{من استطاع إليه سبيلا} الصحيح عدم تقييد استطاعة الحج بالزاد والراحلة.

إنضم
15/09/2008
المشاركات
32
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله الرحمن الرحيم




كثير من نصوص الأحكام قد تكون واضحة الدلالة من حيث معناها، أو من حيث عمومها وإطلاقها، أو من حيث دلالتها على الحكم.

وبعض المتفقهة قد يأتي في تفسيره بما يقيد النص، أو بما يزيل عن النص وضوحه الذي لايحتاج إلى مثل ذلك التفسير الذي يصرف المخاطب عن مراد الشارع؛ من حيث المعنى، ومن حيث إيصال الحكم للمكلف بيسر-خاصة في الأحكام التي تعم بها البلوى-.



ومن جميل ما ينقل في هذا الباب:-
[باب الرد على من يقيدون النصوص دون دليل أو يفسرونها بما يخرجها عن مرادها من حيث المعنى أو الوضوح]


أن الإمام مالكا رحمه الله سئل[كما في روايتي أشهب وابن نافع]

عن قول الله تعالى:{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا}.

أذلك الزاد و الراحلة ؟


فقال:(لا والله،

وما ذلك إلا على قدر طاقة الناس...،

ولاصفة في هذا أبين مما أنزل الله:{من استطاع إليه سبيلا}).

الحج من كتاب"العتبية" ص50



-أي:ليس أوضح في بيان معناها من قراءتها.


- وفي"الفتح"3/378 لابن حجر أن حجة مالك ومن وافقه= أن(الآية الكريمة عامة ليست مجملة = فلا تفتقر إلى بيان).
[وانظر:تفسير الطبري5/617]




- وقد يستشكل البعض كلام مالك السابق، ويعترض بما جاء عن جماعة من العلماء من تفسير الآية بنحو ما رده الإمام مالك.




- والجواب عن هذا الاعتراض من ثلاث طرق:




1/الطريقة الأولى:

أن من قيدها بالزاد والراحلة إنما فسرها بذلك لورود الحديث المقيد.


-وهذه هي طريقة كثير من أصحاب المذاهب الأربعة-عدا المالكية-.


- لكن الحديث ضعيف كما أشار لذلك الزيلعي وغيره من الحنفية، وابن دقيق وغيره من الشافعية، وابن عبدالهادي وغيره من الحنابلة،،

وكذا ضعفه ابن عبدالبر،وعبدالحق،وابن جرير،وابن المنذر"الإشراف"3/175،وابن حزم، وغيرهم من الأئمة.




- ثم إن من يتأمل كلام كثير من فقهاء المذاهب-عدا المالكية- المستدلين بالحديث= يجد أن تقييدهم الاستطاعة بالزاد والرحلة ليس على ظاهره مطلقا ،

ولذلك تجدهم يقررون عدم شرطيتهما في مواضع،

ويزيدون شروطا أخرى في مواضع،

بل يضيفون شروطا وتقيدات لنوع الزاد والراحلة ونحو ذلك.








2/ الطريقة الثانية:

أن(ما روي عن السلف في ذلك؛ أن السبيل: الزاد والراحلة، فإنما أرادوا التغليظ على من ملك هذا المقدار ولم يحج؛ لأنهم ذكروا أقل الأملاك التي يبلغ بها الإنسان إلى الحج).
"شرح ابن بطال للبخاري"4/18






3/ الطريقة الثالثة:

أن تفسير الآية بالزاد والراحلة هو من باب التفسير بالمثال ، وهي جادة مطروقة عند مفسري السلف وغيرهم،،

وهذه الطريقة هي من أشهر مايدخل في باب اختلاف التنوع الذي يتكلم عنه العلماء في مباحث مناهج المفسرين في التفسير،،

وكذلك لهذه المسألة علاقة بالمسألة الأصولية المشهورة التي عليها عامة العلماء؛ وهي أن ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لايخصص العام.



- وهذه هي طريقة كثير من السلف في مسألتنا هذه.



- ومن أدلة قصد هذه الطريقة في مسألتنا هذه خاصة= أنك تجد بعض من يفسر من السلف الاستطاعة في الآية بالزاد والراحلة=يفسر الآية في موضع آخر بمعناها العام،،


- ومن أولئك:

ابن عباس

وعطاء

وسعيد بن جبير

والحسن البصري.


[تجد تفاسيرهم-على الوجهين- في" مصنف ابن أبي شيبة" و"تفسير الطبري" و"تفسير ابن المنذر" و"تفسير ابن أبي حاتم" وغيرها، وأكثرها ثابتة الأسانيد].








-إشكال على هذه الطريقة:

مادام-على هذا الطريقة- ذكر الزاد والراحلة من باب التمثيل، فلماذا كان تمثيلهم بالزاد والراحلة كثيرا جدا، دون غيره من الأمثلة ؟


- الجواب:

سبب كثرة تمثيلهم بالزاد والراحلة دون غيرها = حاجة غالب الحجاج إليهما.

[انظر" "الذخيرة"3/177، "تفسير القرطبي"5/224]


والله أعلم
 
بسم1
الخلاف في هذه المسألة بين فقهاء وليس متفقهه، وفي تفسير قوله تعالى: من استطاع إليه سبيلا، ومبني كما تقدم على الحديث وهو صحيح من غير طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي الذي ضعف، وفيه تفسير السبيل بالزاد والراحلة وهو مروي عن الصحابة والتابعين، وأيضا: فالقول أن ذلك منهم للتغليظ أو الترهيب هو ليس منهم بل مروي فقد أسند الطبري إلى علي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ملك زادا وراحلة فلم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا.
والذي يتخرج عليه القول وهو لا بن عطية: أن هذا الحديث إنما خرج على الغالب من أحوال الناس وهو البعد عن مكة واستصعاب المشي على القدم كثيرا، فأما القريب الدار: فلا يدخل في الحديث، لأن القرب أغناه عن زاد وراحلة، وأما الذي يستطيع المشي من الأقطار البعيدة: فالراحلة عنده بالمعنى القوة التي وهب، وقد ذكره الله تعالى في قوله: يأتوك رجالا [الحج: 27].
وكذلك أيضا معنى الحديث: الزاد والراحلة لمن لم يكن له عذر في بدنه، من مرض أو خوف أو استحقاق بأجرة أو دين.
والمروي عن مالك وقد قيل له: أتقول إن السبيل الزاد والراحلة؟ فقال: لا والله، قد يجد زادا وراحلة ولا يقدر على مسير، وآخر يقدر أن يمشي راجلا، ورب صغير أجلد من كبير، فلا صفة في هذا أبين مما قال الله تعالى.
وهو موافق لما تقرر أولا بأن مقصد الحديث بيان موضع الوجوب على البعيد، لا القريب الذي لا يدخل في معنى الحديث، وعلى القادر بنفسه وهو نص للشافعي وفيه أن الاستطاعة على وجهين بنفسه أولا.
 
عودة
أعلى