محمد محمود إبراهيم عطية
Member
من الذي أطلق على تفسير ابن عطية : ( المحرر الوجيز )
وقع تفسير ابن عطية - رحمه الله - عند العلماء موقعا حسنًا ، وقد اشتهر بعدُ باسم ( المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ) ، ولم يكن هذا الاسم من وضع ابن عطية - رحمه الله ، ولا كان معروفًا في عصر ابن عطية والعصور اللاحقة له بهذا الاسم ؛ فلم يذكر ابن عطية في مقدمة تفسيره هذا الاسم ، بل قال : وقصدت أن يكون جامعًا وجيزًا [ محررًا ] ( [1] ) .
ومما يؤيد أن ابن عطية - رحمه الله - لم يضع الاسم الذي اشتهر به تفسيره أن ابن بشكوال - رحمه الله - وهو من معاصريه قال في ( الصلة ) : وألف كتابه المسمى بـ ( الوجيز في التفسير ) ، وأحسن فيه وأبدع ، وطار بحسن نيته كل مطار .ا.هـ . وهذه العبارة نقلها لسان الدين بن الخطيب (ت:776هـ)في(الإحاطة في أخبار غرناطة)، وابن فرحون (ت799هـ) في (الديباج) ، ولم ينسباها ( [2] ) ؛ وكذلك لم يذكر ابن عميرة الضبي (ت599هـ) تفسيرابن عطية بهذا الاسم، بل قال : ألف ( يعني ابن عطية ) في التفسير كتابًا ضخمًا أربى فيه على كل متقدم ( [3] ) ؛ وقال ابن الأبار ( ت 658 هـ ) في المعجم : وتأليفه في التفسير جليل الفائدة ، كتبه الناس كثيرًا وسمعوه منه وأخذوه عنه ( [4] ) .
فقد كان الكتاب معروفا باسم ( الوجيز في التفسير ) ؛ كما ذكر ابن بشكوال ومن تبعه .
ويرى د عبد الوهاب فايد : أن ( ملا كاتب جلبي ت 1067 هـ ) هو أول من أطلق اسم ( المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ) على تفسير ابن عطية في كتابه ( كشف الظنون ) ، قال : ولعله أخذه من معنى كلام ابن عطية في مقدمة تفسيره : وقصدت فيه ( أي في التفسير ) أن يكون جامعًا وجيزًا محررًا ( [5] ) ؛ وسبق د فايد الشيخ محمد الفاضل بن عاشور - رحمه الله - إلى نحو هذا ، فقال : فلا بدع أن يوصف تفسير ابن عطية بأنه محرر ، لا سيما وقد دفع الشبه ، وحرر ما هو محتاج إلى التحرير ، وقد نوه بذلك في مقدمته ، وشاعت عند الناس تسميته ( المحرر الوجيز ) وعلى ذلك بنى صاحب ( كشف الظنون ) تعريفه به ، وإن كان مؤلفه لم يشر إلى تسميته ؛ وهو وجيز بالنسبة إلى التفاسير التي سبقته ( [6] ) .
[1] - انظر مقدمة ابن عطية في تفسيره : 1 / 9 ( وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – قطر ) الطبعة الثانية ، وما بين المعكوفين ذكره د فايد في ( منهج ابن عطية ) ص 82 ، نقلا عن ( مقدمتان في علوم القرآن) ص255 ، فلعلها نسخة لم يقف عليها محققو الكتاب ؛ وهذا اللفظ موجود في مطبوعة الكتب العلمية ، وقد طبعت عن مخطوط بآيا صوفيا باستنبول رقم ( 119 ) .
[2] - انظر : ( الصلة ) لابن بشكوال ،
[3] - انظر بغية الملتمس ص 376 .
[4] - انظر ( معجم أصحاب أبي علي الصدفي ) لابن الأبار ص 261 .
[5] - انظر ( منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم ) ص 82 ، قلت : والعجيب أن عمر كحالة في ( معجم المؤلفين : 5 / 93 ) سماه ( المحرر الصحيح الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ) فأضاف الصحيح .
[6] - انظر التفسير ورجاله لمحمد الفاضل بن عاشور ص 71 ، 72 [ دار السلام – القاهرة - ط 1 1429 هـ - 2008 م ] .