من أسرار البيان في سورة ( الكافرون)

إنضم
20/04/2004
المشاركات
29
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في سورة(الكافرون):{ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } [ الكافرون:1- 6 ]
هذه السورة على- قصرها- قد جمعت من بديع الفوائد، وأسرار البيان، ما يعجز عن الإتيان بمثله أرباب الفصاحة والبيان.
وأول ما نذكره من هذه الفوائد والأسرار سر النداء بـ{ يا أيها }. فقد روي عن علي كرم الله وجهه أنه قال:" يا: نداء النفس. وأيُّ: نداء القلب. وها: نداء الروح ". ويقول النحاة:" يا: نداء الغائب البعيد. وأيُّ: نداء الحاضر القريب. وها: للتنبيه ".
والفائدة الثانية: هي في قوله تعالى:{ قل يا أيها الكافرون }، فوصفهم بـ(الكافرين)، ولم يصفهم بـ(الجاهلين)- كما وصفهم في قوله تعالى:{ قل أغير الله تدعوني أعبد أيها الجاهلون }- وذلك؛ لأن سورة(الكافرون) نزلت بتمامها فيهم، فلا بدَّ أن تكون المبالغة فيها أشد.. ثم إنه لا يوجد لفظ أبشع، ولا أشنع من لفظ (الكفر). وذلك؛ لأنه صفة ذمٍّ عند جميع الخلق سواء كان مطلقًا، أم مقيَّدًا. أما لفظ (الجهل) فإنه عند التقييد، قد لا يذم؛ كقوله عليه الصلاة والسلام في علم الأنساب:" علمٌ لا ينفع، وجهل لا يضر ".
والفائدة الثالثة: هي في قوله تعالى:{ ولا أنتم عابدون ما أعبد}. فعبَّر بـ(ما) دون (من)؛ لأن المراد التعبير عن معبوده عليه الصلاة والسلام- على الإطلاق دون تخصيص؛ لأن امتناعهم عن عبادة الله تعالى ليس لذاته، بل كانوا يظنون أنهم كانوا يعبدون الله؛ ولكنهم كانوا جاهلين به. ولهذا ناسب إيقاع (ما) عليه دون (من)، لما في الأولى من دلالة على الإبهام، والوقوع على الجنس العام. هذا ما أجاب به الشيخ السهلي رحمه الله، ثم ذكر جوابًا آخر؛ وهو:
" أنهم كانوا يشتهون مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسدًا له، وأنفة من اتباعه. فهم لا يعبدون معبوده، لا كراهية لذات المعبود، ولكن كراهية لاتباعه صلى الله عليه وسلم، وشهوة منهم لمخالفته في العبادة كائنًا ما كان معبوده، وإن لم يكن معبوده إلا الحق سبحانه وتعالى. فعلى هذا لا يصح في النظم البديع، والمعنى الرفيع إلا (ما)، لإبهامها، ومطابقتها الغرض الذي تضمنته الآية ".
وأقرب من هذا وذاك- كما قال ابن قيِّم الجوزيَّة-:" هو أن المقصود- هنا- ذكر المعبود الموصوف بكونه أهلاً للعبادة، مستحقًا لها، فأتى ب(ما) الدالة على هذا المعنى. كأنه قيل: ولا أنتم عابدون معبودي الموصوف بأنه المعبود الحق. ولو أتى بلفظ (من)، لكانت إنما تدل على الذات فقط، ويكون ذكر الصلة تعريفًا، لا إنه جهة العبادة. ففرق بين أن يكون كونه تعالى أهلاً لأن يعبد تعريف محض، أو وصف مقتض لعبادته. فتأمله، فإنه بديعٌ جدًّا ".
والفائدة الرابعة: هي فائدة تكرار الأفعال في هذه السورة الكريمة. وقد قيل في ذلك أوجهًا؛ أحسنها:
أن قوله صلى الله عليه وسلم:{ لا أعبد ما تعبدون } نفيٌ للحال، ويقابله: قوله تعالى: { ولا أنتم عابدون ما أعبد }. أي: ولا أنتم تعبدون الآن ما أعبده أنا.
أما قوله صلى الله عليه وسلم:{ ولا أنا عابدٌ ما عبدتم } فمعناه: ولا أعبد أنا في المستقبل، ما عبدتم أنتم في الماضي.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم:{ ولا أنتم عابدون ما أعبد } فمعناه: ولا أنتم عابدون في المستقبل ما أعبده الآن، وفي المستقبل.
وعلى هذا فلا تكرار أصلاً في السورة، خلافًا لمن زعم أن هذا تكرار، الغرض منه التأكيد.. وبهذا الذي ذكرناه تكون الآيات الكريمة قد استوفت أقسام النفي عن عبادته صلى الله عليه وسلم، وعبادة الكافرين، في الماضي، والحاضر، والمستقبل، بأوجز لفظ، وأخصره، وأبينه.
ثم إن في تكرير الأفعال بلفظ الحال والمستقبل حين أخبر صلى الله عليه وسلم عن نفسه، وبلفظ الماضي حين أخبر عنهم، سرٌّ بديع؛ وهو الإشارة والإيماء إلى عصمة الله تعالى له عن الزيغ، والانحراف عن عبادة معبوده، والاستبدال به غيره.. وأن معبوده عليه الصلاة والسلام واحد في الحال، وفي المآل على الدوام، لا يرضى به بدلاً، ولا يبغي عنه حولاً، بخلاف الكافرين، فإنهم يعبدون أهواءهم، ويتتبعون شهواتهم في الدين، وأغراضهم.. فهم بصدد أن يعبدوا اليوم معبودًا، وغدًا غيره.
والفائدة الخامسة: هي أنه لم يأت النفي في حق الكافرين إلا باسم الفاعل:{ ولا أنتم عابدون }. وفي جهته صلى الله عليه وسلم جاء النفي بالفعل المضارع:{ لا أعبد } تارة، وباسم الفاعل:{ ولا أنا عابدٌ } تارة أخرى. وذلك- والله أعلم- لنكتة بديعة؛ وهي أن المقصود الأعظم من ذلك براءته صلى الله عليه وسلم، من معبوديهم بكل وجه، وفي كل وقت. ولهذا أتى في هذا النفي بصيغة الفعل الدالة على الحدوث، والتجدد، ثم أتى بصيغة اسم الفاعل الدالة على الوصف، والثبوت؛ فأفاد في النفي الأول أن تلك العبادة لا تقع منه أبدًا، وأفاد في النفي الثاني أن تلك العبادة ليست من وصفه، ولا من شأنه. فكأنه قال عليه الصلاة والسلام: عبادة غير الله تعالى لا تكون فعلاً لي، ولا وصفًا، فأتى بنفيين لمنفيين مقصودين بالنفي.
وأما في حق الكافرين فإنما أتى باسم الفاعل الدال على الوصف والثبوت دون الفعل، فأفاد ذلك أن الوصف الثابت اللازم العائد لله تعالى منتف عن الكافرين؛ لأن هذا الوصف ليس ثابتًا لهم؛ وإنما هو ثابت لمن خصَّ الله تعالى وحده بالعبادة، ولم يشرك معه فيها أحدًا.
فتأمل هذه النكتة البديعة، كيف تجد في طيَّها أنه لا يوصف بأنه عابد لله تعالى، وأنه عبده المستقيم على عبادته إلا من انقطع إليه بكلِّيته، وتبتَّل إليه تبتيلاً، لم يلتفت إلى غيره، ولم يشرك به أحدًا في عبادته. وإنه، وإن عبده، وأشرك به غيره، فليس بعابد لله تعالى، ولا عبدًا له.. قال ابن قيِّم الجوزيَّة معقبًا على ذلك:" وهذا من أسرار هذه السورة العظيمة الجليلة، التي هي إحدى سورتيْ الإخلاص، والتي تعدل ربع القرآن، كما جاء في بعض السنن. وهذا لا يفهمه كل أحد، ولا يدركه إلا من منحه الله فهمًا من عنده.. فلله الحمد والمنة ".
والفائدة السادسة: هي أن النفي في هذه السورة أتى بأداة النفي ( لا )، دون ( لن ). وذلك؛ لأن النفي بـ( لا ) أبلغ منه بـ( لن ) وآكَدُ. وأن ( لا ) أدل على دوام النفي، وطوله من ( لن )، وأنها للطول، والمدِّ في لفظها طال النفي بها، وامتدَّ.. وهذا خلاف لما قرَّره النحاة والمفسرون، حين زعموا أن ( لن )- عند علماء اللغة- آكَدُ في النفي من ( لا )، وأبلغ. وهو زعم باطل من مزاعم المعتزلة، ردَّه الواحدي- كما ذكر الفخر الرازي- بقوله:"
والفائدة السابعة: هي اشتمال هذه السورة العظيمة على النفي المحض. وهذا هو خاصيَّتها؛ فإنها سورة براءةٍ من الشرك- كما جاء في وصفها.. فالمقصود الأعظم منها هو البراءة المطلوبة بين الموحدين، والمشركين. ولهذا أتى بالنفي في الجانبين تحقيقًا للبراءة المطلوبة، مع أنها متضمنَّة للإثبات صريحًا. فقوله تعالى على لسن نبيه صلى الله عليه وسلم:{ لا أعبد ما تعبدون } براءة محضة. وقوله:{ ولا أنتم عابدون ما أعبد } إثبات أن له عليه الصلاة والسلام معبودًا، يعبده، وأنهم بريئون من عبادته، فتضمنت بذلك النفي، والإثبات، وطابقت قول إمام الحنفاء سيدنا إبراهيم عليه السلام:{ وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون * إلا الذي فطرني فإنه سيهدين }[الزخرف:26- 27]، وطابقت قول الفئة الموحِّدين:{ وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله }[الكهف:16]. فانتظمت بذلك حقيقة ( لا إله إلا الله ). ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن هذه السورة العظيمة بسورة ( قل هو الله أحد )، في سنة الفجر، وسنة المغرب. فإن هاتين السورتين ( سورتي الإخلاص ) قد اشتملتا على نوعَيْ التوحيد، الذي لا نجاة للعبد، ولا فلاح له إلا بهما:
الأول- توحيد العلم والاعتقاد المتضمِّن تنزيه الله تعالى عما لا يليق به من الشرك والكفر، والولد والوالد، وأنه إله أحد صمد، لم يلد فيكون له فرع، ولم يولد فيكون له أصل، ولم يكن له كفوًا أحد، فيكون له نظير. ومع هذا فقد اجتمعت له جل جلاله صفات الكمال كلها؛ فتضمنَّت السورة إثبات ما يليق بجلاله من صفات الكمال، ونفي ما لا يليق بجلاله من الشريك أصلاً وفرعًا، وشبيهًا ومثيلاً. فهذا توحيد العلم والاعتقاد.
والثاني- توحيد القصد والإرادة؛ وهو أن لا يُعبدَ إلا إياه، فلا يُشرك به في عبادته سواه، بل يكون وحده هو المعبود. وسورة ( قل يا أيها الكافرون ) مشتملة على هذا النوع من نوعي التوحيد، فتضمنت بذلك السورتان نوعي التوحيد، وأخلصتا له.
والفائدة الثامنة: هي في قوله تعالى:{ قل يا أيها الكافرون }. يقول النحويون: إن الألف واللام في قوله { الكافرون } بمعنى (الذي). وعليه يكون المعنى: قل: يا أيها الذين كفروا. وعلى هذا جاء قوله تعالى:{ يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون }[التحريم:7]، بإزالة فعل القول.. فلمَ قال هنا:{ يا أيها الذين كفروا }، وقال في الأولى:{ قل يا أيها الكافرون }؟
والجواب عن ذلك: أن آية التحريم إنما تقال لهم يوم القيامة؛ وهو يوم لا يكون فيه الرسول رسولاً إليهم، فأزال الوساطة؛ وهي{ قل }. ثم إنهم في ذلك اليوم يكونون مطيعين، لا كافرين؛ فلذلك ذكرهم بقوله:{ الذين كفروا }. وأما في الأولى فكانوا موصوفين بالكفر، وكان الرسول رسولاً إليهم؛ فلهذا خاطبهم بقوله:{ قل يا أبها الكافرون }. وفي ذلك إشارة إلى أن من كان الكفر وصفًا ثابتًا له، لازمًا لا يفارقه، فهو حقيق أن يتبرَّأ الله تعالى منه، ويكون هو أيضًا بريئًا من الله تعالى.
والفائدة التاسعة: هي في قوله تعالى:{ لكم دينكم ولي دين }. والسؤال هو: هل أفاد هذا معنى زائدًا على ما تقدَّم؟ والجواب: أن النفي في الآيات السابقة أفاد براءته صلى الله عليه وسلم من معبوديهم، وأنه لا يتصور منه ، ولا ينبغي له أن يعبدهم ، وهم أيضًا لا يكونون عابدين لمعبوده. كما أفاد إثبات ما تضمنه النفي من جهتهم من الشرك، والكفر الذي هو حظهم، ونصيبهم؛ فجرى ذلك مجرى من اقتسم هو، وغيره أرضًا، فقال له: لا تدخل في حدِّي، ولا أدخل في حدِّك، لك أرضك، ولي أرضي.. فتضمَّنت الآية أن هذه البراءة اقتضت أن المؤمنين، والكافرين اقتسموا حظهم فيما بينهم، فأصاب المؤمنين التوحيد والإيمان. فهو نصيبهم الذي اختصوا به، لا يشركهم الكافرون فيه. وأصاب الكافرين الشرك بالله تعالى والكفر به. فهو نصيبهم الذي اختصوا به، لا يشركهم المؤمنون فيه.
ثم إن في تقديم حظ الكافرين ونصيبهم- هنا- على حظ المؤمنين ونصيبهم، وتقديم ما يختص به المؤمنون على ما يختص به الكافرون في أول السورة، من أسرار البيان، وبديع الخطاب ما لا يدركه إلا فرسان البلاغة وأربابها. وبيان ذلك: أن السورة، لما اقتضت البراءة، واقتسام دينَيْ التوحيد، والشرك بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين الكافرين، ورضي كلٌّ بقسمه، وكان المحق هو صاحب القسمة، وعلم أنهم راضون بقسمهم الدون، وأنه استولى على القسم الأشرف، والحظ الأعظم، أراد أن يشعرهم بسوء اختيارهم، فقدم قسمهم على قسمه، تهكمًا بهم، ونداء على سوء اختيارهم، فكان ذلك- كما يقول ابن قيِّم الجوزيَّة- بمنزلة من اقتسم هو، وغيره سُمًَّا، وشفاءً، فرضي مقاسمه بالسمِّ؛ فإنه يقول له: لا تشاركني في قسمي، ولا أشاركك في قسمك. لك قسمك، ولي قسمي! ولهذا كان تقديم قوله:{ لكم دينكم } على قوله:{ ولي دين }- هنا- أبلغ وأحسن. وكأنه يقول: هذا هو قسمكم، الذي آثرتموه بالتقديم، وزعمتم أنه أشرف القسمين، وأحقهما بالتقديم!!
وذكر ابن قيِّم الجوزيَّة وجهًا آخر؛ وهو: أن مقصود السورة براءة النبي صلى الله عليه وسلم من دينهم، ومعبودهم- هذا هو لبها ومغزاها- وجاء ذكر براءتهم من دينه ومعبوده بالقصد الثاني مكمِّلاً لبراءته، ومحققًا لها. فلما كان المقصود براءته من دينهم، بدأ به في أول السورة، ثم جاء قوله:{ لكم دينكم } مطابقًا لهذا المعنى. أي: لا أشارككم في دينكم، ولا أوافقكم عليه. بل هو دين تختصون به أنتم، فطابق آخر السورة أولها.
فتأمل هذه الأسرار البديعة المعجزة، واللطائف الدقيقة، التي تشهد بأن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد، وأنه الأعلى في الفصاحة، والبلاغة، والبيان!

محمد إسماعيل عتوك [/B][/QUOTE]
 
السلام عليكم ورحمة الله

السلام عليكم ورحمة الله

ليس تعقيبا بل شكرا" خاصا على هذه اللمسة الرائعه

وخاصة أنها لسورة يخاطب فيها سيدي رسول الله أئمة الكفر حينها

وتعطينا درسا" بالأقتداء بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحوارهم لو تعرضنا لذلك في زماننا

فالحوار انما ينم على أدب الحديث عندما يكون المتحدث العزيز الكريم

أو رسوله الكريم

ذو الخلق العظيم
وأدعوكم أن تتأملوا معي الفائدة الثامنه التي ذكرها الأستاذ عتوك جزاه الله خيرا"

والذي لفت انتباهي ما يلي:

لقد خاطب الله سيدي رسول الله 13 مره بقوله يا أيها النبي

وخاطبنا نحن المؤمنون 89مره بهذه العبارة الرائعة (يا أيها الذين آمنوا)

وخاطب الناس 30 مره بنفس العباره (يا أيها الناس)

والذي نعلمه أن هذه العباره هي عبارة تكريم؟؟؟

وربما يتساءل المرء لماذا قال تعالى (يا أيها الكافون)

والمرة الثانيه (يا أيها الذين كفروا)

هل هو تكريم للكفار

أم لأن الذي يبدأ الحديث هو الكريم العظيم

أو ذو الخلق العظيم (سيدي رسول الله)

فتأملوا معي رقي الأسلوب حتى مع الكفار

والله لو عرفوا قيمتها من العزيز الجليل لخروا للأذقان وهم سا جدين


وجزاك الله خيرا" أستاذنا العزيز محمد اسماعيل على هذه اللمسة البيانية الرائعه

وشكر خاص للأخ عبد القادر يثرب وأتمنى يا أخ عبد القادر أن تزيدنا مما عندك للأستاذ عتوك

وزادك وايانا علما وخيرا
 
عودة
أعلى