أبو إسحاق الحضرمي
New member
أحببتُ أن أتحف إخواني ببعض أخبار القرَّاء من كتاب غاية النهاية لابن الجزري ومن غيره من كتب التراجم مع التعليق قدر الإمكان إن تيسَّر.
الخبر الأول: الرجوع عن الخطأ بعد بيانه ووضوحه:
الخطأ واردٌ على الإنسان، وإن بلغ ما بلغ من العلم، ولكنَّ العيب أن يستمر على خطئه ويأنف عن الرجوع عن خطئه، فقد يقع المقرئ أو مدرِّس الحلقة القرآنية في خطأٍ، كأن يُخطئ في نطق بعض الكلمات القرآنيَّة، وذلك إمَّا لأنّه غير مؤهَّل لتدريس القرآن الكريم، أو أنه مؤهَّل لكنه قد يَذْهَلُ عنها، ويغيب عنه الصواب لأمرٍ عارضٍ، فيقع في الخطأ، فينبهَهُ بعضُ طلابه على خطئه، أو يخطئ في تفسير آية أو غير ذلك، فينبغي بل يجب عليه أن يرجع عن خطئه، ولا يأخذه الكبر عن قبول الحق، وما أحسن ما قاله بدر الدين ابن جماعة: ( وكان جماعة من السلف يستفيدون من طلبتهم ما ليس عندهم )(1) .
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب قال : سأل رجل علياً عن مسألة فقال فيها، فقال الرجل : ليس هكذا ولكن كذا وكذا قال علي : أحسنتَ وأخطأتُ وفوق كل ذي علم عليم ) (2) .
وهذا الإمام الكسائي أحد القرَّاء السبعة، يقول عنه تلميذه خلف: فقرأ يوماً في سورة الكهف ( أَنَا أَكْثَر مِنْكَ ) فنصب أكثر، قال خلف: فعلمتُ أنه قد وقع فيه، فلمَّا فرغ أقبل الناس يسألونه عن العلِّة في أكثر، لِمَ نصبه؟ فثرتُ في وجوههم أنه أراد في فتحه أقلَّ، ( إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً ) فقال الكسائي: ( أكثرُ ) فمحوه من كتبهم، ثمَّ قال لي يا خلف: يكون أحدٌ من بعدي يسلم من اللحن ) قال: قلتُ: ( لا ، أما إذا لم يسلم أنتَ فليس يسلمُ منه أحد بعدك، قرأتَ القرآن صغيراً، وأقرأتَ الناس كبيراً، وطلبتَ الآثار فيه والنحو ) (3) .
ومن ذلك ما جاء عن الشيخ أبي محمد بن عبد المعطي بن إسماعيل بن عتيق الناصري المقيم بمدينة قابس قال : بلغني عن حرز الله الخراط، وكان ساكناً بنشتوى مدينة من مدائن اليمن، وكان رجلاً حاذقاً بالنحو واللغة والقراءات السبع، فقرأ عليه القارئ يوماً في سورة الأنبياء وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهَ وَمَسَاكِنكُم فقال له المقرئ : ارفع مَسَاكِنكُم وتوهم أنها فاعلة، فقال : المعنى : فارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنُكم ترجع معكم . قال الشيخ أبو محمد بن عبد المعطي : فلمَّا بلغني ذلك شقَّ عليَّ إذ كان مثل هذا الرجل على علمه وصلاحه وَهِمَ في هذا الحرف وهو خطأ عظيم - وكان صديقاً له وبينهما مكاتبة - فعملتُ رسالةً وبينتُ له فيها وجه الصواب، ومعاني الإعراب، وإن كان جائزاً ما قاله من غير القرآن وتصاريف الكلام وكون القراءة سنة ومحجة متبعة، وكتب إليه جماعة من أهل العلم في ذلك من سفاقس، ومن المهدية، ومن مدائن إفريقية، إذ أهل العلم بالمغرب متيقظون لحفظ الشريعة، وتصحيح القوانين، فمن سُمِعَتْ منه كلمة خارجة عن قانون كتب إليه، أو قيل له، فإن قال : وهمتُ أو نسيتُ قبل ذلك منه، وإن ناظر عليها اجتمعت جماعة الفقهاء وحرر معه الكلام ولا يترك ورأيه، فلمَّا وصل إلى المقرئ حرز الله ما كُتِبَ إليه به قال : ما انتفعتُ إلا برسالة الشيخ أبي محمد عبد المعطي الناصري ورجع عن مقالته واهتدى إلى الصواب (4).
الخبر الأول: الرجوع عن الخطأ بعد بيانه ووضوحه:
الخطأ واردٌ على الإنسان، وإن بلغ ما بلغ من العلم، ولكنَّ العيب أن يستمر على خطئه ويأنف عن الرجوع عن خطئه، فقد يقع المقرئ أو مدرِّس الحلقة القرآنية في خطأٍ، كأن يُخطئ في نطق بعض الكلمات القرآنيَّة، وذلك إمَّا لأنّه غير مؤهَّل لتدريس القرآن الكريم، أو أنه مؤهَّل لكنه قد يَذْهَلُ عنها، ويغيب عنه الصواب لأمرٍ عارضٍ، فيقع في الخطأ، فينبهَهُ بعضُ طلابه على خطئه، أو يخطئ في تفسير آية أو غير ذلك، فينبغي بل يجب عليه أن يرجع عن خطئه، ولا يأخذه الكبر عن قبول الحق، وما أحسن ما قاله بدر الدين ابن جماعة: ( وكان جماعة من السلف يستفيدون من طلبتهم ما ليس عندهم )(1) .
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب قال : سأل رجل علياً عن مسألة فقال فيها، فقال الرجل : ليس هكذا ولكن كذا وكذا قال علي : أحسنتَ وأخطأتُ وفوق كل ذي علم عليم ) (2) .
وهذا الإمام الكسائي أحد القرَّاء السبعة، يقول عنه تلميذه خلف: فقرأ يوماً في سورة الكهف ( أَنَا أَكْثَر مِنْكَ ) فنصب أكثر، قال خلف: فعلمتُ أنه قد وقع فيه، فلمَّا فرغ أقبل الناس يسألونه عن العلِّة في أكثر، لِمَ نصبه؟ فثرتُ في وجوههم أنه أراد في فتحه أقلَّ، ( إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً ) فقال الكسائي: ( أكثرُ ) فمحوه من كتبهم، ثمَّ قال لي يا خلف: يكون أحدٌ من بعدي يسلم من اللحن ) قال: قلتُ: ( لا ، أما إذا لم يسلم أنتَ فليس يسلمُ منه أحد بعدك، قرأتَ القرآن صغيراً، وأقرأتَ الناس كبيراً، وطلبتَ الآثار فيه والنحو ) (3) .
ومن ذلك ما جاء عن الشيخ أبي محمد بن عبد المعطي بن إسماعيل بن عتيق الناصري المقيم بمدينة قابس قال : بلغني عن حرز الله الخراط، وكان ساكناً بنشتوى مدينة من مدائن اليمن، وكان رجلاً حاذقاً بالنحو واللغة والقراءات السبع، فقرأ عليه القارئ يوماً في سورة الأنبياء وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهَ وَمَسَاكِنكُم فقال له المقرئ : ارفع مَسَاكِنكُم وتوهم أنها فاعلة، فقال : المعنى : فارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنُكم ترجع معكم . قال الشيخ أبو محمد بن عبد المعطي : فلمَّا بلغني ذلك شقَّ عليَّ إذ كان مثل هذا الرجل على علمه وصلاحه وَهِمَ في هذا الحرف وهو خطأ عظيم - وكان صديقاً له وبينهما مكاتبة - فعملتُ رسالةً وبينتُ له فيها وجه الصواب، ومعاني الإعراب، وإن كان جائزاً ما قاله من غير القرآن وتصاريف الكلام وكون القراءة سنة ومحجة متبعة، وكتب إليه جماعة من أهل العلم في ذلك من سفاقس، ومن المهدية، ومن مدائن إفريقية، إذ أهل العلم بالمغرب متيقظون لحفظ الشريعة، وتصحيح القوانين، فمن سُمِعَتْ منه كلمة خارجة عن قانون كتب إليه، أو قيل له، فإن قال : وهمتُ أو نسيتُ قبل ذلك منه، وإن ناظر عليها اجتمعت جماعة الفقهاء وحرر معه الكلام ولا يترك ورأيه، فلمَّا وصل إلى المقرئ حرز الله ما كُتِبَ إليه به قال : ما انتفعتُ إلا برسالة الشيخ أبي محمد عبد المعطي الناصري ورجع عن مقالته واهتدى إلى الصواب (4).