من أخبار نوادر كتب التراث المالكي :أحكام القرآن لمحمد بن أحمد بن خواز منداد البصري

[عبدالرحمن الشهري]

من أخبار نوادر كتب التراث المالكي :أحكام القرآن
لمحمد بن أحمد بن خواز منداد البصري
تعليق : الدكتور ميكلوش موراني /جامعة بون ألمانيا

​

من كتب التراث المالكي الكثيرة المفقودة كتاب أحكام القرآن لابن خواز منداد أحد تلاميذ أبي بكر الأبهري (ت 375 ) , رئيس المالكيين في عصره في بغداد وصاحب شرح المختصر الكبير لعبد الله بن عبد الحكم .
لقد عثرت على ورقتَيْن متبقّيتَيْن لهذا الكتاب لابن خواز منداد بين الأوراق غير المرتّبة في رصيد المكتبة العتيقة بالقيروان . وكل ما بين يدينا منه اليوم بداية الجزء الثاني للكتاب الورقةالأولى (وجه وظهر ) وورقة ثانية (وجه وظهر) من داخل الجزء :
الجزء الثاني من كتاب أحكام القرآن على مذهب أبي عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحيّ المدنيّ
تأليف أبي عبد الله محمد بن أحمد بن خواز منداد البصري المالكي رحمه الله .
تعود رواية هذا الجزء , كما يبدو لي , إلى أحد تلاميذ المؤلف المعروف بابن عروسة غير أنّ أصحاب كتب الطبقات لم يترجموا له ترجمة حسب علمي .
أما التحبيس المضاف على هذه الورقة بخط مغاير فهو يظهر على مخطوطات أخرى بالقيروان أيضا بهذا النص :
" هذا السفر مما حبسه الشيخ الفقيه المرحوم أبو محمد عبد العزيز بن عبد الجليل على طلبة العلم بمدينة القيروان . "
ويأتي اسمه واسم والده على نسخة للمستخرجة للعتبي (مخطوط باريس) كما يلي : هذا السفر من الأسفار التي حبسها الفقيه أبو محمد عبد العزيز بن الشيخ الفقيه أبي محمد عبد الله بن عبد الجليل على طلبة العلم بمدينة القيروان وعلى مقصورة الجامع الأعظم بها . هذا , وليس لدينا معلومات عن الشيخ المذكور وعائلته أو عن معاصريه بالقيروان إلا أنّ تحبيس هذا الكتاب تمّ بعد وفاته على المقصورة التي أمر ببنائه الأمير المعز بن بادس والتي أصبحت مكتبة لأمهات كتب المذهب فيما بعد .
قد جاء ذكر المؤلف عند القاضي عياض السبتي نقلا عن أبي إسحاق الشيرازي : خويز منداد , محمد بن أحمد بن عبد الله . وذكر ابن فرحون المالكي (ت 799) : ورأيت على كتبه بخطه : محمد بن أحمد بن علي بن إسحاق . وذلك أيضا دليل على أنّ كتب خويز منداد كان متداولة في القرن الثامن الهجري في عصر صاحب الديباج المذهب .
لا تخرج معلوماتنا عن نشاطه العلمي ومذهبه مما جاء عند القاضي عياض السبتي وابن فرحون من بعده . وكلاهما قد نسبا إليه كتابا كبيرا في الخلاف وكتابا في أصول الفقه وكتابه في أحكام القرآن , إلى جانب ما ذكرا له من الشواذّ عن مالك بن أنس . ونظرا إلى أنه تفقه على أبي بكر الأبهري وروى عن أبي العباس الأصمّ النيسابوريّ (ت 346 ) وغيره فإنه من الأرجح أنّ نشاطه العلمي قد ازدهر في النصف الثاني من القرن الرابع الهجري بالعراق .
يبتديء هذا الجزء (الورقة الأولى , ظهر) بعرض المسائل الفقهية في قوله عز وجل : {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قُرُوءٍ }ألآية (سورة البقرة , الآية 228 ) , وتتضمن هذه الآية حسب قول المؤلف خمسة أحكام , التي يصفها موجزا في هذا الموضع في 14 سطرا إلى آخر الصفحة . يعتمد المؤلف في شرحه المسائل المتعلقة بالطلاق وفي نقل قصة ثابت بن قيس بن شماس المشهورة على الموطأ لمالك بن أنس بالرواية التالية : حدثنا أبو الحسن الهاشمي قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد عن أبي مصعب عن مالك عن يحيى بن سعيد ... إلخ .
والجدير بالذكر بهذه المناسبة أنّ الرواية للموطأ عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ( ت 325 ) عن أبي مصعب الزهري واردة في مخطوط بعشرة أجزاء في مكتبة الظاهرية (مكتبة أسد الوطنية) بدمشق , وهي نسخة لم يرجع إليها محققا الكتاب .
أما مصدر خواز منداد في مخطوطنا هذا فهو أبو الحسن , أحمد بن محمد بن موسى , مسند بغداد المتوفى عام 405 , وهو أيضا أحد رواة الموطأ في حلقات المالكيين في بغداد في المخطوط المذكور . يتناول المؤلف على الصفحات المتبقية مسألة الخلع ومن ذلك نستنتج أنه لم يسقط بين بداية الجزء والورقة الثانية منه إلا أوراق قليلة .
ولابن خواز منداد بعض الآثار في كتب المذهب المالكي عبر القرون , منها في التمهيد لابن عبد البر (ت463) وفي الاستذكار له وكذلك في كتاب اختلاف أصحاب مالك وأصحابه له أيضا . وذكره ابن حجر العسقلاني في فتح الباري نقلا عن ابن عبد البر وعن ابن التين . وفي القرن السابع الهجري يذكره محمد بن أحمد بن أبي بكر القرطبي في الجامع لأحكام القرآن أكثر من سبعين مرة وبإحالته على كتاب ابن خواز هذا بعينه وعلى اختلاف المذهب من طريق أقواله .
لا شك في أنّ هذه الصفحات الأربعة , بما فيها عنوان الجزء الثاني من الكتاب , تلقي أضواء , حتى ولو كانت ضئيلة , على كتاب مفقود للمذهب المالكي وعلى أهميته وآثاره في حلقات العلماء المالكيين المتقدمين في القرون مرّت على النشاط العلمي للمؤلف .
ميكلوش موراني

المصدر هنا .

 

[عبدالرحمن الشهري]

موضوع ذو صلة ..

صدرحديثاً (تفسير ابن خويز منداد المالكي) جمعه ودرسه الدكتور عبدالقادر محجوبي ​

 

[موراني]

أشكر للسيد الأستاذ عبد الرحمن الشهري المحترم
على نشره هذا الملخص للأوراق المتبقية المرسلة إليه على الخاص من كتاب الأحكام الذي لم يزل في حكم الفقود في أصله ما عدا القطع التي بين يدينا اليوم .

موراني

 

[عبدالقادر محجوبي]

خبر العثور على ورقتين من الجزء الثاني من كتاب "أحكام القرآن" لابن خويز منداد بالمكتبة العتيقة بالقيروان لم أطلع عليه إلا بعد أربعة أسابيع من نشره بـ "ملتقى أهل التفسير" وقبله بموقع "رواق المالكية"، وهذا أمر يبعث على السرور، إلا أن السرور العظيم والفرح الكبير لا يكون إلا عند العثور إن شاء الله على الكتاب كاملا، والأمل في الله كبير للعثور عليه مستقبلا.
تعليق الدكتور ميكلوش موراني على الصفحات الأربع الموجودة من الكتاب شد نظري فيه ثلاثة(3) أمور:
الأول: هو أنه وحسب اطلاعي وبحثي المتواصل عن وفي الآراء المنسوبة لابن خويزمنداد وعن شخصيته منذ 1413 الموافق لـ 1993 لم أعثر في كتب التراجم أو في غيرها من المصادر المطبوعة والمخطوطة منها على ما يفيد أن "ابن عروسة" هذا المذكور على وجه الورقة الأولى أنه تتلمذ على ابن خويزمنداد، ولم أقف على ذكره أو ترجمته عند من ترجموا أو نقلوا آرآء لابن خويزمنداد؛ والذي توصلت إليه إلى حد الآن هو أن ابن خويزمنداد تتلمذ عليه كل من إبراهيم بن بكر: أبو إسحاق ، إبراهيم بن بكر بن عمران ابن عبد العزيز اللخيمي الأندلسي، المتوفى بإشبيلية سنة خمس وثمانين وثلاثمائة(385هـ)؛ و"الإمام أبي بكر المالكي الأصولي" الذي يحتاج التعرف عليه بشكل أكبر وأدق إلى مزيد من البحث والتقصي، لأنه لم يذكر وبهاته الصيغية المقتضبة إلا عند الفيروزأبادي في "القاموس المحيط" والزبيدي في "تاج العروس".
الأمر الثاني: هو تداول كتب ابن خويزمنداد خلال القرن الثامن الهجري في عصر صاحب "الديباج المذهب" المتوفى سنة 799 هجرية حسب ما جاء في تعليق الدكتور موراني.
فالذي وقفت عليه بشأن هذا التداول لمؤلفات ابن خويز منداد هو أن كتابه "أحكام القرآن" كان موجودا ومتداولا في بدايات القرن العاشر الهجري، فهذا السيوطي (ت911هـ) ذكر في مقدمة كتابه "الإتقان في علوم القرآن" أن مؤلَّف ابن خويزمنداد المذكور كان من الكتب التي اعتمد عليها في تأليفه للإتقان، يقول السيوطي: " وهذه أسماء الكتب التي نظرتها على هذا الكتاب ولخصته منها، فمن الكتب النقلية: تفسير ابن جرير وابن أبي حاتم... ومن كتب اللغات والغريب والعربية والإعراب: مفردات القرآن للراغب... ومن كتب الأحكام وتعلقاتها: أحكام القرآن لإسماعيل القاضي ولبكر بن العلاء ولأبي بكر الرازي وللكيا الهراسي ولابن العربي ولابن الفرس ولابن خويزمنداد" انتهى كلام السيوطي.
الأمر الثالث وهو المتعلق برواية ابن خويز منداد عن أبي الحسن الهاشمي ( أحمد بن محمد بن موسى المتوفى سنة 405هـ) وهو من شيوخ ابن خويز منداد بناء على ما أورده ميكلوش موراني في تعليقه.
فحسب اطلاعي وبحثي فلم أقف فيما تمكنت من الرجوع إليه من كتب التراجم( ومنها كتب التاريخ) وغيرها على أن ابن خويز منداد أخذ أو تفقه على هذا العالم الجليل الراوي للموطأ، والذي وجدته ووقفت عليه هو أن ابن خويز منداد تفقه بأبي بكر الأبهري وسمع الحديث فروى عن ابن داسة، وأبي الحسن التمار، وأبي الحسن المصيصي، وأبي إسحاق الهجيمي، وأبي العباس الأصم. وبالله التوفيق.

 

[موراني]

عبد القادر محجوبي المحترم
عن الأمر الأول : ابن عروسة هذا مجهول كما ذكرت وفي وصف المخطوط .
عن الأمر الثاني : جاء عند صاحب الديباج المذهب نصا :ورأيت على كتبه بخطه : محمد بن أحمد بن علي بن إسحاق ( ج ٢ ، ص ٢٢٩ بتحقيق محمد الأحمدي أبو النور ) . هذا ، وأسقطت إدارة رواق المذهب المالكي جميع الحواشي من وصف المخطوط .
عن الأمر الثالث : يأتي على الصفحة الثالثة لهذه القطعة : حدثنا أبو الحسن الهاشمي قال حدثنا ابراهيم بن عبد الصمد عن أبي مصعب عن مالك ....إلخ

من هنا يتبين أنه أخذ عن أبي الحسن الهاشمي مباشرا حتى ولو لم يأت ذكر ذلك عند أصحاب التراجم .

موراني

 

[عبدالقادر محجوبي]

أشكر للدكتور موراني تأكيده لبعض ما جاء في التعليق على الورقتين.
لم أنف أو أعترض على ما جاء في هذا التعليق؛ وقصدي إيراد ما بدا لي أنه يساعد أو يضيء جوانب من شخصية ابن خويز منداد وعِلْمِه.
ثم إن النص الوارد في التعليق والمنقول عن ابن فرحون من "الديباج المذهب" لاشك فيه، وهو بين يدي. ومن باب الإشارة فهذا النص أو ما يشبهه موجود عند القاضي عياض في ترجمة ابن خويزمنداد من كتاب " ترتيب المدارك" مع بعض التقديم والتأخير وعدم ذكر عبارة "بخطه".
ومرادي مما قلْتُه هو أن تداول كتاب "أحكام القرآن" لابن خويز منداد تجاوز القرن الثامن (عصر ابن فرحون) إلى العاشر الهجري، بدليل إقرار السيوطي اعتماده عليه في تأليفه لـ "الإتقان في علوم القرآن".
وقد أشرت إلى ذلك علَّه يفيد في البحث عن كتب ابن خويز منداد، وخاصة "أحكام القرآن" الذي عليه مدار النقاش والتعليق.