مناقشة كتاب "مريم المسلمة" للكاتب الفرنسي ميشيل دوس

إنضم
18/12/2005
المشاركات
170
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
المغرب
نص مداخلة سمير القدوري
مساء يوم الجمعة 14 أكتوبر 2011
أثناء
مناقشة كتاب "مريم المسلمة"
Marie la musulmane
للكاتب الفرنسي
Michel Dousse
ميشيل دوس
المنشور عام 2005م
محاور مداخلتي
المحور الأول في الكلام على مصادر الكتاب
المحور الثاني في الكلام على مسائل الكتاب جملة وبيان سياقها التاريخي والأدبي
المحور الثالث في الكلام على الكيفية التي تعامل بها الكتاب مع تلك المسائل

المحور الأول في الكلام على مصادر الكتاب​
لائحة المصادر غائبة من الكتاب وبعد استخراجها من متنه وحواشيه تبين لي أن المؤلف اعتمد فقط على:
12 كتابا جلها دراسات معاصرة بالفرنسية تاريخ طبعها بين 1959م - 1994م.
5 مقالات ظهرت بين 1961 – 2001م.
ثمان ترجمات فرنسية: أربع للقرآن وأربع للكتاب المقدس.
ويلاحظ أنه ليس في تلك اللائحة كتاب عربي غير القرآن وحده, وخمسة كتب عربية ذكرها عرضا ونقل عنها بواسطة المراجع الفرنسية التي بين يديه فقط ولم يقف عليها مباشرة.
أما نقول المؤلف من الكتاب المقدس فقد وصل عددها إلى 192 اقتباسا 133 منها منقول من 19 سفرا من كتب العهد القديم, و 59 منها منقول 10 أسفار من كتب العهد الجديد.
يضاف لذلك سيطرة مطلقة لمصطلحات ومفاهيم اللاهوت المسيحي والكريستولوجيا .
بينما نجد على سبيل المقارنة أن في رسالة دكتوراه بشأن مريم في القرآن الكريم (300ص) قدمت في جامعة تورونتو بكندا تطلب الأمر من صاحبة الرسالة الرجوع إلى 192 مصدرا ومرجعا بين كتاب ومقال بمختلف اللغات الحية: العربية والإنجليزية والألمانية جلها له صلة مباشرة بمسائل كتاب مريم المسلمة وقسط وافر منها صدر قبل 2005 أني قبل طبع كتاب مريم المسلمة.
هذا أمر يستدعي حقا الغرابة والدهشة, فكأن الكتاب الذي بين أيدينا كتب بمعزل عما يدور في عالم البحث العلمي.

المحور الثاني: مسائل الكتاب وبيان سياقها التاريخي والأدبي

يعتبر شخص مريم أم المسيح وما يتصل بها من مسائل فرعية من صميم القضايا التي لاكتها الأقلام والألسن في حلبة الجدال والمناظرة بين المسلمين والنصارى منذ العهد النبوي وإلى يوم الناس هذا.
فمسألة هل ظن القرآن أن مريم أم المسيح هي نفسها مريم أخت موسى. التي نجدها حاضرة بكثرة في كتاب ميشيل دوس, قد وقفت عليها في عدة مصادر عربية منها
مقامع هامات الصلبان ومراتع روضات الإيمان لأحمد بن عبد الصمد بن عبد الحقالخزرجي القرطبي(582هـ/ 1186م) [تحقيق: عبد المجيد الشرفي لكتاب مقامع الصلبان, طبع تونس, سنة 1975م, ص 36.] نجدها في رسالة أرسلها قس قوطي من طليطلة إلى الخزرجي سنة 542هـ / 1147م نقرأ ما نصه:
"والعجب أيضا من قوله عن مريم أم المسيح: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ [سورة التحريم، الآية:12]. وقال عنها في موضع آخر: ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّا.) [سورة مريم، الآية: 28] وليست أم المسيح بأخت لهارون، ولا بابنة لعمران، وإنما اسم أبيها يعقيم، فتوهمتم أنها ابنة عمران، التي كانت أخت لموسى وهارون."
مسألة عيسى روح الله وكلمته التي عالجها كتاب ميشيل دوس في الفصل السادس من كتابه نجد لها أيضا صدى في ص 31 من كتاب الخزرجي وفي رسالة بولس الأنطاكي الراهب أسقف صيدا التي أجاب عنها أحمد بن عبد الحليم بن تيمية في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح.
مسألة الربط بين قصة الإفك الم\كورة في سورة النور وقصة براءة مريم من الزنا في سورة المائدة حاضرة أيضا في المناظرات التي قيل أنها جرت بين القاضي أبي الطيب الباقلاني (ت. 403هـ /) وبعض القساوسة في قصر ملك الروم
مسألة النبي إبراهيم وثنائية البركة والبكورية بين اسحاق ابن السيدة سارة وإسماعيل ابن الأمة هاجر, التي ناقشها كتاب ميشيل دوس في الفصل الثاني من كتابه, لها حضور قوي في كتاب أفرده أبو بكر بن العربي المعافري (ت.553هـ / 1148م) لمناقشة تلك المسألة وفي كتاب ابن تيمية المذكور وفي كتاب تأييد الملة لأحد المسلمين من وشقة عاش في القرن الثامن هـ/ الرابع عشر الميلادي.
إلى غير ذلك مما سأبينه بتفصيل في بحث لي سينشر مستقبلا.
فكل ذلك يبين السياق التاريخي البعيد الجذور لكثير من المسائل التي عالجها كتاب مشيل دوس وانتمائها إلى مجال الجدل الديني بين أصحاب الديانات الإبراهيمية وتنازعهم بشأن تأويل النصوص المقدسة المثارة في معمعة المساجلات. فأرى أن الإحاطة بهذه الحقيقة أمر مهم جدا لا يجوز إغفاله لمن يتصدى لمجال المقارنة بين الديانات الإبراهيمية.


المحور الثالث بيان الكيفية التي تعامل بها الكتاب مع تلك المسائل
لما ظهر من حال مسائل الكتاب أنها قضايا متنازع فيها بين طائفتين من أصحاب الديانات الإبراهيمية وجب التزام الحياد التام في معالجتها وعدم الميل إلى رأي طرف دون طرف ثان.
لكن ما هي السمة الغالبة على الكتاب الذي بين أيديناتغليب هل هي الموازنة بين عرض ومناقشة وجهة النظر المسيحية وجهة النظر الإسلامية والنظر في دلائل الطرفين نظرا مستويا.
لاحظنا فرقا بين الدقة المتناهية التي تعامل بها الكتاب أثناء نقله لنصوص الكتاب المقدس والتساهل في النقل عن القرآن وفي ترجمة معانيه:
1- في صفحات 160 من النص الفرنسي للكتاب يميل الكتاب إلى أن لفظ ”صِدِّيق“ لها معنى مضمر في القرآن يكاد يقارب معنى النبوة ليرفع من قدر مريم الصديقةفي القرآن. وهذا مخالف للمعنى المشروح في القرآن في سورة الحديد الآية 19: ”والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون“.
2- في ص 162 قال الكاتب بأن يحيى هو الشخص الوحيد الذي قيل عنه في القرأن أنه ”سيد“ وأن اللفظ لا يرد إلا في موضع ثان بصيغة الجمع ”وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا“ الأحزاب 67. ثم استنتج أن ”سيد“ تعني شريفا من شرفاء الصحراء « un noble du désert » والحقيقة أن اللفظة وردت في موضع ثالث بصيغة المفرد في سورة يوسف الآية 25 وأطلقت على عزيز مصر. ”وألفيا سيدها لدى الباب“.
3- في ص 100 من النص الفرنسي ترجم المؤلف لفظ ”وجيها“ الذي جاء في وصف المسيح من الآية 45 من سورة آل عمران تبعا لجاك بيرك ب: prodigieux يعني خارق للعادة . مع أن بلاشير ترجمه ب: illustre ونفس اللفظ ورد في حق موسى في الآية 69 من سورة الأحزاب: ”وكان عند الله وجيها“ فترجمه بلاشير il fut en honneur auprès de Dieu وفي ترجمة مركز الملك فهد ترجم: il était honorable auprès de Dieu ومعنى الوجاهة: الرفعة والمكانة عند ربه وله جاه عنده أي أنه مستجاب الدعوة. فنلاحظ تضخيم المعنى ليناسب الاعتقاد المسيحي في شخص عيسى.
4 – في ص 110 و ص 190 يقارب المؤلف بين النخلة المذكورة في قصة مريم في القرآن وبين الشجرة التي حرم الله الأكل منها وأكلت منها حواء حسب سفر التكوين. وهذا يذكرني بتأويل أحد آباء الكنيسة القدماء وهو يوحنا فم الذهب (ت, 407م) حيث علق على نص سفر التكوين بقوله أن الشجرة المحرمة هي نفسها شجرة التين التي لعنها المسيح حين جاء ليأكل منها فوجدها بلا ثمار لأن الوقت لم يحن بعد فلعنها لأجل ذلك .
وقد سجلت اختلالات كثيرة في ترجمة المؤلف لآيات القرآن منها : البقرة 87 [ص 253 تعليق 8] + اختلال واضح في النص العربي للآية 101 من سورة يوسف [الكتاب الفرنسي ص 254 تعليق 13] إلخ.......
ومن العجيب أيضا أن يأتي المؤلف بجملة من سفر الخروج ويحشرها في نص الآية 20 من سورة طه ثم فعل ذلك مرة ثانية حين يذكر معنى الآيات 3- 17 من سورة القصص [ص 47].
5ـ أن مسألة اتهام القرآن بالخلط بين مريم أم عيسى ومريم أخت موسى التي سلمها المؤلف بلا دليل ليست محل إجماع بين المستشرقين لأن أحدهم وهو Adrien Rolandأدريان رولان(ت. 1719م)الهولندي قد صنف تلك المسألة ضمن الأحكام المسبقة التي لدى الكنيسة عن الإسلام.
والثاني وهو تفنيد جورج سيل لتلك التهمة في مقدمة ترجمته الإنجليزية للقرآن, ثم قد قلنا بأنها مسألة خلافية قديمة بين النصارى والمسلمين فيجب لا التسليم بها كما فعل المؤلف تقليدا منه لما جاء في كتاب روجي أرناديز عيسى نبي الإسلام“.


 
توضيح وبيان

توضيح وبيان

ومن الدلائل على أن المؤلف لم يلتزم الحياد في عرضه للقضايا التي طرحها أنه يكيل التهم والسخرية للقرآن الكريم وينسبه للغلط في التواريخ والخلط بين الشخصيات وأعصارها المتفاوتة. ثم تجده يطري أناجيله وينزهها عن التناقض والغلط التاريخي ويقول بأنها تعطي أريع روايات متسقة بشأن طفولة المسيح. وفي كلامه هذا من التدليس ما يكذبه فيه علماء الكتاب المقدس الذين يعلمون حق العلم انفراد إنجيل لوقا برواية طفولة المسيح ومخالفة مَتَى له في ذلك وانفراد كل منهما بما لا يمكن الجمع بينه. خاصة في نسب المسيح لدى كل منهما وانفراد متى بذكر الهجرة المصرية لمريم و"خطيبها" يوسف النجار خوفا من بطش الحاكم الروماني. في حين أن لوقا لا يذكر شيئا من ذلك ويدير أحداث طفولة بصورة مختلفة في فلسطين فقط.
والغريب قول النصارى أن المسيح قبل "صعوده" سلم أمر حماية أمه مريم والعناية بها ليوحنا بن زبدي الذي ينسبون له تأليف الإنجيل الرابع.
وهنا يطرح السؤال الوجيه: هل يعقل أن يوحنا الذي انفرد بصحبة وملازمة مريم لا يعرف شيئا ولا يذكر شيئا في إنجيله عن قصة بشرى الملاك لها بولادة الغلام عيسى ولا بخبر ما جرى لها مع "الخطيب" يوسف النجار ثم يأتي لوقا وهو من التابعين ولم يلق لا المسيح ولا أمه فيروي ما حق على يوحنا أن يرويه؟
وأما متى التلميذ فنسبة الإنجيل الأول له محل شك لدى النقاد كما يظهر من الإصحاح 9 العدد 9 من الإنجيل المنسوب له حيث ترد رواية أول صحبته للمسيح بصيغة الغائب لا بصيغة المفرد التي تفترض في راو يحكي عن نفسه. وقد لاحظ النقاد غياب أي دليل نصي يثبت أن أحد الأناجيل من تأليف أحد التلاميذ لأنه ليس فيها جملة واحدة نصها "رأيت أو رأينا أو سمعت من المسيح كذا أو كنا معه في سفر كذا فشاهدنا كذا". بل في جميع الأناجيل يحكى عن التلاميذ بصيغة الجمع الغائب: "فعلوا وذهبوا وكانوا وقالوا..." فلو كان كُتاب الأناجيل أو بعضهم ممن رافق المسيح وشاهد سيرته عيانا لقال ولو مرة واحدة: "رأيت أو رأينا أو كنا عند المسيح ففعل كذا أو قال كذا أو جاءه فلان وقال له كذا....".
فلا نستغرب أن القرآن يخالف أناجيلهم وتوراتهم بل يجب التيقن أن تلك المخالفة مقصودة لزيادة الدلالة والبيان على أن الإنجيل والتوراة المذكوران في القرآن هما غير النصوص المتداولة لدى القوم.
قلت هذا لأن مؤلف كتاب مريم المسلمة يزعم أن الكتاب المقدس وقصصه مهيمنة على قصص القرآن ومصححة لما فيه. وهذا من تعصبه وقلة إنصافه وتصرفه لا كمؤرخ للأديان الإبراهيمية كما سمى نفسه ولكنه يكتب كقسيس كاثوليكي غارق في التعصب وإن أخفى ذلك تحت ستائر من الوداعة مثله مثل الذئاب التي حذر المسيح منها إذ تأتي في صفة حُمْلان ولكن هي ذئاب ضارية.
ولم ينفك قلم المؤلف من الطعن والغمز واللمز في القرآن والسخرية منه تلميحا وتعريضا لا يخفى على اللبيب خبثه وسوء معتقده في كتاب الله العزيز.
ولولا أنني تتبعت كتابه حرفا بحرف وسطرا بسطر وحاشية بحاشية وشاهدت فيه من الطعون المبطنة في نص القرآن ما شاهدت وتحريفه المفضوح لنصوص القرآن سواء ترجمه أو روى نصه بالمعنى لما تصديت لبيان فساد كتابه وضعف مبناه وسوء قصد صاحبه.
وسأشرح ذلك في مقال من نحو 50 صفحة باللغة العربية وهو قيد التحرير.
والله المستعان على ما يصفون.
 
قلت هذا لأن مؤلف كتاب مريم المسلمة يزعم أن الكتاب المقدس وقصصه مهيمنة على قصص القرآن ومصححة لما فيه. وهذا من تعصبه وقلة إنصافه وتصرفه لا كمؤرخ للأديان الإبراهيمية كما سمى نفسه ولكنه يكتب كقسيس كاثوليكي غارق في التعصب
جزاكم الله خيرا استاذ سمير القدوري
هيمنة الكتاب المقدس المزعومة تجدها استاذنا كما تعلم في مواضيع النبوات والالهيات والتاريخ المسطور عندهم بشكل عام
فالنبوات اذا بدأنا من أول سفر وهو سفر التكوين فسنجد قصص الكتاب المقدس مفجعة للروح الانساني، فنوح الكتاب المقدس يسكر ويتعرى ولما يذكر ابنه حام ذلك للناس، انه سكر وتعرى- وبعد ان يفيق نوح الكتاب المقدس، يلعن كنعان ولد حام!،ولم يلعن حام نفسه!- وتصير نبوة من الله(عند يهود ، طبعا!)!،(وهنا مشروعية لعن من لاذنب له!)، [SIZE=-2]25[/SIZE] فقال ملعون كنعان.عبد العبيد يكون لاخوته. وقال مبارك الرب اله سام.ولي [SIZE=-2]27[/SIZE] ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام.وليكن كنعان عبدا لهموعاش نوح بعد الطوفان ثلث مئة وخمسين سنة.فكانت كل ايام نوح تسع مئة وخمسين سنة وماتويمكن ربط ذلك بلعن الابن المصلوب ولاذنب له في القضية الفديوية!) أي ان لعنة السكران لحظة افاقته لابن ابنه هي نبوة ربانية!، وعليها صار كنعان الفلسطيني معلون من الرب بموجب ماصدر عن سكران الكتاب المقدس الأول!، واشنع منها استاذي ، قصة يعقوب وعيسو ،وامهما، مع ابيهما اسحاق، وكان اسحاق الكتاب المقدس أعمى، فلأخذ البركة من الرب دعا اسحاق عيسو لاقامة مأدبة طعام من نوع خاص، لحم ماعز، لابد أن يصطاده أولا، ثم يقوم بتقديمه لاسحاق وبعد الطعام يأخذ بركة ابدية له ولشعوب!، لان الرب حكم بذلك واراد مباركة عيسو شخصيا!، وهنا علمت زوجة اسحاق الكتاب المقدس ببركة الرب وانها لعيسوا ابنها ففجعت! وتوترت وخططت وقدرت!، فماكان منها الا ان أمرت ابنها يعقوب أن يذبح ماعز او شاة، ويلبس شعرها!(لااعرف كيف فعل ذلك في سويعات قليلة!) ويذهب الى اسحاق لاخذ البركة بإعتباره عيسو، وكان عيسو مشعر ولذلك امرته أمه بأن يلبس جلد الماعز المُشعر حتى يظن اسحاق انه عيكن كنعان عبدا لهم. سو ف يعطيه البركة وبالفعل وقبل ان يصل عيسو سبقه يعقوب(النبي!)، زعموا في القصة المهيمنة!، وقدم الطعام المطلوب ، وليتأكد اسحاق انه عيسو (وكأنه كان يعلم بلؤم امرأته، هكذا تقول القصة المهيمنة!) قال ليعقوب تقدم لألمسك حتى اعلم انك عيسو ، وكان يعلم أن عيسو مشعر، وبالفعل كانت حيلة زوجته اسبق من حذره وحيطته(المدعومة ربانيا بحسبهم!)!، فوجد اسحاق يعقوب ابنه مشعر كعيسو(شعر خداع، شعر الماعز!) فظن انه عيسو الا انه قال له الصوت صوت يعقوب!!، والشعر شعر عيسو( وكأن رب العهد القديم واسفاره يتجاوز عن الاخطاء المطبعية!)(وكأن النبي لايفرق بين شعر الماعز وشعر الانسان فضلا عن انه يعدم طرق في معرفة ابناءه والتمييز بينهم!) وهنا اعطاه البركة النبوية ( اعطي المحتال بحيلة امه!)لإخضاع شعوب بإعتباره عيسو وهو يعقوب وليس عيسو، ولما رجع عيسو وصنع طعاما وقدمه اضطرب اسحاق وفُجع!،وقال انا اعطيتها لك، فقال لا ، يبدو ان يعقوب احتال لاخذها، فقال اسحاق له ان ماخرج منه ليعقوب لايسترجع!، وانت تكون عبد له!،حكم رباني لا يُرد!، وهنا هيمنت قصة الافك والحيلة النسوية التي نسجها روائي عظيم ، وفي القصة دلائل وفوائد اولها ان رب الكتاب المقدس خضع لحيلة إمرأة وثانيا ماصدر لاينسخ ولو كان بالحيلة والكذب وثالها يجب ان تخضع الشعوب للواقع الكاذب وحيل القادة واهل البركة ولو كان فيها خداع لكل بريء ولكل نبوة واهل الاستحقاق والاصطفاء..إلخ!
هذه هي قصص الهيمنة الكتابية
ومعها قصة ابنتي لوط كما تعلم استاذنا وقد جرعتا ابيهما الخمر (في القصة المهيمنة على عقول كافة كهنة يهود والقساوسة)حتى سكر وخضع لاعمالهن الفاحشة فحملتا منه
وفي القصة فوائد عند اهلها منها مشروعية... طبعا عند اهلها ونساجها!
وكانت ليلتان بقصد الانجاب من اب كانت الملائكة-بزعمهم طبعا- قد اخرجته من قومه ، وكان تبرير الكبرى للصغرى في الممارسة مع الاب المزعوم انه ليس هناك من رجل في الارض لينجبا منه نسلا ، اذا فليكن الأب!، مع ان ابراهيم عليه السلام وقريته كانا قريبين لبعض كيلو مترات!، وفي القرية فحول يهود!
ولدت ابنة الطفل موآب والأخرى ولدت عمون، وحاربت اسرائيل (الموآبيين والعمونيين)فيما بعد بعد ان صارتا امتان!، لنجاستهما وشركهما، فالقصة المهيمنة لها ابعاد سياسية، والحبكة متقنة كما ترى استاذنا، غاية الاتقان،
والله من وراء القصد.
نص يعقوب وعيسو واسحاق ورفقة
1وَحَدَثَ لَمَّا شَاخَ إِسْحَاقُ وَكَلَّتْ عَيْنَاهُ عَنِ النَّظَرِ، أَنَّهُ دَعَا عِيسُوَ ابْنَهُ الأَكْبَرَ وَقَالَ لَهُ: «يَا ابْنِي». فَقَالَ لَهُ: «هأَنَذَا». 2فَقَالَ: «إِنَّنِي قَدْ شِخْتُ وَلَسْتُ أَعْرِفُ يَوْمَ وَفَاتِي. 3فَالآنَ خُذْ عُدَّتَكَ: جُعْبَتَكَ وَقَوْسَكَ، وَاخْرُجْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَتَصَيَّدْ لِي صَيْدًا، 4وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً كَمَا أُحِبُّ، وَأْتِنِي بِهَا لآكُلَ حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ».
5وَكَانَتْ رِفْقَةُ سَامِعَةً إِذْ تَكَلَّمَ إِسْحَاقُ مَعَ عِيسُو ابْنِهِ. فَذَهَبَ عِيسُو إِلَى الْبَرِّيَّةِ كَيْ يَصْطَادَ صَيْدًا لِيَأْتِيَ بِهِ. 6وَأَمَّا رِفْقَةُ فَكَلمتْ يَعْقُوبَ ابْنِهَا قَائِلةً: «إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَبَاكَ يُكَلِّمُ عِيسُوَ أَخَاكَ قَائِلاً: 7ائْتِنِي بِصَيْدٍ وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً لآكُلَ وَأُبَارِكَكَ أَمَامَ الرَّبِّ قَبْلَ وَفَاتِي. 8فَالآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي فِي مَا أَنَا آمُرُكَ بِهِ: 9اِذْهَبْ إِلَى الْغَنَمِ وَخُذْ لِي مِنْ هُنَاكَ جَدْيَيْنِ جَيِّدَيْنِ مِنَ الْمِعْزَى، فَأَصْنَعَهُمَا أَطْعِمَةً لأَبِيكَ كَمَا يُحِبُّ، 10فَتُحْضِرَهَا إِلَى أَبِيكَ لِيَأْكُلَ حَتَّى يُبَارِكَكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ». 11فَقَالَ يَعْقُوبُ لِرِفْقَةَ أُمِّهِ: «هُوَذَا عِيسُو أَخِي رَجُلٌ أَشْعَرُ وَأَنَا رَجُلٌ أَمْلَسُ. 12رُبَّمَا يَجُسُّنِي أَبِي فَأَكُونُ فِي عَيْنَيْهِ كَمُتَهَاوِنٍ، وَأَجْلِبُ عَلَى نَفْسِي لَعْنَةً لاَ بَرَكَةً». 13فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «لَعْنَتُكَ عَلَيَّ يَا ابْنِي. اِسْمَعْ لِقَوْلِي فَقَطْ وَاذْهَبْ خُذْ لِي». 14فَذَهَبَ وَأَخَذَ وَأَحْضَرَ لأُمِّهِ، فَصَنَعَتْ أُمُّهُ أَطْعِمَةً كَمَا كَانَ أَبُوهُ يُحِبُّ. 15وَأَخَذَتْ رِفْقَةُ ثِيَابَ عِيسُو ابْنِهَا الأَكْبَرِ الْفَاخِرَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهَا فِي الْبَيْتِ وَأَلْبَسَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ، 16وَأَلْبَسَتْ يَدَيْهِ وَمَلاَسَةَ عُنُقِهِ جُلُودَ جَدْيَيِ الْمِعْزَى. 17وَأَعْطَتِ الأَطْعِمَةَ وَالْخُبْزَ الَّتِي صَنَعَتْ فِي يَدِ يَعْقُوبَ ابْنِهَا.
18
فَدَخَلَ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هأَنَذَا. مَنْ أَنْتَ يَا ابْنِي؟» 19فَقَالَ يَعْقُوبُ لأَبِيهِ: «أَنَا عِيسُو بِكْرُكَ. قَدْ فَعَلْتُ كَمَا كَلَّمْتَنِي. قُمِ اجْلِسْ وَكُلْ مِنْ صَيْدِي لِكَيْ تُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 20فَقَالَ إِسْحَاقُ لابْنِهِ: «مَا هذَا الَّذِي أَسْرَعْتَ لِتَجِدَ يَا ابْنِي؟» فَقَالَ: «إِنَّ الرَّبَّ إِلهَكَ قَدْ يَسَّرَ لِي». 21فَقَالَ إِسْحَاقُ لِيَعْقُوبَ: «تَقَدَّمْ لأَجُسَّكَ يَا ابْنِي. أَأَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو أَمْ لاَ؟». 22فَتَقَدَّمَ يَعْقُوبُ إِلَى إِسْحَاقَ أَبِيهِ، فَجَسَّهُ وَقَالَ: «الصَّوْتُ صَوْتُ يَعْقُوبَ، وَلكِنَّ الْيَدَيْنِ يَدَا عِيسُو». 23وَلَمْ يَعْرِفْهُ لأَنَّ يَدَيْهِ كَانَتَا مُشْعِرَتَيْنِ كَيَدَيْ عِيسُو أَخِيهِ، فَبَارَكَهُ. 24وَقَالَ: «هَلْ أَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو؟» فَقَالَ: «أَنَا هُوَ». 25فَقَالَ: «قَدِّمْ لِي لآكُلَ مِنْ صَيْدِ ابْنِي حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي». فَقَدَّمَ لَهُ فَأَكَلَ، وَأَحْضَرَ لَهُ خَمْرًا فَشَرِبَ. 26فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «تَقَدَّمْ وَقَبِّلْنِي يَا ابْنِي». 27فَتَقَدَّمَ وَقَبَّلَهُ، فَشَمَّ رَائِحَةَ ثِيَابِهِ وَبَارَكَهُ، وَقَالَ: «انْظُرْ! رَائِحَةُ ابْنِي كَرَائِحَةِ حَقْل قَدْ بَارَكَهُ الرَّبُّ. 28فَلْيُعْطِكَ اللهُ مِنْ نَدَى السَّمَاءِ وَمِنْ دَسَمِ
الأَرْضِ. وَكَثْرَةَ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. 29لِيُسْتَعْبَدْ لَكَ شُعُوبٌ، وَتَسْجُدْ لَكَ قَبَائِلُ. كُنْ سَيِّدًا لإِخْوَتِكَ، وَلْيَسْجُدْ لَكَ بَنُو أُمِّكَ. لِيَكُنْ لاَعِنُوكَ مَلْعُونِينَ، وَمُبَارِكُوكَ مُبَارَكِينَ».
30وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَ إِسْحَاقُ مِنْ بَرَكَةِ يَعْقُوبَ، وَيَعْقُوبُ قَدْ خَرَجَ مِنْ لَدُنْ إِسْحَاقَ أَبِيهِ، أَنَّ عِيسُوَ أَخَاهُ أَتَى مِنْ صَيْدِهِ، 31فَصَنَعَ هُوَ أَيْضًا أَطْعِمَةً وَدَخَلَ بِهَا إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ لأَبِيهِ: «لِيَقُمْ أَبِي وَيَأْكُلْ مِنْ صَيْدِ ابْنِهِ حَتَّى تُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 32فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ: «أَنَا ابْنُكَ بِكْرُكَ عِيسُو». 33فَارْتَعَدَ إِسْحَاقُ ارْتِعَادًا عَظِيمًا جِدًّا وَقَالَ: «فَمَنْ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ صَيْدًا وَأَتَى بِهِ إِلَيَّ فَأَكَلْتُ مِنَ الْكُلِّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ، وَبَارَكْتُهُ؟ نَعَمْ، وَيَكُونُ مُبَارَكًا». 34فَعِنْدَمَا سَمِعَ عِيسُو كَلاَمَ أَبِيهِ صَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً وَمُرَّةً جِدًّا، وَقَالَ لأَبِيهِ: «بَارِكْنِي أَنَا أَيْضًا يَا أَبِي». 35فَقَالَ: «قَدْ جَاءَ أَخُوكَ بِمَكْرٍ وَأَخَذَ بَرَكَتَكَ». 36فَقَالَ: «أَلاَ إِنَّ اسْمَهُ دُعِيَ يَعْقُوبَ، فَقَدْ تَعَقَّبَنِي الآنَ مَرَّتَيْنِ! أَخَذَ بَكُورِيَّتِي، وَهُوَذَا الآنَ قَدْ أَخَذَ بَرَكَتِي». ثُمَّ قَالَ: «أَمَا أَبْقَيْتَ لِي بَرَكَةً؟» 37فَأَجَابَ إِسْحَاقُ وَقَالَ لِعِيسُو: «إِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ سَيِّدًا لَكَ، وَدَفَعْتُ إِلَيْهِ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ عَبِيدًا، وَعَضَدْتُهُ بِحِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. فَمَاذَا أَصْنَعُ إِلَيْكَ يَا ابْنِي؟» 38فَقَالَ عِيسُو لأَبِيهِ: «أَلَكَ بَرَكَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ يَا أَبِي؟ بَارِكْنِي أَنَا أَيْضًا يَا أَبِي». وَرَفَعَ عِيسُو صَوْتَهُ وَبَكَى. 39فَأَجَابَ إِسْحَاقُ أَبُوهُوَقَالَ لَهُ: «هُوَذَا بِلاَ دَسَمِ الأَرْضِ يَكُونُ مَسْكَنُكَ، وَبِلاَ نَدَى السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ. 40وَبِسَيْفِكَ تَعِيشُ، وَلأَخِيكَ تُسْتَعْبَدُ، وَلكِنْ يَكُونُ حِينَمَا تَجْمَحُ أَنَّكَ تُكَسِّرُ نِيرَهُ عَنْ عُنُقِكَ».
41فَحَقَدَ عِيسُو عَلَى يَعْقُوبَ مِنْ أَجْلِ الْبَرَكَةِ الَّتِي بَارَكَهُ بِهَا أَبُوهُ. وَقَالَ عِيسُو فِي قَلْبِهِ: «قَرُبَتْ أَيَّامُ مَنَاحَةِ أَبِي، فَأَقْتُلُ يَعْقُوبَ أَخِي». 42فَأُخْبِرَتْ رِفْقَةُ بِكَلاَمِ عِيسُوَ ابْنِهَا الأَكْبَرِ، فَأَرْسَلَتْ وَدَعَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ وَقَالَتْ لَهُ: «هُوَذَا عِيسُو أَخُوكَ مُتَسَلّ مِنْ جِهَتِكَ بِأَنَّهُ يَقْتُلُكَ. 43فَالآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي، وَقُمِ اهْرُبْ إِلَى أَخِي لاَبَانَ إِلَى حَارَانَ، 44وَأَقِمْ عِنْدَهُ أَيَّامًا قَلِيلَةً حَتَّى يَرْتَدَّ سُخْطَ أَخِيكَ. 45حَتَّى يَرْتَدَّ غَضَبُ أَخِيكَ عَنْكَ، وَيَنْسَى مَا صَنَعْتَ بِهِ. ثُمَّ أُرْسِلُ فَآخُذُكَ مِنْ هُنَاكَ. لِمَاذَا أُعْدَمُ اثْنَيْكُمَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ؟».
46وَقَالَتْ رِفْقَةُ لإِسْحَاقَ: «مَلِلْتُ حَيَاتِي مِنْ أَجْلِ بَنَاتِ حِثَّ. إِنْ كَانَ يَعْقُوبُ يَأْخُذُ زَوْجَةً مِنْ بَنَاتِ حِثَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ مِنْ بَنَاتِ الأَرْضِ، فَلِمَاذَا لِي حَيَاةٌ؟».

يقول القمص تادروس يعقوب في شرح النصوص



إسحق يبارك يعقوب
استطاع يعقوب أن يختلس البكورية من أخيه عيسو بأكله عدس، والآن تدبر له أمه الأمر ليغتصب البركة من أبيه إسحق عوض عيسو.
1. إسحق يستدعي عيسو 1-4
2. رفقة تسند يعقوب 5-25
3. يعقوب يتمتع ببركة أبيه 26-29
4. عيسو يُحرم من البركة 30-40
5. عيسو يحقد على أخيه 41-49
1. إسحق يستدعي عيسو:

"وحدث لما شاخ إسحق وكلّت عيناه عن النظر أنه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال: يا ابني... إني قد شخت ولست أعرف يوم وفاتي، فالآن خذ عدتك جعبتك وقوسك وأخرج إلى البرية وتصيد لي صيدًا، واصنع لي أطعمة كما أحب وآتي بها لآكل حتى تباركك نفسي قبل أن أموت" [١-٤].
لقد سبق فعرف إسحق أن الكبير يستعبد من الصغير (25: 23)، وسمع أن عيسو في استهتار باع بكوريته بأكله عدس مستهينًا بها، ولمس في حياته ارتباطه بزوجتين وثنيتين بعيدتين عن إيمان أبيه كانتا علة مرارة له ولرفقة زوجته، ومع هذا فقد استدعاه ليأكل من صيد يديه وتباركه نفسه قبل أن يموت، يورثه البركة التي نالها عن أبيه إبراهيم. ترى هل كان مدفوعًا بعواطفه الأبوية البشرية أم حمل عملاً نبويًا بغير إرادته؟!
إن كنا نلوم رفقة لأنها تدخلت بطريقة بشرية لينال يعقوب المحبوب لديها البركة عوض أخيه عيسو، حتى وإن كان في ذلك تحقيق للصوت الإلهي بأن الكبير يستعبد للصغير، فنحن لا نستطيع إنكار ضعف إسحق إذ أراد أن يبارك إنسانًا كعيسو سبق فأعلن الله أنه يكون مستعبدًا للصغير، لكن القديس جيروم يقدم لنا تفسيرًا رمزيًا مختصرًا اقتبسه عن القديس هيبوليتس يكشف فيه عما حمله هذا الأصحاح من عمل نبوي رمزي يعلن عن العصر المسياني، يمكننا أن نستعرضه هكذا: إسحق في دعوته لابنه عيسو كي يباركه عندما شاخ وكلت عيناه إنما يشير إلى الآب السماوي الذي دعي في أواخر الدهور جماعة اليهود بكونهم الابن البكر، مشتاقًا أن يهبهم البركة الإنجيلية وأن ينعموا بالخلاص الأبدي فيملكون مع السيد المسيح ويحفظون السبت الجديد. أما رفقة فتشير للروح القدس الذي يدرك أن الكبير يستعبد للصغير فاهتم بجماعة الأمم (الابن الأصغر) لكي تقتنص البركة الإنجيلية عوض اليهود بعدما رفض اليهود الإيمان بالمسيا المخلص. وإن كان الجدي يشير إلى خلاص الخطاة، فإن الجديين الجيدين من المعزى اللذين قدمهما يعقوب طعامًا لأبيه إنما يشيران إلى اجتماع بعض اليهود مع الأمم. ألبست رفقه يعقوب ثياب أخيه عيسو،إشارة إلى رجال العهد الجديد الذين اقتنوا بالروح القدس الكتب المقدسة،وسحبوا من اليهود الناموس والعهود والنبوات التي كانت لباسًا لهم وخلعوها عنهم خلال جحودهم بالمسيح يسوع. أما جلود المعزى التي لبسها يعقوب في يديه وعنقه فتشير إلى الخطية التي حملها السيد المسيح عنا، مع أنها ليست خطاياه إذ هو القدوس حامل خطايانا. الطعام الذي قدمه هو الذبيحة الفريدة التي تفرح قلب الآب فتنال الكنيسة خلال بركة الله، أما عيسو فنال اللعنة بسبب الجحود. هروب يعقوب إلى حاران من وجه عيسو كان رمزًا لانطلاق الإيمان إلى الغرباء أي الأمم بعد أن قاومه اليهود.
خلال هذا المفهوم الآبائي يمكننا إدراك السر الحقيقي لدعوة عيسو لينال البركة فيغتصبها يعقوب منه بتدبير أمه رفقة.
2. رفقة تسند يعقوب:

كانت رفقة تسمع ما قاله إسحق رجلها لعيسو، وربما كانت حاضرة، والآن في محبتها لابنها يعقوب أخبرته بما حدث... والعجيب أن رفقة ويعقوب لم يشعرا أنهما أخطأ قط، ولا وبخهما إسحق على تصرفهما بعد اكتشافه الخدعة، بل أكد بركته ليعقوب، ولعل إسحق أدرك أنها على حق وإن استخدما وسيلة غير سليمة!
ويرى القديس أغسطينوس
[364] أن الكتاب المقدس أراد أن يوضح أن تصرف يعقوب لم يكن عن مكر واحتيال إنما كان في بساطة قلب وإيمان، إذ سبق فأعلن "وكان عيسو إنسانًا يعرف الصيد إنسان البرية ويعقوب إنسانًا كاملاً (بسيطًا) يسكن الخيام" (تك 25: 27)، وإن الكلمة اليونانية المترجمة كاملاً (بلا عيب) تعنى بلا عيب أو بسيطًا أو بلا تظاهر، لهذا استحق نوال البركة.
كنا نتوقع في رفقة كأم حكيمة وزوجة محبه لرجلها أن تصارح إسحق بما في قلبها وتذكره بالصوت الإلهي الخاص بمباركة الأصغر، لكن الله استخدم حتى ضعفها للخير، وإن كانت قد ذاقت مرارة تصرفاتها المتسرعة.
أتقنت رفقة الدور تمامًا فقد هيأت إسحق الطعام الذي يحبه، وأعطيت ليعقوب أن يلبس ثياب أخيه الحاملة لرائحته، وأن يضع جلدا على يديه وعنقه، هكذا يجد إسحق الطعام والرائحة واللمس فيبارك ابنه. من جهة الثياب فيرى البعض أن عيسو كبكر كان له ثوب كهنوتي يرتديه في شيخوخة أبيه ليقدم الذبائح عن العائلة، أما الجلد الذي وضُع حول ذراعي يعقوب فكما يقول القديس أغسطينوس: [يشير إلى حمله خطايا الآخرين
[365]].
بلا شك كان يعقوب هنا يمثل السيد المسيح رأس الكنيسة الذي قدم حياته ذبيحة حب، طعامًا سماويًا يفرح قلب الآب، وليس زيّنا وملابسنا، وحمل خطايانا، لكي يقبل باسمنا ولحسابنا المجد الأبدي ورضا أبيه السماوي!
قال إسحق: "الصوت صوت يعقوب ولكن اليدين يدا عيسو"... فباركه! إنها صورة حية للسيد المسيح، صوته صوت الابن وحيد الجنس، لكن يديه هما أيدينا إذ حمل طبيعتنا فيه! صار كعيسو يحمل ضعفاتنا وخطايانا وهو يعقوب البار!
3. يعقوب يتمتع ببركة أبيه:

"فقال له إسحق أبوه: تقدم وقبلني يا ابني. فتقدم وقبله، فشم رائحة ثيابه وباركه، وقال: أنظر، رائحة ابني كرائحة حقل باركه الرب. فليعطك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض وكثرة حنطة وخمر. ليستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل. كن سيدًا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك. ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين" [٢٦?٢٩].
أكل إسحق وشرب خمرًا وطلب من ابنه أن يتقدم ويقبله قبلة الحب والاحترام، لينال البركة الأبوية خلال فيض الشبع الذي ملأ حياة إسحق والرائحة الذكية التي عاشها كل أيام غربته.
اشتم رائحة ثيابه، فقد كانت ثياب عيسو الثمينة وسط روائح طيبة وقد أثارت فيه رائحة الحقول بزهورها وثمارها المبهجة، لهذا بدأ البركة يقول: "رائحة ابني كرائحة حقل باركه الرب"، طالبًا له ندى السماء الذي يحول الأرض القفر إلى جنة، ودسم الأرض أي خصوبتها، وأن يمنحه الرب حنطة وخمرًا علامة الشبع والفرح، كما سأل من أجله أن يخضع له الشعوب والقبائل ويسجد له اخوته. هنا يقول القديس إيريناؤس: [لا يمكننا قبول البركة بالمفهوم الحرفي وإنما بالمفهوم الرمزي الروحي الذي تحقق خلال بركات العهد الجديد.
يشرح القديس إيريناؤس هذه البركة هكذا:
[إن كان أحد لا يتقبل هذه الأمور بكونها تشير إلى الملكوت المعين (المسياني) يسقط في تناقض كما حدث مع اليهودي صاروا مرتبكين في الأمر. فإنه ليس فقط لم تخدم الأمم يعقوب في حياته وإنما حتى بعد نواله البركة هو نفسه ترك بيته وخدم خاله لابان السرياني عشرين عامًا (تك 31: 41)، وليس فقط لم يصر سيدًا لأخيه إنما انحنى وسجد أمام عيسو أخيه عند عودته من بين النهرين إلى بيت أبيه مقدمًا له هدايا كثيرة (تك 3: 33). أضف إلى هذا بأي طريقة ورث حنطة وخمرًا كثيرًا هنا، ذاك الذي هاجر إلى مصر بسبب المجاعة التي حلت بالأرض التي سكنها، وسار خاضعًا لفرعون الذي كان يحكم مصر في ذلك الحين؟!
[366]]. إذن لا يمكن أن تُفهم هذه البركة على أساس حرفي، إنما تحققت روحيًا بمجيء السيد المسيح حيث تمتع يعقوب ? أي الكنيسة ? بالملكوت الروحي. وكما يقول القديس أغسطينوس: [بركة يعقوب هي إعلان المسيح لكل الأمم. الأمر الذي تحقق الآن... إسحق هو الشريعة (الناموس) والنبوة، فإنه حتى خلال فم اليهود أعلنت بركة المسيح خلال النبوة كما بشخص لم يعرفها ولم يدركها. العالم يشبه حقلاً مملوءًا برائحة اسم المسيح الذكية. بركته هي الندى الذي من السماء أي أمطار الكلمات الإلهية، ودسم الأرض أي جمع الشعوب معًا. بركته هي فيض الحنطة والخمر أي الجموع التي تجمع الخبز والخمر في سرّ جسده ودمه إياه تخدم الأمم ويتعبد له الرؤساء. إنه سيد اخوته إذ يحكم شعب اليهود. إياه يتعبد له أبناء الآب، الذين هم أولاد إبراهيم حسب الإيمان، إذ هو نفسه ابن إبراهيم حسب الجسد. من يلعنه يصير ملعونًا، ومن يباركه يتبارك[367]].
في المسيح يسوع ربنا يصير كل منا يعقوب الذي يسمع البركة من فم أبيه، هكذا: رائحة ابني كرائحة حقل قد باركه الرب، فليعطك الله من ندى السماء، ومن دسم الأرض وكثرة حنطة وخمر... كن سيدًا لأخوتك. حقًا في المسيح يسوع يصير قلبنا حقلاً بل جنة تحمل رائحة طيبة تفرح قلب العريس القائل: "قد دخلت جنتي يا أختي العروس، قطفت مري مع طيبي، أكلت شهدي مع عسلي، شربت خمري مع لبني. كلوا أيها الأصحاب، أشربوا واسكروا أيها الأحباء" (نش 4: 1). يقول القديس غريغوريوس أسقف نيصص في تفسيره سفر النشيد: [إنه يأتي إلى جنته... ويقطف أطيابها المملوءة من ثمر فضائلها، عندئذ يتحدث عن تمتعه بالوليمة وتلذذه بها، قائلاً لعروسه: قد نزلت إلى جنتي يا أختي العروس
[368]].
ما هو ندى السماء إلاَّ تقديس النفس التي تصير كسماء تحمل نعمه الله كندى يستخدمه الروح القدس لإثمار أراضٍ كثيرة، أما دسم الأرض فيشير إلى خصوبة الجسد الذي يتقدس بالروح القدس فتنطلق كل طاقاته وأحاسيسه ومواهبه للعمل منسجمًا مع ندى السماء. أما كثرة الحنطة فتكشف عن شبع النفس بعريسها الخبز النازل من السماء. وكثرة الخمر يشير إلى فيض الفرح الروحي الداخلي. أخيرًا التمتع بالسيادة إنما يشير إلى حالة الإنسان الروحي كملك صاحب سلطان وسيد يقول لهذا الفكر أن يأتي فيأتي وأن يذهب فيذهب، له سلطان بالرب على أفكاره كما على حواسه وكل أعماقه!
4. عيسو يُحرم من البركة:

ربما يتساءل البعض: وما ذنب عيسو ليُحرم من بركة اختلسها أخوه بتدبير أمهما رفقة؟ ألم يصرخ صرخة عظيمة ومرّة جدًا عندما سمع من أبيه أن أخاه اختلس البركة طالبًا أن يباركه هو أيضًا؟!
يُجاب على ذلك بأن عيسو كان متهاونًا فيما بين يديه - البكورية - ففقد بغير إرادته البركة. هذا وأن تصرفاته بوجه عام هي التي حرمته من نوال البركة.
إن صرخة عيسو العظيمة والمرة جدًا تعنى أنه طلب البركة بدموع كما قال الرسول (عب 12: 17) لكنه لم يطلبها بمفهومها الروحي، بل طلبها لأجل البركات الزمنية، والدليل على ذلك أنه سأله أن ينال هو أيضًا بركة، قائلاً: "أما أبقيت لي بركة ؟!" [36]. هي بركة واحدة خلالها ينعم بأن يأتي من نسله السيد المسيح،فكيف يمكن أن تكون لآخين؟!
5. عيسو يحقد على أخيه:

إن كان عيسو قد حقد على أخيه لكننا لا ننكر شهامته، فقد رفض أن يقتل أخاه من اجل كرامة شيخوخة أبيه... متوقعًا سرعة موت أبيه ولم يعلم أن أباه يعيش بعد ذلك سنوات طويلة.
ربما خشيت رفقة أن تفاتح إسحق في أمر حقد عيسو على يعقوب فسألته أن يطلب من يعقوب أن يذهب إلى حاران يتزوج من هناك ولا يتخذ له زوجة من بنات حث كما فعل عيسو أخوه... وبهذا وجدت المنفذ لأبنها لينال البركة من أبيه قبل هروبه من وجه أخيه.
أخيرًا حُرمت رفقة من ابنها يعقوب كثمرها لتخطيطها البشرى وخداعها لرجلها. وإن كان القديس أمبروسيوس يرى في تصرف رفقة الأخير الحكمة، فقد تغلبت مشاعر الأمومة الطبيعية حتى تصرف الغضب عن ابنها عيسو ولا تفقده هو ويعقوب أخاه، إذ يقول: [أرادت والدته أن يعيش غريبًا حتى يصرف غضب أخيه. المشورات الصالحة تعلو على المشاعر الطبيعية
[369]].

[364] City of God 16: 37.

[365] Ibid.

[366] Adv. hear. 33: 3.

[367] City of God 16: 37.

[368] Ser. 10.

[369] Duties of the Clergy 1: 24.

 
كتبتُ: نبوة، والصواب نبوءة
ولو كانت أخطاء رب الكتاب المقدس المطبعية والقصصية(التارخية والأدبية) على تلك الصورة المنينية-نسبة ل منينة- المتعددة في النص فعلى الكتاب المقدس السلام-ابتسامة
 
في ص 162 قال الكاتب بأن يحيى هو الشخص الوحيد الذي قيل عنه في القرأن أنه ”سيد“ وأن اللفظ لا يرد إلا في موضع ثان بصيغة الجمع ”وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا“ الأحزاب 67. ثم استنتج أن ”سيد“ تعني شريفا من شرفاء الصحراء « un noble du désert » والحقيقة أن اللفظة وردت في موضع ثالث بصيغة المفرد في سورة يوسف الآية 25 وأطلقت على عزيز مصر. ”وألفيا سيدها لدى الباب“.
3- في ص 100 من النص الفرنسي ترجم المؤلف لفظ ”وجيها“ الذي جاء في وصف المسيح من الآية 45 من سورة آل عمران تبعا لجاك بيرك ب: prodigieux يعني خارق للعادة . مع أن بلاشير ترجمه ب: illustre ونفس اللفظ ورد في حق موسى في الآية 69 من سورة الأحزاب: ”وكان عند الله وجيها“ فترجمه بلاشير il fut en honneur auprès de Dieu وفي ترجمة مركز الملك فهد ترجم: il était honorable auprès de Dieu ومعنى الوجاهة: الرفعة والمكانة عند ربه وله جاه عنده أي أنه مستجاب الدعوة. فنلاحظ تضخيم المعنى ليناسب الاعتقاد المسيحي في شخص عيسى
جزاكم الله خيرا استاذنا سمير القدوري على هذا التوضيح المهم
واظهار هذا هو من مهمات الدعوة الاسلامية ذلك ان هذه التفسيرات الاستشراقية هي من قواعد الفكر العلمي المزعوم لفلسفة مابعد الحداثة،(القواعد التي يخرجون منها، بنظريات ونتائج) فهم يعتمدون على نتائج البحوث الاستشراقية للوصول الى نتائج تتوافق مع النظرة المادية وعلوم الانسان والمجتمع في الفكر الغربي الحديث
وانت سيدي بارك الله فيك بهذا البحث ومقدمته تثلج صدورنا وذلك ان تفكيك البناء الاستشراقي وتفسيراته للنصوص القرآنية يعني الحفر بذكاء وعدل تحت البناء العلمي المزيف لعصر مابعد الحداثة ونصوصه الفلسفية والاجتماعية وتطبيقاته الفجة على العلم الاسلامي الاصيل ومصادره وقواعده واصوله الاولية والرئيسة.
ومن الحفر مايهدم اساسات ضخمة ، وبمزيد حفر تنهار البناية الفاخرة اذا بنيت على اساس هش وإن كان واسع المساحة ضخم الاعمدة.
ان الحفر بالصورة التي قمت بها حضرتكم، ونرجو اتحافنا بالمزيد، والذي قام بها،ايضا، رجل هو خبير بالاستشراق وله موسوعة فيه، بل دراسات علمانية سابقة فيها خلل، نظرا لتاريخه السابق، وهو الدكتور عبد الرحمن بدوي، قام باظهار مثل مااظهرتموه في انتاجه الجديد، قبل موته، رحمه الله، قام بها في دفاع عن محمد رسول الله ودفاع عن القرآن ضد منتقديه، وقام به امثالكم من أهل العلم والفكر والنقد الاصيل،(ويحتاج الامر لتجميع فضائح الاستشراق في تفسير القرآن ثم الدخول من هنا في معركة ضارية مع العلمانيين المستفيدين من هذه التفسيرات الاستشراقية)
ان الحفر بهذه الصورة الصبورة والمتأنية هو شرف لهذه الامة ولكن، والأمر يحتاج للانطلاق بهذه المقارنات والحفريات وفضح تفسيرات الاستشراق ، الخاطئة والساذجة، يحتاج الى الانطلاق بها الى ماهو اشمل وذلك في خطوة جديدة، لمواجهة الفكر المستفيد من تفسيرات المستشرقين، ونظرياته الجديدة ، اي نظريات الفكر المابعد حداثي، في علوم الانسان والمجتمع والتاريخ وعلم النفس خصوصا مايسمى بعلم النفس التاريخي.الفكر الذي ينتهي بذلك كله الى مايسمى بتطبيقات على الاسلام او تطبيقات اسلامية!
بارك الله فيكم
ونرجو عرض المزيد ولاشك اننا نستفيد من هذا كله، فهو يزيد اليقين ويجعل الهيمنة العادلة في الطرف الاسلامي في مواجهة بنية الاستشراق وبناء مابعد الحداثة المستخدم لنتائجه بلاروية ولا عدل.
 
عودة
أعلى