من القرآن إلى العمران

إنضم
02/03/2006
المشاركات
60
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
محاضرة للدكتور:"للدكتور الشاهد البوشيخي"

العمران: هو مصدر من عمر الأرض، يعمرها عمارة وعمرانا.تطلق على الاسم وتطلق على المصدر، ونحن نأخذه بالمعنى المصدري، وهو قابل لأن يؤخذ بالمعنى الاسمي. حين نأخذه بالمعنى الاسمي يصدق على ما تحقق نتيجة المعنى المصدري.
فكل الإنشاءات المعنوية والحسية التي بها يقوم الإنسان، بها يعبد الله تعالى فيقوم بوظيفة الخلافة كل ذلك هو العمران.
وحين تنظر إليه مصدرا وأفضل أن أنظر إليه كذلك لأنه أبعد في المعنى من العمارة لأن الألف والنون في العربية تفيد المبالغة، وهو عمارة جيدة كبيرة، هي من مصدر عمر الأرض يعمرها، وحين توجد عمارة جيدة ممتازة، إما واسعة، أو غير ذلك تكون عمران. لكنها لا تكون كذلك إلا على أساس القرآن.
قد يسأل سائل: هل هذا الذي أنتجه البشر من إنشاءات مادية ومعنوية. أليست عمرانا؟ كل ما يقوم به أناس لا ينطلقون من القرآن أقول في الجواب: يجوز الزعم في نظري أنه ليس بعمران، لأن العمران ذد الخراب. أول ما قاله الزاغب الأصفهاني في المفردات: العمارة نقيض الخراب، فكل ما فيه تدمير للبشرية بشكل من الأشكال سواء على مستوى الأفكار أو على مستوى الإنشاءات المادية فلا يمكن أن يسمى عمرانا، ثم كذلك إذا كان في الظاهر يفيد الإنسان، لكن لم يقصد به ذلك، وإنما جاء عرضا لمقصد آخر يعتبر عمرانا كفعل الكافر إذا لم يكن له إيمان «ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن» قد يريد الآخرة ويسعى لها سعيها لكن ليس بمؤمن فلا فائدة «أعمالهم كرماد اشتدت به الرياح في يوم عاصف لا يقرون مما كسبوا على شيء» فإذا ارتباط العمران بالقرآن، ارتباط السبب بالمسبب. لا يمكن أن يكون عمران في الأرض إلا إذا وجد القرآن، لأن الذي ينشيء العمران هو القرآن، إذ العمران مرتبط بالوظيفة الأصلية لآدم وبنيه التي هي الخلافة والتي حددت في شيء اسمه "عبادة الله وحده لا شريك له" التي تقررها الآية «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» إذن لكي ننتج العمران بالمعنى الاسمي لكي نقوم بالعمران بالمعنى المصدري، بالمعنى المصدري نحتاج إلى القرآن، لا بد من القرآن.
فالذين عمروا الأرض حقيقة بهذا المعنى الذي أتحدث عنه، وإلا فبمعنى الإقامة والوجود في الأرض «عمروا أكثر مما عمروها» ذلك معنى آخر هناك معنيان عند صاحب المقاييس ابن فارس، جعل المادة تدور على أصلين:
أصل له ارتباط بالصلاح نقيض الخراب، نقيض الفساد، وهذا الذي أقصد، وهذا هو الوارد في الآية «واستعمركم فيها»
وهناك معنى مرتبط بهذا هو معنى البقاء، في الزمان والاستمرار والوجود بشكل من الأشكال وهو عمرانا فإذن لا بد من القرآن لإنشاء العمران، نحن في زمننا هذا قد ضعف عمراننا إن لم نقل قد زال فإسهام المسلمين اليوم في عمران الأرض ضعيف جدا، وحاجة البشرية جملة إلى من يعمر الأهمية.
لماذا نكتشف من نكتشف؟ ونسخر ما نسخر من طاقات في هذا الكون؟
الغاية أساسية وتفرق بين العمل المقبول، والعمل المردود بين العمل النافع، والعمل الضار، بين العمل المعمر، والعمل المدمر. تفرق بينهما تفريقا كاملا، وكذلك الوسيلة التي يتوصل بها إلى تلك الغاية مهمة أيضا.
هل هي وسيلة مشروعة؟ هل هي مما أذن الله فيه؟ أو أمر به؟ أم ليست كذلك؟ الآن في مجال الوراثة كلام لكن ما الطريق إلى اكتشاف هذا؟ وما الغاية منه؟ هاهنا أيضا كلام عريض طويل، لذلك الهدف غاية والوسيلة كل ذلك مهم، ونستطيع القول إن المنهاج الذي يسلك بوسائل معنية للوصول إلى غاية معينة أيضا في غاية الأهمية. هل يراعي الفطرة التي هي الدين، التي هي الخلق «فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله» «ولأمرنهم فليغيرن خلق الله»الخلق هو الفطرة، الكيفية التي عليها فطرة الله، والفطرة في العربية اسم هيئة أي الكيفية التي تم عليها الفطر، هذه الكيفية هي التي تمثل الخلق كما سواه الله تعالى بجميع جزيئاته، وكلياته، وتلك التسوية هي حالة لصلاح ومن غي أفسد، ولذلك كان تخصص الشيطان هو أن يغير الخلق، يبتدأ ذلك صغيرا ثم يكبر حتى إن لنستطيع القول، بالخرص لا بالدرس، إنه حين يصل تغيير الشيطان في الخلق إلى درجة يختل فيها التوازن العام للخلق يدمر الكون لأن إذ ذاك تكون السيادة للشيطان تكاد تكون تامة ولا تقوم الساعة غلا على لكع ابن لكع. الذي نراه بأم أعيننا أن هذا التغيير مستمر في الخلق، الهندسة الوراثية، التلوث والاختلالات التي تحدث في طبقة الأزون وغيرها، الاختلالات العامة في النظام العام. هناك نصوص صريحة أن الساعة لن تقوم حتى تصير الجزيرة العربية جنات خضراء، وذلك سيكون نتيجة اختلالات معينة تصل إلى درجة جعل الوضع الذي كان قبل يصير وضعا آخر.
إذن: الهدف والوسيلة والمنهاج كل أولئك ضروري أن يكون بميزان القرآن ليصح يناء العمران حقا لتسعد البشرية وتبتعد عن الشقاء.
«فمن اتبع هدايا فلا يضل ولا يشقى» عكس الهدى الضلال، وعكس السعادة الشقاء «فلا يضل ولا يشقى» يعني يعتدي ويسعد إذا حدث هذا التحولات التاريخية، أو نظام السير بصفة عامة في الحياة البشرية، وفي التاريخ هو يشبه السير الموجي، فيه الصعود والهبوط لكن هذا الصعود والهبوط مع ينتجه إلى عروج، عندما يكون الهبوط بالغا يبتدإ الصعود، ولذلك إذا اشتد الظلام فبشر الناس بانبلاج الفجر قطعا سيحدث التحول، وذلك محض رحمة من الله، لا نتيجة أعمال صالحة لدى الناس، الله يمن على عباده بما شاء وقت ما شاء، وفعلا حين من الله عليا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن، هل كما فعلنا في الجزيرة العربية أ و في الكرة الأرضية ما به نستحق محمدا أو نستحق القرآن؟ أبدا، ومثل ذلك قبل ذلك، ومثل في المصلحين بعد لك، وإنما هي رحمة من الله سبحانه وتعالى نسأله بتلك الرحمة أن ينزل علينا الرحمة لينقذنا مما نحن فيه، ويرفعنا من هذه الوهدة إلى حيث نهتدي ونعد بفضله تعالى.
هذا القرآن الذي لا بد منه لبناء العمران، وفهم العمران، وقياسه، نحن بعيدون جدا عن هذا القرآن، لا تدري كم المسافة التي تفصلنا الآن عن القرآن ولكن بفضل الله تعالى يمكن أن نقترب بسرعة من هذا القرآن «إن رحمة الله قريب من المحسنين»ومعنى ذلك لو استجمعنا الشروط الضرورية للازمة فإنا بسرعة سنقفز ويمكن أن نصعد صعودا أكثر من الصاروخ في اتجاه القرآن الكريم ونكتسب تلك الصفات اللازمة للإنسان الذي يفعل بالقرآن الإنشاء العمران يمكن أن نكتسبها بسرعة.
 
عودة
أعلى