من بلاغة القران الكريم ( موضوع رقم (17) / داود العرامين

إنضم
14/04/2016
المشاركات
11
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
الأردن
قوله تعالى :((و ما من دابة في الأرض و لا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم )) 38 الأنعام
نلاحظ هنا أنه تعالى استعمل حرف الجر (في) بدل (على )وذلك ليشمل ما تحت الأرض من دواب تعيش في باطن الأرض كالحشرات مثل النمل وغيرها، وكذلك الجرذان ،واليربوع ،والديدان والزواحف ،وهي كثيرة وقد حدَّث بعضُ من يعملون في قلع الحجارة أنهم يجدون ديدان حيَّةً ونملاً في جوف صخرة لا منفذ لها ، وهناك نص لسيدنا علي يقول:" الشرك الخفي أخفى من دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء" والله تعالى يعلم مستقرها ومستودعها، أي يعلم مبيتها وما عندها مما استودعت من غذاء مما رزقها الله تعالى يكفيها ،وكل ذلك بعلمه وبإذنه.
ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خرج سليمان عليه السلام يستقي، فرأى نملةً مستلقيَةً على ظهرها، رافعةً قوائمَها إلى السماء، تقول: اللهم، إنا خَلْقٌ مِن خلقِك، ليس بنا غنًى عن سُقيَاك، فقال لهم سليمان: ارجعوا؛ فقد سُقيتُم بدعوة غيركم))؛ رواه أحمد، وصحَّحه الحاكم.
وإذا علمنا أن معنى دابة: هو كل ما يدب على الارض من كائنات حية من إنسان وحيوان وطير،وجان، والدبُّ على الارض يستلزم الحركة، ولذلك لا تشمل النباتات ،والأشجار ،لأنها لا تتحرك من مكانها فلا تدبُّ ،وكذلك فهي مما يرزق الله تعالى به العباد، وليشمل كذلك الكائنات البحرية كالأسماك والحيتان وغيرها ،فهي تعيش في الماء في البحار والمحيطات أي بداخلها لا فوقها .هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن حرف الجر (على) يستعمل ليدل على الاستعلاء، فنقول: الكتاب على الطاولة. بينما الحرف(في): يدل على الظرفية المكانية ،والزمانية ،من مثل :في الصف عشرون طالباً. ومثل قوله تعالى :(( قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ ۖ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ۖ حَتَّىٰ إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ ۖ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ (38).وهكذا فقد جاء حرف الجر (في) في الاية السابقة(الأنعام 38) في قمة البلاغة ويتضح ذلك في قوله تعالى(( وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّة وَلـكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَل مُّسَمَّىً فَإِذا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَئْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ))61) سورة النحل) نلاحظ هنا أنه استعملحرف الجر(عليها) لأنه أراد منْ على سطح الأرض من دابة وهنا عنى بها المكلفون من البشر والجان وليس غيرهم من حيوان وطير ،فهم لا يعقلون فلا يكلفون ولا يحاسبون.
سبحانه ما أروع بيانه وما أبلغ معانيه تأتي بدقة متناهية عجيبة
بقلم الشاعر :داود العرامين /فلسطين
 
عودة
أعلى