بشير عبدالعال
Member
قوله تعالى :{ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)}
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح :
وتأمل كيفَ قابلَ ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس,وكيف قابلَ قلقهم وخوفهم واضطرابهم على مضاجعهم حين يقوموا إلى صلاةِ الليل بقُرَّةِ الأعينِ في الجنة.
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَالَ : اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَؤُوا إِنْ شئْتُمْ {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ }. مصداق ذلك في كتاب الله: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
قال في التحرير والتنوير :
وَالتَّجَافِي: التَّبَاعُدُ وَالْمُتَارَكَةُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ تَجَافِيَ جُنُوبِهِمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَتَكَرَّرُ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، أَيْ: يُكْثِرُونَ السَّهَرَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَالدُّعَاءِ لِلَّهِ وَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلَاةِ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، والْمَضاجِعِ: الْفُرُشُ جَمْعُ مَضْجَعٍ، وَهُوَ مَكَانُ الضَّجْعِ، أَيِ: الِاسْتِلْقَاءِ لِلرَّاحَةِ وَالنَّوْمِ. وأل فِيهِ عِوَضٌ عَنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ عَنْ مَضَاجِعِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى [النازعات: 41] . وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ إِذْ يُمْضُونَ لَيْلَهُمْ بِالنَّوْمِ لَا يَصْرِفُهُ عَنْهُمْ تَفَكُّرٌ بَلْ يَسْقُطُونَ كَمَا تَسْقُطُ الْأَنْعَامُ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمَعْنَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بِقَوْلِهِ يَصِفُ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ سَيِّدُ أَصْحَابِ هَذَا الشَّأْنِ:
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ، أَيْ: لَا تَبْلُغُ نَفْسٌ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا مُعَرِفَةَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ، فَإِنَّ مُدْرَكَاتِ الْعُقُولِ مُنْتَهِيَةٌ إِلَى مَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ مِنَ الْمَرْئِيَّاتِ مِنَ الْجَمَالِ وَالزِّينَةِ، وَمَا تُدْرِكُهُ الْأَسْمَاعُ مِنْ مَحَاسِنِ الْأَقْوَالِ وَمَحَامِدِهَا وَمَحَاسِنِ النَّغَمَاتِ، وَإِلَى مَا تَبْلُغُ إِلَيْهِ الْمُتَخَيَّلَاتُ مِنْ هَيْئَاتٍ يَرْكَبُهَا الْخَيَالُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا يَعْهَدُهُ مِنَ الْمَرْئِيَّاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ مِثْلَ الْأَنْهَارِ مِنْ عَسَلٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ لَبَنٍ، وَمِثْلَ الْقُصُورِ وَالْقِبَابِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، وَمِثْلَ الْأَشْجَارِ مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَالْأَزْهَارِ مِنْ يَاقُوتٍ، وَتُرَابٍ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ، فَكُلُّ ذَلِكَ قَلِيلٌ فِي جَانِبِ مَا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ هَذِهِ الْمَوْصُوفَاتِ وَلَا تَبْلُغُهُ صِفَاتُ الْوَاصِفِينَ لِأَنَّ مُنْتَهَى الصِّفَةِ مَحْصُورٌ فِيمَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ دَلَالَاتُ اللُّغَاتِ مِمَّا يَخْطُرُ عَلَى قُلُوبِ الْبَشَرِ فَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ فِي تَعْظِيمِ شَيْءٍ: هَذَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ.
قال أبو السعود رحمه الله :
{ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ } من النُّفوسِ لا مَلَكٌ مقرَّبٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ فضلاً عمَّن عداهم { مَّا أُخْفِىَ لَهُم } أي لأولئكَ الذين عُدِّدت نعوتُهم الجليلةُ { مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } مما تقرُّ به أعينُهم .
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح :
وتأمل كيفَ قابلَ ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم مما لا تعلمه نفس,وكيف قابلَ قلقهم وخوفهم واضطرابهم على مضاجعهم حين يقوموا إلى صلاةِ الليل بقُرَّةِ الأعينِ في الجنة.
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَالَ : اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَؤُوا إِنْ شئْتُمْ {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ }. مصداق ذلك في كتاب الله: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
قال في التحرير والتنوير :
وَالتَّجَافِي: التَّبَاعُدُ وَالْمُتَارَكَةُ. وَالْمَعْنَى: أَنَّ تَجَافِيَ جُنُوبِهِمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَتَكَرَّرُ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، أَيْ: يُكْثِرُونَ السَّهَرَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَالدُّعَاءِ لِلَّهِ وَقَدْ فَسَّرَهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلَاةِ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، والْمَضاجِعِ: الْفُرُشُ جَمْعُ مَضْجَعٍ، وَهُوَ مَكَانُ الضَّجْعِ، أَيِ: الِاسْتِلْقَاءِ لِلرَّاحَةِ وَالنَّوْمِ. وأل فِيهِ عِوَضٌ عَنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ عَنْ مَضَاجِعِهِمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى [النازعات: 41] . وَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ إِذْ يُمْضُونَ لَيْلَهُمْ بِالنَّوْمِ لَا يَصْرِفُهُ عَنْهُمْ تَفَكُّرٌ بَلْ يَسْقُطُونَ كَمَا تَسْقُطُ الْأَنْعَامُ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْمَعْنَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بِقَوْلِهِ يَصِفُ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ سَيِّدُ أَصْحَابِ هَذَا الشَّأْنِ:
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ، أَيْ: لَا تَبْلُغُ نَفْسٌ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا مُعَرِفَةَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ، فَإِنَّ مُدْرَكَاتِ الْعُقُولِ مُنْتَهِيَةٌ إِلَى مَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ مِنَ الْمَرْئِيَّاتِ مِنَ الْجَمَالِ وَالزِّينَةِ، وَمَا تُدْرِكُهُ الْأَسْمَاعُ مِنْ مَحَاسِنِ الْأَقْوَالِ وَمَحَامِدِهَا وَمَحَاسِنِ النَّغَمَاتِ، وَإِلَى مَا تَبْلُغُ إِلَيْهِ الْمُتَخَيَّلَاتُ مِنْ هَيْئَاتٍ يَرْكَبُهَا الْخَيَالُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا يَعْهَدُهُ مِنَ الْمَرْئِيَّاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ مِثْلَ الْأَنْهَارِ مِنْ عَسَلٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ لَبَنٍ، وَمِثْلَ الْقُصُورِ وَالْقِبَابِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، وَمِثْلَ الْأَشْجَارِ مِنْ زَبَرْجَدٍ، وَالْأَزْهَارِ مِنْ يَاقُوتٍ، وَتُرَابٍ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ، فَكُلُّ ذَلِكَ قَلِيلٌ فِي جَانِبِ مَا أُعِدَّ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ هَذِهِ الْمَوْصُوفَاتِ وَلَا تَبْلُغُهُ صِفَاتُ الْوَاصِفِينَ لِأَنَّ مُنْتَهَى الصِّفَةِ مَحْصُورٌ فِيمَا تَنْتَهِي إِلَيْهِ دَلَالَاتُ اللُّغَاتِ مِمَّا يَخْطُرُ عَلَى قُلُوبِ الْبَشَرِ فَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ فِي تَعْظِيمِ شَيْءٍ: هَذَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ.
قال أبو السعود رحمه الله :
{ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ } من النُّفوسِ لا مَلَكٌ مقرَّبٌ ولا نبيٌّ مرسلٌ فضلاً عمَّن عداهم { مَّا أُخْفِىَ لَهُم } أي لأولئكَ الذين عُدِّدت نعوتُهم الجليلةُ { مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } مما تقرُّ به أعينُهم .