أنور بن إبراهيم
New member
- إنضم
- 06/02/2011
- المشاركات
- 11
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 1
مناهج دراسة القصص القرآني
تناول الشيخ محمود شلتوت ـ رحمه الله ـ مناهج دراسة القصص القرآنى ، حيث قسمها إلى أقسام ثلاثة أتى عليها بالنقد وأضاف منهجاً رابعاً ارتضاه ، وهذا كلامه رحمه الله
المنهج الأول : منهج المؤولين للقصص .
وهو صرف الكلام عن مدلوله اللغوي إلى معنى آخر دون ما يدعو إلى هذا التأويل ، وصاحبه قد يُحَكِّم فيه مجرد الاستبعاد لما يؤديه الكلام من المعنى الظاهر ، وكثيراً ما يقصده بعض الباحثين دفعاً لما يثيره خصوم القرآن على القرآن .
ويدخل فى هذا القسم تأويل إحياء الموتى المنسوب لعيسى بالإحياء الروحي ، وحمل النمل فى قصة سليمان على أنه قبيلة ضعيفة
وتأويل الكواكب فى قصة إبراهيم بأنها جواهر نورانية نورها عقلى لا حسى ...
وهذا المنهج هو من طريقة التأويل التى أسسها الباطنية فى القرآن الكريم وصرفوه بها عن دلالته العربية ، وفيه احتفاظ بمدلول للكلام وواقع يدل عليه ولكنه صرف للفظ عن معناه الوضعي إلى هذا المعنى الواقعى الذى يزعمه المؤول مدلولا للكلام .
والرأي فى هذه الطريقة أنه يجب أن يطبق عليها قانون التأويل الذي يتلخص فى أنه إذا كان التأويل لا يقضى على أصل ديني ولا يمس عقيدة ثابتة وهو فى الوقت نفسه يحتفظ للعبارة القرآنية بواقع تعبر عنه تعبيراً صادقاً وكانت اللغة تسمح به فإنه يكون مقبولاً من الوجهتين الدينية واللغوية ، وإذا لم تسمح به اللغة فهو مرفوض من هذه الجهة صادر عن جهل من صاحبه بقانون التأويل ومرفوض أيضاً من جهة ما يلزمه من الحكم بصدور التلبس من الله تعالى عن ذلك علواًَ كبيراً ، أما إذا كان يقضى على أصل ديني أو يمس عقيدة فإنه يكون مرفوضاً أيضاً من الوجهة الدينية .
المنهج الثانى : منهج القائلين بالتخييل . هذا المنهج يتفق مع المنهج الأول من ناحية ويخالفه فى ناحية .
إذ هو صرف للألفاظ عن معانيها الحقيقية كما فى المنهج الأول ولكن لا إلى واقع يُزعم ويدعى أنه مراد ، وإنما إلى تخييل ما ليس بواقع واقعاً ، فلا يلزم فيه الصدق ولا أن يكون إخباراً بما حصل ، وإنما هو ضرب من القول شبيه بما يوضع من حكايات بين أشخاص مفروضين أو على ألسنة الطيور والحيوان للإيحاء فقط بمغزى الحكايات من الإرشاد إلى فضيلة والحث عليها أو التحذير من رذيلة والتنفير منها .
ومن جماعة الفلاسفة فرقة جعلت ما رأته بعقولها أصلاً لما جاءت به الأنبياء ، فما وافق قانونهم هذا قبلوه وما خالفه رفضوه .
ولاشك أن القرآن إذا استقبلت دراسته على هذا النحو من الخلط والخبط والادعاء فقد اقتحمت قدسيته
وزالت عن النفوس روعة الحق فيه ، وتزلزلت قضاياه فى كل ما تناوله من عقائد وتشريع وأخبار .
وشبيه بهذا ما فعله قوم زعموا أن ما جاء فى الكتاب الكريم من الآيات الدالة على أن الله لا يعلم جزئيات الأشياء وتفاصيلها لا يراد به معناه الظاهر ولا معنى آخر ، وإنما سيق ليورث رغبة ورهبة فى قلوب الناس ...
المنهج الثالث : منهج المسرفين فى قبول الروايات .
وهو منهج جمهور المفسرين ، ويقوم على الإفراط فى تحكيم الروايات الواردة من طرق مختلفة فى فهم القصة القرآنية ، واعتبار كل ما ورد متصلاً بالقصة بياناً وتفصيلاً لما جاء فى القرآن ، كما اتخذ الفقهاء الأحاديث المتصلة بآيات التشريع بياناً وتفصيلاً أو تكميلاً لما ورد فى الآيات من أحكام ، وكما اعتبر الفقهاء الأحاديث مصدراً ثانياً للتشريع اعتبر هؤلاء الروايات الواردة فى القصة مصدراً ثانياً للقصة بعد القرآن .
والرأي السليم أنه إذا صح اتخاذ الأحاديث التشريعية مصدراً ثانياً للأحكام مبيناً أو مفصلاً أو مكملاً لأن العلماء بحثوها وميزوا صحيحها من ضعيفها ، فلا يصح ذلك فى الروايات القصصية لأنها لم تبحث كما بحثت هذه ، فهذا المنهج فيه إفراط أى إفراط ، وذلك يتمثل فى كثير من كتب التفسير حينما تصل إلى قصص الأنبياء مع أممهم كما نراه فى حالة بنى إسرائل فى التيه وكما نراه فى وصف المائدة التى أنزلها الله وغير ذلك .
المنهج الرابع . وهو المنهج المختار .
بعد أن انتقد الشيخ رحمه الله هذه المناهج الثلاثة وبين ضعفها قال :
هذه المناهج الثلاثة مترددة بين إفراط وتفريط فى شأن القصص القرآنى ، وما ينبغى أن يستقبل به حتى يحقق الغاية المقصودة من قصه على الناس بالعبرة والموعظة ، وحتى يحدث التسلية للدعاة والمصلحين ، وحتى يتبين للناس أنه القصص الحق المطابق للواقع الذى لا مرية فيه ولا تزيد ولا تخييل .
وعلى أساس أن الحق وسط بين باطلين نقرر أن المنهج الرابع الذى يجب استقبال القصص القرآنى على أساسه وهو المنهج السليم والصراط المستقيم إن شاء الله وخلاصته الوقوف عند ما ورد فى القرآن الكريم مع الاحتفاظ بدلالة الألفاظ اللغوية على معانيها وإفادتها لواقع هى تعبير صحيح عنه ، دون تزيد عليه بما لم يرد فيه اعتمادا على روايات لا سند لها كما صنع المفْرطون ، ودون تحيف لمعانيها باعتبار أن الكلام تخييل لا يعبر عن واقع كما فعله المفَرّطون ، ودون صرف للألفاظ عن معانيها الوضعية إلى معان أخرى من غير صارف يمنع إجراء الكلام على ظاهره ، كما فعل أهل التأويل الذين حرفوا كثيراً من القرآن عن مواضعه وتنكبوا قانون العربية التى نزل بها .
تناول الشيخ محمود شلتوت ـ رحمه الله ـ مناهج دراسة القصص القرآنى ، حيث قسمها إلى أقسام ثلاثة أتى عليها بالنقد وأضاف منهجاً رابعاً ارتضاه ، وهذا كلامه رحمه الله
المنهج الأول : منهج المؤولين للقصص .
وهو صرف الكلام عن مدلوله اللغوي إلى معنى آخر دون ما يدعو إلى هذا التأويل ، وصاحبه قد يُحَكِّم فيه مجرد الاستبعاد لما يؤديه الكلام من المعنى الظاهر ، وكثيراً ما يقصده بعض الباحثين دفعاً لما يثيره خصوم القرآن على القرآن .
ويدخل فى هذا القسم تأويل إحياء الموتى المنسوب لعيسى بالإحياء الروحي ، وحمل النمل فى قصة سليمان على أنه قبيلة ضعيفة
وتأويل الكواكب فى قصة إبراهيم بأنها جواهر نورانية نورها عقلى لا حسى ...
وهذا المنهج هو من طريقة التأويل التى أسسها الباطنية فى القرآن الكريم وصرفوه بها عن دلالته العربية ، وفيه احتفاظ بمدلول للكلام وواقع يدل عليه ولكنه صرف للفظ عن معناه الوضعي إلى هذا المعنى الواقعى الذى يزعمه المؤول مدلولا للكلام .
والرأي فى هذه الطريقة أنه يجب أن يطبق عليها قانون التأويل الذي يتلخص فى أنه إذا كان التأويل لا يقضى على أصل ديني ولا يمس عقيدة ثابتة وهو فى الوقت نفسه يحتفظ للعبارة القرآنية بواقع تعبر عنه تعبيراً صادقاً وكانت اللغة تسمح به فإنه يكون مقبولاً من الوجهتين الدينية واللغوية ، وإذا لم تسمح به اللغة فهو مرفوض من هذه الجهة صادر عن جهل من صاحبه بقانون التأويل ومرفوض أيضاً من جهة ما يلزمه من الحكم بصدور التلبس من الله تعالى عن ذلك علواًَ كبيراً ، أما إذا كان يقضى على أصل ديني أو يمس عقيدة فإنه يكون مرفوضاً أيضاً من الوجهة الدينية .
المنهج الثانى : منهج القائلين بالتخييل . هذا المنهج يتفق مع المنهج الأول من ناحية ويخالفه فى ناحية .
إذ هو صرف للألفاظ عن معانيها الحقيقية كما فى المنهج الأول ولكن لا إلى واقع يُزعم ويدعى أنه مراد ، وإنما إلى تخييل ما ليس بواقع واقعاً ، فلا يلزم فيه الصدق ولا أن يكون إخباراً بما حصل ، وإنما هو ضرب من القول شبيه بما يوضع من حكايات بين أشخاص مفروضين أو على ألسنة الطيور والحيوان للإيحاء فقط بمغزى الحكايات من الإرشاد إلى فضيلة والحث عليها أو التحذير من رذيلة والتنفير منها .
ومن جماعة الفلاسفة فرقة جعلت ما رأته بعقولها أصلاً لما جاءت به الأنبياء ، فما وافق قانونهم هذا قبلوه وما خالفه رفضوه .
ولاشك أن القرآن إذا استقبلت دراسته على هذا النحو من الخلط والخبط والادعاء فقد اقتحمت قدسيته
وزالت عن النفوس روعة الحق فيه ، وتزلزلت قضاياه فى كل ما تناوله من عقائد وتشريع وأخبار .
وشبيه بهذا ما فعله قوم زعموا أن ما جاء فى الكتاب الكريم من الآيات الدالة على أن الله لا يعلم جزئيات الأشياء وتفاصيلها لا يراد به معناه الظاهر ولا معنى آخر ، وإنما سيق ليورث رغبة ورهبة فى قلوب الناس ...
المنهج الثالث : منهج المسرفين فى قبول الروايات .
وهو منهج جمهور المفسرين ، ويقوم على الإفراط فى تحكيم الروايات الواردة من طرق مختلفة فى فهم القصة القرآنية ، واعتبار كل ما ورد متصلاً بالقصة بياناً وتفصيلاً لما جاء فى القرآن ، كما اتخذ الفقهاء الأحاديث المتصلة بآيات التشريع بياناً وتفصيلاً أو تكميلاً لما ورد فى الآيات من أحكام ، وكما اعتبر الفقهاء الأحاديث مصدراً ثانياً للتشريع اعتبر هؤلاء الروايات الواردة فى القصة مصدراً ثانياً للقصة بعد القرآن .
والرأي السليم أنه إذا صح اتخاذ الأحاديث التشريعية مصدراً ثانياً للأحكام مبيناً أو مفصلاً أو مكملاً لأن العلماء بحثوها وميزوا صحيحها من ضعيفها ، فلا يصح ذلك فى الروايات القصصية لأنها لم تبحث كما بحثت هذه ، فهذا المنهج فيه إفراط أى إفراط ، وذلك يتمثل فى كثير من كتب التفسير حينما تصل إلى قصص الأنبياء مع أممهم كما نراه فى حالة بنى إسرائل فى التيه وكما نراه فى وصف المائدة التى أنزلها الله وغير ذلك .
المنهج الرابع . وهو المنهج المختار .
بعد أن انتقد الشيخ رحمه الله هذه المناهج الثلاثة وبين ضعفها قال :
هذه المناهج الثلاثة مترددة بين إفراط وتفريط فى شأن القصص القرآنى ، وما ينبغى أن يستقبل به حتى يحقق الغاية المقصودة من قصه على الناس بالعبرة والموعظة ، وحتى يحدث التسلية للدعاة والمصلحين ، وحتى يتبين للناس أنه القصص الحق المطابق للواقع الذى لا مرية فيه ولا تزيد ولا تخييل .
وعلى أساس أن الحق وسط بين باطلين نقرر أن المنهج الرابع الذى يجب استقبال القصص القرآنى على أساسه وهو المنهج السليم والصراط المستقيم إن شاء الله وخلاصته الوقوف عند ما ورد فى القرآن الكريم مع الاحتفاظ بدلالة الألفاظ اللغوية على معانيها وإفادتها لواقع هى تعبير صحيح عنه ، دون تزيد عليه بما لم يرد فيه اعتمادا على روايات لا سند لها كما صنع المفْرطون ، ودون تحيف لمعانيها باعتبار أن الكلام تخييل لا يعبر عن واقع كما فعله المفَرّطون ، ودون صرف للألفاظ عن معانيها الوضعية إلى معان أخرى من غير صارف يمنع إجراء الكلام على ظاهره ، كما فعل أهل التأويل الذين حرفوا كثيراً من القرآن عن مواضعه وتنكبوا قانون العربية التى نزل بها .