من أسرار (البشر) في القرآن

أبو عبد المعز

Active member
إنضم
20/04/2003
المشاركات
598
مستوى التفاعل
26
النقاط
28
للتنزيل المعجز استعمال خاص لمفردة /بشر/ يكسبها دلالات جديدة قد لا ينص عليها أصحاب المعاجم...
نميز هنا –للفائدة- بين المستوى المعجمي والمستوى الدلالي للمفردات:
المعنى المعجمي هو ما نقرؤه في المعاجم من المعاني المجردة و المتراكمة للمفردة أو البند اللغوي، أما الدلالة فهي المعاني التي تسند للمفردة من خلال السياقات الخاصة في نص أو خطاب...وهذه الدلالة قد تكون اختيارا او انتخابا من المدونة المعجمية وقد تكون دلالات جديدة تتشربها المفردة من خلال اطراد الاستعمال.
أو قل :إن المعنى المعجمي من حيز اللغة والدلالة من فضاء الكلام.
أو قل: إن المعنى المعجمي ناشيء عن المواضعة ،والدلالة ناشئة عن الاستعمال...
ومن ثم ندرك في الوقت ذاته الفرق بين الدلالة الجديدة والاصطلاح الجديد:
إن الفرقان العظيم وضع اصطلاحات جديدة -هي التي سميت المصطلحات الشرعية -مثل الصلاة والزكاة والحج والإيمان والكفر وغيرها وهذه المصطلحات مبنية على الوضع لا على الاستعمال، فكما أن اللغة وضعت مصطلحاتها فكذلك الشارع وضع مصطلحاته ...(بقطع النظر عن النزاع المشهور في توصيف العلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي أهي نقل واستقلال أم تخصيص...)
وهكذا فمفردة /بشر/ في القرآن ليست من قبيل المصطلحات الشرعية الجديدة كالجنة و النار والصراط... بل هي مأخوذة بالاصطلاح اللغوي ،غير أنها اكتست دلالات خاصة بالاستعمال...فلا تنتمي إلى وضع القرآن وإنما تنتمي إلى أسلوبه...فهو لم ينقل المعنى من دائرة اللغة إلى دائرة الشرع بل جعل للمفردة ظلالا وإيحاءات خاصة شافعة للنواة الدلالية المعجمية المحفوظة ..يحدث ذلك كله في مجال اللغة المعهود من غير مواضعة جديدة.. فليتأمل!

البشر في المعاجم
-تاج العروس
(البَشَرُ) : الخَلْقُ، يَقَعُ على الأُنْثَى والذَّكَرِ، والواحِد والإِثْنَيْنِ والجَمْعِ، لَا يُثَنَّى وَلَا يُجمَعُ، يُقَال هِيَ بشَرٌ، وَهُوَ بَشَرٌ، وهما بَشَرٌ، وهم بَشَرٌ، كَذَا فِي الصّحاح. وَفِي المُحكَم: البَشَرُ، (مُحَرَّكَةً: الإِنسانُ، ذَكَراً أَو أُنْثَى، وَاحِدًا أَو جمعا، وَقد يُثَنَّى) ، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} (الْمُؤْمِنُونَ: 47) قَالَ شيخُنا: ولعلَّ العَرَبَ حِين ثَنَّوّه قَصَدُوا بِهِ حِين إِرادةِ التَّثْنِيَةِ لواحِدَ، كَمَا هُوَ ظاهرٌ،:
ويُجْمَعُ أَبشراً) ، قِيَاسا. وَفِي المِصْباح: لكنّ العرَبَ ثَنَّوْه وَلم يَجْمَعُوه. قَالَ شيخُنا، نَقْلاً عَن بعض أَهْلِ الِاشْتِقَاق: سُمِّيَ الإِنسانُ بَشَراً؛ لِتَجرُّدِ بَشَرَتِه من الشَّعَر والصُّوف والوَبَر.
-الصحاح تاج اللغة
[بشر] البَشَرَةُ والبَشَرُ: ظاهرُ جلدِ الإنسان. وبَشَرَةُ الأرضِ: ما ظهر من نباتها. وقد أَبْشَرَتِ الأرضُ، وما أحسن بَشَرَتَها. والبَشَرُ: الخلقُ. ومُباشَرَةُ المرأةِ: ملامستُها.
-مقاييس اللغة
(بَشَرَ) الْبَاءُ وَالشِّينُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ: ظُهُورُ الشَّيْءِ مَعَ حُسْنٍ وَجَمَالٍ. فَالْبَشَرَةُ ظَاهِرُ جِلْدِ الْإِنْسَانِ، وَمِنْهُ بَاشَرَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ، وَذَلِكَ إِفْضَاؤُهُ بِبَشَرَتِهِ إِلَى بَشَرَتِهَا. وَسُمِّيَ الْبَشَرُ بَشَرًا لِظُهُورِهِمْ. وَالْبَشِيرُ الْحَسَنُ الْوَجْهِ. وَالْبَشَارَةُ، الْجَمَالُ.

البشر في القرآن
تأتي المفردة بثلاث دلالات نوعية:
1-الدلالة على التكوين العنصري للإنسان في سياق الإخبار.
2- الدلالة على المشترك الإنساني الذي لا يحتمل التفاضل في سياق التقييم.
3-الدلالة على محتوى حجاجي في سياق الجدال...
وهذا تفصيله:
 
1-التكوين العنصري:
-أ-
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}[الحجر : 28]

{قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ}[الحجر : 33]
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}[الفرقان : 54]
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ}[الروم : 20]
{إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ}[ص : 71]

لقد أحاطت هذه الآيات بالتكوين العنصري للإنسان وأطواره :
فآية "الفرقان" نصت على المكون الأول (الماء)،
وآية "الروم" نصت على المكون الثاني(التراب)،
فيما جاءت الآيات الأخرى بيانا لامتزاج العنصرين لتشكيل تركيبة (الطين) ،وما يطرأ لهذا الطين من تحولات (الحمأ)و(الصلصال).
والجدير بالملاحظة أن ذكر خلق البشر يقف دائما عند مرحلة التكوين العنصري ، فإذا أراد القرآن أن يسترسل في وصف التكوين البيولوجي (النطفة، العلقة، المضغة، العظام...)فإنه يذكر" الإنسان" و"الناس":
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج : 5]
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)} [المؤمنون : 12 - 16]
{أَوَل{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان : 2]َمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس : 77]
{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} [القيامة : 36 - 40]
 
-ب-
وهنا بحث:
ما الملحظ البياني في التمييز بين البشر والإنسان في سياق التخليق، فتمحضت البشرية في مدارها على الأصل العنصري (الماء والتراب) وعمت الإنسانية فشملت الأصلين العنصري والبيولوجي معا؟
لعل سر المسألة كامن في المعاني الخاصة التي يسندها القرآن لمفردة"إنسان"
قالت الأستاذة عائشة عبد الرحمن في مقالها الماتع عن "الإنسان في القرآن":
"لفظ الإنس يأتي دائما مع الجن على وجه التقابل يطرد ذلك ولا يتخلف في كل الآيات التي ورد فيها ذكر الإنس ...وملحظ الإنسية هنا بما تعني من عتم التوحش وهو المفهوم صراحة من مقابلتها بالجن في دلالتها أصلا على الخفاء الذي هو قرين التوحش...وبهذه الإنسية يتميز جنسنا عن أجناس أخرى خفية مجهولة لا تنتمي إلينا ولا تحيا حياتنا....
أما الإنسان فليس مناط إنسانيته فيما نستقريء من آيات البيان المعجز مجرد كونه منتميا إلى فصيلة الإنس كما أنه ليس مجرد بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق.وإنما الإنسانية فيه ارتقاء إلى الدرجة التي تؤهله للخلافة في الأرض واحتمال تبعات التكليف وأمانة الإنسان لأنه المختص بالعلم والبيان والعقل والتمييز،مع ما يلابس ذلك كله من تعرض للابتلاء بالخير والشر...."اه.

عندما يذكر القرآن خلق "الإنسان" فإن المقصد هناك هو التنبيه على وظيفة التكليف ..فتكون الإشارة إلى أصله وأطواره من باب المقدمات الموطئة لتحديد الغاية من وجود ه تكليفا وابتلاء...

فلننظر إلى سورة الحج حيث نجد أطول استرسال لأحوال وأطوار الناس:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قدِيرٌ (6) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)} [الحج : 5 - 7]

فالآيات البينات مقدمات تتجه نحو مقصد إثبات البعث، بل البعث نفسه ليس غاية في حد ذاته بل هو مقدمة لحساب الناس.
وهذا المعنى يتكرر في سورة المؤمنون الموالية:

{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)} [المؤمنون : 12 - 16]

وفي مطلع سورة الإنسان نجد ذلك المعنى في صورة مختزلة:
{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)} [الإنسان : 2]

حيث نلحظ الغائية متوسطة(نبتليه) محفوفة بالشروط والمقدمات :(نطفة أمشاج)هي أصل النشأة ،و(السمع والبصر) أداتان يصح معها الابتلاء والتكليف..
ولنقف قليلا عند آيات من ( الحجر) لأنها جاورت بين البشر والإنسان وحملت عليهما المحمول نفسه:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35)

جاء ذكر خلق الإنسان من صلصال من حمإ مسنون في سياق المقارنة ،وقد لوحظ في المقارنة الجهتان: المادة والزمن.:
.فالإنسان مخلوق من طين ومقابله خلق من نار السموم.،
و جنس الجن أقدم في الوجود من جنس الإنسان..
ووقد تكررت المقارنة في سورة الرحمن: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16)} [الرحمن : 14 - 16]
أما ذكر البشر في القرآن كله فقد جاء بمعزل عن أي مقارنة في أصل النشأة.
ولكن ماذا عن القاعدة التي نصت عليها بنت الشاطيء من كون الإنسان يلحظ فيه التكليف دائما..؟
نقول هذا الموضع أيضا يساير القاعدة:
فذكر خلق الإنسان مقارنا بذكر خلق الجان من بديع الإرصاد للابتلاء المزدوج :ابتلاء آدم بإبليس وابتلاء إبليس بآدم..ويبدو أن ذكر خلق الجان من نار السموم من الدلالة العامة الذي يراد به الخاص (خلق إبليس بالضبط) والمقصد البياني الجميل هو وضع الخصمين وجها لوجه قبل ابتداء الابتلاء الرهيب.
ثم شرعت الآيات في سرد قصة آدم من بدايتها أي من طوره العنصري الأول مسمية إياه بشرا...لمقصد آخر هو المحاججة كما سنرى.
 
عودة
أعلى