من أقوال المفسرين الأدبية البديعة

إنضم
02/04/2003
المشاركات
1,760
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
www.tafsir.org
بسم الله الرحمن الرحيم

هناك أقوال أدبية بديعة مبثوثة في كتب التفاسير ، أردت أن أفتح الباب لمن أراد أن يتحفنا بشيء منها في هذا الملتقى .
وممن استوقفتني عباراته الأدبية في ثنايا تفسيره ابن العربي المالكي ، وسأنقل بعض ما سطره في تفسيره أحكام القرآن :

قال رحمه الله : ( قوله : { ولكم فيها جمال } : كما قال في الآية بعدها : { لتركبوها وزينة } والجمال قد بيناه في كتب الأصول وشرح الحديث ، وأوضحنا أنه يكون في الصورة وتركيب الخلقة ، ويكون في الأخلاق الباطنة ، ويكون في الأفعال . فأما جمال الخلقة فهو أمر يدركه البصر ، فيلقيه إلى القلب متلائما ، فتتعلق به النفس من غير معرفة بوجه ذلك ولا بسببه لأحد من البشر . وأما جمال الأخلاق فبكونها على الصفات المحمودة من العلم والحكمة ، والعدل والعفة ، وكظم الغيظ ، وإرادة الخير لكل واحد . وأما جمال الأفعال فهو وجودها ملائمة لصالح الخلق ، وقاضية بجلب المنافع إليهم ، وصرف الشر عنهم . ) ثم قال :

( وجمال الأنعام والدواب من جمال الخلقة محسوب ، وهو مرئي بالأبصار ، موافق للبصائر ، ومن جمالها كثرتها . فإذا وردت الإبل على الذرى سامية الذرى هجمات هجانا توافر حسنها ، وعظم شأنها ، وتعلقت القلوب بها . إذا رأيت البقر نعاجا ترد أفواجا أفواجا ، تقر بقريرها ، معها صلغها وأتابعها ، فقد انتظم جمالها وانتفاعها . وإذا رأيت الغنم فيها السالغ والسخلة ، والغريض والسديس صوفها أهدل ، وضرعها منجدل ، وظهرها منسجف ، إذا صعدت ثنية مرعت ، وإذا أسهلت عن ربوة طمرت ، تقوم بالكساء ، وتقر على الغداء والعشاء ، وتملأ الحواء سمنا وأقطا ، بله البيت ، حتى يسمع الحديث عنها كيت وكيت ، فقد قطعت عنك لعل وليت . وإذا رأيت الخيل نزائع يعابيب ، كأنها في البيداء أهاضيب ، وفي الهيجاء يعاسيب ، رءوسها عوال ، وأثمانها غوال ، لينة الشكير ، وشديدة الشخير ، تصوم وإن رعت ، وتفيض إذا سعت ، فقد متعت الأحوال وأمتعت . وإذا رأيت البغال كأنها الأفدان بأكفال كالصوى ، وأعناق كأعناق الظبا ، ومشي كمشي القطا أو الدبى فقد بلغت فيها المنى .)



وللموضوع صلة - يسر الله إضافتها
 
[align=justify]جاء في تفسير النسفي لقول الله تعالى: { إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24] :

( وحقيقته تزيين جثة الطين بمصالح الدنيا والدين كاختلاط النبات على اختلاف التلوين، فالطينة الطيبة تنبت بساتين الأنس ، ورياحين الروح ، وزهرة الزهد ، وكروم الكرم ، وحبوب الحب ، وحدائق الحقيقة ، وشقائق الطريقة ، والخبيثة تخرج خلاف الخلف ، وثمام الاسم ، وشوك الشرك ، وشيح الشح ، وحطب العطب ، ولعاع اللعب ، ثم يدعوه معاده كما يحين للحرث حصاده فتزايله الحياة مغتراً كما يهيج النبات مصفراً، فتغيب جثة في الرمس كأن لم تغن بالأمس إلى أن يعود ربيع البعث وموعد العرض والبحث ، وكذلك حال الدنيا كالماء ينفع قليله ويهلك كثيره ، ولا بد من ترك ما زاد كما لا بد من أخذ الزاد ، وآخذ المال لايخلو من زلة ، كما أن خائض الماء لا ينجو من بلة ، وجمعه وإمساكه تلف صاحبه ، وإهلاكه فما دون النصاب كضحضاح ماء يجاوز بلا احتماء ، والنصاب كنهر حائل بين المجتاز . والجواز إلى المفاز لا يمكن إلا بقنطرة وهي الزكاة ، وعمارتها بذل الصلات ، فمتى اختلت القنطرة غرّقته أمواج القناطير المقنطرة ، وعن هذا قال عليه السلام : « الزكاة قنطرة الإسلام » وكذا المال يساعد الأوغاد دون الأمجاد كما أن الماء يجتمع في الوهاد دون النجاد ، وكذلك المال لا يجتمع إلا بكد البخيل كما أن الماء لا يجتمع إلا بسد المسيل ، ثم يفنى ويتلف ولا يبقى كالماء في الكف .)[/align]


تنبيه: حديث « الزكاة قنطرة الإسلام » ضعفه الألباني رحمه الله
 
عودة
أعلى