محمد إسماعيـل
New member
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تبارك وتعالى:{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }(آل عمران:152(.
ولسائل أن يسأل: أين جواب قوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا } ؟.. ولماذا قال الله تعالى هنا:{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ }، فقدم الفشل على التنازع، وعكس ذلك في قوله تعالى:{ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }(الأنفال:46).
أولاً- وقبل الإجابة عن ذلك أودُّ أن أذكر الإخوة المهتمين بتفسير القرآن الكريم، والذود عنه بقول صاحب كتاب( أكذوبة الإعجاز العلمي في القرآن )، الذي ذكرناه سابقًا عند الحديث عن قول الله جل وعلا{ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ }(يوسف:15)؛ وهو قوله:
” فأين جواب لمّا ؟ ولو حذف الواو التي قبل{ أوحينا }، لاستقام المعنى“.
ثم قوله في قول الله جل وعلا:{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ }( الكهف:1-2):
” أيُّ إعجاز في قول القرآن:{ أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا }؟ والتركيب الصحيح هو: أنزل على عبده الكتاب قيمًا، ولم يجعل له عوجًا “.
وقد أجبت عن الاعتراض الأول، والاعتراض الثاني بعون الله وتعليمه بما رأيته صوابًا، ملتمسًا عنده وحده سبحانه وتعالى الأجر إن أصبت، والمغفرة إن أخطأت. والجوابان موجودان على هذين الرابطين:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3474
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3489
ثانيًا- وكنت قد طلبت من الإخوة العلماء أن يردوا على بقية ما اعترض به ذلك الإنسان على بلاغة القرآن الكريم، وعلى كونه كلام الله المعجز، الذي تحدَّى به الإنس والجن على السواء، فلم يفعل أحد منهم. وقد ذكرني هذا الموقف بموقف آخر شبيه به، حدث بعد اغتيال الأخ المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي من قبل الصهاينة المجرمين عندما وجه أحد أعضاء الملتقى( دعوة لأهل الملتقى ) يدعونا:(( أن نعمل في ملتقى التفسير على نشر الآيات القرآنية التي تبعث في الأمة الأمل، وتبعدها عن اليأس والقنوط من خلال قراءات بيانية لهذه الآيات، تدل على أننا نعيش القرآن واقعًا، لا مجرد تلاوة من غير تدبر ))، فلم يستجب أحد منهم، تجدون ذلك على هذا الرابط:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1715
والآن أتوجه من جديد، أدعوهم للمشاركة بما تفضل الله تعالى به عليهم من علم، شكرًا له سبحانه على هذه النعمة، التي لم يعطها سائر مخلوقاته، وليتذكروا قوله تعالى:{ وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }(النمل:15-19).
فحق الله علينا أن نحمده، وأن نشكره على نعمة العلم، التي أنعم بها علينا. وشكر الله تعالى على هذه النعمة، التي لا تعدلها نعمة، لا يكون بالتصدي لعلماء المسلمين المخلصين في أقوالهم وأفعالهم؛ وإنما يكون بالتصدِّي لأعداء المسلمين، الذين يعملون ليل نهار، وبدون كلل أو ملل، للنيل من دين الإسلام، والقرآن الكريم. وهذا واحد من المئات منهم يطعن في قرآننا، وينكر ما فيه من روعة الإعجاز، على جميع المستويات، ولم يقتصر على جانب واحد من جوانب الإعجاز.. إنه يتحدانا، ويقول لنا بأعلى صوته:( فأين الإعجاز.. )؟ ويقول:( وأي إعجاز في..؟ ). فلم لا نرد عليه قوله، ونبين له ما خفي عن قلبه وبصره، ونكتم صوته بإظهار ما في هذا القرآن العظيم من إعجاز، لا قبل للبشر جميعًا أن يأتوا بسورة من مثله. ولتكون أقوالنا مقنعة، ومفحمة لكل من تسوِّل له نفسه أن يطعن في قرآننا من الحاقدين، أودُّ منكم أن تقفوا على بعض ما قاله علماؤنا في هذه الآية الكريمة:
أولاً- اختلف علماء النحو والتفسير في قوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ.. } على أقوال ذكرها القرطبي عند تفسيره لهذه الآية الكريمة، فقال:” وجواب «حتى» محذوف، أي حتى إذا فشِلتم امْتُحِنتم. ومثل هذا جائز كقوله:{ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ }(الأنعام:35)، فافعل.
وقال الفراء: جواب{ حتى }: { وتنازعتم }، والواو مقحمة زائدة؛ كقوله:{ فلما أسلما وتله للجبين وناديناه }. أي: ناديناه.. وقال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى.
أي: انتحى.. وعند هؤلاء يجوز إقحام الواو من{ وعصيتم }. أي: حتى إذا فشلتم، وتنازعتم عصيتم.. وعلى هذا فيه تقديم وتأخير. أي: حتى إذا تنازعتم وعصيتم فشلتم.
وقال أبو علي(الفارسي): يجوز أن يكون الجواب{ صرفكم عنهم }، و{ ثم } زائدة. والتقدير: حتى إذا فشلتم وتنازعتم وعصيتم، صرفكم عنهم.
وجوز الأخفش أن تكون زائدة كما في قوله تعالى:{ حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم }.. وقيل: حتى بمعنى: ( إلى )، وحينئذ لا جواب له. أي:{ صدقكم الله وعده } إلى أن{ فشلتم }. أي: كان ذلك الوعد بشرط الثبات“ .
ثانيًا- وقال الفرَّاء في تفسير الآية ما نصُّه:” وقوله:{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ.. } يقال: إنه مقدَّم ومؤخر؛ ومعناه: حتى إذا تنازعتم في الأمر، فشلتم.. فهذه الواو معناها السقوط؛ كما يقال:{ فلما أسلما وتله للجبين وناديناه } معناه: ناديناه، وهو في( حتى إذا ) و( فلما أن ) مقول، ولم يأت في غير هذين. قال الله تعالى:{ حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون }، ثم قال:{ واقترب الوعد الحق }، ومعناه: اقترب.. “.
ثالثًا- وواضح من قول الفرَّاء السابق( يقال: إنه مقدَّم ومؤخر.. ) أنه يحكي قول من سبقه، ويؤكد ذلك أن الإمام الطبري نقل قول الفرَّاء السابق، ولم ينسبه إلى الفرَّاء- كعادته عندما كان يقول:( وقال بعض نحويي الكوفة )، ويعني: الفرَّاء- خلافًا لقوله هنا. وهذا نصُّ قوله بعد أن ذكر بعض أقوال أهل التأويل:” وقيل معنى قوله{ حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون }: حتى إذا تنازعتم في الأمر، فشلتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، أنه من المقدم، الذي معناه التأخير، وأن الواو دخلت في ذلك، ومعناها السقوط؛ كما قلنا في:{ فلما أسلما وتله للجبين وناديناه }، معناه: ناديناه.
وهذا مقول في { حتى إذا }، وفي { فلما أن }.. ومنه قول الله عز وجل:{ حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج }، ثم قال:{ واقترب الوعد الحق }، ومعناه: اقترب.. “.
رابعًا- وقال الألوسي:” وفي( حتى ) هنا قولان: أحدهما: أنها حرف جر بمنزلة( إلى )، ومتعلقها { تَحُسُّونَهُمْ } أو { صَدَقَكُمُ }، أو محذوف، تقديره: دام لكم ذلك. وثانيهما: أنها حرف ابتداء دخلت على الجملة الشرطية من ( إذا وما بعدها )، وجواب { إِذَا } قيل: { تَنَازَعْتُمْ }، والواو زائدة واختاره الفراء، وقيل:{ صَرَفَكُمْ }، و{ ثُمَّ } زائدة، وهو ضعيف جداً. والصحيح: أنه محذوف، وعليه البصريون “.. ثم حكى اختلافهم في تقدير هذا الجواب المحذوف.
خامسًا- واختار ابن عاشور القول الأول من القولين، الذين ذكرهما الألوسي، ووصف القول الآخر، الذي يقول بأن الجواب محذوف بالتكلف، فقال:” وقوله:{ حتى إذا فشلتم }. (حتَّى) حرف انتهاء وغاية، يفيد أنّ مضمون الجملة الَّتي بعدها غاية لمضمون الجملة الَّتي قبلها، فالمعنى: إذ تقتلونهم بتيسير الله، واستمرّ قتلكم إيّاهم إلى حصول الفشل لكم والتنازع بينكم.
و( حتَّى ) هنا جارّة و( إذا ) مجرور بها. و( إذا ) اسم زمان، وهو في الغالب للزمان المستقبل وقد يخرج عنه إلى الزمان مطلقاً كما هنا، ولعلّ نكتة ذلك أنَّه أريد استحضار الحالة العجيبة تبعاً لقوله:{ تحسونهم }.
و( إذا ) هنا مجرّدة عن معنى الشرط لأنَّها إذا صارت للمضيّ انسلخت عن الصلاحية للشرطية، إذ الشرط لا يكون ماضياً إلاّ بتأويل لذلك، فهي غير محتاجة لجواب، فلا فائدة في تكلّف تقديره: انقسمتم، ولا إلى جعل الكلام بعدها دليلاً عليه وهو قوله:{ منكم من يريد الدنيا } إلى آخرها “.
سادسًا- أما الدكتور فضل حسن عباس فقال:” التقدير عندهم: حتى إذا فشلتم، تنازعتم في الأمر؛ لكن الفرَّاء، لم يرتض القول بالزيادة فحسب، بل غيَّر النظم الكريم، وقدَّم فيه، وأخَّر“.
ثم قال:” فقد ذكر الفرَّاء- هنا- عدة آيات عدَّ الواو فيها زائدة، وقال: إن الواو مآلها السقوط. والحق أن كلامه هو الذي يجب أن يكون مآله السقوط.. ولقد كان الفرَّاء توعَّد أبا عبيدة صاحب(مجاز القرآن) أن يضربه، إن هو لقيه على ما له من تأويلات لكتاب الله تعالى، لا تستقيم.. ولا أدري: أكان أبو عبيدة وحده، الذي يستحق أن يضرب على تأويلاته؟! “.
وانتهى من ذلك إلى القول: والواو في الآيات، التي ذكرها الفرَّاء جاءت في محلها غير قلقة، ولا نابية، وليس في النظم كذلك تقديم، أو تأخير.. أما آية آل عمران:{ حتى إذا فشلتم.. } فقد قال الزمخشري فيها: فإن قلت: أين متعلَّق { حتى إذا } ؟ قلت: محذوف، تقديره: حتى إذا فشلتم.. منعكم نصره.. فالواو إذن عاطفة..“.
وهنا أذكِّر ثانية بأن الفرَّاء يحكي قول من سبقه، وبه أخذ الإمام الطبري، وإلى ذلك أشار الألوسي. وهذا يعني أن ما قاله الدكتور فضل عباس حسن لا يصيب الفرَّاء وحده، بل يصيب الطبري، وغيره من المتقدمين.. وشيء آخر أذكِّر به، وهو أن الإمام الطبري، حين اختار القول بحذف الجواب، لم يدفع قول الفرَّاء، ولم يخطِّئه، وهذا نصُّ قوله في تفسير قوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }( الزمر:73):” وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: الجواب متروك، وإن كان القول الآخر غير مدفوع “.
وهذا القول غير المدفوع عند الإمام الطبري هو قول الفرَّاء، وهو القول، الذي قال فيه الدكتور فضل حسن عباس:” عدَّها الفرَّاء زائدة، قياسًا على الآية الأخرى:{ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }( الزمر:71). وهذا أمرٌ من الخطورة بمكان؛ فعلى هذا يمكن أن نعدَّ كل حرف ذكر في آية، ولم يذكر في أخرى زائدًا، وهذا إهمال للمعنى والسياق“. وكان هذا منه بعد أن اتهم الفرَّاء بسوء النظر والفكر، وتوعده بالضرب.
هذا غيض من فيض ذكرته لكم من أقوال علماء النحو والتفسير في آية واحدة من آيات القرآن الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، والذي أنزله الله تعالى علينا بلسان عربي مبين.. فبأي قول من هذه الأقوال نأخذ؛ لنردَّ به على قول الطاعنين في بلاغة القرآن؟ وأيُّ الأقوال هو الأولى بالصواب؟ أقول الطبري الذي اختاره في تفسير قوله تعالى:{ حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها }؟ أم القول الآخر، الذي اختاره الفرَّاء، والذي قال الطبري فيه:( والقول الآخر غير مدفوع )، أم القول الذي اختاره ابن عاشور، وهو القول الذي يجعل من (حتى)- هنا- حرف جر، ومن ( إذا ) بعدها اسم مجرور؟ أم... ؟
أم أن هذه الأقوال كلها مآلها السقوط- كما قال الدكتور فضل حسن عباس- وأن القول الذي اختاره هو القول المنزَّه من السقوط ؟ وهل هذا القول يعتمد على منهج علمي صحيح، يكون فيه الرد الكافي الشافي على من يطعن في بلاغة هذه الآيات، وأمثالها ؟ وإذا كان هذا القول يقنعنا نحن كمسلمين- مع أننا مقتنعين بعظمة القرآن بدونه- فهل يمكن أن يقنع أعداء المسلمين؟؟؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات، فهل من مجيب؟
ولا يفوتني في الختام أن أتوجه إلى الأخ الفاضل( ناصر الماجد ) بالتهنئة الصادقة، لحصوله على درجة الدكتوراه، متمنيًّا له كل خير وتوفيق. وله ولكل العاملين المخلصين خالص تحياتي وتقديري، ولمن ظن أنني أسأت إليه عن قصد، وتجنيَّت عليه من غير سبب أسفي واعتذاري، والحمد لله وحده لا شريك له، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الله تبارك وتعالى:{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ }(آل عمران:152(.
ولسائل أن يسأل: أين جواب قوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا } ؟.. ولماذا قال الله تعالى هنا:{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ }، فقدم الفشل على التنازع، وعكس ذلك في قوله تعالى:{ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }(الأنفال:46).
أولاً- وقبل الإجابة عن ذلك أودُّ أن أذكر الإخوة المهتمين بتفسير القرآن الكريم، والذود عنه بقول صاحب كتاب( أكذوبة الإعجاز العلمي في القرآن )، الذي ذكرناه سابقًا عند الحديث عن قول الله جل وعلا{ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ }(يوسف:15)؛ وهو قوله:
” فأين جواب لمّا ؟ ولو حذف الواو التي قبل{ أوحينا }، لاستقام المعنى“.
ثم قوله في قول الله جل وعلا:{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ }( الكهف:1-2):
” أيُّ إعجاز في قول القرآن:{ أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا }؟ والتركيب الصحيح هو: أنزل على عبده الكتاب قيمًا، ولم يجعل له عوجًا “.
وقد أجبت عن الاعتراض الأول، والاعتراض الثاني بعون الله وتعليمه بما رأيته صوابًا، ملتمسًا عنده وحده سبحانه وتعالى الأجر إن أصبت، والمغفرة إن أخطأت. والجوابان موجودان على هذين الرابطين:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3474
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3489
ثانيًا- وكنت قد طلبت من الإخوة العلماء أن يردوا على بقية ما اعترض به ذلك الإنسان على بلاغة القرآن الكريم، وعلى كونه كلام الله المعجز، الذي تحدَّى به الإنس والجن على السواء، فلم يفعل أحد منهم. وقد ذكرني هذا الموقف بموقف آخر شبيه به، حدث بعد اغتيال الأخ المجاهد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي من قبل الصهاينة المجرمين عندما وجه أحد أعضاء الملتقى( دعوة لأهل الملتقى ) يدعونا:(( أن نعمل في ملتقى التفسير على نشر الآيات القرآنية التي تبعث في الأمة الأمل، وتبعدها عن اليأس والقنوط من خلال قراءات بيانية لهذه الآيات، تدل على أننا نعيش القرآن واقعًا، لا مجرد تلاوة من غير تدبر ))، فلم يستجب أحد منهم، تجدون ذلك على هذا الرابط:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1715
والآن أتوجه من جديد، أدعوهم للمشاركة بما تفضل الله تعالى به عليهم من علم، شكرًا له سبحانه على هذه النعمة، التي لم يعطها سائر مخلوقاته، وليتذكروا قوله تعالى:{ وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ * وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ }(النمل:15-19).
فحق الله علينا أن نحمده، وأن نشكره على نعمة العلم، التي أنعم بها علينا. وشكر الله تعالى على هذه النعمة، التي لا تعدلها نعمة، لا يكون بالتصدي لعلماء المسلمين المخلصين في أقوالهم وأفعالهم؛ وإنما يكون بالتصدِّي لأعداء المسلمين، الذين يعملون ليل نهار، وبدون كلل أو ملل، للنيل من دين الإسلام، والقرآن الكريم. وهذا واحد من المئات منهم يطعن في قرآننا، وينكر ما فيه من روعة الإعجاز، على جميع المستويات، ولم يقتصر على جانب واحد من جوانب الإعجاز.. إنه يتحدانا، ويقول لنا بأعلى صوته:( فأين الإعجاز.. )؟ ويقول:( وأي إعجاز في..؟ ). فلم لا نرد عليه قوله، ونبين له ما خفي عن قلبه وبصره، ونكتم صوته بإظهار ما في هذا القرآن العظيم من إعجاز، لا قبل للبشر جميعًا أن يأتوا بسورة من مثله. ولتكون أقوالنا مقنعة، ومفحمة لكل من تسوِّل له نفسه أن يطعن في قرآننا من الحاقدين، أودُّ منكم أن تقفوا على بعض ما قاله علماؤنا في هذه الآية الكريمة:
أولاً- اختلف علماء النحو والتفسير في قوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ.. } على أقوال ذكرها القرطبي عند تفسيره لهذه الآية الكريمة، فقال:” وجواب «حتى» محذوف، أي حتى إذا فشِلتم امْتُحِنتم. ومثل هذا جائز كقوله:{ فَإِن ٱسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي ٱلأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي ٱلسَّمَآءِ }(الأنعام:35)، فافعل.
وقال الفراء: جواب{ حتى }: { وتنازعتم }، والواو مقحمة زائدة؛ كقوله:{ فلما أسلما وتله للجبين وناديناه }. أي: ناديناه.. وقال امرؤ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى.
أي: انتحى.. وعند هؤلاء يجوز إقحام الواو من{ وعصيتم }. أي: حتى إذا فشلتم، وتنازعتم عصيتم.. وعلى هذا فيه تقديم وتأخير. أي: حتى إذا تنازعتم وعصيتم فشلتم.
وقال أبو علي(الفارسي): يجوز أن يكون الجواب{ صرفكم عنهم }، و{ ثم } زائدة. والتقدير: حتى إذا فشلتم وتنازعتم وعصيتم، صرفكم عنهم.
وجوز الأخفش أن تكون زائدة كما في قوله تعالى:{ حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم }.. وقيل: حتى بمعنى: ( إلى )، وحينئذ لا جواب له. أي:{ صدقكم الله وعده } إلى أن{ فشلتم }. أي: كان ذلك الوعد بشرط الثبات“ .
ثانيًا- وقال الفرَّاء في تفسير الآية ما نصُّه:” وقوله:{ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ.. } يقال: إنه مقدَّم ومؤخر؛ ومعناه: حتى إذا تنازعتم في الأمر، فشلتم.. فهذه الواو معناها السقوط؛ كما يقال:{ فلما أسلما وتله للجبين وناديناه } معناه: ناديناه، وهو في( حتى إذا ) و( فلما أن ) مقول، ولم يأت في غير هذين. قال الله تعالى:{ حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون }، ثم قال:{ واقترب الوعد الحق }، ومعناه: اقترب.. “.
ثالثًا- وواضح من قول الفرَّاء السابق( يقال: إنه مقدَّم ومؤخر.. ) أنه يحكي قول من سبقه، ويؤكد ذلك أن الإمام الطبري نقل قول الفرَّاء السابق، ولم ينسبه إلى الفرَّاء- كعادته عندما كان يقول:( وقال بعض نحويي الكوفة )، ويعني: الفرَّاء- خلافًا لقوله هنا. وهذا نصُّ قوله بعد أن ذكر بعض أقوال أهل التأويل:” وقيل معنى قوله{ حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون }: حتى إذا تنازعتم في الأمر، فشلتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، أنه من المقدم، الذي معناه التأخير، وأن الواو دخلت في ذلك، ومعناها السقوط؛ كما قلنا في:{ فلما أسلما وتله للجبين وناديناه }، معناه: ناديناه.
وهذا مقول في { حتى إذا }، وفي { فلما أن }.. ومنه قول الله عز وجل:{ حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج }، ثم قال:{ واقترب الوعد الحق }، ومعناه: اقترب.. “.
رابعًا- وقال الألوسي:” وفي( حتى ) هنا قولان: أحدهما: أنها حرف جر بمنزلة( إلى )، ومتعلقها { تَحُسُّونَهُمْ } أو { صَدَقَكُمُ }، أو محذوف، تقديره: دام لكم ذلك. وثانيهما: أنها حرف ابتداء دخلت على الجملة الشرطية من ( إذا وما بعدها )، وجواب { إِذَا } قيل: { تَنَازَعْتُمْ }، والواو زائدة واختاره الفراء، وقيل:{ صَرَفَكُمْ }، و{ ثُمَّ } زائدة، وهو ضعيف جداً. والصحيح: أنه محذوف، وعليه البصريون “.. ثم حكى اختلافهم في تقدير هذا الجواب المحذوف.
خامسًا- واختار ابن عاشور القول الأول من القولين، الذين ذكرهما الألوسي، ووصف القول الآخر، الذي يقول بأن الجواب محذوف بالتكلف، فقال:” وقوله:{ حتى إذا فشلتم }. (حتَّى) حرف انتهاء وغاية، يفيد أنّ مضمون الجملة الَّتي بعدها غاية لمضمون الجملة الَّتي قبلها، فالمعنى: إذ تقتلونهم بتيسير الله، واستمرّ قتلكم إيّاهم إلى حصول الفشل لكم والتنازع بينكم.
و( حتَّى ) هنا جارّة و( إذا ) مجرور بها. و( إذا ) اسم زمان، وهو في الغالب للزمان المستقبل وقد يخرج عنه إلى الزمان مطلقاً كما هنا، ولعلّ نكتة ذلك أنَّه أريد استحضار الحالة العجيبة تبعاً لقوله:{ تحسونهم }.
و( إذا ) هنا مجرّدة عن معنى الشرط لأنَّها إذا صارت للمضيّ انسلخت عن الصلاحية للشرطية، إذ الشرط لا يكون ماضياً إلاّ بتأويل لذلك، فهي غير محتاجة لجواب، فلا فائدة في تكلّف تقديره: انقسمتم، ولا إلى جعل الكلام بعدها دليلاً عليه وهو قوله:{ منكم من يريد الدنيا } إلى آخرها “.
سادسًا- أما الدكتور فضل حسن عباس فقال:” التقدير عندهم: حتى إذا فشلتم، تنازعتم في الأمر؛ لكن الفرَّاء، لم يرتض القول بالزيادة فحسب، بل غيَّر النظم الكريم، وقدَّم فيه، وأخَّر“.
ثم قال:” فقد ذكر الفرَّاء- هنا- عدة آيات عدَّ الواو فيها زائدة، وقال: إن الواو مآلها السقوط. والحق أن كلامه هو الذي يجب أن يكون مآله السقوط.. ولقد كان الفرَّاء توعَّد أبا عبيدة صاحب(مجاز القرآن) أن يضربه، إن هو لقيه على ما له من تأويلات لكتاب الله تعالى، لا تستقيم.. ولا أدري: أكان أبو عبيدة وحده، الذي يستحق أن يضرب على تأويلاته؟! “.
وانتهى من ذلك إلى القول: والواو في الآيات، التي ذكرها الفرَّاء جاءت في محلها غير قلقة، ولا نابية، وليس في النظم كذلك تقديم، أو تأخير.. أما آية آل عمران:{ حتى إذا فشلتم.. } فقد قال الزمخشري فيها: فإن قلت: أين متعلَّق { حتى إذا } ؟ قلت: محذوف، تقديره: حتى إذا فشلتم.. منعكم نصره.. فالواو إذن عاطفة..“.
وهنا أذكِّر ثانية بأن الفرَّاء يحكي قول من سبقه، وبه أخذ الإمام الطبري، وإلى ذلك أشار الألوسي. وهذا يعني أن ما قاله الدكتور فضل عباس حسن لا يصيب الفرَّاء وحده، بل يصيب الطبري، وغيره من المتقدمين.. وشيء آخر أذكِّر به، وهو أن الإمام الطبري، حين اختار القول بحذف الجواب، لم يدفع قول الفرَّاء، ولم يخطِّئه، وهذا نصُّ قوله في تفسير قوله تعالى:{ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }( الزمر:73):” وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال: الجواب متروك، وإن كان القول الآخر غير مدفوع “.
وهذا القول غير المدفوع عند الإمام الطبري هو قول الفرَّاء، وهو القول، الذي قال فيه الدكتور فضل حسن عباس:” عدَّها الفرَّاء زائدة، قياسًا على الآية الأخرى:{ حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا }( الزمر:71). وهذا أمرٌ من الخطورة بمكان؛ فعلى هذا يمكن أن نعدَّ كل حرف ذكر في آية، ولم يذكر في أخرى زائدًا، وهذا إهمال للمعنى والسياق“. وكان هذا منه بعد أن اتهم الفرَّاء بسوء النظر والفكر، وتوعده بالضرب.
هذا غيض من فيض ذكرته لكم من أقوال علماء النحو والتفسير في آية واحدة من آيات القرآن الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، والذي أنزله الله تعالى علينا بلسان عربي مبين.. فبأي قول من هذه الأقوال نأخذ؛ لنردَّ به على قول الطاعنين في بلاغة القرآن؟ وأيُّ الأقوال هو الأولى بالصواب؟ أقول الطبري الذي اختاره في تفسير قوله تعالى:{ حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها }؟ أم القول الآخر، الذي اختاره الفرَّاء، والذي قال الطبري فيه:( والقول الآخر غير مدفوع )، أم القول الذي اختاره ابن عاشور، وهو القول الذي يجعل من (حتى)- هنا- حرف جر، ومن ( إذا ) بعدها اسم مجرور؟ أم... ؟
أم أن هذه الأقوال كلها مآلها السقوط- كما قال الدكتور فضل حسن عباس- وأن القول الذي اختاره هو القول المنزَّه من السقوط ؟ وهل هذا القول يعتمد على منهج علمي صحيح، يكون فيه الرد الكافي الشافي على من يطعن في بلاغة هذه الآيات، وأمثالها ؟ وإذا كان هذا القول يقنعنا نحن كمسلمين- مع أننا مقتنعين بعظمة القرآن بدونه- فهل يمكن أن يقنع أعداء المسلمين؟؟؟
أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات، فهل من مجيب؟
ولا يفوتني في الختام أن أتوجه إلى الأخ الفاضل( ناصر الماجد ) بالتهنئة الصادقة، لحصوله على درجة الدكتوراه، متمنيًّا له كل خير وتوفيق. وله ولكل العاملين المخلصين خالص تحياتي وتقديري، ولمن ظن أنني أسأت إليه عن قصد، وتجنيَّت عليه من غير سبب أسفي واعتذاري، والحمد لله وحده لا شريك له، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.