عرفا
والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا
ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فتول عنهم حتى وأبصرهم فسوف يبصرون أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون الصافات 171 ـ 179
وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر المدثر 31 ـ 37
ويعني الوعد بإنزال خمسة آلاف من الملائكة مسومين أن الناس سيرونهم ولهم سيما يعرفون بها وهم المرسلات عرفا أي لهم عمائم أرسلوا مؤخرتها يعرفون بها ، وإن لهم خيلا يركبونها كما في قوله والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا ، أما العاديات فهي طلائع الملائكة تعدو للقتال أو هي الخيل تعدو ضبحا وهو نوع من الجري ، أو نوع من أصواتها ليس بالصهيل ولا الحمحمة ، وأما الموريات فهي الخيل توري أي توقد بحوافرها الحجارة أو ما تسير عليه من الأرض قدحا لفرط قوتها وسرعتها في غارتها على المجرمين صبحا بعد مطلع الفجر حتى تثير النقع من الغبار وأثر الغارة وتلك من غمرات موت الظالمين الموصوف في حرف الأنعام حتى تتوسط الملائكة بخيلها جمع المجرمين لتأخذهم من مكان قريب كما في حرف سبإ ، وجند ربنا من الملائكة هم الغالبون وهـكذا سيسوء صباح المنذرين إذا نزل بساحتهم العذاب .
ويعني حرف الصافات أن كلمة ربنا أي وعده ـ كما بينت في مقدمة التفسير ـ هي وعده رسله كما في قوله إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فهو وعد قد سبق ونفذ بإهلاك قوم نوح وقوم لوط وبإهلاك عاد وثمود والأحزاب من بعدهم وباستخلاف المؤمنين من بعدهم فكانت العاقبة للمتقين وإنما جند ربنا الغالبون يومئذ هم الملائكة إذ لم يقع ذلك النصر بالقتال في سبيل الله ولا بجهود المؤمنين وإنما بأمر ربنا الخارق المعجز ، فجند ربنا من الملائكة هم الغالبون يومئذ كما هوصريح رسل ربنا من الملائكة الذين أرسلوا إلى قوم لوط بالعذاب فأمطرهم بحجارة من سجيل منضود وجعلوا عاليها سافلها ومن قبل نجوا لوطا وأهله إلا العجوز الغابرة فعذبوها مع قومها .
ولم تنقض كلمات ربنا بوعده رسله من الناس أن ينصرهم وبوعده جنده من الملائكة أن يجعلهم هم الغالبين بل نبّأ الله النبي الأمي في القرآن ومنه حرف الصافات هذا وأمره بانتظار ذلك الموعود كما في قوله فتول عنهم حتى وأبصرهم فسوف يبصرون أي أن حينا من الدهر سينقضي قبل نفاذ ذلك الموعود والعجب من المشركين الذين عاصروا نزول القرآن ولم يفقهوه كيف يستعجلون العذاب في الدنيا ويوم ينزل بساحتهم فسيسوء صباح المنذرين به من قبل في القرآن غذ لم يهتدوا بالقرآن إلى أسباب النجاة من عذاب الله في الدنيا وإلى أسباب النجاة من عذاب الله في الآخرة ولم يهتدوا بالقرآن العجب إلى الرشد وإلى التي هي أقوم .
ومرة أخرى تضمن حرف الصافات تكليف النبي الأمي الرسول بالقرآن بانتظار ذلك الموعود كما في قوله وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون أي ولينزلن العذاب الذي كانوا يستعجلون به ـ بعد حين من نزول القرآن ـ على ساحتهم فيسوء صباحهم وسيبصرونه فلا يكذبون به ، وسبحان الله وتعالى علوا كبيرا أن يكلف رسوله بالقرآن النبي الأمي بانتظار ما لا يكون أبدا .
ويعني حرف المدثر أن من الذكرى للبشر في القرآن أن تضمن القرآن التخويف من العذاب الذي ستتنزل به جنود ربنا من الملائكة في يوم من أيام الله كالذي أهلك فيه الأولين وسيقع في الآخرين مثله في فجر ليلة هي إحدى الكبر نذيرا للبشر ليتقدم أو يتأخر منهم من شاء إلى النجاة أو العذاب بعد نزول القرآن ذي الذكر والقول الفصل البعيد عن الهزل ، وسبحان الله وتعالى أن ينذر البشر في القرآن بما لن يكون آمنت بالكتاب كله .
بيان قوله ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون
وإن المثاني في قوله :
إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون فصلت 30 ـ 31
ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم يونس 62 ـ 65
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار إبراهيم 27 ـ 28
قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين البقرة 97
قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين النحل 102
إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب الأنفال 12
إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هـذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسوين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين عمران 124 ـ 127
ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم الأنفال 7ـ 10
هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما الفتح 4
وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ الشورى 8
ويعني حرف فصلت أن الملائكة ستتنزل على الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا وتكلمهم كما في قوله أن لا تخافوا ولا تحزنوا ويعني أنهم سيتنزلون لأمر ذي هول وفزع وسيراهم الناس جميعا فاحتاج الذين آمنوا إلى بشرى وتثبيت ، ويعني قوله وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون أنهم لن يفتنوا أبدا وهو من الموعود المتأخر المتقدم ذكره كما هو تفصيل الكتاب في خطاب المؤمنين لإيمانهم بالغيب وأن الموعود المتقدم المتأخر ذكره هو قوله نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا أي أن الملائكة ستنجي المؤمنين من العذاب الذي سيحلّ على المجرمين ، والقول الثابت الذي سيثبت الله به الذين آمنوا في الحياة الدنيا كما في حرف إبراهيم والنحل والأنفال فلا يفزعون من تنزل الملائكة بالعذاب هو البشرى من الملائكة في فصلت وهي من المثاني مع حرف يونس لهم البشرى في الحياة الدنيا وكما في قوله وهـذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون الأحقاف 12 ـ 13 وهو وعد من الله في حرف الأحقاف والنحل والبقرة أن يسلم أولياءه وهم الذين آمنوا وكانوا يتقون ، أي ينجيهم من العذاب الموعود في القرآن كما نجّى أولياءه من قبل لما أراد أن يهلك قوم نوح وقوم لوط وعادا وثمود وأصحاب الأيكة ومدين كما هو مدلول قوله لا تبديل لكلمات الله أي كلمات الله التي أهلك بها عدوه من قبل ونجى بها أولياءه كما في قوله ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون الأنفال 7 ـ8 ولن يقع شيء من ذلك بجهود المؤمنين وإنما بأمر خارق ولم يقع في هـذه الأمة هـذا الوعد إلى يومنا هـذا إذ لم يقطع دابر الكافرين ، بل هم اليوم أكثر نفيرا وأولوا بأس شديد ، ولقد قطع الله من قبل بكلماته دابر آل فرعون كما في قوله ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون يونس 82 فنجّى بها موسى ومن معه أجمعين وأغرق بها فرعون وجنوده أجمعين ، ولم يقع شيء من ذلك بجهود بني إسرائيل ولا بجهود موسى وهارون .
إن قوله ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون يونس 82 من قول موسى قد وقع لما ضرب بعصاه البحر فانفلق ونجى الله موسى ومن معه أجمعين وأغرق فرعون وجنوده ، ومن المثاني معه قوله ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون الأنفال 7 ـ 8 وهو من الموعود المنتظر الذي لم يقع بعد بل إن أهل الباطل اليوم أكثر نفيرا وأولوا بأس شديد ، وإنما سيقع الموعود فيمكن الله لأهل الحق ويعذب أهل الباطل ويهلكهم بكلمات الله إذا وافقت الأجل الذي جعل الله لها ليقع النصر من الله العزيز الذي قضى بتأخيره ووعد بإنفاذه وإن تأخر لحكمة بالغة هي حكمة الحكيم .
وإن البشرى للذين آمنوا في الحياة الدنيا كما في حرف فصلت لهي القول الثابت الذي سيثبتهم الله به في الدنيا كما في حرف إبراهيم ولا يخفى أن الذين آمنوا سيرون الملائكة تبشرهم في الآخرة فكذلك سيرونها تبشرهم في ليلة القدر .
ويعني تثبيت الذين آمنوا في ليلة القدر أنهم سيرون الملائكة معها العذاب والفزع لكن لن ينالهم من الملائكة إلا البشرى والتثبيت ليقوموا ليلة القدر إيمانا واحتسابا يصلون ويدعون ربهم وهم موقنون ببشارة الملائكة أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع كما يأتي بيانه في كلية الكتاب ، فيغفر الله لهم ما تقدم من ذنوبهم كما في الأحاديث النبوية الصحيحة .
ويعني قوله ويضل الله الظالمين إبراهيم 27 أنه سيضلهم عن أسباب النجاة من العذاب في فجر ليلة القدر ويعذبهم ويذهبهم فلا يعاني منهم الذين آمنوا أبدا بل تكون العاقبة للمتقين كما يأتي بيانه .
إن روح القدس جبريل الذي نزل القرآن على قلب خاتم النبيين سيثبت الذين آمنوا في ليلة القدر بالقرآن كما هو المتلو منه والمقروء في فصلت ويونس وإبراهيم وكما هو دلالة حرف البقرة والنحل والأنفال وأول الفتح .
ولقد نصر الله من النبيين من قبل بجنود السماوات وهم الملائكة وبجنود الأرض ومنهم المؤمنون قبل نزول القرآن كما في قوله ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما الفتح 4 وسينصر الله كذلك بهما النبي الأمي بعد نزول القرآن وعدا منه سيكون متأخرا كما هي دلالة الاسمين العليم الحكيم لدلالة علمه على غيب أخبر عنه قبل أن يكون شهادة ، ولدلالة حكمته على تأخر ذلك المعلوم لحكمة بالغة .
ويعني حرف عمران والأنفال أن الملائكة في بدر لم تقاتل وإنما كانت بشرى للمؤمنين ولتطمئن قلوبهم إلى أن الله سينصرهم بها إذا تنزلت في ليلة القدر الموعودة بأمر ربها الذي أهلك به الأولين ، وإن تأخر النصر بالملائكة قرونا كثيرة حتى يذوقوا الهوان والذل والصغار هو من قضاء الله ، ووعد بنفاذه .
ويعني حرفا عمران والأنفال أن إنزال ألف من الملائكة مردفين بألف أو ألفين تأتي بعدهم لتتم ثلاثة آلاف من الملائكة منزلين قد تنزلوا في بدر بشرى بالنصر الموعود في ليلة القدر التي سيمد ربنا فيها المؤمنين بخمسة آلاف من الملائكة مسومين .
وإن السكينة التي أنزلها الله في قلوب المؤمنين الذين بايعوا النبي الأمي كما في حرف الفتح هي اطمئنان قلوبهم كما في حرف عمران والأنفال ، وليقعن مثله للمؤمنين في ليلة القدر .
وإن قوله وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوّا كبيرا يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمان وكان يوما على الكافرين عسيرا الفرقان 21 ـ26 ليعني حوادث منفصلة في يومين مستقبلان بعد نزول القرآن وهما من الوعد والغيب الذي لا إيمان لمن لم ينتظره ويؤمن به أنه آت ...
ولقد تضمن تفصيل الكتاب الجمع بين اليومين على نسق ما في حرف الفرقان بل أكثر كما في قوله فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون مريم 37 ـ39 ويعني أن حرف مريم قد جمع بين ثلاثة أيام أحدها سيشهد للذين كفروا فيه مشهدا عظيما هو العذاب الموعود في الدنيا تتنزل به الملائكة عليهم وهذا اليوم لم يؤمن به الذين الذين كفروا إذ لم يسمعوا الهدى ولم يبصروه في القرآن ، وثانيهما هو يوم البعث يوم يأتون ربهم للحساب فما أسمع الذين كفروا فيه وما أبصرهم ولكن مضى وقت التكليف ، وثالثها هو يوم الحسرة وسيأتي بيانه في مجلدين من بيان القرآن .
إن حرف الفرقان يعني أن الذين لا يرجون لقاء ربهم سيرون الملائكة مرتين أولاهما في الدنيا فلا يستبشرون بل يفزعون من العذاب ولا فوت لأحد منهم بل يقولون حجرا محجورا مقرين بأنهم منعوا من أسباب النجاة وأنهم قد حيل بينهم وبين ما يشتهون ويومئذ يتم تدمير ما بنوه من البروج والمصانع وما أترفوا فيه فيصبح هباء منثورا .
أما أصحاب الجنة بما تبشرهم بها الملائكة في الدنيا يومئذ فهم خير مستقرا وأحسن مقيلا إذ وقع عليهم ـ ما أسعدهم ـ نفاذ وعد الله الذي نبّأ به نوحا والنبيين من بعده ونبّأ به خاتم النبيين في القرآن قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين هود 47 ـ 48 ويعني أن العاقة للمتقين وعد سيتم نفاذه بعد أن يمسّ أمما متعوا عذاب أليم ، وقد كانت العاقبة للمتقين من قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب ولكن لم تنقض النبوة بل نبّأ الله بها النبي الأمي في القرآن ووصفها من أنباء العيب التي أوحيت إليه وأمره بالصبر قبلها أي بانتظارها .
أما اليوم الثاني في حرف الفرقان فهو يوم البعث يوم تشقق السماء بالغمام وتنزل الملائكة تنزيلا ليقوم الحساب وهو يوم كذلك عسير على الكافرين .
إن أصحاب الجنة هم الذين ستتنزل عليهم الملائكة في الدنيا تبشرهم كما في قوله ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا فصلت 30 ـ 31 وكما في قوله ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا يونس 62 ـ63 فهم أصحاب الجنة لما سيكون عليهم من سيما يعرفون بها فلا يختلطون بغيرهم كما بيّنته كثيرا وفصلته تفصيلا في كلية الآيات
من كل أمر
إن قوله فإذا جاء أمرنا وفار التنور الفلاح 27 وقوله حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور هود 40 ليعني أن أمر ربنا هو العذاب بالطوفان الذي أغرق به قوم نوح ، وإن قوله ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ هود 58 ليعني أن أمر ربنا هو العذاب الغليظ بالريح العقيم الذي أهلك به عادا ، وإن قوله فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة ومن خزي يومئذ هود 66 ليعني أن أمر ربنا هو الصيحة التي أخذت ثمود وأخزتهم فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ، وإن قوله إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود هود 76 ، وقوله فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك هود 82 ليعني أن أمر ربنا هو العذاب الذي أهلك به قوم لوط ، وإن قوله ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا هود 94 ليعني أن أمر ربنا هو الصيحة التي أخذت مدين فأصبحوا في ديارهم جاثمين ، وإن قوله ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولـكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب هود 100 ـ 101 ليعني أن أمر رب النبي الأمي هو العذاب الذي أهلك به المجرمين المكذبين من قبل ، وإن قوله ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم الأعراف 150 ليعني أنهم باتخاذهم العجل قد تعجلوا أمر ربهم أي عذابه في الدنيا .
وإن من المثاني قوله :
• ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولـكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة هود 100 ـ 103
• هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولـكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون النحل 33 ـ 34
• من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر
• وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر القمر 3
ويعني حرف هود أنه كما أهلكت القرى من قبل بأمر رب النبي الأمي أي بعذاب من عنده فإن القرى القائمة اليوم ستهلك به كذلك .
ويعني حرف النحل أن المكذبين في هـذه الأمة إنما ينتظرون أن تأتيهم الملائكة في ليلة القدر أو يأتيهم في مطلع فجر ليلة القدر العذاب الذي عذب به الأولون .
ويعني حرف القدر أن كل أمر عذب به الأولون ستتنزل به الملائكة في ليلة القدر ، وأن ليلة القدر سلام على المجرمين إذ لن يصيبهم شيء من العذاب في ليلة القدر حتى مطلع الفجر فإذا طلع الفجر استقر عليهم كل أمر عذب به الأولون كما هي دلالة حرف القمر .
إن أمر ربنا الذي أهلك به الأولين وسيهلك به الآخرين هو الموصوف في قوله وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر القمر 50 ـ 51 أي عاقل يذكر فينجو من أمر ربنا الموعود .
وللكافرين أمثالها
إن قوله ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد هود 89 من قول شعيب يخوف قومه وقد أصابهم مثل ذلك إذ أخذتهم الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كما أخذت ثمود .
وإن قوله وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم غافر 30 ـ 31 من قول رجل مؤمن من آل فرعون يخوف قومه وقد أصابهم مثل ذلك إذ أغرقوا كما أغرق قوم نوح .
وإن المثاني في قوله :
• فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون خاتمة الذاريات
• فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فصلت 13
• أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم القتال 10 ـ 11
• فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنظرين يونس 102
لتعني أن الله وعد النبي الأميّ في القرآن أن يصب على الذين ظلموا عذابا مثل العذاب الذي أهلك به أصحابهم وهم الذين ظلموا من قوم نوح والذين من بعدهم ، وقد أمر الله نبيه أن ينذر المعرضين عن الإسلام صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ، وإن التخويف والإنذار في القرآن لم يكن هزلا أبدا .
ويعني حرف القتال أن الكافرين في هـذه الأمة موعودون بمثل ما دمر الله به من قبلهم من الأمم المكذبة ، ولن يجدوا وليا من دون الله ينجيهم من العذاب الموعود .
ويعني حرف يونس أن مثل أيام الذين خلوا من قبل وهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم سيأتي على المكذبين في هـذه الأمة .
إن قوله ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين الأنفال 50 ـ 54 لمن المثاني مع قوله إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب قل للذين كفروا ستغلبون عمران 10 ـ 12 ويعني أنه كما أهلك آل فرعون ومن قبلهم من الأمم كقوم نوح والأحزاب من بعدهم وبمثل ما أهلكوا به سيهلك الذين كفروا في هـذه الأمة ، كما هي دلالة قوله كدأب في الحرفين أي مثله.
وإن المثاني في قوله :
• ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين المرسلات 18
• ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين يونس 13
• فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين الأحقاف 25
ليعني أن المجرمين المكذبين في آخر هـذه الأمة سيعذبون كما عذب المجرمون الأولون كما هي دلالة قوله كذلك أي مثله .
إن قوم إبراهيم الذين رموه في النار قد عذبوا في الدنيا بعذاب من عند الله كما بينت في قوله وما أنتم بمعجزين في الأرض .
وكذلك عذب قوم إلياس في الدنيا كما في قوله فكذبوه فإنهم لمحضرون إلا عباد الله المخلصين الصافات 127 ـ 128
وكذلك أهلك في الدنيا بعذاب من عند الله قوم تبع كما في قوله كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد ق 12 ـ 14 وقوله أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين الدخان 37 ولعلهم والله أعلم أصحاب القرية التي ضربها الله مثلا في حرف النحل والذين مزقوا كل ممزق وجعلوا أحاديث في حرف سبإ ، ولم يتضمن القرآن نوع العذاب الذي أهلك به كل منهم إذ لن يقع مثله في هـذه الأمة ، وإنما سيقع مثل العذاب الذي عذبت به القرون الأولى وتضمن القرآن تفصيله للذكر وهو الطوفان والريح العقيم والصاعقة والصيحة وعذاب يوم الظلة والخسف والمطر بحجارة من سجيل منضود مسومة عند ربنا للمسرفين والإغراق .
إن في ذلك لآيات ل...
إن من تفصيل الكتاب أن لفظ الآية يقع على المتلوة والنعمة والدليل على التكرار والقرينة للتصديق وعلى الخارقة المعجزة .
وإن الآية التي تقع على المتلوة ، وعلى آيات الكتاب ، وعلى النعمة ، وبعض التي تقع على القرينة للتصديق هي آيات الله .
وإن الآية التي تقع على الخارقة المعجزة هي آيات رب العالمين .
ومما يقع على المتلوة قوله ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم عمران 58
وتقع آيات الكتاب والقرآن على الفواتح في أوائل السور المعلومة .
ومما يقع على النعمة قوله يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون الأعراف 26 .
ومما يقع على الخارقة للتخويف والقضاء قوله هـذه ناقة الله لكم آية الأعراف 73 ، وقوله قد جئناك بآية من ربك طـه 47 ، وقوله وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه طـه 133 ، وهـذه الآيات للتخويف لا يكون بعدها إلا القضاء بين الفريقين بنجاة المؤمنين وإهلاك المجرمين وهم المكذبون بها .
ومما يقع على الدليل على التكرار قوله بيان قوله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون
الروم 23 بعد ذكر المنام بالليل والنهار وطلب رزق الله .
ومما يقع على القرينة على التصديق قوله بيان قوله ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين يوسف 35 ويعني بالآيات القرائن الدالة على براءته ، وقوله بيان قوله إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون البقرة 164 ويعني بالآيات القرائن الدالة على أن الله رب العالمين ومدبر الأمر .
وإن الآية الخارقة المعجزة تقع على التي للكرامة والطمأنينة وعلى التي للتخويف والقضاء .
وإن قوله إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين المكررة في الشعراء ، بعد ذكر إغراق فرعون وجنوده وقوم نوح ، وإهلاك عاد ، والعذاب الذي أخذ ثمود ، وتدمير قوم لوط ، وعذاب يوم الظلة الذي أخذ أصحاب الأيكة ليعني أن مثله سيقع في هـذه الأمة ورغم التحذير منه في القرآن فلن ينجو أكثر الناس وإنما سيهلكون .
وإن قوله ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون النمل 50 ـ 52 ليعني أن مثله سيتكرر في هـذه الأمة فينجي الله منه الذين يعلمون وهم الجيل على منهاج النبوة الذين سيستخلفون في الأرض بعد ليلة القدر كما يأتي بيانه .
وإن قوله فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن في ذلك لآيات للمتوسمين الحجر 73 ـ 75 ليعني أن مثله سيقع في هـذه الأمة .
وإن المثاني في قوله :
• أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى طـه 128
• أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون السجدة 26
ليعني أن مثله سيقع في هـذه الأمة فتهلك منها قرون يمشون في مساكنهم ولن ينجو من العذاب الموعود إلا أولوا النهى الذين يسمعون .
وإن من المثاني قوله :
• فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور سبأ 19
• ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور إبراهيم 5
ويعني حرف سبأ أن سيكون في هـذه الأمة من يظلمون أنفسهم كأولئك وسيجعلهم الله أحاديث ويمزقهم كل ممزق ، وحرف إبراهيم من نبوة موسى التي لم تتحقق بعد ونبأ بها الله في القرآن خاتم النبيين فكانت من الغيب المنتظر الموعود الذي سيقع في هـذه الأمة إذ لم يأت يوم من أيام الله التي أهلك فيها المكذبين من قبل بعد هلاك فرعون ليهلك فيه المكذبون كما هي نبوة موسى في حرف إبراهيم وغيره ، وكما هي نبوة خاتم النبيين كذلك ، ولن ينجو من العذاب الموعود إلا كل صبار شكور .
وإن قوله أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب سبأ 9 ليعني أن ذلك مما قد وقع من قبل وسيتذكر إذ سيقع مثله في هـذه الأمة ولن ينجو منه إلا كل عبد منيب .
وإن قوله وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة هود 102 ـ 103 ليعني أن ربنا سيأخذ القرى القائمة التي لم تحصد بعد أخذا أليما شديدا ولن ينجو منه إلا من خاف عذاب الآخرة .
إن جميع القرى موعودة بذلك كما هي دلالة قوله وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة أي مثله وكما في وعده في قوله وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا الإسراء 58 .
وإن قوله قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين لنرسل عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم وهو مليم وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين 43 ـ 45 ليعني أن العذاب بحجارة من طين مسومة عند ربنا للمسرفين وبكل من الإغراق والريح العقيم والصاعقة سيقع مثله في هـذه الأمة لتعلقه بقوله وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم الذاريات 37 أي دليلا على أنه سيتكرر مثله بعد نزول القرآن .
وإن قوله فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في ذلك لعبرة لمن يخشى النازعات 25 ـ 26 ليعني أن الله أخذ فرعون بالإغراق وهو النكال الذي أخذ الله به في المرة الأولى قوم نوح ، وهو النكال الذي سيأخذ الله به في المرة الآخرة أي سيهلك به المتأخرين من خلف فرعون ، ويعني قوله إن في ذلك لعبرة لمن يخشى أن ذلك سيقع مثله في هـذه الأمة ولن ينجو منه إلا من يخشى .
دلالة الأمر بالاعتبار
إن قوله واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين الأعراف 86 ليعني أن شعيبا قد حذر قومه مدين إن لم يعتبروا من مثل عاقبة المفسدين قبلهم ، ودلالة الأمر بالنظر هي الاعتبار ، وإن من تفصيل الكتاب أن ما جعل عبرة من الحوادث والقصص الماضية سيقع مثله في هـذه الأمة ولن يهتدي يومئذ إلا من اعتبر بالقرآن من أولي الألباب .
وإن المثاني في قوله :
• قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل الروم 41
• قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين النمل 69
• قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين الأنعام 11
• أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها القتال 10
وشبهها لتعني أن عاقبة المكذبين المجرمين من قبلنا هو العذاب الذي أهلكوا به في الدنيا ، وكذلك ستكون عاقبة المكذبين في هـذه الأمة إن لم يعتبروا بعاقبة الأولين .
وإن قوله :
• فانظر كيف كان عاقبة المفسدين الأعراف 103 النمل 14
• فانظر كيف كان عاقبة المجرمين الأعراف 84
• فانظر كيف كان عاقبة المنذرين يونس 73 الصافات 73
• فانظر كيف كان عاقبة الظالمين القصص 40 يونس 39
• فانظر كيف كان عاقبة المكذبين الزخرف 25
• فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين النمل 51
لتعني أن الاعتبار بعاقبة المهلكين من قبل هو من سنة النبي الأمي فمن رغب عن طاعة الأمر بالاعتبار بعاقبة المهلكين من قبل فقد رغب عن سنة النبي وإذا فليس من أمته .
وإن الأمر بالسير في القرآن حيث وقع كما في قوله قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين عمران 137 ليعني أن الله لن يعجل العذاب الموعود قبل أن يقع من الناس سير في الأرض ونظر في عاقبة الذين أهلكوا من قبل حتى يتبينوا أن قوم نوح وعادا وثمود ومدين وقوم لوط وقوم فرعون كانوا أشد قوة وآثارا في الأرض التي عمروها أكثر مما عمرها الذين عاصروا النبي الأمي وحتى يتفكروا في أنهم إنما أهلكوا بسبب تكذيبهم .
إن التقدم العلمي اليوم لم يبلغ ذروته بعد ، وإن كان قد اقترب منها إذ سيتم نفاذ ما في القرآن من الأمر الذي خوطب به الناس قبيل الساعة في ظل التقدم التقني والعلمي كما في قوله قل انظروا ماذا في السماوات والأرض يونس101 وقوله أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون الأعراف 185 وقوله وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون يوسف 105 وكما سيأتي بيانه ، وقد تمكنت البشرية من رحلات الفضاء وغزوه وتمكنت من مراقبة النجوم والمجرات من الأرض ومن الكواكب ومن الفضاء ، وها هي البشرية بالتقدم العلمي تكتشف كيف مات صاحب العظام البالية الرميم ومتى مات ، وها هم المتخصصون في علم الآثار يثيرون الأرض ويبحثون عن الأمم في القرون الماضية وكيف أثاروا الأرض وعمروها من قبل وكيف ماتوا ، وسيسارع الظالمون قريبا إلى إقامة مستوطنات في الربع الخالي وفي ديار ثمود وفي القرية التي أمطرت مطر السوء لإيقاع قوله وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم إبراهيم 45 ومن المثاني معه قوله أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها الأعراف 100، وليقعن ذلك قريبا من الذين يسارعون اليوم إلى احتلال الجزيرة العربية .
فكيف كان عذابي ونذر
وإن من المثاني قوله :
• ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب غافر4 ـ 5
• ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب الرعد 31 ـ 32
• وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير الحج 42 ـ 44
• وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير فاطر 25 ـ 26
• وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير سبأ 45
• وكذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير الملك 18
• فكيف كان عذابي ونذر القمر 16 ـ 18 ـ 21 ـ 30
• أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير الملك 16 ـ 17
ويعني حرف غافر أن قوم نوح والأحزاب من بعدهم قد أهلكوا في الدنيا وعلموا كيف كان عقابه ، وكذلك الذين كفروا في هـذه الأمة الذين سيجادلون في آيات الله ويتقلبون في البلاد ـ كناية عن التمكين ـ سيأخذهم ربهم أي يعذبهم ليعلموا كيف سيكون عقابه
ويعني حرف الرعد أن الذين كفروا في هـذه الأمة سيمهلون ويصيبهم من العذاب الأدنى كما سيأتي تقريره قبل العذاب الأكبر الموعود في الدنيا ليعلموا كيف سيكون عقابه كما أتى الذين استهزأوا بالرسل وأملي لهم ثم أخذهم الله وعلموا كيف كان عقابه
ويعني حرف فاطر وسبأ وثاني الملك وأربعة القمر أن الذين كذبوا من قبل قد أملي لهم ثم أخذوا بالعذاب فعلموا كيف كان نكيره وعذابه ونذيره ولقد كذب هـؤلاء وسيعلمون رأي العين كيف سيكون نكيره وعذابه ونذيره .
ويعني أول الملك أن الله قد أنذر المكذبين في هـذه الأمة عذابا من تحت أرجلهم وعذابا من فوقهم ، ووعدهم أن يعذبهم في الدنيا حتى يعلموا رأي العين كيف يكون نذيره أي كيف سيقع عليهم ما أنذروا به في القرآن من العذاب في الدنيا ، ويحسب المفسرون أن نذير الله في القرآن إنما هو للتسلية وللعبرة التي لا تتجاوز السماع والقراءة أي لن يقع بعدها حوادث مثلها ، تجاهلوا أن القرآن هو الموصوف بقوله إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا المزمل 5 وبقوله إنه لقول قول فصل وما هو بالهزل الطارق 13 ـ 14 ولكن خف القول الثقيل على الذين لم يفقهوه فلم يفهموا تفصيله فخلطوه بالهزل ومنه التسلية الكاذبة .
سلام هي
إن قوله سلام هي لمن المثاني مع قوله في ليلة مباركة الدخان 3 ويعني أن ليلة القدر سلام من كل عذاب ، خالية منه فهي ليلة مباركة لا عذاب فيها ، وهكذا لن يقع العذاب على الشام الموصوف في المثاني :
• سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله
• وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها الأعراف 137
• وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها سبأ 71
• ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها الأنبياء 81
• ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين الأنبياء 71
ويعني أن الأرض التي حول القدس مباركة للعالمين وهم أعم من المسلمين ، ولن يقع العذاب الموعود في الأرض المباركة ، وهكذا سارع اليهود أهل الكتاب إلى الهجرة إلى الأرض المباركة إذ فقهوا من الكتاب المنزل أكثر من فقهاء المسلمين ليسلموا من العذاب الموعود الذي أهلك بمثله قوم نوح والأحزاب من بعدهم ، ولن يقع العذاب كذلك على الأرض قبل هدم الكعبة كما هي دلالة قوله إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين عمران 96 ، ولن يقع العذاب بمثل الريح العقيم من عارض نزل منه الماء كما هي دلالة قوله ونزلنا من السماء ماء مباركا ق 9 ، وكان النبي الأمي يحزن إذا رأى السحاب لأجل ذلك فإذا نزل الماء سري عنه .
حتى مطلع الفجر
إن قوله :
وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا الكهف 59
وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون الحجر 4 ـ 5
ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون الفلاح 42 ـ 43
فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب هود 65
إن موعدهم الصبح هود 81
ليعني أن كل قرية عذبت من قبل قد جعل رب العالمين لوقت عذابها في الدنيا موعدا أعلنه لهم رسولهم وكذلك كل قرن من القرون الأولى وهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم إنما أنزل عليهم العذاب في أجل معلوم قد علموه جميعا يوم أخبرهم به رسلهم بالآيات ولفرط تكذيبهم لم يعبأوا به حتى جاءهم العذاب بغتة وهم لا يشعرون وكذلك أهلكت ثمود بعد ثلاثة أيام كانت معلومة لهم جميعا إذ أخبرهم رسولهم صالح بالموعد الذي جعله الله لإهلاكهم ، وكذلك أهلكت قوم لوط بعد موعدهم المعلوم .
وإن قوله :
وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون ويقولون متى هـذا الوعد إن كنتم صادقين قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون يونس 46 ـ 49
ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون الأعراف 34
ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون النحل 61
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا خاتمة فاطر
ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون العنكبوت 53 ـ 54
وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا الكهف 58
ويقولون متى هـذا الوعد إن كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون سبأ 29 ـ 30
ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون هود 8
ويعني أن العذاب الموعود في الدنيا إنما سيقع على المجرمين في أجل مسمى كما في حرف النحل وفاطر والعنكبوت ، وهو الموعد الذي لن يجدوا من دونه موئلا أي مرجعا يركضون إليه كما في حرف الكهف ، وهو الميعاد والأجل الذي لن يؤخروا عنه ساعة ولن يعجل لهم العذاب قبله ساعة كذلك كما في حرف سبأ والأعراف ويونس والنحل وفاطر ، وهو الأجل الذي جعله الله لكل أمة لوقوع العذاب عليها في الدنيا .
ولتقعنّ تسمية ذلك الأجل المعلوم ليصبح أجلا مسمى من عيسى وإمام المتقين معه ليقع علمه لكل الناس وينتظره الفريقان ويتربصونه .
وإن أجل كل أمة قد عذبت من قبل كقوم نوح والأحزاب من بعدهم قد وقع فيه قطع دابرها وتناسلها كما في قوله فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين الأعراف 72 يعني عادا ، وكما في قوله وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين الحجر 66 أي أوحي إلى لوط به ، ولم يؤخروا إلى أجل مسمى للذين آمنوا وكانوا يتقون واستخلفوا في الأرض من بعدهم كما في قوله :
إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى نوح 1 ـ 4
قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إبراهيم 10
ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين الأنعام 42 ـ 45
ويعني أن الرسل وهم أولوا العلم قد وعدوا من قبل من آمن من قومهم أن يغفر الله لهم ذنوبهم فلا يعذبهم في الدنيا بل يؤخرهم إلى أجل مسمى آخر ويستخلفون في الأرض من بعد المجرمين ، ويعني حرف الأنعام أن قطع دابر الذين ظلموا كان وعدا من الله وعد به الرسل قبل النبي الأمي وأنه قد تم كما هي دلالة الحمد ، ويعني قوله ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك تهديدا للأمم بعد نزول القرآن بمثل ما عوقب به الأمم قبلهم ومن القرائن قوله قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إلـه غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون الأنعام 46 ـ 47 ويعني أن الله سيحول بين المكذبين من الأمم القائمة وبين الإيمان فلا ينتفعون بسمعهم ولا بأبصارهم ولا يفقهون بقلوبهم بل يستمرون في التكذيب وسيهلكون وهم الظالمون كما أهلك الذين ظلموا من قبل وقطع دابرهم .
وكذلك سيقع قطع دابر المكذبين بالرسل الموعودين من الأمم القائمة اليوم في الدنيا فلا يؤخرون إلى أجل مسمى آخر للذين آمنوا وكانوا يتقون كما في قوله ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين الأنفال 7 وهو وعد من الله في القرآن لم يقع بعد أراده الله ولا مرد له كما في قوله وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال الرعد 11 .
وإن الموعد الذي جعله الله لإهلاك المجرمين في آخر هـذه الأمة هو قوله من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ويعني أن مطلع الفجر من ليلة القدر هو الموعد الذي جعله الله لإهلاك المكذبين في أخر هـذه الأمة .
وإن قوله حتى مطلع الفجر لمن المثاني مع قوله والفجر في سورته ويعني أن الله سيدمر أعداءه المجرمين المكذبين بعد مطلع فجر ليلة القدر ، أي لا سلام عليهم بعد مطلع الفجر وإنما هو الحرب من الله عليهم ، وسيهلكون جميعا ـ إلا من كان منهم في الأرض المقدسة وهم الذين سيقاتلهم المسلمون في سبيل الله في ظل إمامهم ـ منهم ـ ومعه عيسى ابن مريم في الساعة بين مطلع الفجر ومطلع الشمس كما في قوله والصبح إذا أسفر المدثر 34 ومن المثاني معه قوله والصبح إذا تنفس التكوير 18 ، لأن الملائكة التي ستتنزل في ليلة القدر ستغير عليهم صبحا كما هي دلالة قوله فالمغيرات صبحا العاديات 3 ومن المثاني معه قوله وإن جندنا لهم الغالبون فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين الصافات 173 ـ 177 ، وسيقضى الأمر قبل الضحى ليعلم الناس أن رب محمد ما ودعه وما قلاه بل شهد على صدق رسالته إذ سيجعل غيب القرآن شهادة في صبح ليلة القدر .
إن قوم لوط أهلكوا بعد مطلع الفجر كما في قوله :
• إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب هود 81
• وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هـؤلاء مقطوع مصبحين الحجر 66
• ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر القمر 38
• فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل الحجر 73 ـ 74
وكذلك أهلكت ثمود بعد مطلع الفجر كما في قوله :
• فأخذتهم الصيحة مصبحين الحجر 83
• وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين هود 67
• فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين الأعراف 78
وكذلك أهلكت مدين بعد مطلع الفجر كما في قوله :
• وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين هود 94
• فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين الأعراف 91
وكذلك أهلكت عاد عند مطلع الفجر كما هي دلالة قوله وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما الحاقة 6 ـ7 ويعني أن العذاب أرسل عليهم في فجر اليوم الأول من الأيام الثمانية وبعد غروب شمس اليوم الأول بدأت الليلة الأولى من الليالي السبع ، وكذلك أخرج الله فرعون وجنده ليغرقهم كما في قوله فأتبعوهم مشرقين الشعراء 60 .
إن من يزعم أن ما بعد مطلع فجر ليلة القدر سلام كليلتها فقد قال على الله بغير علم ، وإنما هو مطلع الفجر على أم القرى التي ستأخذها الصاعقة كما في قوله :
• وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها الشورى 7
• فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فصلت 13
• فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون الطور 45
• وما ينظر هـؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ص 15
ويعني إنذار أم القرى وهي مكة قبل من حولها أن العذاب الموعود سيبدأ بها وكما سيأتي بيانه وبيان موعود كل قرية من العذاب الموعود في بيان القرآن .
ويعني القسم في سورة الفجر أنها الليلة الرابعة بعد عشر ذي الحجة لأنه عد عشر ليال وعد شفعا وعد وترا أي ثلاثا بعد العشر وقال والليل إذا يسر فهي الليلة الرابعة بعد عشر ذي الحجة المعلومة وهي الليلة التي تلي اليوم الثالث من أيام التشريق ، وهي ذات قمر كامل لا هلال كما في قوله وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر المدثر 31 ـ37 ويعني أن ليلة القدر ليلة شاتية يطول ليلها ويدبر ولا يزال القمر في السماء فإذا أسفر صبحها فقد وقعت إحدى الكبر وهي إحدى أيام الله التي أهلك فيها المكذبين من قبل .
ويعني قوله ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا النساء 102 أن ليلة القدر ليلة ممطرة كما في الحديث النبوي ، وسيصيب المؤمنين فيها أذى من مطر وسيكون فيها منهم مرضى وهم يحاصرون العدو فيأتي النصر من الله دونما جهد من المؤمنين في ليلة القدر التي أعد الله في فجرها للكافرين عذابا مهينا ، ولن يتأتى تأويله بالعذاب في يوم القيامة إذ لا تكليف بأخذ الحذر ولا بالجهاد والقتال والرباط وصلاة الخوف .
إن رفع علم ليلة القدر عن النبي في أول الأمة قد تضمنه القرآن في قوله قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا الجن 25 ومن المثاني معه قوله فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون الأنبياء 109 وكما لم يخبر النبي منذ نزلت سورة القدر في بداية البعثة النبوية إلى آخر حياته أن ليلة القدر الموعودة قد كانت البارحة .
وليس ما ادعيته من أنها الليلة الرابعة بعد عشر ذي الحجة هو علم لما رفع عن النبي علمه وأنسيه وإنما استنبطت من الرسالة التي أرسل بها خاتم النبيين وهي القرآن الذي أمرنا بتدبره ، غير أني لم أستطع تحديد السنة التي ستكون فيها ولا أدري كذلك أهي مما قرب أم لا تزال بعيدة عنا نحن المتأخرين عن نزول القرآن بأربعة عشر قرنا لم ينقض فيها الرويد الذي أمهل الله فيه المشركين قبل أن يكيد لهم كيدا يجعلهم هم المكيدين ، ويعني كذلك رفع علمها عن النبي أن لن يدركه معاصروه .
إن قوله إن ربك لبالمرصاد ليعني أنه سيصب سوط عذاب على الذين تولوا وكفروا فيعذبهم به العذاب الأكبر في الدنيا كما في السورة قبلها ، وهـذا الوعد هو الذي أقسم الله عليه بقوله والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر هل في ذلك قسم لذي حجر لتأكيد نفاذه وإن تأخر بعد نزول القرآن .
وإن قوله إن ربك لبالمرصاد ليعني أن ذلك مما ينتظر كما في قوله فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا الجن 9 أي في انتظاره قبل الاستماع ما بقي الرسول حيا منذ بدء رسالته كما هي دلالة قوله الآن ، وقوله إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا النبأ 21 ـ 22 أي في انتظارهم ، وقوله واقعدوا لهم كل مرصد التوبة 5 أي قبل أن يتحركوا كونوا في انتظارهم مستعدين لقتالهم ، وقوله وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل التوبة 107 أي ليجدوا المنافقين في انتظارهم ، وقوله فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا أي حرسا يترصدون أعداء الرسول فيحفظونه منهم .
يتواصل
الحسن محمد ماديك