منزلة تفسيري ( التبيان ) و (مجمع البيان ) بين تفاسير الشيعة

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,144
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الموقع الالكتروني
www.tafsir.net
ما سِرُّ الاختلاف بين تفسيري "التبيان" للطوسي(ت:460), و"مجمع البيان" للطبرسي(ت:538), وبين بقية كتب التفسير عند الإمامية الرافضة؟!
عامَّة كتب التفسير الإمامية توغِلُ إلى حَدِّ الإسفاف في التأويل الباطني للآيات, وتتلاعب بالمعاني في سذاجة لا يقبلها عقل, وليس فيها نقلٌ عن مفسري السلف, إلا ما وافق هواهم, أو وُضِعَ ليكون كذلك, ولا اعتبار فيها لسياقٍ, أو سبب نزول, أو قصة آية, أو تفسير نبوي, أو بالقرآن, أو بعموم السنة .. , أو نحو ذلك من أصول التفسير المعتمدة عند أهل العلم, إلا ما كان لهم فيه مُستَدَل, ولو كان أبعد من المحسوس!!, وتفسير العسكري, والعياشي, والقُمِّي, والصافي, والبرهان, أو حتى أصول الكافي طافحةٌ بذلك.

غيرَ أن الناظر في تفسيري "التبيان" للطوسي, -وتبعه الطبرسي في "مجمع البيان", وبنى عليه تفسيره, كما نَصَّ عليه في مقدمته- يجدهما أقرب تفاسير الشيعة إلى أصول تفاسير أهل السنة:
- فالتأويل الباطني فيهما يقلُّ بوضوح, وهو موجود,
- كما سلمت من المُتناقضات ومُحالات العقول إجمالاً,
- والنقل في "التبيان" عن مفسري السلف - من الصحابة والتابعين - كثير, مع حمد طرائقهم في التفسير, وتقديمهم على غيرهم.
ويقل جداً فيه النقل عن أئمة الرافضة إلا ما وافقت فيه أقوالهم أقوال أهل السنة.
- وفيما عدا ذلك يوافقان المعتزلة في كثير من الأصول.

فهل يمثلان في تفسيريهما المنهج الشيعي الإمامي في التفسير؟
وهل يُعتَبَر ذلك منهما خُطوة نحو تشيع مُعتَدِل؟!

ربما كان سيؤخذ الأمر كذلك,

إلا أن عالم الشيعة, ومُحَدِّثُها, وخبير رجالها, وصاحب آخر مجموع من مجاميعهم الحديثية, وأستاذ كثير من علمائهم الأقطاب, كمحمد حسين آل كاشف الغطا, وأغابزرك الطهراني .., وغيرهم, وهو: حسين النوري الطبرسي, له رأي آخر, وهو: أن كتاب "التبيان" للطوسي إنما وُضِعَ على طريقة ’’ التُّقيَة ‘‘ والمداراة للخصوم, وإليك نصُّ كلامه:
(ثم لا يخفى على المتأمل في كتاب "التبيان", أن طريقته فيه على نهاية المداراة والمماشاة مع المخالفين؛ فإنك تراه اقتصر في تفسير الآيات على نقل كلام الحسن, وقتادة, والضحاك, والسدي, وابن جريج, والجبائي, والزجاج, وابن زيد, وأمثالهم, ولم ينقل عن أحد من مفسري الإمامية, ولم يذكر خبراًعن أحد من الأئمة عليهم السلام, إلا قليلاً في بعض المواضع؛ لعله وافقه في نقله المخالفون, بل عَدَّ الأولين في الطبقة الأولى من المفسرين, الذين حُمِدَت طرائقهم, ومُدِحَت مذاهبهم. وهو من الغرابة لو لم يكن على وجه المماشاة, فمن المحتمل أن يكون هذا القول منه فيه على نحو ذلك.
ومما يؤيد كون وضع الكتاب على التقية, ما ذكره السيد الجليل علي بن طاوس, في "سعد السعود", وهذا لفظه: ونحن نذكر ما حكاه جدي أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي, في كتاب "التبيان")., وحَمَلَته التقية على الاقتصار عليه, من تفصيل المكي والمدني, والخلاف في أوقاته, إلخ. - هكذا لم يكمل الطبرسي العبارة - وقال الطبرسي مُعَلِّقاً: وهو أعرف - أي: ابن طاوس - بما قال - أي: الطوسي - من وجوه لا يخفى على من اطلع على مقامه, قتأمل).[فصل الخطاب: الورقة 17, النسخة المخطوطة. بواسطة: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة, للقفاري, 1/244- 245].
أمَّا الطبرسي فقد قال في مقدمة تفسيره عن تفسير الطوسي "التبيان":
(فإنه الكتاب الذي يُقتَبَس منه ضياء الحق, ويلوح عليه رواء الصدق .., وهو القدوة أستضيء بأنواره, وأطأ مواقع آثاره).[بواسطة: التفسير والمفسرون, للذهبي 2/107].

وهذا الرأي ينبغي اعتباره لأمور:
أولاً: للمكانة العلمية لمن صَرَّح به بين علماء الشيعة, وهما: ابن طاوس - حفيد الطوسي -, وحسين النوري.
ثانياً: لموافقته أصلاً مهماً من أصول الإمامية, وهو ’’ التقية ‘‘.
ثالثاً: وجود ’’ التقية ‘‘, أو احتمال وجودها في أحد تفاسير الشيعة, يُخرِجه من دائرة المراجع الأصلية في الكشف عن منهج التفسير عند الشيعة, لأنه في النهاية لن يخرج عن دائرة أقوال أهل السنة - بالمعنى العام -.
رابعاً: أن جميع كتب أصول الشيعة وتفاسيرهم سارت على مهيع واحد, أجملته في أول الموضوع, وخروج تفسير أو اثنين عن ذلك يعني أنهما لعارض, كالتعبد بالتقية, أو التودد لأهل السنة, خاصة أن الطوسي عايش جماعة من علماء أهل السنة ببغداد, واختلط بهم.
فإن قيل: ألا يحتمل أن يكون تَغَيُّرُ منهج الطوسي في تفسيره تابعٌ لتغير موقفه من التشيع الإمامي الغالي, وليس من باب التقية؟
قيل: كلا الأمرين مُحتَمَل, ولكنهما لا يغيران في القضية شيئاً؛
فإن كان كتبه تقيةً, فلا يصلح مثالاً لتفاسير الشيعة كما سلف,
وإن كان كتبه عن قناعة بانحراف شيعته في طريقتهم في التفسير, فَغَيَّرَ منهجه وتجاوز مواطن الإنحراف عندهم, فقد أخرج تفسيره بنفسه عن أن يكون على منهج الإمامية في التفسير.

** وخلاصة القول أنه:
ينبغي التعرف على مناهج التفسير عند الإمامية الرافضة من غير كتابي "التبيان" للطوسي, و"مجمع البيان" للطبرسي؛
لأنهما على منهج التقية تعبداً وتدليساً, أو على غير منهج الإمامية قناعةً واعتقاداً.
والله أعلم.
 
أخي أبا بيان ـ حفظك الله ـ قد كنت أحسب أنَّ شيخ الطائفة الطوسي ( ت : 460 ) عنده اعتدال لما كان ينقل من أقوال السلف ، فتبيَّن لي بتتبع تفسيره خلاف ذلك ، بل إنه ينضح بالحقد على الصحابة خصوصًا أبو بكر الصديق ، كما تراه يُلصق بأمير المؤمنين عليٍّ من الفضائل ما هو مكذوب ، وفضل علي مما لا يحتاج إلى أن يُكذب له ، لكن هذه العقيدة ( الإمامية ) لا تدع أحدًا منهم يقرب من الإنصاف فضلاً عن يتبع الحق ، وسأنقل لك بعض نقولات من كتابه تبين لك ما قلت :
أولاً : أورد الطوسي الرافضي ( ت : 460 ) تفسير أهل السنة لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) ( النساء : 59 ) ، وأن المراد بأولي الأمر : الأمراء أو العلماء ، ثمَّ قال : (( ... وروى أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله أنهم الأئمة من آل محمد صلى الله عليه وسلم ، فلذلك أوجب طاعتهم بالإطلاق ، كما أوجب طاعة رسوله وطاعة نفسه كذلك .
ولا يجوز إيجاب طاعة أحد مطلقًا إلا من كان معصومًا مأمونًا منه السهو والغلط ، وليس ذلك بحاصل في الأمراء والعلماء ، وغنما هو واجب في الأئمة الذين دلت الآية على عصمتهم وطهارتهم ، فأما من قال : المراد به العلماء فقول بعيد ...)) .
ثمَّ قال : ( ولذا قال في آية أخرى : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) ( النساء : 83 ) ، ولأنه إذا كان قولهم حجة من حيث كانوا معصومين حافظين للشرع جروا مجرى الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الباب )) (التبيان في تفسير القرآن ، للطوسي 3 : 236 ـ 237 ) .
وظاهر من هذا التفسير أنه أثر من آثار اعتقاد إمامة آل بيت علي رضي الله عنه من نسل الحسين ـ رضي الله عنه ـ فقط ، وأن هؤلاء الأئمة معصومون من الخطأ ، ومن ثمَّ فإن اتباعهم بإطلاقٍ شرعٌ ودينٌ .
وكون هذه الآية مخصوصة بأئمة البيت لا دليل عليه ، وما استدلَّ به إنما يروج عند أصحابه لا غير ، وليس في الآية ما يدلُّ على حملها على هذا المحمل البتة .
ثانيًا : قد كان من آثار هذه العقيدة ( الإمامة ) عنده أن حمل آيات على أنها فضائل لعلي وآل بيته رضي الله عنهم ، وأنها نزلت بشأنهم ، وبالمقابل نزع أي فضيلة تخص أبا بكر الصديق رضي الله عنه في الآيات ، مع وضوح فضله فيها ، وكونها من الظاهر الذي لا يكاد ينكر ، لكنهم يحرفون معناها إلى ما يوافق عقيدتهم في الصحابة الكرام ، وإليك المثال :
في قوله تعالى : (إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم ) ( التوبة : 40 ) ، قال الطوسي الرافضي ( ت : 460 ) : ( وليس في الآية ما يدل على تفضيل أبي بكر ؛ لأن قوله ( ثاني اثنين ) مجرد الإخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ومعه غيره ، وكذلك قوله : ( إذ هما في الغار ) خبر عن كونهما فيه ، وقوله : ( إذ يقول لصاحبه ) لا مدح فيه أيضًا ؛ لأنَّ تسمية الصاحب لا تفيد فضيلة ، ألا ترى أن الله تعالى قال في صفة المؤمن والكافر : (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ ) ( الكهف : 37 ) ، وقد يسمون البهيمة بانها صاحب الإنسان كقول الشاعر :
وصاحبي بازل شمول .
وقد يقول الرجل المسلم لغيره : أرسل إليك صاحبي اليهودي ، ولا يدلُّ ذلك على الفضل .
وقوله : (لا تحزن ) وإن لم يكن ذمًّا ، فليس بمدح ، بل هو نهي محضٌ عن الخوف .
وقوله : (إن الله معنا ) ؛ قيل : المراد به النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو أريد أبو بكر معه لم يكن فيه فضيلة ؛ لأنه يحتمل أن يكون ذلك على وجه التهديد ؛ كما يقول القائل لغيره إذا رآه يفعل القبيح: لا تفعل، إن الله معنا ، يريد انه مطلع علينا ، عالم بحالنا .
والسكينة قد بينا أنها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بما بيناه من أن التأييد بجنود الملائكة كان يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فأين موضع الفضيلة للرجل لولا العناد .
ولم نذكر هذا للطعن في أبي بكر ، بل بينا أن الاستدلال بالآية على الفضل غير صحيح )) ( التبيان في تفسير القرآن للطوسي 5 : 222 ـ 223 ) .
فيالله العجب من هذا الكلام والتحريف الذي يُستعمل فيه كل تخريج غريب ، يُغالب به ظاهر الآية ونصَّها ، فمجرد الاحتمال حجة ، وليس هذا فقط بل هو احتمال باطل متهافت ، فهل مقام الغار مقام تهديد لأبي بكر ، سبحانك ربي هذا بهتان عظيم ، ونشهدك على حبِّ أبي بكر وبغض من يبغضه .
ثالثًا : إذا جاء الأمر لعلي رضي الله عنه ـ وله من الفضائل الصحيحة ما لا يُنكر ، وهو غنيٌّ عن تلك الفضائل المكذوبة ـ لم تجد مثل هذه التخريجات ، بل إن الآيات التي يُستدلُّ بها في كثيرٍ من الأحيان لا تخصُّه وحده ، لكنه يخصها به ، ويراها فضيلة له ، ومن ذلك :
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ( المائدة : 54 ) ، ذكر الطوسي ( ت : 406 ) فيمن نزلت هذه الآية أربعة أقوال :
الأول : نزلت في أبي بكر ، ونسبه إلى الحسن وقتادة والضحاك وابن جريج .
الثاني : نزلت في الأنصار ، ونسبه إلى السدي .
الثالث : نزلت في أهل اليمن ، وذكر انه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن الطبري اختاره .
الرابع : أنها نزلت في أهل البصرة ومن قاتل عليًّا ، ونسبه إلى أبي جعفر وأبي عبد الله وعمار وحذيفة وابن عباس .
ثم قال الطوسي ( ت : 460 ) معلقًا على القول الرابع : (( ... فروي عن أمير المؤمنين أنه قال يوم البصرة : والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم ، وتلا هذه الآية ، ومثل ذلك روي عن حذيفة وعمار وغيرهما .
والذي يقوِّي هذا التأويل أن الله تعالى : وصف من عناه بالآية بأوصاف ؛ وجدنا أمير المؤمنين مستكملاً لها بالإجماع ؛ لأنه قال : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) وقد شهد النبي صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين بما يوافق لفظ الآية في قوله يوم ندبه لفتح خيبر بعد فرار من فرَّعنها واحدًا بعد واحدٍ (1) ( لأعطين الراية غدًا رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، كرارٌ غير فرَّار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه ) ، فدفعها إلى أمير المؤمنين ، فكان من ظفره ما وافق خبر الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثمَّ قال : (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ، فوصف من عناه بالتواضع للمؤمنين والرفق بهم ، والعزة على الكافرين ، والعزيز على الكافرين هو الممتنع من أن ينالوه مع شدة نكايته فيهم ووطأته عليهم ، وهذه أوصاف أمير المؤمنين التي لا يُدانَى فيها ولا يُقارب .
ثمَّ قال : (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ) فوصف ـ جلَّ اسمه ـ من عنا بهذا الجهاد ، وبما يقتضي الغلبة فيه ، وقد علمنا انَّ أصحاب رسول الله بين رجلين : رجلاً لا عناء له في الحرب ولا جهاد . والآخر له جهاد وعناء ، ونحن نعلم قصور كل مجاهد عن منزلة أمير المؤمنين في الجهاد ، فإنهم مع منزلتهم في الشجاعة وصدق البأس لا يلحقون منزلته ولا يقاربون رتبته ؛ لأنه المعروف بتفريج الغمم ، وكشف الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي لم يحم قط عن قرن ، ولا نكص عن هول ، ولا ولَّى الدبر ، وهذه حالة لم تسلم لأحد من قبله ولا بعده ، فكان بالاختصاص بالآية أولى ؛لمطابقة أوصافه لمعناها .
فأما من قال أنها نزلت في أبي بكر ، فقوله بعيد من الصواب ؛ لأنه ـ تعالى ـ إذا وصف من أراد بالآية بالعزة على الكافرين ، وبالجهاد في سبيله مع اطراح اللوم ؛ كيف يجوز أن يظن عاقل توجيه الآية إلى من لم يكن له حظ في ذلك الموقف ؛ لأن المعلوم أن أبا بكر لم يكن له نكاية في المشركين ، ولا قتيل في الإسلام ، ولا وقف في شيء من حروب النبي صلى الله عليه وسلم موقف أهل البأس والفناء ، بل كان الفرار شيمته ، والهرب ديدنه ، وقد انهزم عن النبي صلى الله عليه وسلم في مقام بعد مقام ، فانهزم يوم أُحد ، ويوم حنين ، وغير ذلك ، فكيف يوصف بالجهاد في سبيل الله ـ على ما يوصف في الآية ـ من لا جهاد له جملة (2) ، وهل العدول بالآية عن أمير المؤمنين مع العلم الحاصل بموافقة أوصافه إلى غيره إلا عصبية ظاهرة ، ولم يذكر هذا طعنًا على أبي بكر رضي الله عنه ، ولا قدحًا فيه ؛ لأن اعتقادنا فيه أجمل شيء بل قلنا : أليس في الآية دلالة على ما قال ( كذا ) )) ( التبيان في تفسير القرآن للطوسي 3 : 555 ـ 557 ) .
ولا أدري لماذا لم يناقش من قال بأنها نزلت في الأنصار ، أو نزلت في أهل اليمن ، واختار إبطال كونها نزلت في أبي بكر ، ثم يزعم أنه لا يطعن في أبي بكر ، وأن اعتقاده فيه أجمل شيء ؛ سبحان الله ، والحمد لله الذي لم يجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا .
وإني لأعجب من هؤلاء القوم ، ألا يمكن أن تثبت فضائل علي رضي الله عنه إلا بتنقُّص صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الآخرين ؟!
ولولا ما يعتقده من أمر الولاية لعلي لما ذهب إلى مثل هذا الكلام الذي يظهر منه روح العصبية ، ولعلم أن الآية عامة في كل من ينطبق عليه هذا الوصف ، وياليته بيَّن كيف يُطلق لفظ القوم الدال على المجموع على شخص واحد ؟!
..............................
(1) لا يجهلك أخي القاري ما في هذا الزعم من خطأ ، بل كذبٍ ، والله المستعان .
(2) سبحانك ربي هذا بهتان عظيم .
 
يبدو أن الطبرسي أقرب إلى الاعتدال من الطوسي ؛ فقد فسر آية التوبة رقم 40 - التي نقل الشيخ مساعد تفسيرها عن الطوسي - بتفسير قريب من تفسير أهل السنة ، ثم قال : ( وقد ذكرت الشيعة في تخصيص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، في هذه الآية بالسكينة، كلاما رأينا الإضراب عن ذكره أحرى، لئلا ينسبنا ناسب إلى شيء. )

وفي تفسيره لآية المائدة قال : ( واختلف فيمن وصف بهذه الاوصاف منهم، فقيل: هم أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة، عن الحسن، وقتادة، والضحاك. وقيل: هم الانصار، عن السدي. وقيل: هم أهل اليمن، عن مجاهد، قال: قال رسول الله: " أتاكم أهل اليمن، هم ألين قلوبا، وأرق أفئدة، الايمان يماني، والحكمة يمانية ". وقال عياض بن غنم الاشعري: " لما نزلت هذه الاية، أومأ رسول الله إلى أبي موسى الاشعري، فقال: هم قوم هذا ". وقيل: إنهم الفرس. وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل عن هذه الاية، فضرب بيده على عاتق سلمان، فقال: " هذا وذووه " ، ثم قال: " لو كان الدين معلقا بالثريا لتناوله رجال من أبناء فارس " وقيل: هم أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وأصحابه، حين قاتل من قاتله من الناكثين، والقاسطين، والمارقين، وروي ذلك عن عمار، وحذيفة، وابن عباس، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (عليه السلام). ويؤيد هذا القول أن النبي وصفه بهذه الصفات المذكورة في الاية، فقال فيه، وقد ندبه لفتح خيبر، بعد أن رد عنها حامل الراية إليه، مرة بعد أخرى، وهو يجبن الناس ويجبنونه: " لأعطين الراية غدا رجلا، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يده " ثم أعطاها إياه. فأما الوصف باللين على أهل الايمان، والشدة على الكفار، والجهاد في سبيل الله، مع أنه لا يخاف فيه لومة لائم، فمما لا يمكن أحدا دفع علي عن استحقاق ذلك، لما ظهر من شدته على أهل الشرك والكفر، ونكايته فيهم، ومقاماته المشهورة في تشييد الملة، ونصرة الدين، والرأفة بالمؤمنين. ويؤيد ذلك أيضا إنذار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قريشا بقتال علي لهم من بعده، حيث جاء سهيل بن عمرو في جماعة منهم، فقالوا له: يا محمد! إن أرقاءنا لحقوا بك، فارددهم علينا. فقال رسول الله: لتنتهين يا معاشر قريش، أو ليبعثن الله عليكم رجلا، يضربكم على تأويل القرآن، كما ضربتكم على تنزيله! فقال له بعض أصحابه: من هو يا رسول الله أبو بكر ؟ قال: لا. ولكنه خاصف النعل في الحجرة. وكان علي يخصف نعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وروي عن علي أنه قال يوم البصرة: " والله ما قوتل أهل هذه الاية حتى اليوم " وتلا هذه الاية.) انتهى
 
الشيخ مساعد سلمك الله: تتبعك هو الحَكَم, وقد وجدت هذا التقييم لهذين الكتابين في غيرما كتاب من كتب مناهج التفسير, وهو تقييم قاصرٌ ولا شك, ويبدو أن طريقة تتبع آيات مُعينة, فإن تجاوزها المفسر بلا انحراف فهو معتدل, طريقة غير سليمة, خاصة هنا في مقام الحديث عن الشيعة.
وينبغي لدارس منهج فرقة ما في التفسير أن يجعل أصولهم العقدية نصب عينيه, ومن المشكلات في عقائد الشيعة "التقية", فإن أخذ بظاهر اللفظ في بعض كتبهم مما لا يوافق أصولهم لم يأمن أن يكون تقيةً, فإن لم يفعل, وذكر أنه مخالف لأصولهم, وأنه على مذهب التقية, قيل: أين الإنصاف والعدل والأخذ بالظاهر؟ فما الحل؟
الجواب: وجوب اعتبار الأصول العقدية, أولاً, ثم يكون الحكم على الأعم الأغلب, وما شذَّ وخالف لا حكم له. وهذا مقتضى العدل والإنصاف في هذا المقام.
ويجدر بالدارس هنا عدم الاقتصار على كتب التفسير, فإن كتبهم العقدية والفقهية مليئة بالاستدلالات والتأويلات.

وما ذكرته أخي الحبيب أبو مجاهد عن اعتدال الطبرسي في هذه الآية ربما كان صحيحاً لولا شائبة التقية, ولولا أنه قاصر من ناحية الاستقراء, فلا يكفي موضع كهذا لنستخرج منه حكم بالاعتدال أو الانحراف. وبمراجعة: التفسير والمفسرون, للذهبي, نجد عكس هذا الرأي عن الطبرسي, إذ موافقته لأصول الإمامية أظهر من الطوسي. والله أعلم.
 
هناك رسالة بالجامعة الاسلامية بالمدينة عنوانها

كشف الاتجاه الرافضي في تفسير الطبرسي الموسوم بـ(مجمع البيان لعلوم القرآن) .

للباحث / أحمد طاهر أويس علي
الماجستير
1409هـ
التقدير: ممتاز


المشرف على الرسالة:
د/ عبدالعزيز بن محمد عثمان

المناقش الأول:
د/ علي بن محمد ناصر فقيهي

المنافش الثاني:
د/ عبدالعزيز بن عبدالفتاح قاري


مختصر تعريف بالرسالة
قسم الباحث رسالته إلى مقدمة، وقسمين، وخاتمة.

المقدمة:
في بُعد الرافضة عن المنهج القويم في تفسير القرآن وفهم معانيه وأن مبادئهم تناقض أصول الإسلام وفروعه.

أما القسم الأول: فهو يشمل بابين:
الباب الأوّل:
الشيعة والتشيع فرق وعقائد. تكلم الباحث فيه عن التشيع نشأته وتطوره وأهدافه، وأثر النحل القديمة فيه، وأمهات فرق الشيعة الرئيسة وعقائدهم وآرائهم.
وأما الباب الثاني:
ففي الطبرسي ومنهجه في التفسير، ذكر فيه الباحث ترجمة الطبرسي، ومنهجه في التفسير، ومصادره في تفسيره، موقفه من تفسير القرآن بالسنة، وموقفه من التفسير الباطني.

وأما القسم الثاني:
ففي كشف الاتجاه الرافضي في تفسير الطبرسي،
وهو في بابين:
الباب الأوّل:
إبراز مدى تمسك الطبرسي بعقائد الإمامية الإثني عشرية.
الباب الثاني :
إبراز مدى تمسك الطبرسي بفقه الشيعة الإمامية وآراء المعتزلة.

ثم ختم الباحث رسالته بذكر أهم النتائج الَّتي توصل إليها، ومنها:
أن الطبرسي يقول بكل ما تقول به الإمامية ويدين بكل ما يدينون به، فهو يقول بالنص على إمامة علي –رضي الله عنه- والإثني عشرية.
وعصمة الأئمة عصمة مطلقة، ويقول بالرجعة والتقية، وغيرها من الأقوال

http://www.iu.edu.sa/arabic/daleel/rasail/details.asp?ID=680
 
تفاسير الشيعة تحتاج لكثير من الدراسة والقاء الاضواء على محتواها.
 
تفاسير الشيعة تحتاج لكثير من الدراسة والقاء الاضواء على محتواها
 
عودة
أعلى